الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتبوح لي بسرائر مكتومةٍ
…
حتى عنِ الأسطار والأوراق
وقلما مات أحد ممن يشار إليه من قبيلته إلا رثاه. ووقعت بينه وبين إديبج مشاعرة كثيرة، وكذلك إجدود بن أكتوشن العلوي، وحرمة الله بن عبد الجليل كما تقدم. وتوفي رحمه الله تعالى، بسبب سقطة سقطها من فوق، جمل ثم تطاول مرضه بعدها سنة. وكان ذلك قبل الثمانين من القرن الثالث عشر. وكان أعجوبة في تعبير الرؤيا. أخبره شخص بأنه رأى إنه يؤذن، فقال: ستحج، وكان الأمر كذلك. وأخبره آخر بأنه رأى مثله، فقال له: ستثبت عليك سرقة وكان الأمر كذلك أيضا. وكانت بين طائفتين مناوأة، فقدم عليه شخص، فأخبره أن بني فلان أرادوا قتل فلان وفلان، فقتلوا رجلا اسمه بيبات، فكتب اسمه على الأرض وقال: تاء التأنيث زائدة، سيموت خمسة عشر فيهم، امرأتان وأجنبي، فقال له المخبر: أن هذا ليس برؤيا، فقال له: أعهدتني لا أفسر غير الرؤيا، والله ليقعن هذا، وكان الأمر كما قال. وهذا يصدق من كان يقول: إنه يستتر بتعبير الرؤيا من الكشف.
ومن عجيب استحضاره، إنه في وقعة لمليح، بين إدوعل وإذا بلحن، سعت بينهم
وفود الزوايا في الصلح، فتراضوا بحكم الشرع، وحكموا بحكم الشرع، وحكموا عالما ديمانيا فاستظهر أن يقتل أربعه من إدوعل، بأربعة من إدابلحسن قتلوا في تلك المعركة. فقال صاحب الترجمة: أن مثل هذا لا قصاص فيه. فقال القاضي: أن هذا لا يوجد في كتاب، فقال هو لم يخل منه كتاب. فقال القاضي: هذا القاموس، يعني إنه يدخل في عموم كتاب، فتناول صاحب الترجمة القاموس، وأول ما وقع نظره عليه والهيشة الفتنة وأم حبين، وليس في الهيشات قود، أي في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار، في ذلك الموقف الحرج.
سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم
بن الإمام محنض أحمد العلوي يجتمع مع الذين تقدموا عليه في يحيى، علامة تحرير، طار ذكره وانتشر، واشتهر
علمه في الآفاق وأبذعر، ما عاصره مثله علما وفهما مكث أربعين سنة يرتاد لطلب العلم لم يشبع منه يأخذ عن من وجد عنده زيادة، حتى انتهى إلى الغاية القصوى، جمع أول ما في الصحراء، ثم أقام بفاس مدة كثيرة للنظر والتحرير وتلقى على البناني محشى عبد الباقي، وتلقى البناني عنه ايضا، فحج ولقي من يشار إليه من علماء مصر، وذاكرهم أيضا وأفادهم واستفاد منهم، وبلغ خبره أمير مصر، ولعله محمد علي باشا فأكرمه. ومن جملة ما أتحفه به، فرس من عتاق خيل مصر المعروفات بالكحيلات، فسئل عنها فقال: جعلتها حطابا (اسم كتاب في فقه المالكية). ولما اشتهر ذكره بفاس، أرسل إليه السلطان سيدي محمد بن عبد الله، فامتنع من الذهاب إليه، فأمر المخازنية بحمله اليه، على الهيئة التي يجدونه بها، فوجدوه على فراشه يطالع، فأدخلوه عليه على تلك الهيئة. وكان السلطان عالما ويجل العلماء، فلماذا كره أعجب به، وصار لا يصبر عن مذاكرته، فسأله بعد تسع سنين عن نسبه، فأخبره
بأنه علوي وبيّن له، فقال: سبحان الله أنت معنا منذ تسع سنين لم تذكر لنا نسبك يوما واحدا، وفلان أتعبنا بنسبه، يعني لمجيدرى اليعقوبي. وكان جعفريا، وفي أول جزء من كتابه نشر البنود على مراقي السعود، المطبوع بفاس ما نصه:
قال العلامة الأديب، سيدي محمد الطالب بن الحاج رحمه الله تعالى، في الأزهار الطيبة النشر، بعد أن ذكر أن الحافظ السيوطي، نظم جمع الجوامع في رجز سماه الكوكب الساطع ما نصه:
وكذلك نظمه بعض علماء المتأخرين من علماء شنقيط، وهو الفقيه سيدي عبد الله بن إبراهيم بن الإمام العلوي، المتوفى في حدود الثلاثين ومائتين وألف، في رجز يماه: مراقي السعود. ثم ذكر أبياتا لوالده أبي الفيض سيدي حمدون بن الحاج في مدحه فلتنظر فيه.
وقال فيه الإمام العلامة الدراكة الفهامة مالكي زمانه، أبو عبد الله سيدي
محمد بن مايابي الشنجيطي الجكني الملقب بالخضر، أبقاه الله ورعاه، وأدام الانتفاع بعلمه وهداه: هو سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم ذي العلم العميم والذوق السليم العلوي، نسبه إلى سيدنا عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، من غير مولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها، من قبيلة من الشناقطة، يقال لها إدوعل، كثيرة بحور، العلم تفقه في بلده بالمختار بن بون الجكني، فريد دهره وعالم عصره، باديه ومصره، وارتحل إلى الحرمين وقضى نسكه، ورجع وصحب البناني بفاس المحروسة الحمى، بحول رب السما، سنين عديدة، أعطته العلوم بأزمتها فصار من علماء أئمتها، حاو جميع الفنون كثير الشروح والمتون، ألف هذا النظم المسمى بمراقي السعود، وشرحه نشر البنود، على أصول الإمام مالك رضي الله عنه، لم يأت الزمان بمثله، ولا جاد فيما مضى بشكله، وألف في علم البيان نظمه نور الأقاح، وشرحه فياض الفتاح، جمع من الفنون الثلاثة الدر الثمين، ألغى الغث
وأخذ السمين، ونظمه طلعة الأنوار في مصطلح الحديث، وشرحه كذلك، إلى غير هذا من التآليف العديدة، التي لم يبق للطالب بعدها فائدة مفيدة مآقره لا ترام بالحصر، لما نشر الله به في ذلك القطر اهـ.
قوله: إنه أخذ عن العلامة المختار بن بون، لم نسمعه من غيره؛ ولعله سمعه ممن تحقق ذلك، ولا يعارضه أن المختار المذكور، كان يقرأ بالجيم المتفشية، مع إنه نص على إنها شديدة في احمراره وطرته، فلما قدم تكانت، صار يقرأ بالشديدة، فسئل عن ذلك، فقال: لا يمكن مخالفة ابن الحاج إبراهيم ما دمنا بتكانت، فربما كان الرجل يأخذ من آخر، ثم يجوزه في المرتبة، فيضطر الأخير للأخذ عنه، ثم إنه ترك من كتبه المشهورة، نوازله في الفقه، ولنذكر بعض ما ترك من أخباره، فنقول: كان رحمه الله أوحد زمانه في جميع العلوم، ولم يبلغ