الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمسكا بقول من قد مرّا
…
أيا الغلامان اللذان فرا
إياكما أن تحدثان الشرا
وكان العلامة محمد بن أحمد يور الديماي، قل بيتا وهو:
وخرنق بكسرتين عنتره
…
أخت له فانظره في الروض تره
فقال رادًّا عليه:
وخرنق بكسرتين طرفه
…
أخت له في الروض هذه الصفه
شعراء أولاد ابْيَيْرِ
الشيخ سيدي بن المختار بن الهيب الأبييري
ثم الإنتشائي، ونسبه الأصلي يرجع إلى تندغ، ثم إن فخذه أولاد انتشاييت كذلك، وإنما سكنوا في أولاد ابيير، وتواشجت بينهم الأرحام، ثم إن الله أعلا به أولاد ابيير وغيرهم. هو العلم الذي رفع على أهل قطره، واستظل به أهل دهره، وماذا أقول في رجل اتفق على إنه لم يظهر مثله في تلك البلاد، وقد رأينا من أحفاده ما يرفع العناد، إذ من المعلوم انهم قاصرون عن مداه، أو لم يجاوزوه إلى ما وراه.
واشتغل في شبابه بالعلوم وبرع فيها، بملازمته لحرم بن عبد الجليل العلوي، وكان يخدمه خدمة العبد لمولاه، فجازاه الله تعالى بذلك، حتى إن تلاميذه كانوا لا يدخلون عليه، إلا حبوا على ركبهم إجلالا له.
وحدّث من رآه في زمن اشتغاله عليه. قال: أرسل حرم المذكور إلى التلاميذ، أن يذهب أحدهم إلى المنهل ليسقي البقر، فإن العبد القائم بأمره غير موجود، فلم ينتدب لذلك إلا الشيخ سيديَّ، فلما أتى بالبقر، جعل يقرأ مع التلاميذ على ضوء النار، فأرسل إليهم أيضا أن يحلب أحدهم البقر، فلم ينتدب لذلك غير الشيخ سيدي، ثم إنه رجع بعد حلب البقر، وجعل يقرأ أيضا، فوافى
رسول من حرم أيضا، بأن يحضر أحدهم قرى الأضياف النازلين عنده، فلم ينتدب لذلك غير الشيخ سيديَّ.
ولما تضلع من علمه، شد الرحل إلى الشيخ المختار الكنتي بآزواد من مسيرة شهر، وأكثرها غامر. ثم وصل إليه، ولازمه ستة أشهر، ثم مات الشيخ المختار، فبقى عند ابنه سيدي محمد المعروف بالخليفة، لقيامه مقام أبيه، فلازمه عشرين سنة يخدمه فيها، حتى برع في معرفة الطريق، وعلم الأسرار، ثم رجع إلى بلاده، فنزل أوَّلا في تندغ، أصله القديم، فلم يكترثوا به، ثم رجع إلى قبيلته أولاد ابيير، فتلقوه بما هو أهله وأكرموه، واعترفوا بفضله، فلم تزل فضائله تبدو، حتى أذعنت
له الزوايا وحسَّان، وصار مثل الملك بينهم، فلا يعقب أمره. وكان أهلا لذلك، كرما وحلما وعلما، ولم تزل الدنيا تنثال عليه، ويفرقها في الناس، وقدم مُرَّاكش في أيام المولى عبد الرحمن، وأظنه كان متوجها للحج، فرجع بسبب المرض في الحجاز، ونال حظوة عظيمة من السلطان.
وحدثني الفاضل عبد الرحمن الجزولي، المعروف في مراكش بابن التلمود، وكان أبوه كاتبا للمولى عبد الرحمن: إنه لما قدم إلى مراكش، وجد المولى سيدي محمد بن المولى عبد الرحمن، ألكن لا يبين الكلام، فتفل في فمه، فانطلق بالكلام. وكان يبحث عن الكتب في مراكش ليشتريها. فإذا أراد أن يقضي الثمن، يسلم إلى البائع ما بقى عن المحاسبة بالغا ما بلغ.
وكانت العرب في أرض شنقيط، تجعله حرما آمنا، فيجتمع عنده أحدهم، بمن قتل أباه أو أخاه، فيجلسهما على مائدة واحدة. وإذا بلغ الجاني نواحي البلد الذي يقيم به، أمن على نفسه. ولم يمض عليه يوم، إلا وعنده آلاف من الناس، يطعمهم ويكسوهم، ويقضي جميع مآربهم، حتى لقي الله، ولا يسأله أحد حاجة إلا أعطاه إياها، بالغة ما بلغت.
وكان تلامذته يريدون أن يقللوا من ذلك، فما أمكنهم. وسأله يوما
شخص، حمارا. فقال: أعطوه الحمار الفلاني. فقالوا: إنه غائب. فقال: أعطوه الجمل الفلاني. فقالوا: إن الحمار قد حضر. فقال: أعطوه إياهما معا. وجاءه أحد أبناء شيخه، فأعطاه جميع ما يملك من الدنيا، ثم عاد إليه بعد مدة، ففعل ذلك ثلاث مرات.
وشكى إليه إنسان، سوء معاملة امرأته إياه. فقال له: وما مالكم؟ فأخبره بأن عندهم شيئا من الغنم، وحمارا وأمة. وقال: إن هذا لامرأته. فدعا بأحد تلامذته، وأمره أن يعطيه غنما وحمارا وأمة. وقال له: إنها سيسهل أمرها.
وشكا إليه تلامذته المكلفون بالأضياف كثرتهم. فقال: إنحروا من الإبل ما يكفي.
فقالوا: إنها مهازيل، وليس فيها من السمان إلا ناقة. روى من لبنها اثنان لكثرته. فقال: انحروها، فإنها ستشبع مائة.
وكان يبلغه أن الطريق منقطع في الجهة الفلانية، لعدم عمارتها، فيحفر فيها الآبار، ويبعث المؤن الطائلة لقرى المارين. وفضائله أكثر من أن تذكر، رحمه الله. وكان مجيدا. وما رويت له إلا القليل. قال يحض على حسن المعاشر:
أيا مَعْشرَ الإخوانِ دَعْوةَ نادبِ
…
إلى الحقِّ والمَعروف ليس بكاذب
أعيرُونيَ الأسْماعَ أَهْدِ إليكمُ
…
وصيةُ مُصْفى النصح غيْر مُخالب
فمن كان منكم ذا وِدادٍ وخلةٍ
…
لمرتفع الأخلاق جمّ المناقبِ
لِيَسْحَبْ على عَيْبِ الخليل ذُيُولهُ
…
ويَسْتُرْ فَشأنُ الخِلّ سَتْرُ المعايب
خِليلَّي لا أبدى إلى من يَذُمُّهُ
…
طلاقَةَ وجْهي بلْ عُبوسَةَ حاجِبي
أحبُّ الذي يَهوى وأُبغضُ ما قلا
…
ولستُ عليه إنْ يزِلَّ بعاتب
وماذا دعا يوْما لِصَدْمةِ حادِثٍ
…
ألمَّ عليهِ كنتُ أوَّلَ واثبِ
فمنزلةُ الإخْوان فيها تفاضُلٌ
…
فمنهمْ لذيذُ الطعْم عند المُصاحب
ومنهم زُعاقٌ لا تُطاقُ طِباعهُ
…
معاشره يَرْتاحُ إذ لم يَقاربِ
ومن كان ذا لوْحٍ وهَمٍّ وطاعةٍ
…
فلا يَدْنُ للمستصيباتِ اللَّواعب