الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَتْ لَيْسَتْ التَّمِيمَةُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ بَعْدَ الْبَلَاءِ) لِأَجْلِ رَفْعِهِ كَتَعْلِيقِ خَرَزَةٍ لِأَجْلِ رَفْعِ الِاصْفِرَارِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ (إنَّمَا التَّمِيمَةُ) الْمَنْهِيُّ عَنْهَا (مَا تَعَلَّقَ بِهِ قَبْلَ الْبَلَاءِ) لِزَعْمِ أَنَّهَا تَدْفَعُهُ وَعَدَمَ إصَابَتِهِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْفَرْقُ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ وَالضَّرُورَةُ لَا تَصْلُحُ فَارِقًا فَالْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَبُّدِ وَأَنَّ ثُبُوتَ الْأَصْلِ بِأَثَرٍ خِلَافُ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ (وَأَمَّا تَعْلِيقُ التَّعْوِيذِ) أَيْ حَمْلُ الدُّعَاءِ الْمُجَرَّبِ أَوْ الْآيَةِ الْمُجَرَّبَةِ أَوْ بَعْضِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى لِدَفْعِ الْبَلَاءِ (فَلَا بَأْسَ بِهِ) كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (وَلَكِنْ يَنْزِعُهُ عِنْدَ الْخَلَاءِ وَالْقُرْبَانِ) أَيْ الْوِقَاعِ بِأَهْلِهِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَجُوزُ عَدَمُ النَّزْعِ إذَا كَانَ مَسْتُورًا بِشَيْءٍ وَالنَّزْعُ أَوْلَى وَأَحْوَطُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمُصَنِّفِ (كَذَا فِي التتارخانية) .
[حُكْم الْوَشْمُ]
(وَمِنْهَا الْوَشْمُ) غَرْزُ الْيَدِ أَوْ الْوَجْهِ بِالْإِبَرِ ثُمَّ ذَرُّ الْكُحْلِ أَوْ الْمِدَادِ (وَنَحْوِهِ خ م عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَات» أَيْ طَالِبَاتِ فِعْلِهِ ( «وَالْمُتَنَمِّصَاتِ» بِتَاءٍ ثُمَّ نُونٍ وَرُوِيَ بِتَقْدِيمِ النُّونِ هِيَ أَخْذُ شَعْرِ الْحَاجِبِ بِالْمِنْمَاصِ. حَدِيدَةٌ يُؤْخَذُ بِهَا الشَّعْرُ. وَأَمَّا أَخْذُ شَعْرِ الْجَبْهَةِ فَجَائِزٌ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَجُوزُ أَخْذُ شَعْرِ الْحَاجِبِ لِلزِّينَةِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ لَهُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ «وَالْمُتَفَلِّجَاتِ» تَرْقِيقُ السِّنِّ تَفْعَلُهُ الْعَجَائِزُ «لِلْحُسْنِ» لِأَجْلِ الْحُسْنِ «الْمُغَيِّرَاتِ» وَصْفٌ مُشِيرٌ لِعِلَّةِ اللَّعْنِ «خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى» فَحَرَامٌ حَتَّى قِيلَ كَبِيرَةٌ لِلَّعْنِ نَعَمْ إنْ نَبَتَتْ لَهَا لِحْيَةٌ لَمْ يَحْرُمْ إزَالَتُهَا بَلْ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَوَاهِبِ
وَفِي الْفَيْضِ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ الْتِمَاسًا لِلْحُسْنِ لِلزَّوْجِ وَلَا لِغَيْرِهِ كَمَقْرُونَةِ الْحَاجِبَيْنِ تُزِيلُ مَا بَيْنَهُمَا تُوهِمُ الْبَلَجَ وَعَكْسُهُ، وَأَخَذَ مِنْهُ عِيَاضٌ عَدَمَ جَوَازِ إزَالَةِ عُضْوٍ زَائِدٍ كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ (وَزَادَ س «وَالْوَاصِلَةَ» مَنْ تَصِلُ شَعْرَ النِّسَاءِ بِشَعْرِ النِّسَاءِ «وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» مَنْ تَطْلُبُهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِخْرَاجِ عَلَى مَخْرَجِ الْعَادَةِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَلَعَلَّك عَلِمْت فِيمَا مَرَّ جَوَازَ وَصْلِ شَعْرِهَا بِشَعْرٍ لَيْسَ بِشَعْرِ آدَمِيٍّ كَالْوَبَرِ ( «وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْمُحَلِّلَ» الزَّوْجَ الثَّانِيَ لِأَجْلِ حِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِلْأَوَّلِ ( «وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» الزَّوْجَ الْأَوَّلَ الطَّالِبَ لِذَلِكَ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ اللَّعْنَ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِشَرْطِ التَّطْلِيقِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ صَرِيحًا، وَإِنْ مُضْمَرًا فَجَائِزٌ بَلْ مَنْدُوبٌ كَمَا فَصَّلْنَا فِي حَاشِيَتِنَا عَلَى الدُّرَرِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى وُقُوعِ التَّحْلِيلِ وَلَوْ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ عِنْدَ هُمْ وَلَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ كَذَا قِيلَ
(وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي رَيْحَانَةَ «الْوَشْرَ» بِالرَّاءِ هُوَ تَرْقِيقُ الْأَسْنَانِ «وَالنَّتْفَ» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «تَغْيِيرَ الشَّيْبِ» بِالسَّوَادِ فِي غَيْرِ الْجِهَادِ (وَالْمُرَادُ بِالنَّتْفِ الْبَيَاضُ مِنْ اللِّحْيَةِ) السَّوْدَاءِ (عَلَى وَجْهِ التَّزَيُّنِ " ت " عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ إنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ» فَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْفَيْضِ وَقِيلَ عَنْ زَيْنِ الْعَرَبِ إنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إنَّ «أَوَّلَ مَنْ شَابَ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام» فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ مَا هَذَا يَا رَبُّ قَالَ الْوَقَارُ قَالَ رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا عَلَى وَقَارِي. فَالرِّضَا بِهِ مُوَافَقَةٌ لِخَلِيلِ الرَّحْمَنِ وَأَنَّهُ يَمْنَعُ الْغُرُورَ وَالْكِبْرَ وَيُمِيلُ إلَى الطَّاعَاتِ وَالتَّوْبَةِ وَيُذَكِّرُ الْمَوْتَ وَالْآخِرَةَ موى سيبد أز كفن وَأَدْبُ بيام بشت خم أز مرك رسانت سلام (وَمِنْ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ تَغْيِيرُهُ بِالسَّوَادِ) وَيَجُوزُ بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ (س عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «سَيَجِيءُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ» لِحَاهُمْ «بِالسَّوَادِ» فَتَكُونُ «كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ» أَيْ صُدُورِ الْحَمَامِ «لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ) تَهْدِيدٌ بَلِيغٌ فِي الزَّجْرِ (م. عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «غَيِّرُوا الشَّيْبَ»
بِنَحْوِ حِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ لَا بِسَوَادٍ لِحُرْمَتِهِ، وَفِي النِّصَابِ الْحُمْرَةُ سُنَّةٌ فِي اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا السَّوَادُ فَإِنْ لِلْغَزْوِ فَمَحْمُودٌ، وَإِنْ لِأَجْلِ حُبِّ النِّسَاءِ وَالتَّزَيُّنِ إلَيْهِنَّ فَمَكْرُوهٌ وَجَوَّزَهُ بَعْضٌ بِلَا كَرَاهَةٍ انْتَهَى، وَعَنْ النَّوَوِيِّ الْخِضَابُ بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ مُسْتَحَبٌّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَبِالسَّوَادِ حَرَامٌ وَمَا رُوِيَ مِنْ خَضْبِ عُثْمَانَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ سِيرِينَ بِالسَّوَادِ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَزْوِ «وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «وَلَا تَقْرَبُوا السَّوَادَ» قِيلَ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي قُحَافَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَانَا أَشَدَّ بَيَاضًا قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يُسْتَحَبُّ الْخِضَابُ إلَّا إنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهِ تَرْكَ الصَّبْغِ كَذَا فِي الْفَيْضِ.
(وَمِنْهَا تَوْفِيرُ الشَّارِبِ) أَيْ تَكْثِيرُهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ الشَّفَةَ، وَفِي التتارخانية يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ شَارِبَهُ كَالْحَاجِبِ، وَعَنْ الْخَانِيَّةِ يَأْخُذُ مِنْ الشَّارِبِ إلَى أَنْ يُحَاذِيَ الشَّفَةَ الْعُلْيَا، وَأَمَّا الْغَازِي فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيُنْدَبُ لَهُ تَطْوِيلُهُ لِيَكُونَ مَهِيبًا (ت س عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ» مَا طَالَ حَتَّى يُبَيِّنَ الشَّفَةَ بَيَانًا «فَلَيْسَ مِنَّا» أَيْ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا الْإِسْلَامِيَّةِ وَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ جَمْعٌ فَأَوْجَبُوا قَصَّهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِ (وَالْأَفْضَلُ فِي قَصِّ الشَّارِبِ أَنْ يُجْعَلَ كَالْحَاجِبِ وَيُظْهِرَ الْإِطَارَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ جَانِبُ الشَّفَةِ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
السُّنَّةُ الْقَصُّ حَتَّى يَبْدُوَ الْإِطَارُ وَقِيلَ الْأَفْضَلُ حَلْقُهُ أَوْ الْقَصُّ مِنْ عَجُزِهَا اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ» وَالْأَفْضَلُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ نَوْعُ مُثْلَةٍ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ تَرْجِيحِ الرَّأْيِ عَلَى النَّصِّ (وَقَدْ مَرَّ قَصُّ اللِّحْيَةِ إذَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْقَبْضَةِ وَحَلْقُهَا)، وَفِي التتارخانية كَمَا مَرَّ أَيْضًا يَقْطَعُ مَا زَادَ مِنْ اللِّحْيَةِ عَلَى الْقَبْضَةِ وَلَا بَأْسَ إذَا طَالَتْ لِحْيَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قُصُّوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى» أَيْ: اُتْرُكُوا اللِّحَى كَمَا هِيَ وَلَا تَحْلِقُوهَا وَلَا تَقْطَعُوهَا وَلَا تَنْقُصُوهَا عَنْ قَدْرِ السُّنَّةِ وَهُوَ الْقَبْضَةُ وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرِ وَجْهِهِ مَا لَمْ يُشْبِهْ الْمُخَنَّثَ (خ م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ» النَّهْكُ الْقَصُّ مُبَالَغَةً أَيْ بَالِغُوا فِي قَصِّهَا «وَاعْفُوا اللِّحَى» أَيْ وَفِّرُوا وَكَثِّرُوا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى قَدْرِ الْمَسْنُونِ يَعْنِي الْقَبْضَةَ، وَفِي الْوَسِيلَةِ عَنْ شَرْحِ الشِّرْعَةِ أَرَادَ بِهِ النَّهْيَ عَمَّا يَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ وَالْإِفْرَنْجُ مِنْ قَصِّ اللِّحْيَةِ وَتَوْفِيرِ الشَّارِبِ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَعَنْ النِّصَابِ لَا يَجُوزُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ كَمَا ذَكَرَ فِي جِنَايَاتِ الْهِدَايَةِ وَكَرَاهَةِ التَّجْنِيسِ وَالْمُفِيدِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُحْفُوا الشَّوَارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى» أَيْ قُصُّوا الشَّوَارِبَ وَاتْرُكُوا اللِّحَى كَمَا هِيَ وَلَا تَحْلِقُوهَا وَلَا تَنْقُصُوهَا مِنْ الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ (ت عَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا» وَيَنْظُرُ فِي حَبِّ الْمَاءِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ تَسْوِيَةَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ تَزْيِينَهَا بِأَنْ يَقُصَّ كُلَّ شَعْرَةٍ أَطْوَلَ مِنْ غَيْرِهَا لِيَسْتَوِيَ الْجَمِيعُ سُنَّةٌ وَذَلِكَ لِيَقْرَبَ عَنْ التَّدْوِيرِ جَمِيعُ الْجَوَانِبِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ مَحْبُوبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَعَنْ الْإِحْيَاءِ قِيلَ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ مَا تَحْتَ الْقَبْضَةِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَتَرْكُهَا عَافِيَةٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَعَنْ النَّخَعِيِّ عَجِبْت مِنْ رَجُلٍ عَاقِلٍ طَوِيلِ اللِّحْيَةِ مَعَ أَنَّ التَّوَسُّطَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَسَنٌ وَلِذَا قِيلَ كُلَّمَا طَالَتْ اللِّحْيَةُ نَقَصَ الْعَقْلُ انْتَهَى. قِيلَ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ إنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي أَيْ كَرَاهَةُ أَخْذِ مَا تَحْتَ الْقَبْضَةِ لَعَلَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ جُثَّةِ الْأَشْخَاصِ كَمَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَبِهِ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.
(وَكَذَا حَلْقُ رَأْسِ الْمَرْأَةِ بِلَا عُذْرٍ) وَقَدْ مَرَّ (س عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا» بِلَا عُذْرٍ (وَكَذَا
الْقَزَعُ " خ م " عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْقَزَعِ» وَزَادَ) ابْنُ عُمَرَ (فِي رِوَايَةٍ «قُلْت لِنَافِعٍ) مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (وَمَا الْقَزَعُ قَالَ يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ» لَعَلَّك سَمِعْت حَدِيثَ «احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوْ اُتْرُكُوهُ كُلَّهُ» ، فَإِنَّ حَلْقَ الْبَعْضِ مَعَ تَرْكِ الْبَعْضِ مُثْلَةٌ وَهُوَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا تَنْزِيهًا إلَّا لِعُذْرٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَسَوَاءٌ فِي الْقَفَا أَوْ النَّاصِيَةِ أَوْ الْوَسَطِ خِلَافًا لِبَعْضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيهِ وَتَقْبِيحِ الصُّورَةِ وَأَنَّهُ زِيُّ أَهْلِ الدَّعَارَةِ وَالْفَسَادِ وَالْيَهُودِ وَهُوَ مِنْ كَمَالِ مَحَبَّتِهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ أَمَرَ حَتَّى فِي شَأْنِ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ فَنَهَاهُ عَنْ حَلْقِ بَعْضٍ وَتَرْكِ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لِلرَّأْسِ حَيْثُ تَرَكَ بَعْضَهُ كَاسِيًا وَبَعْضَهُ عَارِيًّا.
وَنَظِيرُهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ احْلِقُوهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْحَلْقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِحَالَةِ الضَّرُورَةِ مُحْتَجًّا بِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ إلَّا فِي الْحَجِّ لِكَوْنِهِ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ وَالصَّوَابُ الْحِلُّ بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي شَامَةَ الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيهِ وَمُخَالَفَةِ طَرِيقِ الْمُصْطَفَى إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ يَحْلِقُهُ بَلْ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ فِي غَيْرِ نُسُكٍ أَثِمَ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الدَّيْنِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ فَفِي حَيِّزِ الْمَنْعِ بِلَا رَيْبٍ كَيْفَ «وَقَدْ حَلَقَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَ ابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -» ، وَفِي أَبِي دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ مَهْ أَحْسِنْ إلَى شَعْرِك أَوْ احْلِقْهُ» فَسَوَّى بَيْنَ تَرْجِيلِهِ وَحَلْقِهِ وَأَعْدَلُ حَدِيثٍ فِي الْمَقَامِ قَوْلُ حُجَّةِ الْإِسْلَامِ لَا بَأْسَ بِحَلْقِهِ لِمُرِيدِ التَّنْظِيفِ وَلَا بِتَرْكِهِ لِمَنْ يَدْهَنُ وَيَتَرَجَّلُ فَبَقَاؤُهُ لَهُ أَوْلَى، وَمَنْ عَسِرَ عَلَيْهِ كَضَعِيفٍ وَفَقِيرٍ وَمُنْقَطِعٍ يَتَلَبَّدُ فِيهِ وَيَجْمَعُ الْوَسَخَ وَالْقَمْلَ فَحَلْقُهُ أَوْلَى.
وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي الذَّكَرِ أَمَّا الْأُنْثَى فَحَلْقُهُ لَهَا مَكْرُوهٌ حَيْثُ لَا ضَرَرَ بَلْ إنْ كَانَتْ مُفْتَرَشَةً وَلَمْ يَأْذَنْ الْحَلِيلُ حَرُمَ بَلْ عَدَّهُ فِي الْمَطَامِحِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَشَاعَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَلَقَتْ رَأْسَهَا بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا سَقَطَ صَدَاقُهَا وَذَلِكَ صَرْخَةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ كُلُّهُ مِنْ الْفَيْضِ.
(وَمِنْهَا رُكُوبُ النِّسَاءِ عَلَى السَّرْجِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) (" حب " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ يَرْكَبْنَ عَلَى سُرُجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ» وَمُشَابَهَتُهُنَّ لَهُمْ مَنْهِيٌّ عَنْهَا «وَرِجَالٌ يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ» يَعْنِي يَجِيئُونَ إلَى الْمَسَاجِدِ رَاكِبِينَ عَلَى الْمَرَاكِبِ الْبَهِيَّةِ تَكَبُّرًا وَخُيَلَاءَ.
وَأَمَّا الرُّكُوبُ بِعُذْرٍ كَالْبُعْدِ وَالشَّيْخُوخَةِ وَالْمَرَضِ فَجَائِزٌ «نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» فِي تَذْكِرَةِ الْقُرْطُبِيِّ يَعْنِي أَنَّهُنَّ كَاسِيَاتٌ بِنِعَمِ اللَّهِ عَارِيَّاتٌ مِنْ الدِّينِ وَقِيلَ كَاسِيَاتٌ ثِيَابًا رِقَاقًا يَظْهَرُ مَا تَحْتَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَهُنَّ كَاسِيَاتٌ فِي الظَّاهِرِ عَارِيَّاتٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَقِيلَ كَاسِيَاتٌ فِي الدُّنْيَا بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ مِنْ الْحَرَامِ وَمِمَّا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ عَارِيَّاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ عَارِيَّاتٌ مِنْ لِبَاسِ التَّقْوَى أَوْ عَارِيَّاتٌ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرَاتِ أَوْ كَاسِيَاتٌ بَعْضَ بَدَنِهِنَّ عَارِيَّاتٌ يَكْشِفْنَ بَعْضًا آخَرَ إظْهَارًا لِلْجَمَالِ أَوْ عَارِيَّاتٌ عَنْ السِّتْرِ الْمَقْصُودِ مِنْهُنَّ أَوْ كَاسِيَاتٌ بِنَعَمْ اللَّهِ عَارِيَّاتٌ عَنْ شُكْرِهَا.
وَزِيدَ هُنَا فِي الْقُرْطُبِيِّ قَوْلُهُ «مَائِلَاتٌ وَمُمِيلَاتٌ» وَفُسِّرَ بِقَوْلِهِ قِيلَ مَعْنَاهُ زَائِغَاتٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ الْأَزْوَاجِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ مِنْ صِيَانَةِ الْفُرُوجِ وَالسَّتْرِ عَنْ الْأَجَانِبِ، وَمُمِيلَاتٌ يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ الدُّخُولَ فِي فِعْلِهِنَّ وَقِيلَ مَائِلَاتٌ مُتَبَخْتِرَاتٌ فِي مَشْيِهِنَّ وَمُمِيلَاتٌ لِقُلُوبِ الرِّجَالِ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَطِيبِ رَائِحَتِهِنَّ «عَلَى رُءُوسِهِنَّ» شَيْءٌ «كَأَسْنِمَةِ» جَمْعُ سَنَامٍ «الْبُخْتِ الْعِجَافِ» جَمْعُ عَجْفَاءَ وَهِيَ