الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَاجَةِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ كَسْبِهِ إنْ حَرَامًا وَتَقُولُ لَهُ إيَّاكَ وَكَسْبَ الْحَرَامِ فَإِنِّي أَصْبِرُ عَلَى الْجُوعِ وَلَا أَصْبِرُ عَلَى النَّارِ وَمِنْ آدَابِهَا أَنْ لَا تَتَفَاخَرَ عَلَى الزَّوْجِ بِجَمَالِهَا وَلَا تَزْدَرِيَ زَوْجَهَا لِقُبْحِهِ وَفَقْرِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ وَتُلَازِمَ الصَّلَاحَ وَالْإِقْبَاضَ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا وَالرُّجُوعَ إلَى اللَّعِبِ وَأَسْبَابِ اللَّذَّةِ فِي حُضُورِهِ وَلَا تُؤْذِي زَوْجَهَا بِحَالٍ وَتَقُومُ بِكُلِّ خِدْمَةٍ تَقْدِرُ عَلَيْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِهَا لَازِمَةً لِمِغْزَلِهَا وَتَمَامُهُ فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ
(وَالْجَاهِلِ لِلْعَالِمِ) فَإِنَّ حَقَّ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ كَحَقِّهِ عَلَى تِلْمِيذِهِ بَلْ آكَدُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الِاسْتِهْزَاءُ بِالْمُعَلِّمِ وَالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ وَعَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي تَخْفِيفُ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ وَعَنْ الْخِزَانَةِ مَنْ آذَى الْعُلَمَاءَ يُنْفَى مِنْ الْبَلَدِ وَعَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إهَانَةُ عُلَمَاءِ الدِّينِ كُفْرٌ (وَهَذَا) أَيْ الرَّدُّ وَعَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ وَعَدَمُ طَاعَتِهِ (قَبِيحٌ جِدًّا) قَطْعًا لِمَا عَرَفْت مِنْ الْوُجُوهِ (يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْزِيرَ) لِأَنَّ الْقُبْحَ إمَّا مُفْضٍ إلَى الْحُرْمَةِ أَوْ الْكَرَاهَةِ وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فَفِيهَا تَعْزِيرٌ (قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلَانِ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا خُطُوطَ الْمُفْتِينَ فَقَالَ الْآخَرُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا كَتَبُوا وَلَا يُعْمَلُ بِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ) لَعَلَّ الْأَمْرَ إنْ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا أَوْ مَدْلُولَ نَصٍّ قَطْعِيٍّ يُكَفَّرُ وَإِنْ اخْتِلَافِيًّا فَإِنْ قَوْلًا مَهْجُورًا فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَإِلَّا فَإِنْ صَاحِبَ رَأْيٍ وَكَانَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ مِنْ عِنْدِهِ وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِرَدِّهِ قَوْلَ الْعَالِمِ وَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا خُصَّ الدَّلِيلُ وَالتَّأْيِيدُ بِالْأَخِيرِ لِقُوَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ وَالضَّرَرِ فِي مُخَالَفَتِهِ اعْلَمْ أَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَفَاوَتُ عَلَى تَفَاوُتِ الْأَشْخَاصِ وَالتُّهَمِ إذْ هُوَ يَكُونُ بِالنَّفْيِ وَبِالْحَبْسِ وَبِالضَّرْبِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَبِالصَّفْعِ وَبِعَرْكِ الْأُذُنِ وَبِالْكَلَامِ الْعَنِيفِ وَبِالْإِعْلَامِ وَتَفْصِيلُهُ فِي الدُّرَرِ
[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السُّؤَالُ عَنْ حِلِّ شَيْءٍ وَحُرْمَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَمَالِكِهِ تَوَرُّعًا]
(الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ)(السُّؤَالُ عَنْ حِلِّ شَيْءٍ وَحُرْمَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَمَالِكِهِ تَوَرُّعًا) لِإِظْهَارِ وَرَعٍ (بِلَا رِيبَةٍ) مُقْتَضِيَةٍ فَلَوْ مَعَ رِيبَةٍ مِنْ الْأَمَارَاتِ وَالْقَرَائِنِ الْخَارِجِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْآفَاتِ كَمَا
يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ (وَلَا أَمَارَةَ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْحُرْمَةِ وَالنَّجَاسَةِ) وَلَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَارَةِ لَا أَقَلَّ مِنْ الشُّبْهَةِ وَالْحَرَامُ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّ مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبْهَةِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ فَاللَّازِمُ هُوَ الِامْتِنَاعُ لَا السُّؤَالُ لَعَلَّ وَجْهَ السُّؤَالِ هُوَ كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الْأَشْيَاءِ الْحِلَّ وَالطَّهَارَةَ وَالْأَصْلُ هُوَ حُسْنُ الظَّنِّ أَيْضًا نَعَمْ الْعَمَلُ بِغَالِبِ الرَّأْيِ جَائِزٌ فِي الدِّيَانَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَافْهَمْ.
(كَمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا فَيَسْأَلَ مَالِكَهُ) أَهَذَا الشَّيْءُ مِلْكٌ لَك أَوْ غَصَبْت أَوْ سَرَقْت (وَهُوَ مَسْتُورٌ أَوْ يُهْدِيهِ رَجُلٌ مَسْتُورٌ) لَا يُعْرَفُ حَالُهُ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ وَحِلِّ مَا فِي يَدِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ وَأَمَّا مَنْ هُوَ مُتَّهَمٌ بِالْخِيَانَةِ فَلَا بَأْسَ حِينَئِذٍ (أَوْ يَدْعُوهُ إلَى ضِيَافَةٍ فَيَسْأَلُ عَنْ حِلِّ الْهَدِيَّةِ وَالطَّعَامِ أَوْ يَأْتِي لَهُ بِمَاءٍ فِي كُوزٍ لِيَشْرَبَ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَفْرِشُ لَهُ ثَوْبًا أَوْ سَجَّادَةً لِيُصَلِّيَ وَلَيْسَ فِيهِ عَلَامَةُ نَجَاسَةٍ فَيَسْأَلُ عَنْ طَهَارَتِهِ فَهَذَا أَذًى لَهُ وَسُوءُ ظَنٍّ أَوْ رِيَاءٌ أَوْ عُجْبٌ أَوْ جَهْلٌ وَتَجَسُّسٌ) حَرَامٌ (وَبِدْعَةٌ) قَبِيحَةٌ لَا يَلِيقُ ارْتِكَابُهُ لِلْمُسْلِمِ (فَعَلَيْك) أَيُّهَا السَّالِكُ (الِاعْتِمَادَ عَلَى الظَّاهِرِ) وَلَا تَتَعَمَّقْ (كَمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -) لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الْأَحْكَامَ قَدْ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّ زَمَانَهُمْ زَمَانُ الصَّلَاحِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَزَمَانَنَا هُوَ زَمَانُ الْفِسْقِ وَالِاعْوِجَاجِ وَلِذَا قَالُوا إنَّ إغْلَاقَ بَابِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ فِي زَمَانِهِمْ وَيَجِبُ فِي زَمَانِنَا (فَإِنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ) وَالْعُدْوَانَ خِلَافُ الْأَصْلِ (وَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْحِلُّ وَالطَّهَارَةُ) فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَإِلَّا فَوَسْوَاسٌ لَا وَرَعٌ (وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ) لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ لَيْسَتْ بِكُلِّيَّةٍ لِتَخَلُّفِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ كَمَا فَصَّلَ فِي الْأَشْبَاهِ وَفِيهِ أَيْضًا الشَّكُّ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ وَهُوَ تَرْجِيحُ جَانِبِ الصَّوَابِ وَالْوَهْمُ رُجْحَانُ جِهَةِ الْخَطَأِ.
وَأَمَّا أَكْبَرُ الرَّأْيِ وَغَالِبُ الظَّنِّ فَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إذَا أَخَذَ بِهِ الْقَلْبُ وَالظَّنُّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ التَّرَدُّدَ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ سَوَاءً اسْتَوَيَا أَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا وَغَالِبُ الظَّنِّ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ وَالْغَالِبُ كَالْمُتَحَقِّقِ عِنْدَهُمْ (وَسَيَجِيءُ لِهَذَا زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .