المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الستون آخر آفات اللسان الإذن والإجازة فيما هو معصية] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٤

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ رَدُّ التَّابِعِ كَلَامَ مَتْبُوعِهِ وَمُقَابَلَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السُّؤَالُ عَنْ حِلِّ شَيْءٍ وَحُرْمَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَمَالِكِهِ تَوَرُّعًا]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ تَنَاجِي الْمُكَالَمَةِ بِالسِّرِّ اثْنَيْنِ عِنْدَ ثَالِثٍ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى مَنْ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الدَّلَالَةُ بِاللِّسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ يُرِيدُ الْمَعْصِيَةَ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ آفَاتِ اللِّسَانِ الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ] [

- ‌الْأَوَّلُ الْمِزَاحُ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ السِّتَّةِ الْمَدْحُ]

- ‌[الثَّالِثُ الشِّعْرُ]

- ‌[الرَّابِعُ السَّجْعُ]

- ‌[الْخَامِسُ الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي]

- ‌[السَّادِسُ آخِرُ الْمَبَاحِثِ فُضُولُ الْكَلَامِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعَادَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا النِّظَامُ لِلْعَالِمِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ الْغَيْرِ الْمُنْقَطِعَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ الْإِبَاحَةُ مِنْ الْعِبَادَاتِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ اللِّسَانِ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ كَتَرْكِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تَرْكُ التَّشَهُّدِ مِنْ آفَاتِ]

- ‌[تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌[تَرْكِ النُّصْحِ]

- ‌[تَرْكِ التَّعْلِيمِ]

- ‌[تَرْكِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْقَاضِي بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى]

- ‌[تَرْكِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ مُبَادَرَةُ الْعَاطِسِ بِالْحَمْدِ]

- ‌[تَرْكُ الِاسْتِئْذَانِ فِي دُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ]

- ‌[تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[تَرْكُ إنْقَاذِ تَخْلِيصِ الْمَظْلُومِ]

- ‌[تَرْكُ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ سُبْحَانَ أَوْ تَبَارَكَ اللَّهُ]

- ‌[تَرْكُ السُّؤَالِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّالِثُ فِي آفَاتِ الْأُذُنِ اسْتِمَاعُ كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[إجَابَةِ دَعْوَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ بِلَا اضْطِرَارٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ بِالِاخْتِيَارِ]

- ‌[رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْجِنَازَةِ وَالزَّحْفِ وَالتَّذْكِيرِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ مِمَّنْ يَقْرَأُ بِلَحْنٍ وَخَطَإٍ بِلَا تَجْوِيدٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ حَدِيثِ قَوْمٍ يَكْرَهُونَهُ]

- ‌[مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الرَّابِعُ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْخَامِسُ فِي آفَاتِ الْيَدِ]

- ‌[إحْرَاقُ كُلِّ حَيٍّ بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ الْحَارِّ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ تَصْوِيرُ صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ إهْلَاكُ الْمَالِ أَوْ نَقْصُهُ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ الْبَطْنِ]

- ‌[الْقَهْوَةُ حُكْمُ شُرْبِهَا]

- ‌[بَعْضَ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الشِّبَعِ وَكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالتَّنَعُّمِ]

- ‌[الْأَكْلُ عَلَى السُّفْرَةِ]

- ‌[آدَابُ الْأَكْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّابِعُ فِي آفَاتِ الْفَرْجِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّامِنُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الرِّجْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ التَّاسِعُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الْبَدَنِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِعُضْوٍ]

- ‌[الْآفَاتِ الْغَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌[قَطْعُ الرَّحِمِ]

- ‌[تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مُجَالَسَةُ جَلِيسِ السُّوءِ]

- ‌[فَتْحُ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ وَعَدَمُ دَفْعِهِ]

- ‌[الْقُعُودُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ]

- ‌[الِانْحِنَاءُ فِي السَّلَامِ]

- ‌[حُكْم الْوَشْمُ]

- ‌[تَرْكُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ]

- ‌[تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا]

- ‌[تَرْكُ الزَّكَاةِ]

- ‌[تَرْكُ الْحَجِّ الْفَرْضِ]

- ‌[الْعِينَةُ]

- ‌[نِسْيَانُ الْقُرْآنِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ]

- ‌[الرِّبَا]

- ‌[الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[إيقَادُ الشُّمُوعِ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[إمْسَاكُ الْمَعَازِفِ]

- ‌[رُكُوبُ الْبَحْرِ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْغَرَقِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[قِيَامُ الْقَارِئِ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَعَالِمٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ خَاتِمَةُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ فِي أُمُورٍ يُظَنُّ أَنَّهَا مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الدِّقَّة فِي أَمَرَ الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل مِنْ الدِّقَّةُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة أَنَّهَا بِدْعَة لَمْ تصدر عَنْ النَّبِيّ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ صِنْفَانِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي مَا ورد عَنْ أَئِمَّتنَا الْحَنَفِيَّة فِي عَدَمِ الدِّقَّةِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْوَسْوَسَةِ وَآفَاتِهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي عِلَاجِ الْوَسْوَسَةِ]

- ‌[مَرَاتِب الْوَسْوَسَة]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّوَرُّع التَّكَلُّفِ فِي تَحْصِيلِ الْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أُمُورٍ مُبْتَدَعَةٍ بَاطِلَةٍ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الستون آخر آفات اللسان الإذن والإجازة فيما هو معصية]

وَالصِّبْيَانِ عَلَى إتْلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَإِيذَائِهِمْ كَمَا نُقِلَ عَنْ التَّحْقِيقِ (وَمِنْهَا تَعْلِيمُ الْمَسَائِلِ لِلْمُبْطِلِ فِي دَعْوَاهُ) كَوْنُهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ كَالْفَتَى الْمَاجِنِ (وَ) مِنْهَا (تَعْلِيمُ الْأَقْوَالِ الْمَهْجُورَةِ وَالضَّعِيفَةِ)(وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْمَسَائِلِ الَّتِي كَانَتْ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ.

لَكِنْ لَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ فِيهَا لِغَايَةِ ضَعْفِهَا وَإِنْ كَانَ مَذْهَبًا لِبَعْضِ السَّلَفِ وَكِبَارِ الْمُجْتَهِدِينَ كَالْقَضَاءِ بِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بِالتَّفْرِيقِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ غَائِبًا عَلَى الصَّحِيحِ لَا حَاضِرًا أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ مَزْنِيَّةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَوْ بِصِحَّةِ أُمِّ مَزْنِيَّتِهِ أَوْ بِنْتِهَا أَوْ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ أَوْ بِعَدَمِ تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ أَوْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِلَا رِضَاهَا أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْحُبْلَى أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بِعَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى الْحَائِضِ أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ عَقِبَهُ أَوْ بِنِصْفِ الْجِهَازِ لِمَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَهْرِ وَالتَّجْهِيزِ أَوْ بِشَهَادَةٍ بِخَطِّ أَبِيهِ أَوْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ أَوْ قَضَى لِوَلَدِهِ وَتَمَامِهَا فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ قِيلَ هُنَا وَمِنْهَا دَلَالَةُ الْمُسْتَشَارِ الْمُشِيرِ عَلَى خِلَافِ الصَّوَابِ

أَقُولُ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» أَيْ أَمِينٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُشِيرَ إلَّا بِمَا يَرَاهُ صَوَابًا وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ مُعْظَمُ الدِّينِ وَهُوَ النُّصْحُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّحَابُبُ وَبِضِدِّهِ التَّبَاغُضُ وَالِاخْتِلَافُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَيْضِ ثُمَّ لَا بَأْسَ أَنْ نَذْكُرَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ هُنَا قَالَ فِي الْبُسْتَانِ يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْخُطْبَةِ وَمَجْلِسِ الذِّكْرِ وَفِي الْخَلَاءِ وَفِي حَالِ الْجِمَاعِ

وَفِي الْمُنْيَةِ يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلْفَ الْجِنَازَةِ وَفِي الْخَلَاءِ وَفِي الْجِمَاعِ وَمِنْهَا السَّمَرُ أَيْ التَّكَلُّمُ بِالْكَلَامِ الدُّنْيَوِيِّ بَعْدَ الْعِشَاءِ خَرَّجَ السِّتَّةُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ إنَّمَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا لِمَنْ خُشِيَ عَلَيْهِ فَوْتُ وَقْتِهَا أَوْ فَوْتُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا وَأَمَّا مَنْ وَكَّلَ لِنَفْسِهِ مَنْ يُوقِظُهُ وَلِوَقْتِهَا فَمُبَاحٌ لَهُ النَّوْمُ وَفِي التتارخانية وَيُكْرَهُ السَّمَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَفِي بُسْتَانِ الْفَقِيهِ السَّمَرُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ النَّوْمِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ السَّمَرُ فِي أَسَاطِيرِ الْأَوَّلِينَ وَالْأَحَادِيثِ الْكَاذِبَةِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالضَّحِكِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُؤَانَسَةِ وَدَفْعِ الْوَحْشَةِ؛ وَتَجَنَّبُوا الْكَذِبَ وَالْقَوْلَ الْبَاطِلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْكَفُّ عَنْهُ أَفْضَلُ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْهُ وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَكُونَ رُجُوعُهُمْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ أَوْ التَّسْبِيحِ أَوْ الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى يَكُونَ خَتْمُهُ بِالْخَيْرِ

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لَا سَمَرَ إلَّا لِمُسَافِرٍ أَوْ مُصَلٍّ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُ إلَى مَا يَدْفَعُ عَنْهُ النَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَأُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ وَالْمُصَلِّي إذَا سَمَرَ ثُمَّ صَلَّى يَكُونُ نَوْمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَخَتَمَ سَمَرَهُ بِالطَّاعَةِ انْتَهَى قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي تَعْلِيلِ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَلِأَنَّ فِيهِ أَيْ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ قَطْعَ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ وَأَجَازَ الْعُلَمَاءُ السَّمَرَ بَعْدَهَا بِالْخَيْرِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ» أَيْ فِي تِلْكَ الْمِائَةِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ يَعْنِي كُلُّ نَفْسٍ مَوْجُودَةٍ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَلَى الْأَرْضِ لَا تَعِيشُ بَعْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا فِي الْأَمْرِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُ» وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَرَوَى الْإِمَامُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ» يَعْنِي الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ «إلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ مُصَلٍّ وَمُسَافِرٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «وَعَرُوسٍ» انْتَهَى مَا فِي الْحَاشِيَةِ

[السِّتُّونَ آخِرُ آفَاتِ اللِّسَانِ الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ]

(السِّتُّونَ) آخِرُ آفَاتِ اللِّسَانِ (الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ

ص: 10

فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ) لَا سِيَّمَا عَنْ التَّوَقُّفِ عَلَى إذْنِهِ (كَإِذْنِ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى غَيْرِ مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ) بِالْجَوَازِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَفِي الْخُلَاصَةِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إلَى سَبْعَةِ مَوَاضِعَ زِيَارَةِ الْأَبَوَيْنِ) فِي صِحَّتِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي الصَّحِيحِ.

وَقِيلَ كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ (وَعِيَادَتِهِمَا) فِي مَرَضِهِمَا (وَتَعْزِيَتِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا) إذَا أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ (وَزِيَارَةِ الْمَحَارِمِ) فِي كُلِّ سَنَةٍ وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَبَوَاهَا أَوْ قَرِيبُهَا الْمَجِيءَ إلَيْهَا عَلَى هَذَا الْجُمُعَةِ وَالسَّنَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ قَادِرَيْنِ عَلَى إتْيَانِهَا لَا تَذْهَبُ وَإِلَّا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا أَوْلَادٌ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ عَلَى هَذَا وَفِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْمَتْنِ إذْنُ الزَّوْجِ لَازِمٌ.

(فَإِنْ كَانَتْ قَابِلَةً) لِلْحَوَامِلِ (أَوْ غَاسِلَةً) لِلْمَوْتَى (أَوْ كَانَ لَهَا عَلَى آخَرَ حَقٌّ) وَتُرِيدُ أَخْذَهُ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهَا بِنَفْسِهَا (أَوْ لِآخَرَ عَلَيْهَا حَقٌّ) فِي اعْتِقَادِ الطَّالِبِ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ فَاقْتَضَى الْمُرَافَعَةَ أَوْ فِي الْوَاقِعِ وَلَمْ يُمْكِنْ أَدَاؤُهُ إلَّا بِالْخُرُوجِ (تَخْرُجُ) لِكُلِّ مَا ذُكِرَ (بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ الْإِذْنِ) شَامِلٌ لِمَا مَنَعَ مِنْ الْخُرُوجِ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرْعِ وَحَقَّ الْمَالِيَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ قِيلَ خَصَّ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الْمُخَدَّرَةَ إذْ لَا يَقْدِرُ الْخَصْمُ عَلَى إخْرَاجِهَا (وَالْحَجِّ) أَيْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ (عَلَى هَذَا) أَيْ تَخْرُجُ بِإِذْنِهِ وَبِلَا إذْنِهِ عِنْدَ وُجُودِ مَحْرَمِهَا.

قَالَ الْمُحَشِّي تَمَّ هُنَا الْمَوَاضِعُ السَّبْعَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا مِنْ الْمُلْحَقَاتِ دَلَالَةً (وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ زِيَارَةِ الْأَجَانِبِ وَعِيَادَتِهِمْ وَالْوَلِيمَةِ لَا يَأْذَنُ لَهَا) وَلَا تَخْرُجُ وَإِنْ أَذِنَ (وَلَوْ أَذِنَ وَخَرَجَتْ كَانَا عَاصِيَيْنِ) وَفِي آدَابِ الْقَاضِي لَهُ أَنْ يُغْلِقَ عَلَيْهَا الْبَابَ مِنْ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ وَالْمُخْتَارُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَالذَّخِيرَةِ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ أَبَوَيْهَا وَأَوْلَادِهَا وَهُمْ يَزُورُونَهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ الْكَيْنُونَةِ عِنْدَهَا وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ

وَحَاصِلُ مَا فِي النِّصَابِ عَنْ كِفَايَةِ الشَّعْبِيِّ لَا يُسْأَلُ عَنْ جَوَازِ خُرُوجِهِنَّ لِزِيَارَةِ الْمَقَابِرِ وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ مِقْدَارِ مَا يَلْحَقُهَا مِنْ الضَّرَرِ فَإِنَّهَا عِنْدَ نِيَّتِهَا الْخُرُوجَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ وَعِنْدَ خُرُوجِهَا لَحِقَتْهَا الشَّيَاطِينُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَإِذَا أَتَتْ الْقَبْرَ يَلْعَنُهَا رُوحُ الْمَيِّتِ وَإِذَا رَجَعَتْ كَانَتْ فِي لَعْنَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ كَذَلِكَ حَتَّى تَعُودَ وَفِي الْخَبَرِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ خَرَجَتْ إلَى مَقْبَرَةٍ تَلْعَنُهَا مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ فَتَمْشِي فِي لَعْنَةِ اللَّهِ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ دُعِيَتْ لِخَيْرٍ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا يُعْطِيهَا اللَّهُ تَعَالَى ثَوَابَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» وَيَضْرِبُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فِيمَا يَلْزَمُ فِيهِ التَّعْزِيرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ وَيَضْرِبُ لِلتَّأْدِيبِ وَلَا يُبَاشِرُهَا وَلَا يَنْبَسِطُ إلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ التَّأْدِيبِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَرْفَعْ عَصَاك عَنْ أَهْلِك وَعَلِّقْ سَوْطَك فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُ أَهْلُ بَيْتِك» وَيُطِيلُ السُّكُوتَ عِنْدَهَا (وَيَمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى حَمَّامِ السُّوقِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ مُسَاوَاةُ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عِنْدَ فَسَادِ الزَّمَانِ وَأَمْنِهِ لَكِنْ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ التَّفْصِيلُ فِي ذَلِكَ

ص: 11

(فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ) لِاسْتِحْصَالِ عِلْمِ الْحَالِ الضَّرُورِيِّ أَوْ الِاسْتِحْسَانِيِّ كَمَا سَيُشَارُ إلَيْهِ (بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ) الْخُرُوجُ لَعَلَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَنْعُ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَإِنْ لِمُجَرَّدِ هَوًى خَارِجِيٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْعَهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَعَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إلَى مَجْلِسِ الْوَعْظِ الْخَالِي عَنْ الْبِدَعِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَأْذَنُ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَفِيهِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ كَالتَّصْدِيَةِ وَرَفْعِ الْأَصْوَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاللَّعِبِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ بِإِلْقَاءِ الْكُمِّ وَضَرْبِ الرِّجْلِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْقِيَامِ وَالصُّعُودِ وَالنُّزُولِ عَنْهُ فَكُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورِ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْضُرُ وَلَا يَأْذَنُ لَهَا وَلَوْ فَعَلَ يَتُوبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى.

(فَإِنْ وَقَعَتْ لَهُ نَازِلَةٌ) أَيْ حَادِثَةٌ مُحْتَاجَةٌ إلَى عَالِمٍ فَحِينَئِذٍ (إنْ سَأَلَ الزَّوْجُ) مَثَلًا (مِنْ الْعَالِمِ وَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَا يَسْعَهَا الْخُرُوجُ) لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ (وَإِنْ امْتَنَعَ) الزَّوْجُ (مِنْ السُّؤَالِ) وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْأَلُ لَهَا (يَسَعُهَا الْخُرُوجُ) لَعَلَّ ذَلِكَ قَدْ يَجِبُ وَقَدْ يُنْدَبُ وَقَدْ يُبَاحُ عَلَى تَفَاوُتِ الْوَقْعَةِ (مِنْ غَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ) لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ (وَإِنْ لَمْ تَقَعْ لَهَا نَازِلَةٌ لَكِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ لِتَعْلَمَ مَسْأَلَةً) مِنْ عِلْمِ حَالِهَا (مِنْ) نَحْوِ (مَسَائِلِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَحْفَظُ الْمَسَائِلَ وَيَذْكُرُهَا عِنْدَهَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (لَا يَحْفَظُ) الْمَسَائِلَ (الْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَحْيَانًا) لِتَعْلَمَ مَا يَهُمُّهَا مِنْ مَسَائِلِ دِينِهَا (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِي الْآخِرَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ الْإِذْنِ عَلَيْهِ (وَلَا يَسَعُهَا الْخُرُوجُ مَا لَمْ يَقَعْ لَهَا نَازِلَةٌ انْتَهَى) كَلَامُ الْخُلَاصَةِ (وَقَالَ)(ابْنُ الْهُمَامِ) السِّيوَاسِيُّ (وَحَيْثُ أَبَحْنَا) مِنْ الْإِبَاحَةِ (لَهَا الْخُرُوجَ) إلَى الْمَوَاضِعِ (فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إلَّا مَا لَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ) طَلَبُ الْمَيْلِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَبَرَّجْنَ} [الأحزاب: 33] التَّبَرُّجُ إظْهَارُ الْمَرْأَةِ زِينَتَهَا وَمَحَاسِنَهَا {تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى الْكُفْرُ وَالثَّانِيَةُ الْفِسْقُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْأُولَى لَا أُخْرَى لَهَا كَمَا قِيلَ أَوْ الْأُولَى زَمَانُ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام أَوْ زَمَانُ نُمْرُودَ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَلْبَسُ دِرْعًا مِنْ لُؤْلُؤٍ وَتَخْرُجُ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الرِّجَالِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عليهما السلام وَقِيلَ الزَّمَانُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ إبْرَاهِيمُ عليه السلام وَالْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَى مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ

- عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَقَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ رحمه الله) فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ (وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ خَالَفَهُ فِيهِ قَاضِي خَانْ) عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِمُصَنِّفِك مِنْ قَبِيلِ الْإِضَافَةِ وَالنُّونُ فِي خَانْ

ص: 12

غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَنَّهُ عُجْمَةٌ وَتَنْوِينُهُ خَطَأٌ قِيلَ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي فِيهِ الْإِعْرَابُ تَقْدِيرًا وَخَانْ مَنْصُوبٌ فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَيْهِ وَعَنْ النَّوَازِلِ الْمُخْتَارُ أَنَّ لَفْظَ قَاضِي خَانْ كَانَ صَاحِبُهُ مَشْهُورًا بِهِ حَتَّى صَارَ عَلَمًا لَهُ وَلِهَذَا يُكْتَبُ مُتَّصِلًا عَلَى الْأَصَحِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ بِالتَّرْكِيبِ وَالْعَلَمِ (حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ فِي فَتَاوَاهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ) فِيهِ نَوْعُ تَحْقِيرٍ لِأَبِي اللَّيْثِ مِنْ حَيْثُ مَقُولِهِ هَذَا وَفِي التتارخانية دُخُولُهُنَّ الْحَمَّامَ لَا يُبَاحُ عِنْدَ بَعْضٍ وَإِلَيْهِ مَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَمُبَاحٌ عِنْدَ آخَرَانِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا مُقَنَّعَةً وَمُتَّزِرَةً وَإِلَيْهِ مَالَ السَّرَخْسِيُّ وَفِيهِ أَيْضًا لَا تَدْخُلُ امْرَأَةٌ الْحَمَّامَ إلَّا النُّفَسَاءُ وَالْمَرِيضَةُ وَكَذَا الْحَائِضُ عِنْدَ بَعْضٍ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ الْحَمَّامُ فِي قَوْلٍ وَقِيلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا انْتَهَى (رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْحَمَّامَ» قِيلَ مَوْضُوعٌ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ وَغَيْرُهُ.

أَقُولُ قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى تَخْرِيجِ ابْنِ عَسَاكِرَ بِرِوَايَةِ وَاثِلَةَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَيَتَنَوَّرُ» نَعَمْ قَالَ الْمُنَاوِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ فِي الْحَمَّامِ وَلَمْ يَدْخُلْ حَمَّامًا قَطُّ وَلَعَلَّهُ مَا رَآهُ بِعَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا بَلْ رَآهُ بِالْمَزَّةِ وَقِيلَ عَنْ شَرْحِ الشَّمَائِلِ خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ» مَوْضُوعٌ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ أَقُولُ وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا (وَتَنَوَّرَ) اسْتَعْمَلَ النُّورَةَ فِيهِ أَيْ طَلَى عَانَتَهُ بِالنُّورَةِ لِزَوَالِ الشَّعْرِ بَدَلَ الْحَلْقِ (وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) لَقَّبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَيْفِ اللَّهِ وَلَهُ مَنَاقِبُ فِي الْحُرُوبِ وَالْمَعَارِكِ رُوِيَ أَنَّهُ بَكَى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَقِيلَ هَلْ تَخَافُ مِنْ الْمَوْتِ قَالَ لَا بَلْ لَوْ نَزَعْت ثَوْبِي لَرَأَيْتُمْ أَنَّ جَمِيعَ بَدَنِي قُطِّعَ بِالسُّيُوفِ وَالسِّهَامِ إرَبًا إرَبًا فَأَمُوتُ فِي بَيْتِي بِلَا شَهَادَةٍ (دَخَلَ حَمَّامَ حِمْصَ) وَهُوَ مَدْفُونٌ فِيهِ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِقَوْلِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ (لَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْسَانٌ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ انْتَهَى)

حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَمَّامَ إذَا خَلَى عَنْ الْمَوَانِعِ وَطَبْعُهُ الْجَوَازُ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ لَا يَخْفَى أَنَّ دَلِيلَ الْمَشْرُوعِيَّةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَلَا أَقَلَّ مِنْ الضَّعْفِ فَلَا يَصْلُحُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَمَذْهَبُ الصَّحَابِيِّ وَإِنْ كَانَ حُجَّةً عِنْدَنَا لَكِنْ يَلْزَمُ بَيَانُ صِحَّةِ دُخُولِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْحَمَّامِ فَلْيُتَأَمَّلْ (عَلَى ذَلِكَ) الشَّرْطِ لِلْجَوَازِ (فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ مِنْ دُخُولِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ) وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ عَلَى عِلَّتِهِ فَإِذَا انْتَفَى شَرْطُ الْجَوَازِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ يَنْتَفِي الْجَوَازُ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ وَالْأَعْصَارِ وَالْبُلْدَانِ لَا سِيَّمَا إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ عُمُومُ الْبَلْوَى وَالْحَرَجِ وَمِنْ قَوَاعِدِ أَهْلِ الشَّرْعِ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ لَا يَسْقُطُ بِالْخَارِجِ الْعَرَضِيِّ (وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ) وَقَدْ قَرَّرَ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا يُرَجَّحُ مَا يُؤَيِّدُهُ النَّصُّ عَلَى مَا لَا يُؤَيِّدُهُ.

وَمَا حَكَى قَاضِي خَانْ مِنْ دُخُولِهِ عليه الصلاة والسلام فَقَطْ عَرَفْت عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عليه السلام يُرَجَّحُ عَلَى فِعْلِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ (مِنْهَا مَا فِي النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ) حُمِلَ عَلَى نِسْيَانِ الْمُصَنِّفِ تَرْكَ عَادَتِهِ مِنْ الرَّمْزِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ مَقَامَ الِاحْتِجَاجِ سِيَّمَا فِي مُقَابَلَةِ مَنْ لَهُ عُلُوُّ شَأْنٍ وَعَظَمَةُ مَقَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ تَأْثِيرٌ مَا أَتَى مِنْ زِيَادَةِ بَعْضِ الْقُيُودِ (عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» إيمَانًا كَامِلًا «فَلَا يُدْخِلُ حَلِيلَتَهُ» أَيْ زَوْجَتَهُ «الْحَمَّامَ» فَدُخُولُ مُطْلَقِ النِّسَاءِ مُشْتَرِكٌ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ مِنْ

ص: 13

اقْتِضَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الْأَسْوَاقِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسْوَانِ

أَقُولُ الْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ جَابِرٍ عَلَى تَخْرِيجِ ك هَكَذَا «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلُ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ إلَّا لِعُذْرٍ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَهَا أُجْرَتَهُ فَيَكُونَ كَفَاعِلِ الْمَكْرُوهِ ثُمَّ قَالَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ بَعْدَ مَا عَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ فِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيفٌ ثُمَّ قَالَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ وَأَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ فِيهِ انْقِطَاعٌ نَعَمْ قَالَ بِصِحَّتِهِ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ.

(وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «الْحَمَّامُ حَرَامٌ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي» قَالَ الْمُنَاوِيُّ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَبِهَذَا أَخَذَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّ دُخُولَهُنَّ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا وَنَزَّلُوا الْحَدِيثَ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِ كَشْفُ عَوْرَةٍ وَنَحْوِهِ (رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ) وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الذَّهَبِيُّ (انْتَهَى) كَلَامُ ابْنِ الْهُمَامِ وَعَنْ النِّصَابِ وَيُحْتَسَبُ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِلْحَمَّامِ أَوْ خَرَجَتْ غَيْرَ مُتَقَنِّعَةٍ وَإِنْ بِإِذْنِهِ مُتَقَنِّعَةً فَمَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَى إبَاحَتِهِ وَقِيلَ إلَى عَدَمِهِ.

لِمَا رُوِيَ أَنَّ نِسَاءَ حِمْصَ دَخَلْنَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أَنْتُنَّ مِنْ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَ فَقُلْنَ نَعَمْ فَأَمَرَتْ بِإِخْرَاجِهِنَّ مِنْ مَوْضِعِ جُلُوسِهِنَّ لَكِنْ ذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي الْمُنَاوِيِّ بِلَا ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يَعْنِي الْأَمْرَ بِالْإِخْرَاجِ ثُمَّ حَاصِلُ مُرَادِ ابْنِ الْهُمَامِ مَنْعُ دُخُولِهِنَّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ عِنْدَ الْفَقِيهِ وَحَمَلَ إيرَادَ قَاضِي خَانْ عَلَى عَدَمِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَعِنْدَ الْكَشْفِ مَمْنُوعَاتٌ أَيْضًا عِنْدَ قَاضِي خَانْ وَفِي زَمَانِنَا الْكَشْفُ كَثِيرٌ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفَقِيهِ وَقَاضِي خَانْ فِي الْمَنْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْهُمَامِ فَعِنْدَهُ هُوَ الْمَنْعُ الْمُطْلَقُ وَأَنْتَ قَدْ سَمِعْت مِنْ الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا وَسَمِعْت مِنْ الْفَيْضِ أَنَّهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا وَأَيْضًا سَمِعْت عَدَمَ الْمَنْعِ عِنْدَ الْعُذْرِ كَالْحَيْضِ نَعَمْ إنَّ الْحَظْرَ يُرَجَّحُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْقَوْلُ الَّذِي وَقَعَ فِي تَأْيِيدِهِ نَصَّ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي الشِّرْعَةِ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ دُونَ

ص: 14

النِّسَاءِ قِيلَ عَنْ الْإِمَامِ دَخَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام حَمَّامَاتِ الشَّامِ فَقَالَ بَعْضٌ نِعْمَ الْبَيْتُ يُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ وَبَعْضٌ بِئْسَ الْبَيْتُ يُبْدِي الْعَوْرَاتِ وَيُذْهِبُ الْحَيَاءَ (وَقَدْ يَكُونُ) إذْنُ الزَّوْجِ إلَى مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ (بِالسُّكُوتِ فَهُوَ كَالْقَوْلِ) فِي الْإِثْمِ (لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ) فِي إطْلَاقِهِ كَلَامٌ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] فَلَوْ خَرَجَتْ وَسَكَتَ الزَّوْجُ كَانَا عَاصِيَيْنِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ قَالَتْ عَائِشَةُ لِلنِّسَاءِ حِينَ شَكَوْنَ إلَيْهَا مِنْ عُمَرَ لِنَهْيِهِنَّ عَنْ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ لَوْ عَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَلِمَ عُمَرُ مَا أَذِنَ لَهُنَّ وَأَمَّا الْمَنْعُ وَالرَّدُّ بِالْقَوْلِ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْإِذْنُ (فَدَاخِلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَعْرُوفِ) فَيَكُونُ حَرَامًا

(وَمِنْ جُمْلَتِهِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ النَّهْيِ عَنْ الْمَعْرُوفِ (مَنْعُ امْرَأَتِهِ عَنْ تَمْرِيضِ) التَّمْرِيضُ حُسْنُ الْقِيَامِ عَلَى الْمَرِيضِ (أَحَدِ أَبَوَيْهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُمَرِّضُهُ وَيَقُومُ بِحَوَائِجِهِ فَيَأْثَمُ الزَّوْجُ) بِمَنْعِهَا عَنْهُ (وَعَلَيْهَا) وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا عَلَى حَسَبِ اقْتِضَائِهِ (أَنْ تَخْرُجَ) لِذَلِكَ (بِلَا إذْنِهِ) لَفْظًا (إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا بِالْفِعْلِ) فَإِنْ مَنَعَهَا بِالْفِعْلِ امْتَنَعَتْ لِئَلَّا يُفْضِيَ الْأَمْرُ إلَى أَشَدِّ مِنْهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لَهَا أَبٌ زَمِنٌ وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِ إلَّا هِيَ وَالزَّوْجُ يَمْنَعُهَا مِنْ التَّعَاهُدِ تَعْصِي زَوْجَهَا وَتَقُومُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا انْتَهَى وَنَقَلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْقِيَامَ بِتَعَاهُدِ الْوَالِدِ فَرْضٌ عَلَيْهَا فَيُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ

ص: 15