الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى ناحيتك، وتميل إليها بقلبك، فاعلم بعد ذلك انكما زائلان.
مَذَ مِنْ حَدْ اشْتاكْهَ
…
واجْمَعْهَ بعْدْ افْرَاكْهَ
مِلْكْ اذْهَبْهَ وانْياكُهَ
…
يِمِرْكاتِنْ واشْوايلْ
وامْشَ عَنْهَ ما ظاكْهَ
…
وانَ ذا الِّ كايلْ
مذ: بمعنى ماذا، واشْتاكهَ: بمعنى اشتقاقها، وأفراكه: بمعنى فراقها، وأنياكه: بمعنى نياقها، وتمركاتن: بمعنى أنها غير حلوبة، واشوايل: بمعنى حلوبة، وهذه
اللفظة عربية، إلا أنهم عكسوا معناها، لأن الشائل عند العرب، هي التي شالت بذنبها اللقاح، ولا لبن لها أصلا، والشائلة ايضا: تقال لما بقي في ضرعها بقية، وامش: بمعنى ومشى، وظاكه: بمعنى ذاقها، وان ذا الّ كايل: أي وأنا هذا الذي أقول:
فاتُ مُلْكُوهَ لوْلِينْ
…
الِّ مُلْكوهَ مُلْكْ زينْ
أعْكبتْ فيْدْ التّاليبن
…
هاذُوْكْ ارْحايلْ وانْزايلْ
غَيْرْ الِّ يِمْشُ كامْلِينْ
…
عَنْهَ مشْيِتْ لَوَايلْ
ارحايل، وانزايل: بمعنى راحلين ونازلين، هاذوك: بمعنى أولئك.
الكلام على انمادِي
انمادِي، علم على أناس تجمعوا للصيد من قبائل شتى، وسكون في القفار والمهامه، ولا يملكون غير الكلاب، وليس لهم طعام إلا لحوم الوحوش، ولباسهم الجلود، ومهور نسائهم الكلاب، وهم أشد الناس عدواً، حتى ان أحدهم ليطارد هو وكلبه الظبي، فيبسق كلبه، وهم أصبر الناس على العطش، وأشدهم هداية في مجهول الأرض، وأغلب إقامتهم فيما بين تيشيت وآوكار، وآخر تكانت، وأدافر، حيث تكثر الوحوش، وتخلو الأرض من الناس،
وهم أشد الناس وفاء، بحيث لو أن إنسانا أطعم أحدهم أو كساه ثوبا، لجعل ذلك منة لا ينقضي شكرها، فإذا وجده في خلاء من الأرض دله على الماء، وسار معه إلى أن يبلغه حيث أراد. وهم آفة لضالة الإبل، وكانت مضرتهم قليلة حتى صاروا يقتلون من يقدرون من المسافرين، ففعلوا ذلك بأناس ايديبسات، وكان فيهم - أعني اديبسات - رجل مدبر يعلم أمور انمادي، فعزم على إبادة جميعهم، إلا إنه كان يخاف من حسان، فذهب إلى رؤسائهم، فذكر لهم ما لقي قومه منهم فتبرؤا منهم، فنزل منهلا في جمع من قومه بخيمهم ومواشيهم، فمر عليه أناس منهم، فكساهم وأطعمهم، وأظهر
لهم البشاشة، حتى أمنوه، فصاروا يأتون إليهم جماعات جماعات، فيقتل فيهم حتى لم يبق منهم إلا القليل، ولغة هذا الجنس من الناس، هي العامية الدارجة إلا أنهم لا ينطقون بميم الجمع، فيقولون: السلام عَليكُ، في السلام عليكم، وكيف حالْكُ، في كيف حالكم، والاستغناء بالضمة عن الواو، من لغات العرب، وأفردنا هذه القبيلة بالذكر لغرابتهم، وهم معدودون من اللحمة.
ومن هدايتهم ووفائهم، أن تاجرا من أبناء أبي السباع، كان في مجهول من الأرض، يحمل بضاعة، متوجها إلى تينبكتو، فبينا هو يسير صباحا، إذا بأثر شخص جديد، فجعل يقص أثره، فإذا هو به نائم، فوثب على صدره، وجعل خنجره في نحره، فسأله عن خبره، فلما عرفه أعطاه ثوبا، على أن يذهب معه، ويرده غل موضعه. وكان في رمال عظيمة، فلما نفد ما عنده من الماء، أظهر جزعا عظيما، فسكنه، وفحص له في وسط رمل عن صخرة، تحتها عين جارية، فلما سقوا إبلهم، وملأوا قربهم، واراها كما كانت، لئلا يعلم موضعها غيره، حتى إذا أوصله إلى الموضع الذي يقصد قال فيه: أني لا آمن هؤلاء الناس، فواعده على يوم معين يجده فيه، ليرجعه إلى الموضع الذي أخذ منه، فوفى له.