الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُعْسِرٌ وَاسْتَمَرَّ إِعْسَارُهُ إِلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ، أَوْ ضَمِنَ ضَمَانًا لَا يَسْتَوْجِبُ رُجُوعَهُ عَلَى الْمَدِينِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حُدُودِ الثُّلُثِ، وَإِذَا اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَال الْمَرِيضِ - وَقَضَى بِهِ - بَطَل الضَّمَانُ إِلَاّ إِذَا أَجَازَهُ الدَّائِنُ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الضَّمَانِ (1) .
كَفَالَةُ الْمَرْأَةِ:
16 -
لَا يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ فِي حُكْمِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَلَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَرْأَةِ - إِذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ - يَنْفُذُ فِي حُدُودِ ثُلُثِ مَالِهَا، أَمَّا إِذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَيَصِحُّ وَلَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ إِلَاّ بِإِجَازَةِ الزَّوْجِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ الأَْيِّمُ غَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ - إِذَا كَانَتْ لَا يُوَلَّى عَلَيْهَا - فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُل فِي الْكَفَالَةِ (2) .
الرُّكْنُ الثَّالِثُ - الْمَكْفُول لَهُ:
يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُول لَهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْكَفِيل، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ بَالِغًا عَاقِلاً، وَفِي اشْتِرَاطِ رِضَاهُ بِالْكَفَالَةِ وَقَبُولِهِ لَهَا، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
1 - كَوْنُ الْمَكْفُول لَهُ مَعْلُومًا لِلْكَفِيل:
17 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ
(1) نهاية المحتاج 4 / 422 - 423، وقليوبي وعميرة 2 / 323.
(2)
الخرشي 6 / 26، والدسوقي 3 / 330، القوانين الفقهية ص353، والمدونة 5 / 283.
عِنْدَهُمْ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَكْفُول لَهُ مَعْلُومًا لِلْكَفِيل، سَوَاءٌ كَانَتِ الْكَفَالَةُ مُنَجَّزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً أَوْ مُضَافَةً، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً لَهُ، كَمَا لَوْ قَال: أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يَحْصُل مِنْ هَذَا الدَّلَاّل مِنْ ضَرَرٍ عَلَى النَّاسِ، لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ؛ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِمْ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلاً وَلِيَعْلَمَ الضَّامِنُ هَل هُوَ أَهْلٌ لإِِسْدَاءِ الْجَمِيل إِلَيْهِ أَوْ لَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدًا يَشْتَرِطَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُول لَهُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ - بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ - فَلَوْ كَفَل الْكَفِيل لِشَخْصٍ غَائِبٍ عَنِ الْمَجْلِسِ، وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ، لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عِنْدَهُمَا إِذَا لَمْ يَقْبَل عَنْهُ حَاضِرٌ بِالْمَجْلِسِ؛ لأَِنَّ فِي الْكَفَالَةِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَالتَّمْلِيكُ لَا يَحْصُل إِلَاّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهِ لإِِتْمَامِ صِيغَةِ الْعَقْدِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: الرَّاجِحَةُ مِنْهُمَا تُجِيزُ الْكَفَالَةَ لِلْغَائِبِ عَنِ الْمَجْلِسِ وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى قَبُولِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدِ اشْتَرَطَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُول لَهُ مَعْلُومًا لِلْكَفِيل؛ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ شُرِعَتْ لِتَوْثِيقِ الدَّيْنِ، فَإِذَا كَانَ الْمَكْفُول لَهُ مَجْهُولاً، فَلَا يَتَحَقَّقُ مَقْصُودُ الْكَفَالَةِ (1) .
(1) بدائع الصنائع 6 / 6، والمبسوط 20 / 9، فتح القدير 6 / 314، وما بعدها. والقليوبي وعميرة 2 / 324 - 325، والشرقاوي على التحرير 2 / 118، وكشاف القناع 3 / 354، والمغني 5 / 71 - 72.