المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الثالث والخمسون رد التابع كلام متبوعه ومقابلته ومخالفته] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٤

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ رَدُّ التَّابِعِ كَلَامَ مَتْبُوعِهِ وَمُقَابَلَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السُّؤَالُ عَنْ حِلِّ شَيْءٍ وَحُرْمَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَمَالِكِهِ تَوَرُّعًا]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ تَنَاجِي الْمُكَالَمَةِ بِالسِّرِّ اثْنَيْنِ عِنْدَ ثَالِثٍ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى مَنْ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الدَّلَالَةُ بِاللِّسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ يُرِيدُ الْمَعْصِيَةَ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ آفَاتِ اللِّسَانِ الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ] [

- ‌الْأَوَّلُ الْمِزَاحُ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ السِّتَّةِ الْمَدْحُ]

- ‌[الثَّالِثُ الشِّعْرُ]

- ‌[الرَّابِعُ السَّجْعُ]

- ‌[الْخَامِسُ الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي]

- ‌[السَّادِسُ آخِرُ الْمَبَاحِثِ فُضُولُ الْكَلَامِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعَادَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا النِّظَامُ لِلْعَالِمِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ الْغَيْرِ الْمُنْقَطِعَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ الْإِبَاحَةُ مِنْ الْعِبَادَاتِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ اللِّسَانِ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ كَتَرْكِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تَرْكُ التَّشَهُّدِ مِنْ آفَاتِ]

- ‌[تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌[تَرْكِ النُّصْحِ]

- ‌[تَرْكِ التَّعْلِيمِ]

- ‌[تَرْكِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْقَاضِي بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى]

- ‌[تَرْكِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ مُبَادَرَةُ الْعَاطِسِ بِالْحَمْدِ]

- ‌[تَرْكُ الِاسْتِئْذَانِ فِي دُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ]

- ‌[تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[تَرْكُ إنْقَاذِ تَخْلِيصِ الْمَظْلُومِ]

- ‌[تَرْكُ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ سُبْحَانَ أَوْ تَبَارَكَ اللَّهُ]

- ‌[تَرْكُ السُّؤَالِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّالِثُ فِي آفَاتِ الْأُذُنِ اسْتِمَاعُ كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[إجَابَةِ دَعْوَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ بِلَا اضْطِرَارٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ بِالِاخْتِيَارِ]

- ‌[رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْجِنَازَةِ وَالزَّحْفِ وَالتَّذْكِيرِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ مِمَّنْ يَقْرَأُ بِلَحْنٍ وَخَطَإٍ بِلَا تَجْوِيدٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ حَدِيثِ قَوْمٍ يَكْرَهُونَهُ]

- ‌[مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الرَّابِعُ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْخَامِسُ فِي آفَاتِ الْيَدِ]

- ‌[إحْرَاقُ كُلِّ حَيٍّ بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ الْحَارِّ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ تَصْوِيرُ صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ إهْلَاكُ الْمَالِ أَوْ نَقْصُهُ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ الْبَطْنِ]

- ‌[الْقَهْوَةُ حُكْمُ شُرْبِهَا]

- ‌[بَعْضَ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الشِّبَعِ وَكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالتَّنَعُّمِ]

- ‌[الْأَكْلُ عَلَى السُّفْرَةِ]

- ‌[آدَابُ الْأَكْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّابِعُ فِي آفَاتِ الْفَرْجِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّامِنُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الرِّجْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ التَّاسِعُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الْبَدَنِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِعُضْوٍ]

- ‌[الْآفَاتِ الْغَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌[قَطْعُ الرَّحِمِ]

- ‌[تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مُجَالَسَةُ جَلِيسِ السُّوءِ]

- ‌[فَتْحُ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ وَعَدَمُ دَفْعِهِ]

- ‌[الْقُعُودُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ]

- ‌[الِانْحِنَاءُ فِي السَّلَامِ]

- ‌[حُكْم الْوَشْمُ]

- ‌[تَرْكُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ]

- ‌[تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا]

- ‌[تَرْكُ الزَّكَاةِ]

- ‌[تَرْكُ الْحَجِّ الْفَرْضِ]

- ‌[الْعِينَةُ]

- ‌[نِسْيَانُ الْقُرْآنِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ]

- ‌[الرِّبَا]

- ‌[الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[إيقَادُ الشُّمُوعِ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[إمْسَاكُ الْمَعَازِفِ]

- ‌[رُكُوبُ الْبَحْرِ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْغَرَقِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[قِيَامُ الْقَارِئِ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَعَالِمٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ خَاتِمَةُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ فِي أُمُورٍ يُظَنُّ أَنَّهَا مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الدِّقَّة فِي أَمَرَ الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل مِنْ الدِّقَّةُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة أَنَّهَا بِدْعَة لَمْ تصدر عَنْ النَّبِيّ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ صِنْفَانِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي مَا ورد عَنْ أَئِمَّتنَا الْحَنَفِيَّة فِي عَدَمِ الدِّقَّةِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْوَسْوَسَةِ وَآفَاتِهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي عِلَاجِ الْوَسْوَسَةِ]

- ‌[مَرَاتِب الْوَسْوَسَة]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّوَرُّع التَّكَلُّفِ فِي تَحْصِيلِ الْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أُمُورٍ مُبْتَدَعَةٍ بَاطِلَةٍ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الثالث والخمسون رد التابع كلام متبوعه ومقابلته ومخالفته]

[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ رَدُّ التَّابِعِ كَلَامَ مَتْبُوعِهِ وَمُقَابَلَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ]

(الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ)

(رَدُّ التَّابِعِ كَلَامَ مَتْبُوعِهِ وَمُقَابَلَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ وَعَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِطَاعَتُهُ فِي أَمْرٍ مَشْرُوعٍ) عُتُوًّا وَعِنَادًا (كَالرَّعِيَّةِ لِلْأَمِيرِ) قَالَ صلى الله عليه وسلم «اسْمَعُوا كَلَامَ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ مِنْ وُلَاةِ أُمُورِكُمْ وَأَطِيعُوا أَمْرَهُمْ» وُجُوبًا فِيمَا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الشَّرْعِ فَإِنْ قُلْت ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالطَّاعَةِ كَافٍ فَمَا فَائِدَةُ الْأَمْرِ بِالسَّمْعِ مَعَهُ قُلْت فَائِدَتُهُ وُجُوبُ اسْتِمَاعِ كَلَامِهِ لِيَتَمَكَّنَ بِالْإِصْغَاءِ إلَيْهِ مِنْ طَاعَةِ أَمْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالْإِنْصَاتِ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَنَهَى عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَى صَوْتِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِيُفْهَمَ كَلَامُهُ وَيُتَدَبَّرَ مَا فِي طَيِّهِ وَيُطَاعَ أَمْرُهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا «وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ» لِلْمَجْهُولِ «عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» أَيْ الْعَتِيقُ بِاعْتِبَارٍ وَمَا كَانَ مَفْتُونًا أَوْ مُبْتَدَعًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَبْوِيبُ الْبُخَارِيِّ «كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» أَيْ مُشَبِّهًا رَأْسَهُ بِالزَّبِيبَةِ فِي السَّوَادِ وَالْحَقَارَةِ وَقَبَاحَةِ الصُّورَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ تَوْلِيَةِ الْعَبْدِ الْإِمَامَةَ لَكِنْ لَوْ تَغَلَّبَ عَبْدٌ بِالشَّوْكَةِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ وَهَذَا حَثٌّ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ وَلَوْ جَائِرًا وَذَلِكَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَعِزِّ الْإِسْلَامِ وَقَمْعِ الْعَدُوِّ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ التَّسْوِيَةُ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ بَيْنَ مَا يَشُقُّ عَلَى النَّفْسِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ بِقَوْلِهِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ وَوُجُوبُ الِاسْتِمَاعِ لِكُلِّ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ كَالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَالْوَالِدِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَمَرَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ بِالْقِيَامِ بِبَعْضِ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ مِنْ زِرَاعَةٍ وَتِجَارَةٍ وَعَمَلٍ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ لِذَلِكَ وَيَنْتَقِلُ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ إلَى فَرْضِ الْعَيْنِ عَلَيْهِ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْفَيْضِ (وَالْقَاضِي) لِأَنَّ عِلْمَ الْقَضَاءِ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ قَدْرًا وَأَعَزِّهَا مَكَانًا وَأَشْرَفِهَا ذِكْرًا لِأَنَّهُ مَقَامٌ عَلِيٌّ وَمَنْصِبٌ نَبَوِيٌّ بِهِ الدِّمَاءُ تُعْصَمُ وَتُسْفَحُ وَالْأَبْضَاعُ تُحَرَّمُ وَتُنْكَحُ وَالْأَمْوَالُ يَثْبُتُ مِلْكُهَا وَيُسْلَبُ وَالْمُعَامَلَاتُ يُعْلَمُ مَا يَجُوزُ مِنْهَا وَيَحْرُمُ وَيُكْرَهُ وَيُنْدَبُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْقَضَاءِ لَيْسَ كَغَيْرِهِ

ص: 2

{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} [الأنبياء: 78] الْآيَةَ وَمِنْهُ بَعْثُ الرُّسُلِ وَبِالْقِيَامِ بِهِ قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَجَعَلَهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ النِّعَمِ الَّتِي يُبَاحُ الْحَسَدُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيَعْمَلُ بِهَا» وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَأَنْ أَقْضِيَ يَوْمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ سَنَةً فَلِذَلِكَ كَانَ الْعَدْلُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَعُلِيِّ دَرَجَاتِ الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42] فَأَيُّ شَيْءٍ أَشْرَفُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ امْتَنَعَ عَنْ الْقَضَاءِ فَقَالَ {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: 48] وَمَدَحَ الْمُذْعِنِينَ وَلِأَجْلِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَنْ يُدْعَى إلَى الْقَضَاءِ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ الْوَعِيدِ وَالتَّخْوِيفِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي قُضَاةِ السُّوءِ وَالْجَوْرِ وَالْكُلُّ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ

(وَالْوَلَدِ لِوَالِدَيْهِ) لِأَنَّ بِرَّهُمَا مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ كَمَا فِي الشِّرْعَةِ وَفِي شَرْحِهِ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ فِي الشِّرْعَةِ أَيْضًا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِهِمَا وَلَا يَجْهَرُ لَهُمَا بِالْكَلَامِ وَيُطِيعُهُمَا فِيمَا أُبِيحَ فِي الدِّينِ وَفِي شَرْحِهِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ طَاعَتَهُمَا وَاجِبَةٌ فِي الشُّبُهَاتِ دُونَ الْحَرَامِ الْمَحْضِ لِأَنَّ تَرْكَ الشُّبْهَةِ وَرَعٌ وَرِضَا الْوَالِدَيْنِ وَاجِبٌ وَحَقُّ الْوَالِدَةِ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ فَبِرُّهَا أَوْجَبُ قِيلَ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْأُمِّ أَكْثَرُ وَلِذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الْأُمَّهَاتِ» فَإِنْ تَأَذَّى أَحَدُهُمَا بِمُرَاعَاةِ الْآخَرِ فَالْأَبُ يُقَدَّمُ فِي حَقِّ التَّعْظِيمِ وَالْأُمُّ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْخِدْمَةِ وَالْإِحْسَانِ فَلَوْ دَخَلَا عَلَيْهِ يَقُومُ لِلْأَبِ وَلَوْ سَأَلَا يَبْدَأُ فِي الْإِعْطَاءِ بِالْأُمِّ وَيَنْظُرُ إلَيْهِمَا بِالْوُدِّ وَالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ وَلَهُ بِكُلِّ نَظْرَةٍ حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ

(وَالْمَمْلُوكِ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَالَى وَضَعَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَى الْحُرِّ كَثِيرًا عَنْ الْعَبْدِ لِأَجْلِ سَيِّدِهِ وَجَعَلَ السَّيِّدَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فَإِذَا اسْتَعْصَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّمَا يَسْتَعْصِي عَلَى رَبِّهِ إذْ هُوَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ لِسَيِّدِهِ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [الأحزاب: 36] وَكَذَا إبَاقُهُ وَفِي الْحَدِيثِ «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ وَإِنْ صَحَّتْ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا» وَفِيهِ «أَيُّمَا عَبْدٍ مَاتَ فِي إبَاقِهِ دَخَلَ النَّارَ وَإِنْ كَانَ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَفِيهِ «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ»

(وَالتِّلْمِيذِ لِأُسْتَاذِهِ) قَالَ فِي تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ إنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَا يَنَالُ الْعِلْمَ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بِتَعْظِيمِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ وَتَعْظِيمِ الْأُسْتَاذِ وَتَوْقِيرِهِ قِيلَ مَا وَصَلَ مَنْ وَصَلَ إلَّا بِمُرَاعَاةِ الْحُرْمَةِ وَمَا سَقَطَ مَنْ سَقَطَ إلَّا بِتَرْكِ الْحُرْمَةِ وَتَعْظِيمُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ الطَّاعَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكْفُرُ بِالْمَعْصِيَةِ وَإِنَّمَا يَكْفُرُ بِتَرْكِ الْحُرْمَةِ وَمِنْ تَعْظِيمِ الْعِلْمِ تَعْظِيمُ الْمُعَلِّمِ قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَا عَبْدُ مَنْ عَلَّمَنِي حَرْفًا إنْ شَاءَ بَاعَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّ وَقَدْ أَنْشَدَ

رَأَيْت أَحَقَّ الْحَقِّ حَقَّ الْمُعَلِّمِ

وَأَوْجَبَهُ حِفْظًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ

لَقَدْ حَقًّ أَنْ يُهْدَى إلَيْهِ كَرَامَةً

لِتَعْلِيمِ حَرْفٍ وَاحِدٍ أَلْفُ دِرْهَمِ

وَمَنْ عَلَّمَك حَرْفًا مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الدِّينِ فَهُوَ أَبُوك فِي الدِّينِ وَمِنْ تَوْقِيرِ الْمُعَلِّمِ أَنْ لَا يَمْشِيَ أَمَامَهُ وَلَا يَجْلِسَ مَكَانَهُ وَلَا يَبْدَأَ الْكَلَامَ عِنْدَهُ وَلَا يَسْأَلَ شَيْئًا عِنْدَ مَلَالَتِهِ وَيُرَاعِيَ الْوَقْتَ وَلَا يَدُقَّ الْبَابَ وَيَطْلُبَ رِضَاهُ وَيَجْتَنِبَ سَخَطَهُ وَيَمْتَثِلَ أَمْرَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَمِنْ تَوْقِيرِهِ تَوْقِيرُ أَوْلَادِهِ وَقَرَابَتِهِ وَخُدَّامِهِ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ يُؤْذِي أُسْتَاذَه يُحْرَمُ بَرَكَةَ الْعِلْمِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا قَلِيلًا انْتَهَى

(وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا) إذْ وَرَدَ فِي تَعْظِيمِ حَقِّ الزَّوْجِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ فَتُطِيعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا فِي مَعْصِيَةٍ فَلَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمَا وَتَكُونُ قَانِعَةً مِنْ زَوْجِهَا بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ وَمُقَدِّمَةً حَقَّهُ عَلَى حَقِّ نَفْسِهَا وَحَقِّ سَائِرِ أَقْرِبَائِهَا وَلَا تُعْطِي شَيْئًا مِنْ بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَأَهَمُّ الْحُقُوقِ أَمْرَانِ السَّتْرُ وَالصِّيَانَةُ وَالْآخَرُ تَرْكُ الْمُطَالَبَةِ بِمَا وَرَاءَ

ص: 3