المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ترك الصلاة عمدا] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٤

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ رَدُّ التَّابِعِ كَلَامَ مَتْبُوعِهِ وَمُقَابَلَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السُّؤَالُ عَنْ حِلِّ شَيْءٍ وَحُرْمَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَمَالِكِهِ تَوَرُّعًا]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ تَنَاجِي الْمُكَالَمَةِ بِالسِّرِّ اثْنَيْنِ عِنْدَ ثَالِثٍ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى مَنْ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الدَّلَالَةُ بِاللِّسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ يُرِيدُ الْمَعْصِيَةَ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ آفَاتِ اللِّسَانِ الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ] [

- ‌الْأَوَّلُ الْمِزَاحُ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ السِّتَّةِ الْمَدْحُ]

- ‌[الثَّالِثُ الشِّعْرُ]

- ‌[الرَّابِعُ السَّجْعُ]

- ‌[الْخَامِسُ الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي]

- ‌[السَّادِسُ آخِرُ الْمَبَاحِثِ فُضُولُ الْكَلَامِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعَادَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا النِّظَامُ لِلْعَالِمِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ الْغَيْرِ الْمُنْقَطِعَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ الْإِبَاحَةُ مِنْ الْعِبَادَاتِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ اللِّسَانِ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ كَتَرْكِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تَرْكُ التَّشَهُّدِ مِنْ آفَاتِ]

- ‌[تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌[تَرْكِ النُّصْحِ]

- ‌[تَرْكِ التَّعْلِيمِ]

- ‌[تَرْكِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْقَاضِي بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى]

- ‌[تَرْكِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ مُبَادَرَةُ الْعَاطِسِ بِالْحَمْدِ]

- ‌[تَرْكُ الِاسْتِئْذَانِ فِي دُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ]

- ‌[تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[تَرْكُ إنْقَاذِ تَخْلِيصِ الْمَظْلُومِ]

- ‌[تَرْكُ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ سُبْحَانَ أَوْ تَبَارَكَ اللَّهُ]

- ‌[تَرْكُ السُّؤَالِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّالِثُ فِي آفَاتِ الْأُذُنِ اسْتِمَاعُ كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[إجَابَةِ دَعْوَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ بِلَا اضْطِرَارٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ بِالِاخْتِيَارِ]

- ‌[رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْجِنَازَةِ وَالزَّحْفِ وَالتَّذْكِيرِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ مِمَّنْ يَقْرَأُ بِلَحْنٍ وَخَطَإٍ بِلَا تَجْوِيدٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ حَدِيثِ قَوْمٍ يَكْرَهُونَهُ]

- ‌[مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الرَّابِعُ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْخَامِسُ فِي آفَاتِ الْيَدِ]

- ‌[إحْرَاقُ كُلِّ حَيٍّ بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ الْحَارِّ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ تَصْوِيرُ صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ إهْلَاكُ الْمَالِ أَوْ نَقْصُهُ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ الْبَطْنِ]

- ‌[الْقَهْوَةُ حُكْمُ شُرْبِهَا]

- ‌[بَعْضَ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الشِّبَعِ وَكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالتَّنَعُّمِ]

- ‌[الْأَكْلُ عَلَى السُّفْرَةِ]

- ‌[آدَابُ الْأَكْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّابِعُ فِي آفَاتِ الْفَرْجِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّامِنُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الرِّجْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ التَّاسِعُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الْبَدَنِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِعُضْوٍ]

- ‌[الْآفَاتِ الْغَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌[قَطْعُ الرَّحِمِ]

- ‌[تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مُجَالَسَةُ جَلِيسِ السُّوءِ]

- ‌[فَتْحُ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ وَعَدَمُ دَفْعِهِ]

- ‌[الْقُعُودُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ]

- ‌[الِانْحِنَاءُ فِي السَّلَامِ]

- ‌[حُكْم الْوَشْمُ]

- ‌[تَرْكُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ]

- ‌[تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا]

- ‌[تَرْكُ الزَّكَاةِ]

- ‌[تَرْكُ الْحَجِّ الْفَرْضِ]

- ‌[الْعِينَةُ]

- ‌[نِسْيَانُ الْقُرْآنِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ]

- ‌[الرِّبَا]

- ‌[الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[إيقَادُ الشُّمُوعِ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[إمْسَاكُ الْمَعَازِفِ]

- ‌[رُكُوبُ الْبَحْرِ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْغَرَقِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[قِيَامُ الْقَارِئِ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَعَالِمٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ خَاتِمَةُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ فِي أُمُورٍ يُظَنُّ أَنَّهَا مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الدِّقَّة فِي أَمَرَ الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل مِنْ الدِّقَّةُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة أَنَّهَا بِدْعَة لَمْ تصدر عَنْ النَّبِيّ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ صِنْفَانِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي مَا ورد عَنْ أَئِمَّتنَا الْحَنَفِيَّة فِي عَدَمِ الدِّقَّةِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْوَسْوَسَةِ وَآفَاتِهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي عِلَاجِ الْوَسْوَسَةِ]

- ‌[مَرَاتِب الْوَسْوَسَة]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّوَرُّع التَّكَلُّفِ فِي تَحْصِيلِ الْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أُمُورٍ مُبْتَدَعَةٍ بَاطِلَةٍ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[ترك الصلاة عمدا]

الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَأَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ النَّهْيِ لِلْإِبَاحَةِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «كُلُوهُ» ، «وَمَنْ أَكَلَهُ مِنْكُمْ فَلَا يَقْرَبْ هَذَا الْمَسْجِدَ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ» ، ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ زَيْنُ الْحُفَّاظِ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَلِتِلْكَ الْأَحَادِيثِ قَالُوا فَمَنْ أَكَلَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ إنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ عَلَى ظَنِّ زَوَالِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَزُلْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ أَكَلَ قَصْدًا مَعَ الْجَزْمِ بِعَدَمِ زَوَالِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقُعُودُ وَيَأْثَمُ، ثُمَّ قِيلَ وَمِنْ هَذَا اُسْتُدِلَّ عَلَى كَرَاهَةِ الدُّخَانِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْيَحَيَائِيَّةِ مَنْ لَهُ شَائِبَةُ صَلَاحٍ لَا يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي دُخُولِهِ تَحْتَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ اُسْتُوْفِيَ مِرَارًا، وَفِي الشِّرْعَةِ وَقِيلَ مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ فَلْيَأْكُلْ فَوْقَهُ كَرَفْسًا، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِرِيحِهِ، وَفِي شَرْحِهِ وَقِيلَ مَضْغُ السَّذَابِ يَذْهَبُ بِرِيحِهِ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْبَصَلِ وَالثُّومِ مَطْبُوخَيْنِ وَلَا يَأْكُلُ النَّيْيءَ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُؤْذِي الْمَلَائِكَةَ، وَفِيهِ أَيْضًا وَقَدْ رُخِّصَ تَرْخِيصًا أَكْلُ الْبَصَلِ لِمَنْ دَخَلَ أَرْضًا فَلْيَأْكُلْ مِنْ بَصَلِهَا لِيَذْهَبَ عَنْهُ وَبَاؤُهَا أَيْ وَخَامَتُهَا وَهَلَاكُهَا.

[تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا]

(وَمِنْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا) أَمَّا التَّرْكُ بِالنِّسْيَانِ أَوْ النَّوْمِ وَخُرُوجِ الْوَقْتِ فَمَعْذُورٌ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا ذَكَرَهَا وَكَذَا التَّرْكُ عَمْدًا بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الشَّرْعِيَّةِ مِثْلُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ لِلْمَرِيضِ وَعَلَى التَّوَضُّؤِ وَالتَّيَمُّمِ لِمَنْ هُوَ مَحْبُوسٌ فِي السَّجْنِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ هُمَا يَلْزَمُ الْمَحْبُوسَ التَّشَبُّهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ لِمُسَافِرٍ أَقَامَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَكَذَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا طَهُرَتْ فِيهِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَلْزَمُ التَّشَبُّهُ (وَهُوَ مِنْ) أَكْبَرِ (الْكَبَائِرِ) كَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالزِّنَا وَاللُّوَاطَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (قَالَ الْإِمَامُ الْمُنْذِرِيُّ رحمه الله) مِنْ الْمُحَدِّثِينَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَى كَوْنِهِ) أَيْ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا (كُفْرًا مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّهُمْ مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ (- رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو دَاوُد وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ (وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ) مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ (وَغَيْرُهُمْ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) وَعَنْ كِفَايَةِ الشَّعْبِيِّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَفَاسِقٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْوِصَايَةِ وَالْإِمَامَةِ وَيَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ وَيَكُونُ صَاحِبَ كَبِيرَةٍ كَالزَّانِي وَالْقَاتِلِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَوَاتِ وَكَذَا الْجَمَاعَةُ إلَّا عَنْ تَأْوِيلٍ وَكَذَا الْجُمُعَةُ، وَفِيمَا نُقِلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ بِلَفْظِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ يَعْنِي بِالْمُفْرِدِ، وَفِي التتارخانية عَنْ الْخَانِيَّةِ تَأْخِيرُ فَرْضٍ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَفِي تَعْزِيرِ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا رَجُلٌ لَا يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ بِأَخْذِ الْمَالِ إنْ رَأَى الْقَاضِي وَمَا فِي الْبَزَّازِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمَالَ بَعْدَهُ فَتُعُقِّبَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتِفَاءُ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّعْزِيرِ وَهُوَ الزَّجْرُ وَالتَّأْدِيبُ، وَفِي النِّصَابِ وَيُخَوِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ بِإِحْرَاقِ الْبَيْتِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا تُصَلِّي فَالْأَوْلَى تَطْلِيقُهَا، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ تَارِكُهَا عَمْدًا يُقْتَلُ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمَكْحُولٍ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ كُفْرًا، وَعِنْدَ غَيْرِهِ حَدًّا وَيُحْبَسُ أَبَدًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقِيلَ يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وَقِيلَ

ص: 182

يُضْرَبُ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ الْآثَارَ الدَّالَّةَ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ عَلَى عَادَتِهِ لَعَلَّهُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِشُهْرَتِهَا وَوُضُوحِهَا فَلْنَذْكُرْ بَعْضَهَا كَحَدِيثِ الْجَامِعِ «عُرَى الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَهُوَ كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ قَبِيلِ الزَّجْرِ وَالتَّهْوِيلِ أَوْ عَلَى مُسْتَحِلِّ التَّرْكِ قَالَ الذَّهَبِيُّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مُقَرَّرٌ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الزَّانِي وَمُدْمِنِ الْخَمْرِ بَلْ يَشُكُّونَ فِي إسْلَامِهِ وَيَظُنُّونَ بِهِ الزَّنْدَقَةَ وَالْإِلْحَادَ وَكَحَدِيثِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَصَابِيحِ وَالْجَامِعِ «بَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ تَرْكُهَا وَصْلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ.

، وَعَنْ الْمَفَاتِيحِ يَعْنِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ دُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ فَيَكْفُرُ إنْ جَحْدًا وَيُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إنْ تَهَاوُنًا وَكَحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْجَامِعِ «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ جِهَارًا» .

وَكَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ، وَفِيهِ أَيْضًا «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» .

وَكَحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ فِيهِ أَيْضًا «مَنْ تَرَكَ صَلَاةً لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ غَضْبَانُ» .

وَحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ فَمَنْ أَقَامَهَا فَقَدْ أَقَامَ الدِّينَ وَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ هَدَمَ الدِّينَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَمِنْ ثَمَّةَ «أَيْقَظَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبَّ آلِهِ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ حَتَّى جَلَسَ عَلِيٌّ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ يَعْرُكُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ وَاَللَّهِ مَا نُصَلِّي إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا إنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَوَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ وَيَقُولُ مَا نُصَلِّي إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا} [الكهف: 54] » .

وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ خَمْسِينَ سَنَةٍ، فَإِذَا جَاءَ السَّحَرُ قَالَ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَعْطَيْت أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي ذَلِكَ فَلَمَّا مَاتَ وَسَدُّوا لَحْدَهُ وَقَعَتْ لَبِنَةٌ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي حَالًا وَشَهِدَ ذَلِكَ مَنْ حَضَرَ فِي جِنَازَتِهِ وَكَانَ يَقُولُ الصَّلَاةُ خِدْمَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْهَا لَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: 39] انْتَهَى.

وَحَدِيثُ الطَّبَرَانِيِّ «وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلُحَ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ» .

وَحَدِيثُ صِحَاحِ الْمَصَابِيحِ «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَإِنْ مُؤَوَّلَاتٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَكِنَّ الدَّاعِيَ إلَى الْمَجَازِ هُوَ التَّهْدِيدُ وَزِيَادَةُ التَّرْهِيبِ وَزِيَادَةُ الْبَيَانِ.

(وَمِنْهَا تَرْكُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ الْفَرْضَيْنِ) وَأَمَّا التَّأْخِيرُ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الصَّلَاةُ أَوْ الْجَمَاعَةُ فَجَائِزٌ، وَفِي الشِّرْعَةِ «الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَمِفْتَاحُ الصَّلَاةِ وَمُطَهِّرُ الْبَدَنِ مِنْ الْآثَامِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ بَاتَ عَلَى وُضُوءٍ بَاتَ مَعَهُ فِي شِعَارِهِ مَلَكٌ يَسْتَغْفِرُ لَهُ» فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي شَرْحِهِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبُسْتَانِ أَنَّ كُرْزَ بْنَ وَبَرَةَ تَوَضَّأَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا ثَمَانِينَ مَرَّةً حِرْصًا عَلَى الْمَوْتِ بِالْوُضُوءِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «إنْ أَتَاك مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَنْتَ عَلَى وُضُوءٍ لَمْ تَفُتْك الشَّهَادَةُ» ، وَعَنْ الْبُسْتَانِ أَيْضًا «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - لِمُوسَى يَا مُوسَى إذَا أَصَابَتْك مُصِيبَةٌ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَا تَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَك» ، وَفِي الْمَصَابِيحِ «خَيْرُ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا مُؤْمِنٌ» ، وَعَنْ بَعْضٍ: مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْوُضُوءِ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِسَبْعِ خِصَالٍ الْأَوَّلُ تَرْغَبُ الْمَلَائِكَةُ فِي صُحْبَتِهِ الثَّانِي لَا يَزَالُ الْقَلَمُ رَطْبًا مِنْ كِتَابَةِ ثَوَابِهِ الثَّالِثُ تَسْبِيحُ أَعْضَائِهِ وَجَوَارِحِهِ الرَّابِعُ لَا تَفُوتُهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى الْخَامِسُ إذَا نَامَ بَعَثَ مَلَكًا يَحْفَظُهُ مِنْ شَرِّ الثَّقَلَيْنِ السَّادِسُ يُسَهِّلُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي أَمَانِ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ عَلَى الْوُضُوءِ.

ص: 183

(وَمِنْهَا تَرْكُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَقْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْوَاجِبِ عَلَى قَوْلٍ، وَفِي الدُّرَرِ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقِيلَ فَرْضٌ لِلرِّجَالِ وَجَزَمَ فِي الْكَنْزِ بِكَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مُسْتَحَبَّةٌ وَالصَّحِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إلَّا بِعُذْرٍ مِثْلِ الظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ وَالْمَطَرِ وَالْمَرَضِ وَالْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ وَالْخَوْفِ مِنْ الدَّائِنِ وَمِنْ السُّلْطَانِ وَخَوْفِ ذَهَابِ الرُّفَقَاءِ وَخِدْمَةِ الْمَرِيضِ وَكَذَا إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَنَفْسُهُ تَتَشَوَّقُ إلَيْهِ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَتُوبُوا، وَعَنْ الْقَاضِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا فَظَاهِرُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَذَهَبَ الْبَاقُونَ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَقَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد إنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ بِوُجُوبِهَا انْتَهَى (وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُنْذِرِيُّ وَمِمَّنْ قَالَ بِفَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ) عَيْنًا (مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَمِنْ غَيْرِهِمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَطَاءٌ وَأَبُو ثَوْرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]- أَمَرَ بِالرُّكُوعِ مَعَ الْمُقَارَنَةِ لِلرَّاكِعَيْنِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى بِدُونِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَالْكَرْخِيِّ لَوْ تَرَكَ أَهْلُ قَرْيَةٍ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ بَلْ صَلَّوْا فُرَادَى لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ أَصْلًا، وَإِنْ فَعَلَهَا الْبَعْضُ تَجُوزُ صَلَاةُ الْبَاقِينَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً إذَا تَرَكَ أَهْلُ قَرْيَةٍ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ صَلَّوْا فُرَادَى دَعَاهُمْ الْإِمَامُ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ وَكَذَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي السِّوَاكِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَأَيْضًا عَنْ الْغَايَةِ أَنَّ عَامَّةَ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ، وَعَنْ التُّحْفَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ، فَالْمُرَادُ مِنْ السُّنَّةِ رَاجِعٌ إلَى الْوُجُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةً لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ، وَعَنْ الْبَدَائِعِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ، وَأَيْضًا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَشَرِيعَةٌ مَاضِيَةٌ وَلَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا لِأَحَدٍ إلَّا لِعُذْرٍ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ مِصْرٍ يُؤْمَرُونَ بِهَا، فَإِنْ ائْتَمَرُوا وَإِلَّا فَتَحِلُّ مُقَاتَلَتُهُمْ، ثُمَّ قِيلَ إنَّ الْمُقَاتَلَةَ لَا تَحِلُّ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ يُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا، وَفِي قَاضِي خَانْ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِالْجَمَاعَةِ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ بَطَلَتْ عَدَالَتُهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ إلَّا بِتَأْوِيلٍ، وَعَنْ الِاخْتِيَارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ تَارِكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَعَنْ الْخَصَّافِ مَرَّةً بِلَا عُذْرٍ، وَفِي الْجَامِعِ عَلَى تَخْرِيجِ الدَّارَقُطْنِيِّ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» فَأَهْلُ الْوُجُوبِ احْتَجُّوا بِظَاهِرِهِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ حَمَلُوهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ وَأُورِدَ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَذْفِ صِفَةٍ وَهُوَ لَيْسَ بِجَائِزٍ وَأُجِيبَ بِإِرَادَةِ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ لَا كَمَالَ صَلَاةٍ وَأَنْتَ تَعْلَمُ جَوَازَ

ص: 184

حَذْفِ الصِّفَةِ كَمَا قَالُوا فِي - {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} [المائدة: 68]- أَيْ نَافِعٍ وَأُورِدَ عَلَى أَهْلِ الْوُجُوبِ بِأَنَّ نَفْيَ الْأَعْيَانِ إمَّا نَفْيُ الْإِجْزَاءِ أَوْ الْكَمَالِ، وَعِنْدَ الِاحْتِمَالِ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَال وَهُوَ أَيْضًا كَمَا تَرَى إذْ النُّصُوصُ مَحْمُولَةٌ عَلَى ظَوَاهِرِهَا، وَمَا لَمْ تَتَعَذَّرْ الْحَقِيقَةُ لَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ لَكِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْحَدِيثِ مِنْ الضَّعْفِ إلَى الْوَضْعِ وَدُفِعَ بِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ وَالشَّافِعِيِّ، ثُمَّ قِيلَ وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ وَمِنْ شَوَاهِدِهِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» .

، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ» الِاحْتِطَابُ جَمْعُ الْحَطَبِ «، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ» أَيْ أُخَاصِمُ وَأُحَارِبُ «إلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ» .

وَمِنْ حَدِيثِ النَّسَائِيّ «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ» ، وَعَنْ تَنْبِيهِ أَبِي اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ وَلَا يَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَاتِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ فِي النَّارِ فَاخْتَلَفَ إلَيْهِ شَهْرًا يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَقُولُ فِي النَّارِ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ عَزَّى بَعْضُ أَصْحَابِ حَاتِمٍ الْأَصَمِّ إيَّاهُ لِفَوْتِهِ جَمَاعَةً فَبَكَى وَقَالَ لَوْ مَاتَ لِي ابْنٌ وَاحِدٌ لَعَزَّانِي نِصْفُ أَهْلِ بَلْخٍ وَالْآنَ قَدْ فَاتَنِي جَمَاعَةٌ فَمَا عَزَّانِي إلَّا بَعْضُ أَصْحَابِي وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لِي الِابْنَانِ جَمِيعًا لَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ فَوْتِ هَذِهِ، وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ كَانَ السَّلَفُ يُعَزُّونَ أَنْفُسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إذَا فَاتَتْهُمْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى وَيُعَزُّونَ سَبْعًا إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ.

(وَمِنْهَا تَرْكُ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ) أَيْ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ قُدِّرَ أَدْنَاهُ بِتَسْبِيحَةٍ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفَرْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالثَّلَاثَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَفِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ وَجِلْسَةِ السَّجْدَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ وَصَوَّبَهُ الْحَلَبِيُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَمُلْتَقَى الْأَبْحُرِ عَنْ الْعَيْنِيِّ وَلَكِنَّ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ التَّعْدِيلَ وَاجِبٌ فِي نَفْسِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَسُنَّةٌ فِي الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ.

وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْجُرْجَانِيِّ فَفِي الْأَرْبَعَةِ سُنَّةٌ، وَفِي دُرِّ الْمُبْتَغَى الْمَشْهُورُ أَنَّ مُكَمِّلَ الْفَرْضِ وَاجِبٌ وَمُكَمِّلَ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ، وَعَنْ هِشَامٍ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَخَافُ عَدَمَ جَوَازِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ اعْتِدَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَفِي الْحَلَبِيِّ وَكَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَنْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فَالْفَرْضُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ.

وَعَنْ ابْنِ الْهُمَامِ الثَّانِيَةُ جَابِرَةٌ لِلْأُولَى عَلَى مَا هُوَ حُكْمُ كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ بِكَرَاهَةِ تَحْرِيمٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي طُمَأْنِينَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَنْهُمَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ أَصَحُّهَا الْوُجُوبُ فِي السُّنَّةِ فَاحْتِمَالُ إكْمَالِ الرُّكْنِيَّةِ، وَفِي طُمَأْنِينَةِ الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا السُّنِّيَّةُ، ثُمَّ الْوُجُوبُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَالرِّوَايَاتِ وُجُوبُ الْأَرْبَعَةِ: طُمَأْنِينَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرَفْعُ الرَّأْسِ عَنْهُمَا، وَالْقَوْمَةُ، وَالْجِلْسَةُ، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِمَا. فَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا عَمْدًا أَثِمَ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ سَهْوًا فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ كَحَدِيثِ «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» وَكَحَدِيثِ «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» ثَلَاثًا لِمَنْ خَفَّفَ الصَّلَاةَ وَكَحَدِيثِ «لَوْ مَاتَ هَذَا عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَهُ لِمَنْ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيُسْرِعُ فِي سُجُودِهِ وَكَحَدِيثِ «لَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةٍ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «لَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ» الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام عَلَيْهَا وَكَحَدِيثِ «أَسْوَأُ السَّرِقَةِ الَّذِي يَسْرِقُ فِي صَلَاتِهِ بِأَنْ لَا يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ» وَكَحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» أَيْ يَتْرُكُ الْقَوْمَةَ وَالْجِلْسَةَ وَكَحَدِيثِ «مَثَلُ الَّذِي لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي صَلَاتِهِ كَمَثَلِ حُبْلَى حَمَلَتْ فَلَمَّا دَنَا نِفَاسُهَا أَسْقَطَتْ فَلَا هِيَ ذَاتُ حَمْلٍ وَلَا هِيَ ذَاتُ وَلَدٍ» وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُعَدَّلِهِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي دَلِيلِ الْفَرْضِيَّةِ لِأَبِي يُوسُفَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ «صَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» قَالَ

ص: 185

- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ» إلَى أَنْ قَالَ، «ثُمَّ يُكَبِّرَ لِلصَّلَاةِ فَيَرْكَعَ فَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلَهُ وَتَسْتَرْخِيَ» الْحَدِيثَ انْتَهَى، ثُمَّ عَدَّ الْمُصَنِّفُ آفَةَ تَرْكِ التَّعْدِيلِ إلَى أَنْ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ مِنْهَا الْمَوْتُ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهَا كَوْنُهُ سَبَبًا لِفَسَادِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ.

(وَ) تَرْكُ (تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ) فَإِنَّ تَرْكَهَا مُوجِبٌ لِإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ وَالْمُخَالَفَةِ فِي قُلُوبِهِمْ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ فِي الصُّفُوفِ مُخَالَفَةٌ فِي الظَّوَاهِرِ وَمُخَالَفَتُهَا سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِنِ وَقِيلَ سَبَبٌ لِلْفِتَنِ وَلِذَا صَارَتْ التَّسْوِيَةُ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً، وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ الْإِجْمَاعُ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ تَأْكِيدًا أَوْ تَحْرِيضًا عَلَى فِعْلِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ، وَفِي حَدِيثِ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَوَاَللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ» أَيْ لَيُوقِعَنَّ اللَّهُ الْمُخَالَفَةَ «بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» ، وَفِي الْمُعَدَّلِ عَلَى تَخْرِيجِ أَبِي دَاوُد وَأَحْمَدَ «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إخْوَانِكُمْ وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى» أَيْ أَبْعَدَهُ مِنْ ثَوَابِهِ وَمَزِيدِ رَحْمَتِهِ وَرَفْعِ دَرَجَتِهِ إذْ الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ فَيُسَنُّ انْضِمَامُ الْمُصَلِّينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَيْسَ بَيْنَهُمْ فُرْجَةٌ وَلَا خَلَلٌ كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَعْدِيلِ الصَّفِّ وَسَدِّ خَلَلِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ أَجْمَعُهَا هَذَا الْحَدِيثُ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ» سَوُّوهَا فِي الصَّلَاةِ «وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ» بِحَيْثُ يُسَامِتُ مَنْكِبُ بَعْضٍ لِمَنْكِبِ الْآخَرِ، وَالْأَعْنَاقُ وَالْأَقْدَامُ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ.

(تَنْبِيهٌ)

مَشْرُوعِيَّةُ صُفُوفِ الصَّلَاةِ لِيَتَذَكَّرَ الْإِنْسَانُ بِهَا وُقُوفَهُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ الْمَهُولِ، وَالشُّفَعَاءُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِمَنْزِلَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ يَتَقَدَّمُونَ الصُّفُوفَ وَصُفُوفُهُمْ فِي الصَّلَاةِ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَقَدْ أَمَرْنَا الْحَقُّ أَنْ نَصُفَّ فِي الصَّلَاةِ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ، وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ إقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ» لِمَا فِي التَّسْوِيَةِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَعَدَمِ تَخَلُّلِ الشَّيَاطِينِ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ مَعَ كَثْرَةِ جَمْعِهِمْ وُفِيَهُ أَيْضًا «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا تَضَامُّوا وَتَلَاصَقُوا فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَرَى الشَّيَاطِينَ بَيْنَ صُفُوفِكُمْ يَتَخَلَّلُونَهَا كَأَنَّهَا غَنَمٌ عُفْرٌ» أَيْ بِيضٌ. وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّفُّ فِي الصَّلَاةِ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَعَنْ حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ «لَتُسَوُّنَّ الصُّفُوفَ أَوْ لَتُطْمَسَنَّ الْوُجُوهُ أَوْ لَتُغْمَضَنَّ أَبْصَارُهُمْ» ، وَفِي الْجَامِعِ «أَحْسِنُوا إقَامَةَ الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ» أَيْ أَتِمُّوهَا وَسُدُّوا الْخَلَلَ فِيهَا وَسَوُّوهَا عَلَى اعْتِدَالِ الْقَائِمَيْنِ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ، وَيُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى مِنْهُ خَلَلًا فِي تَسْوِيَةِ الصَّفِّ وَيُسَنُّ إذَا كَبُرَ الْمَسْجِدُ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ رَجُلًا بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَيَطُوفَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُنَادِيَ فِيهِمْ، وَيُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَالْمُرَادُ بِتَسْوِيَتِهَا إتْمَامُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَسَدُّ الْفُرَجِ وَتَحَرِّي الْقَائِمَيْنِ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ صَدْرُ وَاحِدٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مَنْ هُوَ بِجَنْبِهِ، وَعَنْ صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي نَاحِيَةَ الصَّفِّ فَيُسَوِّي صُدُورَ الْقَوْمِ وَمَنَاكِبَهُمْ وَيَقُولُ لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ» .

وَعَنْ الطَّبَرَانِيِّ «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ تَسْتَوِ قُلُوبُكُمْ وَتَمَاسُّوا تَرَاحَمُوا» وَتَمَامُهُ فِي الْمُعَدَّلِ وَقَدْ عَرَفْت مِمَّا ذُكِرَ أَيْضًا لُزُومَ لُزُوقِ الْمَنَاكِبِ وَلُصُوقِهَا.

(وَ) تَرْكُ (مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ) فِي الْأَفْعَالِ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ عَلَيْهِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التتارخانية لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ يَجِبُ عَوْدُهُ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا عَنْ الْكَافِي أَيْضًا وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْآثَارُ فَكَثِيرَةٌ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُعَدَّلِ (وَقَدْ صَنَّفْنَا فِي) بَيَانِ (هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) رِسَالَةَ (مُعَدَّلِ الصَّلَاةِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا عُصَارَةَ مَا فِيهَا

ص: 186

(فَعَلَيْك بِهِ) رُجُوعًا وَعَمَلًا.

(وَ) مِنْهَا (تَرْكُ كُلِّ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ) وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبَّةِ لَا سِيَّمَا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى التَّرْكِ، وَإِنْ كَانَ آفَةً أَيْضًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ (كَاعْتِكَافِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ) فَإِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَيْنًا بِلَا عُذْرٍ لِعَدَمِ تَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مُذْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُوَاظَبَةِ فَلِدَلِيلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ (وَكَالتَّرَاوِيحِ) فَإِنَّ نَفْسَهَا سُنَّةُ عَيْنٍ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ (وَالْجَمَاعَةِ فِيهَا، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ) فَبِإِقَامَةِ الْبَعْضِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ سَقَطَتْ الْإِسَاءَةُ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَلَا (وَالْخَتْمِ فِيهَا) مَرَّةً وَيَخْتِمُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَلَا يُتْرَكُ الْخَتْمُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَوْ كَانَ إمَامُ مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَخْتِمُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إلَى غَيْرِهِ، وَعَنْ الظَّهِيرِيَّةِ الْخَتْمُ مَرَّةً فِي التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَمَرَّتَيْنِ فَضِيلَةٌ وَثَلَاثًا أَفْضَلُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إحْدَى وَسِتِّينَ خَتْمَةً ثَلَاثِينَ فِي اللَّيَالِي وَثَلَاثِينَ فِي الْأَيَّامِ وَوَاحِدَةً فِي التَّرَاوِيحِ كَمَا نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ فَيُتَأَمَّلُ مِمَّا سَبَقَ. وَلَعَلَّ أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا أَنْ لَا يَقْرَأَ بِمَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَأَنَّ دَفْعَ الْإِسَاءَةِ عَنْ الْإِمَامِ لِتِلْكَ الضَّرُورَةِ وَلَكِنْ لَا يَدْفَعُهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ثَقُلَ عَلَيْهِمْ الْخَتْمُ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ أَصْلَ الْكُلِّ يَعْنِي السُّنَّةَ الْقَدِيمَةَ لَا يُغَيَّرُ بِالْعَوَارِضِ الْبِدْعِيَّةِ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُحْبَسُ الْفَارُّونَ وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ بَعْضٌ بِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مُرَاعَاةِ أَدْنَى السُّنَّةِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِقِرَاءَةِ عَشْرِ آيَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ أَعْلَى السُّنَّةِ كَثَلَاثِينَ آيَةً وَكَذَا أَوْسَطُهَا كَعِشْرِينَ آيَةً يُتْرَكَانِ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، وَأَمَّا أَدْنَى السُّنَّةِ فَعَشْرٌ لِقَوْمٍ كَسَالَى فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَلَا يُتْرَكُ الْخَتْمُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، وَعَنْ الْأَكْمَلِ يُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرُ آيَاتٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا لِلنَّاسِ وَيَحْصُلُ بِهِ أَدْنَى السُّنَّةِ، قِيلَ وَإِنَّمَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِرَدِّ مَنْ قَالَ يَقْرَأُ أَقَلَّ مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ لِكَسَلِ الْقَوْمِ أَقُولُ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَنْقُولِ عَنْ الِاخْتِيَارَاتِ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي التَّرَاوِيحِ مَا يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَهُوَ مَا بَعْدَ سُورَةِ " لَمْ يَكُنْ " وَلَعَلَّ التَّعْلِيلَ بِأَنَّ التَّرَاوِيحَ أَخَفُّ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَمِثْلُهُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ، وَقَدْ سَمِعْت ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ آنِفًا، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ بَعْدَمَا نَقَلَ مِثْلَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ قَالَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يَحْصُلُ الْخَتْمُ وَالْخَتْمُ فِي التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَقِيلَ يَقْرَأُ فِي التَّرَاوِيحِ مَا يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ التَّرَاوِيحَ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله مِنْ قِرَاءَةِ عَشْرِ آيَاتٍ وَهُوَ تَخْفِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ وَلَا يَتْرُكُ الْإِمَامُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ كَأَنْ يَقْرَأَ مَا بَعْدَ سُورَةِ " لَمْ يَكُنْ " أَوْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ بِلَا عُذْرٍ، وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا فِي كَبِيرِ الْحَلَبِيِّ فَلَا يَتْرُكُ الْخَتْمَ لِكَسَلِ الْقَوْمِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَا يَتْرُكُ سُنَنَ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ كَسَلِ الْجَمَاعَةِ كَالتَّسْبِيحَاتِ وَكَذَا عَنْ النَّوَازِلِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْخَتْمُ وَبِهِ يَحْصُلُ الْخَتْمُ، وَأَيْضًا فِي الْكَنْزِ وَلَا يَتْرُكُ الْخَتْمَ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله الْعَشْرُ تَخْفِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى ثَلَاثِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ سُنَّةٍ؛ لِأَنَّ

ص: 187

الْمَطْلُوبَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَنْبَغِي فِدَاءُ رِضَا اللَّهِ وَسُنَّةِ حَبِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَوَى النَّاسِ وَرِضَاهُمْ، وَعَنْ قَاضِي خَانْ قِرَاءَةُ ثَلَاثِ آيَاتٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُنَافَاتِهِ لِسُنَّةِ التَّرَاوِيحِ مِنْ الْخَتْمِ مَرَّةً، وَعَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ إنْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَإِنْ اعْتَادَ يَنْقَلِبُ تَحْرِيمًا كَمَا يَقْرَأُ آيَتَيْنِ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ تَعَمَّدَا فَآثِمٌ وَمَا نُقِلَ عَنْ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَمْ يُسِئْ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ عَلَى الضَّرُورَةِ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ مِنْ فَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ وَإِلَّا فَلَا يُعَارَضُ قَوْلُ الْمُفْتِي بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ وَقَوْلُ الْمُقَلِّدِ بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ وَالْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَالْمَوْثُوقَةِ بِغَيْرِهَا، ثُمَّ أَقُولُ قَدْ عَرَفْت مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْحَافِظُ الْقَادِرُ عَلَى الْخَتْمِ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَوْ قَرَأَ قَدْرَهُ مِمَّا شَاءَ كَأَنْ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ إتْيَانِ سُنَّةِ التَّرَاوِيحِ.

(وَالسِّوَاكِ) فَإِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ فَالْكَلَامُ إمَّا فِي نَفْسِهِ أَوْ وَقْتِهِ أَوْ كَيْفِيَّتِهِ أَوْ مَنَافِعِهِ أَوْ فَضَائِلِهِ أَوْ حُكْمِهِ أَمَّا نَفْسُهُ فَأَيُّ شَجَرٍ كَانَ أَرَاكًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْأَرَاكَ وَيُكْرَهُ بِمُؤْذٍ كَالْقَصَبِ وَيَحْرُمُ بِذِي سُمٍّ وَيَكُونُ رَأْسُهُ لَيِّنًا رَطْبًا أَوْ غَيْرَ رَطْبٍ مَبْلُولًا أَوْ لَا مُسْتَوِيًا بِلَا عُقَدٍ فِي غِلَظِ خِنْصَرٍ وَطُولِ شِبْرٍ وَلَا يُزَادُ عَلَى الشِّبْرِ وَإِلَّا فَالشَّيْطَانُ يَرْكَبُهُ. مِنْ شَجَرٍ مُرٍّ سِيَّمَا مَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَحَلُّ وَضْعِهِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاكٌ فَبِأَصَابِعِهِ بِأَيِّ إصْبَعٍ وَالْأَوْلَى بِالسَّبَّابَتَيْنِ الْيُسْرَى، ثُمَّ الْيُمْنَى وَأَنْ يَسْتَاكَ بِإِبْهَامِهِ الْيُمْنَى يَبْدَأُ بِإِبْهَامِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ يَسْتَاكُ فَوْقًا وَتَحْتًا، ثُمَّ بِالسَّبَّابَةِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَيَسْتَاكُ فَوْقًا وَتَحْتًا.

وَأَمَّا وَقْتُهُ فَفِي أَيِّ حَالٍ طَاهِرًا أَوْ مُحْدِثًا جُنُبًا أَوْ حَائِضًا صَائِمًا أَوْ مُفْطِرًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا غَدَاةً أَوْ عَشِيًّا حَالَةَ الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرَ حَالَةِ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ وَقِيلَ قَبْلَهَا وَقِيلَ حِينَ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ لِلْوُضُوءِ عِنْدَنَا إلَّا إذَا نَسِيَهُ فَيُنْدَبُ لِلصَّلَاةِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْآثَارِ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي الْوُضُوءِ وَمُسْتَحَبَّةٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مُؤَكَّدَةٌ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِهِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ طَالَ عَهْدُ الِاسْتِيَاكِ بِحَيْثُ تَغَيَّرَ رَائِحَةُ الْفَمِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الضِّيَاءِ شَارِحُ الْجَلَاءِ مُورِدًا عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ نَاقِلًا عَنْ التَّشْرِيحِ أَنَّهُ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِكَرَاهَةِ الِاسْتِيَاكِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَجْرَحُ الْفَمَ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام اسْتِيَاكٌ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَقَدْ حَرَّرْنَا فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ كَالتَّتَارْخَانِيَّةِ وَيُسْتَحَبُّ السِّوَاكُ عِنْدَنَا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ، وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْحَلَبِيِّ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ الْوُضُوءِ وَالْقُهُسْتَانِيّ فَيُسَنُّ أَوْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا وَمِنْ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ الْجَامِعِ «كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَيَسْتَاكُ» قَالَ شَارِحُهُ عَنْ أَبِي شَامَةَ يَعْنِي يَتَسَوَّكُ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَعَنْ الْعِرَاقِيِّ فَيَسْتَاكُ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَالضُّحَى وَالتَّرَاوِيحِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ وَحَدِيثُهُ أَيْضًا «فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعِينَ ضِعْفًا» ، وَأَيْضًا «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ» وَحَدِيثُ «لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَحَدِيثُ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ كَمَا فَرَضْت عَلَيْهِمْ الْوُضُوءَ» وَحَدِيثُ «صَلَاةٌ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ» قَالَ فِي الْجَلَاءِ وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ وَحَقِيقَتُهُمَا فِيمَا اتَّصَلَ بِهِ حِسًّا أَوْ عُرْفًا وَكَذَا حَقِيقَةُ كَلِمَةِ مَعَ وَعِنْدَ، وَالنُّصُوصُ مَحْمُولَةٌ عَلَى ظَوَاهِرِهَا إذَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ هُنَا فَلَا مَسَاغَ إذَنْ إلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ، وَتَمَامُ تَفْصِيلِهِ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ ثُمَّ مِنْ وَقْتِهِ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ يُغَيِّرُ فَمَهُ، وَعِنْدَ التَّيَقُّظِ، وَعِنْدَ اصْفِرَارِ السِّنِّ وَتَغْيِيرِ رَائِحَةٍ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَيُكْرَهُ فِي الْخَلَاءِ.

وَأَمَّا كَيْفِيَّتُهُ فَيَأْخُذُهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى كَيْفَ يَشَاءُ، وَإِنْ خُصَّ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ وَيَبْدَأُ بِالْأَسْنَانِ الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ بِالْأَيْسَرِ، وَإِنْ شَاءَ يَبْدَأُ بِالسُّفْلَى مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَفِي الْبَحْرِ وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِالْعُلْيَا مِنْ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ بِالسُّفْلَى مِنْ جَانِبِهِ، ثُمَّ بِالْعُلْيَا مِنْ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ بِالسُّفْلَى ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَسْتَاكُ عَرْضًا وَالْأَقْيَسُ طُولًا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَقِيلَ عَرْضًا وَطُولًا وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ بَلْ يَسْتَاكُ إلَى أَنْ

ص: 188

يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِزَوَالِ الْخُلُوفِ وَالْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ بِثَلَاثَةِ مِيَاهٍ وَيَسْتَاكُ بِالْمُدَارَاةِ خَارِجَ الْأَسْنَانِ وَدَاخِلَهَا أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا وَرُءُوسَ الْأَضْرَاسِ وَبَيْنَ كُلِّ سِنَّيْنِ وَلَا يَسْتَاكُ مُضْطَجِعًا، فَإِنَّهُ يُورِثُ كِبَرَ الطِّحَالِ وَلَا يَقْبِضُهُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَاسُورَ وَلَا يَمُصُّهُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى، ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَإِلَّا فَيَسْتَاكُ الشَّيْطَانُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ أَوْ لِيُرْجَعْ إلَى تِلْكَ الرِّسَالَةِ.

وَأَمَّا مَنَافِعُهُ فَشِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ دُونَ الْمَوْتِ وَمُذَكِّرُ الشَّهَادَةِ وَيُبَطِّئُ بِالشَّيْبِ وَيَحِدُّ الْبَصَرَ وَمُسْرِعٌ فِي الْمَشْيِ عَلَى الصِّرَاطِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ، وَأَيْضًا مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَمُسْخِطٌ لِلشَّيْطَانِ وَأَنَّهُ يَقْطَعُ الْبَلْغَمَ وَيَزِيدُ الْفَصَاحَةَ وَيُزِيلُ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ وَيَدْفَعُ الْأَذَى وَتُصَافِحُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَأَمَّا فَضَائِلُهُ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى مِنْهَا مَا سَبَقَ وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكْعَتَانِ يَسْتَاكُ فِيهِمَا الْعَبْدُ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً لَا يَسْتَاكُ فِيهَا» وَحَدِيثُ «طَهِّرُوا مَسَالِكَ الْقُرْآنِ» وَحَدِيثُ «الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالسِّوَاكُ شَطْرُ الْوُضُوءِ» وَحَدِيثُ «عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّ فِيهِ عَشْرَ خِصَالٍ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَمَفْرَحَةٌ لِلْمَلَائِكَةِ وَمَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ وَيَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُذْهِبُ الْبَخَرَ وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ وَيُضَاعِفُ الصَّلَاةَ وَيُطَهِّرُ طُرُقَ الْقُرْآنِ» .

(تَنْبِيهٌ)

فَإِذَا طَهَّرَ فَمَه بِالسِّوَاكِ مِنْ الْخُلُوفِ يَنْبَغِي أَنْ يُطَهِّرَهُ أَيْضًا مِنْ الْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالشَّتِيمَةِ وَالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ وَالْبُهْتَانِ وَأَكْلِ الْحَرَامِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَفُضُولِ الْكَلَامِ وَمِنْ كُلِّ مَا لَا يَنْبَغِي، فَإِذَا فَعَلَ هَذَا طَهُرَ فَمُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَيَكُونُ اسْتِيَاكُهُ كَحُصُولِ الْمَنَافِعِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ سُنَّةٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالَ الْحَلَبِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ كَوْنَهُ نَدْبًا وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْحَقُّ، وَقَدْ سَمِعْت مَا يَصْلُحُ تَوْفِيقًا وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَالْفَضَائِلِ الْكَثِيرَةِ قَالَ فِي التتارخانية، وَفِي الْحُجَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ قَرْيَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِ سُنَّةِ السِّوَاكِ يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ كَمَا يُقَاتِلُ الْمُرْتَدِّينَ لِكَيْ لَا يَجْتَرِئَ النَّاسُ عَلَى تَرْكِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ (وَفِعْلِ كُلِّ مَكْرُوهٍ تَحْرِيمًا)

ص: 189