المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مولود بن أحمد الجواد - الوسيط في تراجم أدباء شنقيط

[أحمد بن الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌قَبيلَةُ إِدَوْعَلِ

- ‌ابن رازكه

- ‌حرم بن عبد الجليل العلوي

- ‌محمد بن سيدي عبد الله

- ‌باب بن أحمد بيب

- ‌سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم

- ‌أُبَّدَّ

- ‌محمد بن سيدي محمد

- ‌التجاني بن باب بن أحمد بيب

- ‌الهادي بن محمد

- ‌حرم بن عبد الله

- ‌محمد الحسن بن محمد عبد الجليل

- ‌إجْدُودْ

- ‌محمد محمود بن اكتوشنِ

- ‌سيدي محمد بن سيدي عبد الله

- ‌العمُّ بنْ أحْمَدُّ فَالْ

- ‌فتىً بنُ الحاج

- ‌سيدي أحمد بن محمد الصُّغير

- ‌محمد لحبيبْ بن لمرابط

- ‌عبدُ الله بنُ أحمد بن الحاج أحماه الله الغلاوي البكري

- ‌النابغة الغلاوي البكري

- ‌قبيلة إديقُب

- ‌ويقال لهم اليعقوبيون

- ‌أمحمد ابن الطلب

- ‌مولود بن أحمد الجواد

- ‌لِمْجَيْدري بن حبيب الله

- ‌المأمون

- ‌البخاري بن المأمون

- ‌شيخنا

- ‌محمد مولود بن محمد بن تكرور

- ‌العتيق بن محمد ابن الطلب

- ‌صُلَاّحي بن المامي

- ‌شعراء بني ديمان

- ‌محمد بن سعيد الديماني

- ‌مَحَنْضْ بَابَ بْنُ أعْبَيْدْ الديماني

- ‌ابن عَبْدَمْ الديماني

- ‌صُلَاّحي الديماني

- ‌المختار بن ألُمَّا

- ‌شعراء أولاد ابْيَيْرِ

- ‌الشيخ سيدي بن المختار بن الهيب الأبييري

- ‌سيدي محمد بن الشيخ سيديّ

- ‌شعراء تجكانت

- ‌المختار بن بون الجكني

- ‌ابْن عَيْدُّ الجكني

- ‌ابن مقامي الجكني

- ‌الإِمام بن محمذ الفغ الجكني

- ‌شعراءُ إِدَا بْلِحْسَنْ

- ‌سيدي عبد الله بن أحمد دام

- ‌محمذ بن السالم

- ‌الأحول

- ‌محمدُّ بن حنبل بن الفال البوحسني

- ‌هبةُ الله بن محمذٍ حبيب الله البوحسني

- ‌أحمد باب بن عينين البوحسني

- ‌ابن الأمين بن الحاج البوحسني

- ‌بُلَاّ بْنُ مكبد البوحسني

- ‌محمد سالم بن يا محمد بن لبيد

- ‌أبو بكر بن فتى بن فال الحسن البوحسني

- ‌اشويعر

- ‌ابن المحمود البوحسني

- ‌عبد الله بن أيّ

- ‌محمد بن لِحْظَانَ البوحسني

- ‌الطائع البوحسني

- ‌شعراء تندغ

- ‌محمذ فال بن متالي

- ‌معاوية بن الشّدُّ التندغي

- ‌المصطفي بن جمال

- ‌أحمد بن أمين بن الفراء التندغي

- ‌شعراء مِدْلِشْ

- ‌بو فمين

- ‌الأحنف المجلسي

- ‌المجدد البوحمدي

- ‌أحمد البدوي المجلسي

- ‌حماد المجلسي

- ‌مولود بن أغشممت المجلسي

- ‌محمد عثمان ابن أغشممت المجلسي

- ‌سيدي أحمد بن الصبار المجلسي

- ‌لِحْرَاكاتْ

- ‌باباه الأحراكي

- ‌امحمد بن هَدَّارْ

- ‌باب الأفراد

- ‌هذا باب جعلناه للأفراد

- ‌وهم من لم ترو لأكثر من واحد من قبيلته

- ‌الشيخ سيدي المختار

- ‌عبد الله بن سيدي محمود

- ‌الشيخ ماء العينين

- ‌مبايعته للسلطان مولاي الحفيظ

- ‌إدْيَيْجَ بن عبد الله الكمليلي

- ‌غالي بن المختار فال البُصاري

- ‌عبد الودود بن عبد الَّ بن انجبنان الألفغي

- ‌محمد مولود بن أحمد فال

- ‌الحسن بن زين بن سيد اسليمان القناني

- ‌اعمر مولود بن شيبة الأنتابي

- ‌محمد محود بن التلاميد التركزي

- ‌ما وقع بينه وبين الشيخ الدراج المغربي

- ‌ما وقع بينه وبين السيد علي ظاهر الوتري

- ‌ما وقع بينه وبين السيد أحمد البرزنجي

- ‌أغلاطه في رحلته

- ‌ما وقع بين محمد محمود المذكور

- ‌وشيخ المالكية الأستاذ سليم البشرى

- ‌سفره إلى اسبنيول

- ‌خروجه من المدينة

- ‌الفصول التي وعدنا بتذييل هذا الكتاب

- ‌الكلام على شنقيط وتخطيطها

- ‌فصل في شنقيط وحدودها وما يتعلق بذلك

- ‌ المغرب)

- ‌الكلام على شنقيط هل هي من السودان أو من

- ‌الكلام على تاريخ عمارة شنقيط

- ‌الكلام على جغرافية بلاد شنقيط

- ‌الكلام على آدرار تفصيلا

- ‌الكلام على طرق حيط آدرار

- ‌الكلام على أظْهَرْ

- ‌الكلام على أوْجفتْ

- ‌الكلام على جانب آدرار الشرقي

- ‌الكلام على واداق

- ‌الكلام على الباطن

- ‌الكلام على هوى آدرار

- ‌الكلام على الزرع في آدرار

- ‌الكلام على أشجار آدرار

- ‌الكلام على لعِصْايبْ

- ‌الكلام على مقطيرْ

- ‌الكلام على الساقية الحمراء

- ‌الكلام على إينشيري

- ‌الكلام على تيرس

- ‌الكلام على الخط

- ‌الكلام على أركيطه

- ‌الكلام على تكانت

- ‌(بكاف معقودة)

- ‌الكلام على مبدأ عمارة تيججكة والسبب فيها

- ‌الكلام على صفة تيججكة

- ‌الكلام على تامورِتْ انعاج

- ‌الكلام على أشجار تكانت

- ‌الكلام على الباغصه

- ‌الكلام على اركيبه

- ‌الكلام على اركيبه الكحله

- ‌الكلام على اركيز

- ‌الكلام على أفلَّه

- ‌الكلام على آوكار

- ‌الكلام على الحوض

- ‌الكلام على أظهر

- ‌الكلام على أزواد

- ‌الكلام على أروان

- ‌الكلام على لمرية

- ‌الكلام على تيشيت

- ‌الكلام على آكان

- ‌الكلام على فاي

- ‌الكلام على آوكار

- ‌الكلام على آمشتيل

- ‌الكلام على لعكل

- ‌الكلام على إكيدي

- ‌الكلام على أظهر وانوللان

- ‌الكلام على شمامه

- ‌الكلام على سكان شنقيط وجنسهم

- ‌الكلام على الزوايا

- ‌ما يحمد من أمر الزوايا وما يذم

- ‌الكلام على حسان وسيرتهم

- ‌الكلام على الترارزة

- ‌الكلام على أبناء دامان

- ‌الكلام على حروب الترارزة

- ‌الكلام على غدرة محمد لحبيب

- ‌الكلام على غدرة سيدي بن محمد لحبيب

- ‌الكلام على غدرة اعل بن محمد لحبيب

- ‌الكلام على حروب حسان

- ‌حروب تفرجنت وأبناء بنيوك

- ‌حروب إدوعيش

- ‌الكلام على أولاد امبارك

- ‌الكلام على انمادِي

- ‌الكلام على حسان شنقيط من حيث الشجاعة في

- ‌الحرب

- ‌حرب بكار واشترتيت

- ‌حروب الترارزة

- ‌الكلام على أحيى من عثمان

- ‌حروب الزوايا وحسان

- ‌حرب شرْبَبّهْ

- ‌ناصر الدين

- ‌حروب كنته وإدوعيش

- ‌حروب الزوايا مع بعضهم

- ‌حرب إدوعل البيض والكحل

- ‌حرب أهل شنقيط وأهل وادان

- ‌حرب إدوعل وإدابلحسن

- ‌يوم لِغبيبيري

- ‌يوم ايرْزيكْ

- ‌يوم بوطريفيه

- ‌يوم إبلحنوشه

- ‌يوم تندوجه

- ‌حرب كنته وإدولحاج

- ‌حرب كنته وتجكانت

- ‌حروب تجكانت والأغلال

- ‌حروب انبيز

- ‌حرب كنته وأولاد بسباع

- ‌أي (أبي السباع)

- ‌الكلام على لغات أهل شنقيط وأصلها

- ‌الكلام على كلام أزْناكهْ

- ‌الكلام على اللغة الحسانية

- ‌الكلام على الضاد

- ‌الكلام على العلم في شنقيط

- ‌كيفية التعليم عندهم

- ‌تعب العالم في شنقيط وما يكابده من المشاق

- ‌كيفية إلقاء الدرس عندهم

- ‌تأديب المدرس للطلبة

- ‌الكلام على طلب العلم

- ‌التجارة في شنقيط

- ‌تجارة أهل شنقيط فيما بينهم

- ‌الصناعة في شنقيط

- ‌الزراعةُ في شنقيط

- ‌عاداتهم في الزواج والولائم

- ‌الكلام على التاريخ في شنقيط

- ‌الكلام على المكاتبة في أرض شنقيط

- ‌القضاء في شنقيط

- ‌البيع والشراء في شنقيط

- ‌ما بقي من الشريعة في شنقيط وما ذهب أثره

- ‌الحيوان في شنقيط

- ‌صفة الخيل العتاق في شنقيط

- ‌السباع في شنقيط

- ‌الحيات في شنقيط

- ‌الكلام على المرض والصحة في شنقيط

- ‌الكلام على السحر في شنقيط

- ‌الكلام على أمثال أهل شنقيط

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين المهملة

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الواو

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌الكلام على الطب في شنقيط

- ‌خاتمة الكتاب

الفصل: ‌مولود بن أحمد الجواد

وله أيضا من أبيات:

لجَّ في دائهِ القدِيمِ المُمَاني

منْ جُنونِ الصّبا وَلَاتَ أَوانِ

لجَّ في غيهِ فلَجَّ بهِ الهَتْ

رُ لِعِرْفانِ دارِساتِ المَغَانِ

وله أيضا:

حَيّ بين النقا فآدُكْمارِ

أرْبُعاً قدْ بَلينَ مُذْ أعصارِ

أرْبُعاً منْ مَلاعبِ البيضِ أمْستْ

مَلْعباً للِرّياحِ والأمطارِ

أرْبُعاً في الحشى حَششْنَ أُواراً

منْ قديمِ الهوى لاِعْوَيْشَ وارِ

إلى هاهنا، تم ما تسنى من شعر نابغة شنقيط، وما عثرت له على قصيدة وفاتتني كلها، إلا قافية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، رأيتها مرة واحدة عند شخص، وكان الوقت ضيقاً.

‌مولود بن أحمد الجواد

ويعرف بأحمدا جويد، بالتصغير العامي.

هو العلامة النحرير، اللغوي الشهير، أحد أعلام تلك البلاد، وإليه المرجع وعلى أقواله الاعتماد. وكان مشهورا بسرعة الجواب، مرهوب الجناب، نزل يوما عند

العلامة الصالح، ولي الله أحمد بن العاقل الديماني، فلم يقابله بنفسه إلا بعد بطء، فعاتبه على ذلك، فصرّح له بأن السبب تمزيقه لأعراض المسلمين، فقال: إنهم يبدؤني فأتقن. وتلا قوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فعارضه الشيخ بآية، لم تحضرني الآن. فقال له: أنتم إذاً تؤمنون ببعض الكتاب، وتكفرون ببعض.

وتكلم رجل في مجلس هو فيه وقال: هذا لا يمكن، وفتح حرف المضارعة،

ص: 190

فقال: هو لا يمكن لا يمكن، ففتح أولا على الحكاية، وضم ثانيا ليوضح غلطه، وقال رجل أيضا: هذا يَزرى بالمروءة، وفتح حرف المضارعة. فقال له: يَزْرى بالمر والمروءة يُزْرى بالمروءة، ففتح حرف المضارعة أولا على الحكاية، وضم ثانيا ليبين خطأه. وهذا رحمه الله وقع منه على طريق التبكيت لذينك الرجلين. وقد وقع منه هو ما يناقض هذا، فقد خطأه يوما إنسان، وكان يقرأ، فقال له: أتريد مني أن أجمع لك بين القراءة والإعراب، اقرأ أنت، وانظر ما أخطئك أنا فيه، وهذا هو الصحيح. فإن محمد بن يزيد المعروف بالمبرد، لحن يوما في مجلس أحد الخلفاء، فعاب ذلك عليه، وقال له: كيف تلحن وأنت إمام اللغة، فقال له: إن الفصاحة في حقنا تكلف، فإذا جريت على الطبع ألحن، وإذا أحضرت ذهني لا ألحن، فاستحسن ذلك منه، ولو استحضر هذه الحكاية بعض العلماء في مصر، كان أحسن لهم، فإني كثيرا ما حضرت في مجالس بعض أفاضلهم، الذي تتردد عليه العلماء، وله عليهم الفضل الوافر، فإذا قرأ في كتاب، تراهم يردونه من غير أن يعهد إليهم ذلك، ولابد إنه يتأثر في الباطن، لأنه تجهيل له في الحقيقة، ولله در القائل:

ومصلح الشكل لدى حكايه

غير حديث المصطفى والآيه

من غير إذن منه أو قرينه

قد فاته الأدب والسكينه

ومن أجوبة مولود الحاضرة، إنه كان في مجمع من أهل الفضل، وكلهم غرباء.

وكان ذلك في شهر رمضان، في آخر ليلة منه، فخرجوا ينظرون الهلال، فقال مولود: يا رب صائمه لن يصومه، وقائمه لن يقومه، كلمة كانوا يقولونها عند انقضاء رمضان، فقال أحد الحاضرين: من هذا الذي لم يبلغ حروف الجر في الألفية، فقال مولود: من ذا الذي لم يتجاوز حروف الجر إلى ما بعدها، يشير الأول إلى قول ابن مالك في حروف الجر:

واخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب

منكراً والتاء لله ورب

ص: 191

ويشير مولود إلى قوله في الإضافة:

وإن يشابه المضاف يفعل

وصفا فعن تنكيره لا يعزل

المراد بمشابهته ليفعل، كونه للحال أو للاستقبال، وكان مولعا في شعره بالمعاني البعيدة التي تشبه اللغز ومن ذلك قوله:

أيها الناس للصلاة أقيموا

واستعينوا بها على كل بوس

قدّموها وأخروا ما سواها

إنها فرض عين كل أنيس

قدِّموها وأخروا ما سواها

لا يصلي الصلاة غير مجوسي

هي ليلاي فرتنايَ ربابي

هي جملي وميتس ولميسي

معنى: لا يصلي الصلاة غير مجوسي، لا يمتنع منها ويوليها بصلاة إلا المجوسي، والصلا: وسط الظهر. ومن معانيه الغريبة، قوله وكان خرج في طلب نوق له ضلت:

فما هبةُ الصعلوك حيثُ الأصابع

وتهجيرُ من شُمّ الجبالِ الينابعِ

بأصْعَبَ منْ وجدانِ نوقٍ تتابعتْ

على إِثْرِها مَرُّ الرياحِ الزعازعِ

قوله: حيث الأصابع، بمعنى منقبضها، كناية عن بخله، كما قال الحريري في مقاماته:

وإنما الدهر المسيءُ المعتدى

مال بنا حتى غدونا نجتدي

كل ندى الراحة عذب المورد

وكل جعد الكف مغلول اليد

فحيث الأصابع، صفة مشبهة، مثل حسن الوجه، وليست حيث هذه، هي التي تلزم إضافتها إلى الجمل، فمن توهم هنا إنه أخطأ لذلك، فهو المخطئ على أن

ص: 192

حيث، تجوز إضافتها إلى المفرد عند الكسائي، وسمع في أشعار العرب قال:

ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم

ببيض المواضي حيث لَيّ العمائم

وقال الآخر:

أما ترى حيث سهيلٍ طالعاً

نجماً يضيءُ كالشهاب لامعاً

ومن ظريف ما اتفق له، إنه أراد قول قصيدة، فنظم الشطر الأول وهو:

أمربع الغصن ذا أم تلك أعلامه

فارتج عليه سنة، فورد يوما منهلا ليسقي جملا له، فتخاصمت جاريتان في المنهل، فقالت إحداهما للأخرى: والله ما ذلك كذلك، ولا كانت أيامه كما تقولين، أو ما هو قريب من هذا، فضرب جمله من غير ان يسقيه، ودخل الحي وهو يجري به، فظن الناس إنه رأى ما يذعره، فسألوه، فأخبرهم بأنه وجد شطرا يتم به مطلع قصيدته فقال:

أمربع الغصن ذا أم تلك أعلامه

لا هّو هّو ولا الأيام أيامه

ومثل هذا وقع لذي الرمة، فانه لما شرع في نظم بائيته المشهورة التي أولها:

ما بال عينك منها الماءُ ينسكب

كأنه من كِلا مفرية سَرِب

ارتج عليه لما قال:

كَحْلَاءُ في دَعج صفراءُ في بَرَج

حتى رأى جارية تحمل صينية، بعضها ذهب وبعضها فضة، فقال:

كأنها فضة قد مسها ذهب

وكان مولود رحمه الله، من أكابر تلاميذ العلامة المختار بن بون الجكني، حتى

وقع بينه وبين قبيلته ما وقع، فصار هو خصمه الألد. وكان المختار أقل منهم مرتبة في الشعر، وهم أقل منه في علم النحو والكلام، فكان يلقى عليهم الألغاز، فيتصدى مولود لحلها، فربما حل البعض وعجز عن البعض، فانفق إنه ألقى

ص: 193

عليهم لغزا وقال: إن أجبتموه كفرتم، وإن سكتم غلبتم، فمكث مولود مدة معتزلا عن الباس، يفكر في ذلك اللغز، فخرج عليهم في وقت حر فقالوا له: ما فعلت مع زركة المختار؟. والزركة (بزاي وراء وكاف معقودة مفتوحة وبعدها هاء تأنيث) بمعنى الرمية، وهم يعبرون عن اللغز بذلك، إلا من أراد أن يتفاصح، فقال: بركت عنها. وروى إنه خطأه في كلمة في مجلس، فقال مولود: إنها في المقامات، فقال له المختار: في أي مقامه؟ فقال: في قبحت من شيخ وأنا أعتقد أن هذا موضوع، لان مثل مولود لا يليق به أن يقابل مثل ابن بون بهذا، خصوصا وهو شيخه. ولما قال في قصيدته التي يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

حسبي إذا كنت استجدي أخا كرم

بالحاتم الهاشمي من حاتم الطائي

قال المختار: أن حاتما ليست من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن معنى هذا، تشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاتم، والمشبه دون المشبه به، فاحتج مولود بأن حاتما وردت في دلائل الخيرات، معبرا بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال في ذلك قصيدة، لم يحضرني منها إلا بيت واحد، وهو قوله:

لم يكن من دلائل الخيرات

جهل ما في دلائل الخيرات

وهذا غاية التحامل منه، عفا الله عنه. وهو متقدم على امحمد، المتقدم في السن، وقد أدركه ورثاه كما تقدم، والناس مختلفون أيهما أشعر، فطائفة تقدم هذا، وطائفة تقدم ذاك، وكنت على مذهبها، فلذلك بدأت به. وقد سئل امحمد نفسه عن ذلك، فقال: هو أكثر حلفة وأنا أفتل. - الحلفة - هي سعف الحلفاء وأهل الصحراء

يفتلون منها الحبال، يعني أن مولودا أكثر منه لغة، وهو أجود منه نسجا، وليطالع شعرهما بإمعان من أحب أن يحكم، ثم ليحكم بما بدا له.

وكان مدّاحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قصيدته المعروفة بالمرجانية وهي:

ص: 194

أزْكى صلاةٍ وتسليمٍ على قمرٍ

بدرٍ بهِ قدْ أنار اللهُ أكوانَهْ

أزكى صلاةٍ وتسليمٍ كذاك على

خَيرٍ قد اختارَهُ الرحمنُ عِبدانَهْ

يا ربّ صلّ عليهِ دائماً أبداً

ما حلّ أعراض هذا الكون أعيانَهْ

من أي مَرجان ربّ العرش مَرجانه

تبدو لعينيك في تركيب إنسانهْ

أمْسى بها القلْبُ مَفتُوناً وكان أبي

على الفواتنِ لم تَفْتِنْهُ فتَّانَهْ

لمَّا بَدَتْ تَتَهادَى في خرائدِها

تَثْنى مَعاطِفَها خُرْعُوبَةُ البانَهْ

قالوا أشمساً نرى تمشى فقلتُ لهمْ

تَرَوْنَ إنسانةً كالشمسِ حُسّانهْ

لها مصائدُ تُصمى منْ مَحاسِنِها

تَصيدُها الصِّيدَ لا هَيْقاً وبَيْدانهْ

تَرنُو إليك بمغْضوضٍ كما نظرتْ

مَزْؤودةٍ أمُّ ساجى الطررْفِ جَيْدانهْ

تَرى الدّماليجَ منها والبُرى بقَنىً

خَدَلّجٍ مالئٍ للعينِ مَلْئانهْ

تَنُوءُ لأياً بدِعْص كادَ يُقعِدُها

ما ضَرَّهُ إنه رِدْفٌ لِخُمْصانهْ

ما ساقطتْكَ حديثاً ساقطتكَ بهِ

أبْصارُنا تَحسُدُ الأَسْماعَ صَيدانْه

ص: 195

لمَّا رأتنيَ منْ فرْطِ الغرامِ بها

بعدَ ارْعوائِي عَميدَ القلْبِ حَيْرانْه

قالت أحافرة منْ بعدِ زاجِرةٍ

منْ عِلمِ ما شان ذا التقوى وما زانهْ

فقلْتُ لا تَعجبي منَ أمرِ خالقنا

أتَعجبينَ منَ أمرِ اللهِ سبحانهْ

أكان للناسِ يا للمُرْتَضى عجباً

إدْمانُ تَهيامِ مَشغوف بإدْمانهْ

تأبى على ذي النُّهى أنْ يَرْعَوِي ذِكرٌ

تَرُدُّ إبَّانَ غَيرِ الجهل إبَّانهْ

أما تراهُ مَتى يَمْرُرْ دِيارَهُمُ

هاجَتْ عليهِ دِيارُ الحيّ أحْرانهْ

قالتْ فسبْحان فَعَّالٍ بلا غَرَضٍ

لِمَا يُرِيدُ بنا قُلْنا وسُعْدَانهْ

قالت فهل لكَ في حُسْنِ التَّخلُّصِ منْ

ما دانَ قَيْسٌ إلى ما المصطفى دانهْ

فقُلْتُ فيهِ أشَدُّ الهلِّ لِي وَلِمَنْ

لم يَعلمِ اللهُ قبلَ الكونِ خِذلانه

إني رَضيتُ به دِيناً عَسايَ بهِ

غَداً أُجاوِرُ في الفرْدَوْسِ رِضوانه

دِينٌ حَنيفٌ مَحا المَاحي بهِ وعفا

آثارَ منْ كان في خُسْرٍ وأدْيانْه

ص: 196

دِينٌ لهُ جَعلَ اللهُ الحيا خُلُقاً

به كسى أوْلياَء الله أزْيانهْ

دِينٌ يَزِينُ لمنْ يعتاضُ زِينتَهُ

منْ غيْرِهِ شانُه اللَّذْ غيرُهُ شانهْ

دِينٌ هو الدّينُ يخْزي ذو بَطالتهِ

أحبارَ دِينٍ يُنافيهِ وَرُهبانْه

دِينٌ سَيَسْبِقُ مَنْ قدْ كان سَاوَعَ من

مُسْتأجَرِيهِ الذي منْ غيرِهم سانه

دينٌ شرٍيفُ أتانا منْ سعادِتنا

آتٍ بهِ حَمدَ الكوْنانِ إتيانهْ

محمدٌ خيرُ مَبعوثٍ أقامَ على

ما يَدّعيهِ مِنَ أمرِ اللهِ برْهانهْ

وخيرُ منْ قد نفَتْ عنهُ أمانتهُ

وصِدْقُهُ الكذبَ والكتمانَ والخانهْ

وخيرُ طاعٍ لمنْ لم يَعْصِ طاعتهُ

وخيرُ خاشٍ لمنْ يخشاهُ خِشيانهْ

وخيرُ منْ محضَ المَوْلى عِبادتهُ

وخيرُ منْ دانَ دِينَ اللهِ دَيَّانهْ

وخيرُ منْ رَحِمَ الموْلى العبادَ به

وخيرُ منْ عَرَفَ المولى عِرِفَّانه

وخيرُ داعِ سَقى منْ لم يُجِبْهُ إلى

هُدَاهُ عَلْقَمَ إصْغارٍ وذيفانهْ

وخيرُ منْ شامَ للهِ السُّيوفَ ومنْ

نمى القُتُودَ على وجْناَء عَيْرانه

وخيرُ مَنْ أمِنَ الإسلامُ بيضتُهُ

أمْناً بهِ صوْلةَ العادى وسُلْطانه

ص: 197

وخَيرُ مَن فيْضَ المولى لِشَانِئهِ

ما كان قُوّضَ منْ مغناهُ بُنيانهْ

وخيرُ منْ حَمدَ اللاقِيهِ ذا تَرَبٍ

لِقْيانهُ حَمْدَ ذي الإتْرابِ عِقْيانه

يا منْ إذا حُسِدَ المِضيافُ طِيب قرى

ضِيفانهِ حَسَد المِضْيافُ ضِيفانه

ومنْ إذا أخلَفَ الناسَ النُّجومُ يكنْ

لِلناسِ غيْثاً هَزِيمَ الوَدْقِ هَتَّانهْ

ومنْ إذا عامُ تَحْرِيجٍ يكونُ يكنْ

جَدًى يَعُمُّ الورى غَوْطاً وحَوْمانه

ومنْ يَصُدّ عنِ الدُّنيا ولوْ برَزتْ

في زِيّ عَذراَء تُصبى القلْب مُزدانه

ومنْ أرى أجْبُلَ الإذهابِ إذ عُرِضت

عليهِ كيفَ يَعافُ العِفُّ ذُهبانه

ومَنْ أَوَدُّ بأن ألقى على أوَدِى

حَتى مَ لم تتفقْ لي منك لِقْيانه

يا نُونُ يا نورُ يا بشرَى المسيحِ لنا

يا رَوْحَ منْ كان ذا رَوْح وريحانه

لو كان ذا الكوْنُ إنسانا لكنتَ له

طرْفا ولو كان طرْفا كنتَ إنسانه

أنتَ الذي طهَّرَ الرحمنُ أزْرَتَهُ

وَجَيْبَهُ وحشاياهُ وأرْدانه

أنتَ الطهُورُ بك القدُّوسُ طهّر من

أرْجاسِ دين سوى الإسلام تِربانهْ

أنتَ السراجُ المنيرُ اللَّذْ أنارَ بهِ

نورُ السّمواتِ والأرْضينَ أكوانهْ

أنْتَ الذي رَجح الخيراتُ إذ وُزِنَتْ

بكَ الخلائقُ عندَ الوضع مِيزَانه

أنتَ الذي طاعةُ الرحمنِ طاعتُهُ

فكان عِصْيانُهُ إذ ذاك عِصيانهْ

أنتَ الذي أزْلف الوالي الجنانَ لمن

والى وأبْرَز للعادِيِه نِيرانه

ص: 198

أنتَ الذي خصّهُ الموْلى سُراهُ به

لَيْلاً كما خصهُ بالعينِ رُؤيانهْ

إذ باتَ يخترِقُ السبعَ البُرَاقُ به

كالبرْقِ مُتّخذاً فيهنّ مَيدانهْ

فنال فوق السمواتِ العُلى دَرجاً

منْ قابِ قَوْسين ما شان امرؤٌ شانه

لك الكراماتُ والآي التي تُ

عَقْلَ الأنامِ إنائيهِ وذُكرانه

كتابٌ انْزِلَ للإِعجازِ مُلُهُ

مِنَ الأباطيلِ والتَّحرِيفِ قد صانه

نورٌ مبينٌ عليكَ اللهُ أنزلهُ

فُرْقَانَ ما كان منْ شيءٍ وتبيانه

يَهدي الإلهُ بهِ سُبْلَ السلامةِ مَنْ

قد كان يتبعُ بالإيمانِ رِضوانه

عنى المَصاقعُ أرْبابُ اللسانِ لهُ

وأذعنوا عَنْوَ إفْحامٍ وإذعانه

بسُؤدِكَ السُّودُ والحُمْرانُ قد شَهدوا

ضَبٌّ وظبْيٌّ وثُعبانٌ وسِيدانه

والبدْرُ إذ شُقّ والبْيضاءُ إذ حُبسَتْ

حتى لقد حَسِبُوا يوما أصَيلانه

والجذعُ إذ حَنَّ سَجْعَ النيْب من ولهٍ

لَوْلا النزامُكهُ لم يَقْضِ تَحْنانه

ص: 199

والجذل إذ صارَ عَضْباً لم يكلَّ ولم

يَقنْهُ قَيْن ولم يمسسْهُ سَوْهانه

وكفُّهُ إذ سَقَتْ ألفاً وإذ هَزَمَتْ

ألفاً وإذ وَهبتْ ألفاً وَرِعْيانه

كفٌّ تمرُّ على ضَرْعٍ فيُحْسِبُ مَنْ

تبغيهُمُ حَلَباً منْ غيرِ حِلْبانه

مَنّانةٌ واكفُ المُزْنِ حارِدةٌ

ولا تَراها بمنَينا بمَنَّانهْ

فكم أنالتْ غِنى الدارَينِ وافدَها

وكم أزاحَتْ عنِ المَفْتُونِ شيطانه

أكرِمْ بها رُفعتْ عن شَبْعةٍ وضِعت

فيها الأكفُّ ألوفاً وهيَ شَبعَانه

صاعٌ يزِيدُ على الإنفاقِ منهُ تَرى

ما جَرّ نُقْصَانُهُ ما جَرَّ زَيدانه

وباركتْ كفُّهُ عَجراَء ذاوِيةَ

تَهتزُّ منْ حِينِها خَضراَء فينانه

عَيدانةٌ قَعدَتْ في الجوّ قاعدةً

تؤتيهمُ أُكلَها شيشاً وحُلْقانه

إبانُ رُؤيَتها في الأرْضِ مُثمرةً

إبَّانُ رُؤيتها في الجوّ صَوْجانه

ص: 200

للهِ للهِ ما قد أسْمَعَتْ وأرتْ

فَتاةَ سَعْدٍ منَ الآياتِ سِنْدانه

لوْ لم تكنْ منهُ آياتٌ لأخبرَ عنْ

ما حلَّ إسرارهُ ما حلَّ إعلانه

ضِياءٌ وجهٍ يُرى ضَوَء المُضيءٍ دُجىً

ودُرُّ لفظٍ يُرى حَصْباَء مَرْجانه

نَفْسٌ مُطهرةٌ من كلّ مَنقصةٍ

عن اهتمامٍ بغيرِ اللهِ مُصْطانه

نفْسٌ إذا اكتربت نفْسٌ بما اكتسبت

كانت بما كسبت في الله فرْحانه

نَفيٌ لفاقِرَةٍ هَدْىٌ لحائرَةٍ

شَمْسٌ لناظرةٍ لِلأَنف رَيْحانه

تكتَانُ حِرْصاً علينا أن نصيبَ خَناً

إذا النفوسُ على ما فاتَ مُكتانه

كم ضاربٍ طاعنٍ رامٍ أخي ثقةٍ

بالمشرَفيّ وبالخطيّ والقانه

تيسي جَعارِ وعيثِي إنها لَمُنىً

تُرى المُمنى ثِقَاةً أخون الخانه

ما راَء طلعتهُ ضِرغامُ مأسدةٍ

إلا استحلَ بنصرِ اللهِ قمنانه

سائلْ رُكانةَ إذ لاقى النبيَّ على

وحْدَيهما أينَ منهُ ظنَّ أركانه

ص: 201

وسلْ تميما وسلْ قَيْساً ومن مكثوا

بمكةٍ وأناساً بالجِعرّانه

وسلْ رَبيعةَ أو سَلْ اختها مُضراً

لُقْيان منْ وَجدَ اللاقُوُهُ لُقيانه

لُقيانُ مَنْ إنْ رأتهُ في مَوَاطِنِها

أسْدُ المواطنِ حاصَتْ حَيْصةَ العانهْ

سَلِ المقوْقِسَ إذ أهدى إليه وسَلْ

دارَا وسلْ كلّ إقليمٍ ودِهُقانهْ

وسَلْ هِرَقْلَ وسلْ كِسرى ونُعْمَانه

والمُوبَذَانَ لأيٍّ أمّ كهانهْ

إنَّ المُقوْقِسَ إذ أهْدى إليه لذو

حَزْمٍ رأى إنه إن لم يَدِنْ دانه

كسرٌ لِكسرى أنُوشَرْوَانَ رُؤيتُهُ

شَرْواهُ ليسَ بذي إيواءِ إيوانه

لمّا رأى الشُّرُفاتِ السَّاقطاتِ رأى

حُدوثَ أمرٍ رأى ما راَء حِدثانه

ص: 202

وقد رأى المُوبَذَانُ الخيلَ قد وسَطت

فرْسانُها وسَطتْ في الفرْسِ بُلدانه

للهِ عِلم أخي ذئبٍ غَداةَ غدا

عَبدُ المسِيحِ له بَحْتَثّ بُعرانه

فهْوَ اسْتَحقّ إن العِلمُ استحق به

حِلْوانَهُ كاهنٌ بالعلم حِلوانه

إذ أخبر القْومَ من أمرِ النبيّ بما

يَدْرِيهِ من كان يدرِي الحق دَرْيانه

بأنّ مَوْلاهُ موليهُ خصائصَ لا

تولى فسبحان مولاهُ ورَيْحانه

روى السيوطي في كبرى الخصائص عن

طه عن الروح عن ذي العرش

سبحانه

لا يعرف اللهَ إلا اللهُ جَلَّ كما

لا يعرفُ المصطفى إلاء عرفانَهْ

فمبلغ العلم فيه إنه بشرٌ

ما كان خلق على ما كان ما كانَهْ

وإذ ذكرت رسول الله ممتدحاً

فاذكر بخير ذوى الخيرات صحبانه

أولى الفضائل والتُّقى أُسُود وغى

عند اللطام ترى خرفاناً أسدانه

البائعين نفيسات النفوس لمن

لم يخش من باع منه النفسَ خسرانه

والواصلين لذي الإِسلام وأصلهم

والهاجر بن لذي الكفران هجرانه

لمّا دَجى جُندُ هِندٍ كالدُّجَنّ جَلا

أبو دُجانَةَ بالهِنْدِيّ أدْجانه

قومٌ تَرى ما لذاتِ الله همهمُ

وهمُّ غيرهم مالٌ وقنيانه

ص: 203

همُ النجومُ التي ما ضرّ طالعها

أن لم يكن برْجه ثوراً وسرطانه

من كلّ أرْوَعَ ذي نفس لمقتلها

في الله تحت ظلال البيض حنّانه

يهز ذا شُطَبٍ ليست مضاربُهُ

خوَّانةً وقناةً غيرَ خَمَّانه

برٌّ منيته في الله منيته

يرى سلامة حزب الله موتانه

لا عيبَ في القوم إلا أن برهم

ينسى الغريبَ أهاليه وأوطانهْ

أيديهم أخوات الوابلين لها

خونٌ له يحقر التيميُّ إخوانه

أحلهم موطنَ العلياءِ دينهُمُ

محلّهمْ منْ رياض القدسِ مِيطانهْ

كفاهمُ مجدا إن اللهَ ألزمهم

سبحانه كِلْمةَ التّقوى كما بانهْ

كانوا أحق بها منْ غيرْهمْ فهُمُ

كانوا بها عن عبادِ اللهِ خُصَّانهْ

فاللهُ فضَّلهمْ فضلاً وشرَّفهم

بجعلهم حشمَ الهادي وأعوانه

ومنهمُ جعلَ الرحمنُ يالهُمُ

أصهار أحمد أحماه وأختانه

منهم أبو بكر الصدّيقُ صاحبه

فاديهِ بالنفْسِ والأموال مِعْوانه

من لم تكن طاعةُ الرحمن ديدنَهُ

فإنما كان تَقْوَى الله ديدانه

ومنهمُ عمرُ الفارُوقُ فارِقُ ما

بين الضلال وبين الحق فرْقانه

ص: 204

ومنهم الشيخ ذو النورين فاشدُبه

مِلَء الفَما واتّخِذُ للشدوِ ألحانه

واذكرْ علياً ولا تغفل أبا حسنٍ

ساقي كؤوسِ زؤامِ الموتِ أقرانه

ليثٌ تكونُ ليوث الأسدِ طُعْمتَهُ

بحرٌ تكونُ بحور العلم نينانه

منْ كان من جسمه يبغي استراحتَهُ

أتاه مستصحباً في الجيش جسمانه

من ذا الذي يُشحنُ العضبَ المهندَ مِن

غِمْدٍ ويُشحنه في الهام إشحانه

وجدان طالبه إياه في رهج

فِقْدانُهُ الرأسَ والأطرافَ والمانه

لا يَستحي وجهَ ليثٍ في مبارزةٍ

لكنهُ يستحي إن خَرَّ خورانه

باهى به اللهُ جِبْرِيلاً وأرْسَلهُ

ليلاً لِيكلأهُ حِفْظاً ويَصطانهْ

واذكرْ بني هاشمٍ عُمْرِ المَكارِم آ

فاتِ المَلاطِمِ أُسْدِ اللهِ بيزانهْ

التَّرِكي جُثَثَ القَتْلى وإنْ جَسُمَتْ

لا ذاتَ عُمْقٍ ولا طولا ولا وانهْ

يا مَنْ أرى المَدْحَ إلا مَدْحَهُ هَوساً

يَحِقُّ وَسْواسُهُ للِمرْءِ بُهتانهْ

أُثْنى عليكَ على ما كان مِنّيَ كيْ

ما يَمْأَنَ المرْءُ في خيرِ امرئ مانه

أحسنتُ شِعْراً ولا أنفكُّ شاعرَهُ

لو كنْتُ أحسن زَفناً كنْتُ زَفّانه

ص: 205

أرْجو بمدْحِ شفيعِ العالَمينَ غداً

عَفْوَ الإِلهِ وَرُحْماهُ وَغُفرانهْ

وأنْ يُثَبّتَ إيماني وَيجعلهُ

إيمانَ منْ لا يُضيعُ اللهُ إيمانهْ

وأنْ أنالَ بهِ ما كان أصْغرُهُ

حُورَ النَّعيمَ وطُوباهُ وَولدانه

وأنْ أكونَ خَليطَ الفائزينَ إذا

ما المجرِمُ امتارَ عنهمْ ضائناً ضانه

ما قرَّبَ العبدُ للموْلى مدائحهُ

إلا تَقْبّلَ منهُ اللهُ قُرْبانه

يا خَيرَ منْ أمّهُ جانٍ يَضُمُّ إلى

جَناهُ من كِبرِ الآئامِ إدْمانه

هذا طريدُ جناياتٍ أنابَ إلى

رَبٍّ يراهُ رَحيمَ الكونش رَحمانه

أتاكَ يا خيرَ منْ يؤتى لتُؤتيهُ

مما يخافُ يأذنِ اللهِ إيمانهْ

أنْتَ المجيرُ الذي لا يُستباحُ له

جارٌ إذا ما أباحَ الجارُ جيرانهْ

حامى الحُمَيَّا إذا يَحْمى الوطيسُ بنا

عندَ اللقاءِ وخلاّ الخِلُّ خِلَاّنه

هذا وكم عَملٍ عِندي كلا عملٍ

قَصَّرْت فيهِ ولم أُتِقْنْهُ إتقانه

فاقبلهُ رَبيَ واسْتْبدِلْ بهِ عملاً

يُرْضيكَ ما ذامَهُ شَرْعٌ ولا ذانه

واسْتبدِلِ المُغدقاتِ المُثمراتِ لنا

من كلّ قُلَاّمةٍ منهُ وبركانه

وإنني إن عدى العادون عدوَهُمُ

علىَّ وارْتكبَ الطاغوتُ طُغْيانه

لمستجيرٌ برَبّ المصطفى وبه

منهمْ ومنْ كلّ شيطانٍ وشيطانهْ

ص: 206

وكلِّ من كثّرَ الموْلى بأنْعُمهِ

على ذوى أنعم الرحمانِ أضْغانه

فاللهُ يرْحَمُ بانيها ووالدَهُ

وأُمّهُ ومُحبيهِ وَوُلدانه

واللهُ يحفظ قاريها وحافِظها

وأُمَّهُ ومُجلّيهِ وإخوانهْ

وكلَّ مَنْ كان من أهلِ الوجودِ يَرى

دِيوانَ سُنَّةِ خيْرِ الخلقِ دِيوانه

ثمّ الصلاةُ عليهِ والسَّلامُ معاً

حتى تُرى تاركات الجسْم أكوانه

قال أيضا يمدحه صلى الله عليه وسلم:

صلاة ربي وتسليمٌ على قمرٍ

بَدْرٍ جَلا ظُلُماتِ الفِتْنةِ الدُعُجا

خَرَجْتُ ضَيفاً إلى رَبي ومنْ خرجا

ضيفاً إلى رَبهِ لا يَلتقي حَرَجا

خرَجْتُ ضيفاً إلى من لا شريك له

يا رَبِّ وجَهْ إلى الخيراتِ من خرجا

قرايَ عافيةٌ مما أُحاذِرُ مَعْ

قضاءٍ حاجي وأنْ تُعلى لي الدّرَجا

أرجوكَ يا خيرَ من يُرجى ولسْتُ أرى

راجيك يا خيرَ من يُرجى يخيبُ رَجا

لأنْتَ أكرمُ أنْ تَرْمى بمتلفَةٍ

أخا رَجاك فيرميهِ رَجا لرجا

ما ضاق كلاّك ما ضاقت مذاهب من

مهمى تضايق أمرٌ يَنْتظرْ فرَجا

ما سُدّ بابُ كرِيمٍ دُونَ قارِعهِ

فاقْرَعْ تجِدْ بابَ مُولى الأنْعمِ انفرجا

وأدْمِنِ القَرْعَ ما تبقى له فَحَرٍ

لِمُدْمِنِ القَرْعِ للأبوابِ أنْ يَلجِا

وسِرْ إلى اللهِ مَعْ ما فيك من عَرَج

كم بَلّغ الصّدْقُ مَنْ لم يعْدَمِ العَرَجا

وكم وكائنْ تَنى التّعْنيج نحو هُدًى

عَنِ الضَّلالةِ عَوْداً عُوِّدَ العَنجا

وارْغَبْ إلى ربك الأعلى ليجعلنا

مِمّنْ على النَّهْجِ نهْجِ المصطفى دَرجا

نهج الذي أنْزَلَ الله الكتابَ هدى

لنا عليهِ ولم يجعلْ له عوجا

ص: 207

نَهْجِ السّراجِ المُنير المستضاءِ به

طه أبي السُّرُج المُستعْملِ السُّرُجا

مِنهُ استفادَ النبيُّونَ النبوَّةَ إذ

مما له ما لهمْ منها قد اختُلِجا

له طرِبْتُ وما شوْفا تَطرَّبني

حوْلَ اللوى طَللٌ أبْصرْتُهُ فشجا

ولا تَضَرَّمَ في القلْبِ الغرامُ ولا

فاض الجمانُ لِطيرٍ مُثّلَثْ سَبَجا

ولا لِظُعْنٍ تولّتْ بغتةً لنوَى

مَشمولةٍ طالَ ليلى بعدَها ودَجا

ولا لنأى حبيبٍ منْ أحِبتنا

مِن آلِ ليلى نأتْ سلمى بهِ أو اجا

أبي فؤاديَ إلا حُبَّ مَلْجئنا

مَلْجا البريةِ مَنْجا مَنْ إليهِ لجا

أبي فلا شنباً يَهوي ولا بلجا

يَهوى ولا برَجاً يهوى ولا دَعجا

أبي فليسَ براءٍ منظراً بَهجا

من غَيْرِ مَنْظرِ طه منظراً بَهُجا

بل كلُّ ما كان منهُ أو بهِ بَهجا

وغيرُ ما كان منه أو به سَمُجا

ضياءُ وجهٍ يريك الشمسَ حالكةً

ودُرُّ لفظٍ يُرِيكَ اللؤلؤ السبجا

لي لهجةٌ بامتداحِ المصطفى لهجتْ

ولي فؤادٌ بحبّ المصطفى لهجا

ألا طرِبْتُ ألا إني طرِبْتُ إلى

مَن حُبُّهُ معَ لحمي والدَّم امتزجا

نورٌ بهِ عنْ تَهَجٍّ صَحْبُهُ غَنيتْ

وغير أصحابهِ منَّا وحا وهجا

محمدٌ خيرُ مُسْتنْبٍ أقامَ على

ما يدَّعيهِ من اسْتنبائهِ الحُججا

خيرُ النبيئين أذكى العالمين حجاً

أعلاهمُ دَرَجاً أذكاهُم أرَجا

سبحان رب بجثمان النبيّ سَرى

مِنْ حيثُ لم يدْلج السّاري ولا ادّلجا

مَنْ للنّبيين مَنْ للرُّسْلِ أين لهم

مِنْ قابِ قَوْسينِ معراجٌ كما عرجا

أراهُ صلى عليهِ الله شمسَ هدًى

والأنبياء حواليْهِ بُدُورُ دُجا

ص: 208

والأنبياءُ جميعاً في اسمهِ اندرجوا

عدًّا كما آيهُمْ في آيهِ اندرَجا

قد انقضت بانقضاءِ الرسلِ حجتهم

وللهُدى حُجَجٌ ما تَنقضي الحِججا

أليسَ للعبدِ أنْ يُسمى اسم سيدِهِ

يُسمى اسمهُ دَرَجٌ قد فاق منْ دَرجا

دعْ ما به كفرتْ قَوْمٌ المسيح وعن

مَحامدِ المصطفى حَدّثْ ولا حرَجا

به مكارِمُ أخلاق الرجالِ غدتْ

مُكملاتٍ وكانت قبلهُ خُدُجا

هو الشفيعُ إذا ما لم يكن شُفَعا

يشْفعْ فكان لمسلوبٍ نجاه نجا

هو المَلاذ إذا ما الخطبُ طمَّ ومن

يَلُذْ بأحمدَ حِين الخطبُ طمَّ نجا

هاجت أعاديه إذ لاقتهُ نار لظى

حربٍ يزيد على إطفائها وهجا

يلقى الوغى بكماةٍ كالجبالِ لها

ضربٌ يصيرُ لظىً منْ حرّهِ ثَلَجا

كأنما الموتُ في أفواههمْ عَسِلٌ

من رِيقِ مكتفلاتٍ بالثرى مشجا

من كلّ أروع يلقى الصبح منبلجاً

فظلَّ يُحِشمُ وجهَ الصُّبْحِ مُنبلِجا

همُ الأسودُ فإن لاقتهُمُ أُسدٌ

لاقت بهمْ أُسداً لاقوا بها الهمجا

هذا ما تيسر منها الآن، وبقي ثلثها تقريبا.

وله من قصيدة يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم:

صلىَّ وسلم ذو العرشِ المجيدُ على

خيرِ البرِيةِ عندَ اللهِ جَمْعاءِ

ليس الوقوف على نأى الأحباءِ

على المنازِلِ يشفي الدّائمَ الدَّاءِ

قبحاً لِغيّكَ تستشفى لدائكِ منْ

مطموسةٍ غيرِ سُفْعٍ حَوْل آناءِ

نعم تَصَابَيْتَ من فَرْطِ الغرامِ إلى

مَغْنىً به كنت تَصبو للأحباءِ

فما غداةَ لِوى سَلْع بأوّلِ ما

ألوي بصبْرِكَ أطْلالٌ بألواءِ

ص: 209

ولا عشيةَ وادي الخيفِ أوّلُ ما

أودى بحلمك داراتٌ بأوْداء

قد طالَ ما نحتَ واستعبرتَ في دِمن

قفرِ المعاهدِ منْ هندٍ وأسماء

عَلَّ المعاهِدَ تحييني وكيف لها

وقد عَفَتْ بعدَ أحياءِ بأحياءِ

أضَعْتُ حزمي بانسائي الإيابَ وما

أضاعَ حزمَ أخي حَزْمٍ كإِنْساءِ

إلى مَتى أنتَ في غَيّ الصّبا ثملاً

منه بخُرْطُومِ خمرٍ غَيْرِ صَهْباء

فالآن آن لك التخليصُ منه إلى

نَهْجِ الأغرّ الأبرّ الرَّائق الرَّاء

مَوْلى الشفاعةِ محمودُ المقام إذا

حُقَّ الفرارُ منَ الآباء والأبناء

غوث البَراساءِ إن عَضَّ الزمانُ وإنْ

قَلّتْ لغوثته غوث البَراساء

ليْثُ البَراكاء إنْ عَظّ الهِياج وإن

قَلّتْ لصوْلتهِ ليثُ البراكاء

ومنها بيته المتقدم، الذي خطأه فيه ابن بون وهو:

حسبي إذا كنتُ أستجدي أخا كرم

بالحاتمي الهاشمي من حاتم الطائي

ومنها قوله:

غداةَ إذ جاَءتِ الكفارُ تعثرُ في

أذيالِ أُبّهَةِ الشُّوسِ الأشدَّاءِ

بَاؤا خزايَا بأنَّ اللهَ عَوَّضَهمْ

بالعزّ ذُلاً على عِزٍّ وبأوَاه

من حرّ ضرْبٍ لو انّ الماَء كافحهُ

أعيا من اللوبِ دأماً كلّ دأماء

ص: 210

فأضحى الأعياصُ من بعد اعتياصِهمُ

لانتْ لأحمدَ منهمْ كلُّ عَوْصاء

وأصبحت من أعاديهِ الليوثُ عنَتْ

منه لليثٍ على الأعداء عَدّاء

ومنها:

وكان مولاهُ أخفاهُ ليُظهرَهُ

أيعهدُ الناسُ إظهاراً بإخفاء

ما حنّ صادٍ كما حَنَّ الجذوعُ إلى

نُونٍ إلى نطفةٍ في الوقطِ زَرْقاء

أفدى ذِراعا بسم الشاةِ أخبرَهُ

بألسُنِ الإبلِ والبيقُورِ والشاء

ومنها:

وقد رأى العَمُّ مِنكَ الخالَ صدَّقهُ

جَدٌّ بجِدّ يَشُبُّ النارَ بالماء

وقال أيضا:

أمُّوا الديارَ بجانبِ انكَكُّ

وقفوا بهنَّ وسَلّمُوا وابكوا

وبها أذيلوا منْ مَدامعكم

ما كان صان الحِلُم والنسْكُ

فجمالُ أهل الحبّ أن يَقفوا

حَسْبَ الغرامِ بها وأنْ يبكوا

والدَّمْعُ يجري غَيْرَ مَزْج دَمٍ

بين المنازِلِ جَوْلُهُ إفْكُ

إنَّ المنازِلَ حَقّهنَّ إذا

غُشِيتْ ديارُ التَّائمِ السَّفْكُ

ص: 211

يا دارَ فاطمةٍ عِمي وعِمي

وعميِ وقلَّ عِمي لأنكَكُّ

فَلعيشةٌ برُباهُ راضيةٌ

ومَعيشةٌ في غيرِها ضنكُ

طافتْ بضيفِ الفلكِ فاطمةٌ

ما كنتَ تدرى ويْكَ ما الفُلكُ

زارتكَ في فُلْكٍ عَلَى فَلَكِ

مما تَناذَرَ هوْلهُ البُرْكُ

يا رُبَّ مأسدة يَهالُ لها

آسادُها آراضُها نَبكُ

باتتْ تَعسَّفُ تِيهها وهنا

يَرْمى بها في أمْتِهَا الدَّكُّ

بتنا هنالكَ وهْيَ طَوْعُ يَدي

ولقدْ نبيتُ وطوْعُها الفَرْكُ

أنَّي وصلْتِ لنا وكنتِ إذا

رُمْتِ التَّحرُّك منَّكِ الحَرْكُ

يا حاجةٌ قدْ طالما انبعثَتْ

في نفْسِ يعقوبٍ متى الدَّركُ

يا جنةً تَركَ الصبابةُ في قلْ

بي جَهنمَ شوْقِها تدكُ

ما حقّ مشتاقٍ دِيانتُهُ

تركانُ تركك يا لهُ التركُ

قالوا ما تَنفَكُّ رَهْنَ هَوًى

ما يُستطاعُ لرهنهِ فكُّ

والشيْبُ مشتَعِلٌ فقلتُ لهمْ

بَلْهَ المَلامةَ لستُ أنفَك

لأرى مَلامَكُم لنا عَبثاً

وأرى المسامعَ منهُ تَستكُّ

مالي وللأقوام أحْفظها

وتَبْكُّني ما أمكنَ البكُّ

بَرْكو لتعثيري أخيَّ ولا

ألفى لِتَعثيرٍ لَهُمْ أرْكُ

فنكايةُ الأعداءِ مكرُمَةٌ

أمَّ الصَّديقَ فَلُؤْمَا أنْ تَنكو

ص: 212

ما كلُّ مَنْ يُبْدِي الإِخاَء أخاً

ولوْ أنَّ كلَّ مُدَوَّر كعْكُ

وسافر مولود رحمه الله إلى أرض السودان، فعرض له بحر، يقال له: ماو. وكان لا يعرف السباحة. فأخذوا أعوادا من شجر يسمونه (الفرنان)، وهو موجود بتهامة بكثرة. ومن خاصة ذلك الشجر، إنه لا يغوص في البحر، فجروه بها فقال:

قَدَرٌ ما قدَرٌ أيُّ قدَرْ

ما أرَ عَيْنيَّ عَيْنيْ صَنْبَصرْ

عجبَ النَّاسُ لرأبِيهِ ولم

يَنِ يجري بالتَّعاجيبِ القدرْ

إنَّ في عَبْري على مَعْبَرِهِ

بحرَ ماوٍ عبْرَةً للمُعْتَبرْ

نَرْكبُ البحرَ غرُوراً لا على

ذاتِ ألواحٍ ولا ذاتِ دُسُرْ

ولقدْ تعلمُ صحبي أنّني

غيْرُ مَغروُرٍ إذا ما الغِرُّ غُرْ

ولقدْ تعلُم صحبي أنّ لي

نفْسَ حُرٍّ حين لا منْ نفْسِ حُرْ

ولقدْ تعْلمُ صحبي أنَّني

بلْوُ أسفارٍ إذا طال السَّفرْ

لسْتُ بالهِلْباجةِ الرَّامك لا

يُصدِرُ الهمَّ إذا الهمُّ حَضرْ

يا لياليَّ بماوٍ طالما

طُلْتِ طُولاً صَيَر الطولَ قِصَرْ

لا أعاد اللهُ لي أمثالَها

منْ ليالٍ ليس تَجلوها نَهرْ

فإلى ابنَ مَفرّي لأفِرْ

يا ابنَ أمّي يا ابنَ عمّي لا مَفرْ

هذهِ هَذِي وأني داخِلا

بعدَها ماوًا بملكي لَسَعرْ

ص: 213