الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحرف، والفرق بين المجهور والشديد. أن المجهور يقوى الاعتماد فيه، والشديد يقوى لزومه في موضعه. فعرفت أن منع الجرى في الجيم ولزومه لموضعه، يمنعان دخول الجيم المغربية تحت هذين المعنيين، لأنها متفشية قطعا، وذلك النوع فرع من غير نكير، فلا يجعله التعود أصلا يعتمد عليه.
وهذه النصوص المتقدمة، لا تقبل التأويل، وقد رأينا قراء مصر - وهم من أكثر بلاد الإسلام قراء - لا ينطقون بالجيم المغربية، وإن كان بعضهم يجعلها كافاً معقودة، إلا أن هذه أقرب إلى الجيم الشديدة من المغربية، فإنها تقارب الشين، والكاف أقرب إلى الجيم الشديدة من الشين. أما أهل الحجاز واليمن ونجد والعراق، فكلهم ينطقون بالشديدة. وأما أهل الشام: فواسطة بين النوعين، وهم ينطقون به دون المغربية بكثير، وهي بعيدة من الحجازية والحاصل أن الجيم فصحى، وهي الشديدة. وفرعية، وهي المغربية، وأكثر القراء في جميع الأرض على الفصحى، إلا المغرب، وأهل القبلة من صحراء شنقيط. وقد عدّ سيبويه الجيم التي كالشين، من الحروف غير المستحسنة، التي لا تكثر في لغة من يرتضي عربيته. وقال: إنها لا تستحسن في قراءة القرآن، ولا في الشعر. ثم قال: وهي الكاف التي بين الجيم والكاف، والجيم التي كالكاف، والجيم التي كالشين. وهذا نص صريح لا يقبل التأويل. فإن الجيم المذكورة يجري فيها الصوت، كما يجري في الشين.
الكلام على الضاد
كل أهل شنقيط، ينطق بالضاد الموجودة في مصر وغيرها، سوى العلامة اللقن الفهم، محمد فال بن باب حفظه الله، فإنه ينطق بها قريبة من الظاء المألوفة،
وكان أحدث القراءة بهذه الضاد، بعد أن رجع من الحج في آخر أيام السلطان مولاي الحسن رحمه الله. وقد أنكر عليه بعض أهل شنقيط ذلك. وقدمت
من القسطنطينية سنة 1319، فاجتمعت ببعض أفاضل الشام. فذكروا أن الفقيه الصالح عبد الحكيم الأفغاني رحمه الله. ذكر أن الضاد التي ينطق بها الدمشقيون وغيرهم غير صحيحة. منكرين ذلك عليه. فقلت لهم: هذا الذي قال: قال به أحد علمائنا، أعني محمد فال المتقدم. وهو ظاهر ما في الكتب. فقالوا لي: اكتم هذا. وإلا نفيت أنت وهو، من دمشق. وذكروا أن العلماء سلطوا عليه الوالي، فنهاه عن القول بذلك. فطلب منه المحاكمة إلى ما في الكتب بينه وبين العلماء، فما قبل.
والحاصل أن هذه الضاد المألوفة عندي، وعند غيري غير صحيحة. لأنها تباين التي وصفها سيبويه ولفظه. ومن بين أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس، مخرج الضاد. وفي التسهيل: وأوَّل حافة اللسان وما يليه من الأضراس للضاد. وقال السيوطي في جمع الجوامع: وأوَّل حافتيه وما يليهما من الأضراس للضاد، وهي من الأيسر أقيس. قيل تختص به، وقيل: بالأيمن. ولا ينطق بها وبالحاء، غير العرب.
وقال في الشرح نقلا عن أبي حيان: والضاد أصعب الحروف في النطق. وهي من الحروف التي انفردت العرب بكثرة استعمالها، وهي قليلة في لغة بعض العجم، ومفقودة في لغة الكثير منهم. قال: والضاد لا يخرج من موضعها غيرها من الحروف عندهم، وذهب الخليل، إلى أن الضاد شجرية، من مخرج الجيم والشين. فعلى هذا يشركها غيرها فيه، ومعنى شجرية: خارجة من شجر الحنك، وهو ما يقابل طرف اللسان. وقال الخليل: الشجر، مفرج الفم أي منفتحه. وقال غيره: هو مجتمع اللحيين عند العنفقة، وعلى رأى الأولين. قال أبو حيان: خروج الضاد من الجانب الأيسر عند الأكثر، والأيمن عند الأقل. ويحكى عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، إنه كان يخرجها من الجانبين معا. وقال الصيمري: بعض الناس يخرجها من اليسرى، وبعض الناس يسهل عليه إخراجها من