الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَتْبُهُ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْعِنْوَانِ وَصَدْرِ الْكِتَابِ، فَأَكْثَرُهُمْ يَرَى أَنْ يَبْتَدِئَ بِنَفْسِهِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ هُوَ السُّنَّةُ، كَمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ قَال أَبُو جَعْفَرٍ: وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُول لِغِلْمَانِهِ وَوَلَدِهِ: إِذَا كَتَبْتُمْ إِلَى فُلَانٍ فَلَا تَبْدَءُوا بِي وَكَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى الأُْمَرَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ إِلَاّ إِلَى وَالِدٍ أَوْ وَالِدَةٍ، وَإِمَامٍ يَخَافُ عُقُوبَتَهُ (1)، وَقَال الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَكْتُبُونَ إِلَيْهِ فَيَبْدَءُونَ بِأَنْفُسِهِمْ (2) .
وَفِي الْقُرْطُبِيِّ قَال ابْنُ سِيرِينَ: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَهْل فَارِسَ إِذَا كَتَبُوا بَدَءُوا بِعُظَمَائِهِمْ، فَلَا يَبْدَأُ الرَّجُل إِلَاّ بِنَفْسِهِ (3) .
(1) حديث: " إذا كتب أحدكم فليبدأ بنفسه. . . ". أخرجه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1 / 389) ولم يعزه إلى أي مصدر؛ ولم نهتد إلى من أخرجه بتمامه، وقوله:" إذا كتب أحدكم فليبدأ بنفسه " أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (8 / 99) وقال: " فيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو متروك ".
(2)
الآداب الشرعية 1 / 388 - 390، والقرطبي 13 / 192.
(3)
حديث: " إن أهل فارس إذا كتبوا بدءوا بعظمائهم. . . ". أورده القرطبي في تفسيره (13 / 192) ولم يعزه إلى أي مصدر، ولم نهتد إلى من أخرجه، وأورد ابن عراق في تنزيه الشريعة (2 / 295) بلفظ:" إن العجم يبدءون بكبارهم إذا كتبوا إليهم فإذا كتب أحدكم إلى أخيه فليبدأ بنفسه " وعزاه إلى العقيلي في الضعفاء، وقال: فيه محمد بن عبد الرحمن القشيري مجهول، وحديثه منكر ولا يتابع عليه.
قَال أَبُو اللَّيْثِ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ: وَلَوْ بَدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ جَازَ؛ لأَِنَّ الأُْمَّةَ قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ وَفَعَلُوهُ لِمَصْلَحَةٍ رَأَوْا فِي ذَلِكَ، أَوْ نَسْخِ مَا كَانَ مِنْ قَبْل.
فَالأَْحْسَنُ فِي زَمَانِنَا هَذَا أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ ثُمَّ بِنَفْسِهِ؛ لأَِنَّ الْبِدَايَةَ بِنَفْسِهِ تُعَدُّ مِنْهُ اسْتِخْفَافًا بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ إِلَاّ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى غُلَامٍ مِنْ غِلْمَانِهِ (1) .
ثَانِيًا: الْكِتَابُ بِمَعْنَى الْوَثِيقَةِ وَالْعَهْدِ:
12 -
أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِتَوْثِيقِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (2)، وَقَدْ وَثَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَاعَ وَكَتَبَ وَمِنْ ذَلِكَ: هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْمُسْلِمِ (3) .
وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْكِتَابِ فِي الصُّلْحِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ (4) .
(1) القرطبي 13 / 192 - 193.
(2)
سورة البقرة / 282.
(3)
حديث: " كتاب النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا ما اشترى العداء بن خالد. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 511) وحسنه.
(4)
المبسوط 30 / 168 - 169، والتبصرة بهامش فتح العلي 1 / 27، والبهجة على التحفة 1 / 11.