الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كنته، وتقابلت أبكاك، وأهل آدرار، فهزمهم أبكاك، ثم إن بكار حارب في أثناء ذلك أشراتيت أيضا، فصار يضارب هؤلاء من ناحية، وهؤلاء من ناحية، حتى غلب الجميع.
حروب الزوايا مع بعضهم
قدمنا أن حروب الزوايا قليلة بالنسبة لروب حسان، فلذلك أخرناها لكونها كالفرع لها، وتلك كالأصل، ولنبدأ منها بحرب أهل مدينة شنقيط نفسها، لأن القطر كله سمى به، فهو تابع له، وإنما لم نبدأ بها قبل حروب حسان، لأنها خاصة بالزوايا، كانت مدينة شنقيط بسكنها ثلاث قبائل كما قدمنا، إدوعل: ولهم الرئاسة المطلقة، والأغلال، والسماسدة، فأعطى إدوعل الإمامة في الصلاة للسماسدة، ثم نزعوها منهم وأعطوها للأغلال، وبقيت فيهم، ولما نزعت الإمامة من السماسدة، خرجوا وبنوا مدينة آطار وأوجفت، وكان السماسدة صمموا على ان يوقعوا بادوعل، الا
انهم كانوا يعلمون انهم أضعف منهم، فترقبوا خروج القافلة، لعلمهم أن معظم رجالهم يخرج فيها، وبلغ إدوعل ما هم عازمون عليه، فخرجوا وكمنوا لهم قريبا من المدينة، وبثوا عيونهم، فلما أخبروهم بخروجهم للغدر بمن بقى منهم، تلقوهم وهزموهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، ولم يحدث بينهم غير ذلك.
حرب إدوعل البيض والكحل
اعلم أن البيض والكحل، لقبان لرجلين تفرعت منها هذه القبيلة، وكانا أخوين شقيقين، وكان لهما عم، فمرض، وكان له شراب مخصوص، فلما أخبرا بأنه يخصه، امتنع أحدهما من شربه، شفقة عليه. فسماه الأبيض، وشربه الثاني وقال كلمة تؤذن بعدم الاكتراث بعمه، فسماه الأكحل، فغلب اللقبان عليهما،
وعلى أولادهما إلى الآن، ولما كثروا وكثرت دنياهم، وانتشر صيتهم في تلك البلاد، وصار من في حوزتهم تبعا لهم، تنافسوا في الرئاسة، فوقع بين طائفتين من الكحل، منازعة في بعض المماليك، والطائفتان أولاد أبوهم وآمكاريج، هكذا كنا نسمع، وسمعت أيضا ممن يوثق به، ان المنازعة مع بعض البيض والكحل، وعلى كل، فإن أولاد ومعظم البيض، صاروا يدا واحدة على بقية الكحل، وبعض الطائفتين اعتزل الحرب، ثم إنهم بقول كلهم في مدينة شنقيط، وكانوا يقتتلون الليل والنهار، فإذا كان القتال ليلا تنهزم الكحل، لأن الأغلال يعينون البيض عليهم، فإذا كان نهارا ينهزم البيض، وكانوا إذا انهزم المنهزم منهم، لم يتبعه الآخر، ولا يقتل الجريح، وكانوا لا يتناهبون الأموال، وكانوا لا يقتتلون الا في الصف، فإذا لقي أحد منهم عدوه في غير المعركة لا يزعجه، وكانوا يصلون في المسجد جماعة، ويقسمون الضيوف على عادتهم، إلى أن وجد بعض قتلى الأغلال بين الأموات من البيض، فتذمم الأغلال وخرج معظمهم إلى أرض الحوض، وخرج القاضي ابن الطالب العلوي إلى أرض القبلة، ثم التحق به من التحق منهم، وداموا على
ذلك، إلى أن جلس اثنان من البيض على حافة البطحاء، فنظرا رجلا من الكحل، على حافتها الثانية جالسا، فقال أحدهما لصاحبه: أترى سهمك يصل إليه، فرماه فقتله، وكان قصده على ما يقال إنما هو اختبار مسافة سهمه، فغدر بهم الكحل، وقتلوا منهم أربعين رجلا، فخرجوا إلى تيججكه وبنوها، كما قدمنا، ومات في تلك الحرب أربعمائة من الفريقين، وكان أموات الكحل أكثر، ولما تم بناء تيججكه، اكترى البيض رؤساء قبائل حسان، فوافوهم بتججكه ليغزوا معهم، ويهدموا مدينة شنقيط، فبلغ ذلك رئيس الكحل إذ ذاك، فخرج ليلا ومعه عبد له، وتوجه إلى تججكه من غير أن يعلم به أحد، وكانت أخته عند رئيس أهل تججكه، فنزل قريبا،