الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّأْيِ فِي مَعْرِضِ النَّصِّ وَقَدْ قَرَّرَ كَرَاهَةَ الشُّرْبِ فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ حَتَّى تَعْلِيمَ الصِّبْيَانِ بِأَجْرِ وَالْخِيَاطَةَ وَالْكِتَابَةَ وَقَدْ سَبَقَ.
[الِانْحِنَاءُ فِي السَّلَامِ]
(وَمِنْهَا الِانْحِنَاءُ فِي السَّلَامِ) ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَلَوْ سُلْطَانًا (ت عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «سَمِعْت رَجُلًا يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ وَصَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ» مِنْ الِانْحِنَاءِ «قَالَ» عليه الصلاة والسلام «لَا» أَيْ لَا يَنْحَنِي فَيُكْرَهُ «قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ» أَيْ يَلْتَصِقُ بِصَدْرِهِ وَجَسَدِهِ «وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قَالَ أَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ» مِنْ الْمُصَافَحَةِ «قَالَ نَعَمْ» أَقُولُ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْفُقَهَاءُ يُكْرَهُ الِانْحِنَاءُ فِيهِ) إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ شَرِّهِ، وَأَمَّا الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَحَرَامٌ.
(وَمِنْهَا السِّحْرُ فَهُوَ حَرَامٌ) لِمَا جَاءَ فِيهِ كَالسِّحْرِ لِأَجْلِ التَّفْرِيقِ أَوْ لِعَدَمِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَوْ لِإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ لِيَتَحَبَّبَ إلَيْهِ النِّسَاءُ أَوْ الْمُرْدُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُورِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لِخَوَاجَهْ زَادَهْ (فَإِنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السِّحْرِ (فَهُوَ كَافِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤَثِّرَ فِي الْوُجُودِ غَيْرُهُ تَعَالَى فَمَنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ مِنْهُ
فَكَأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ شَرِيكًا لَهُ تَعَالَى، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَاَلَّذِي يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ كَانَ يَقُولُ أَنَا أَخْلُقُ وَأَفْعَلُ مَا أُرِيدُ ثُمَّ تَابَ وَتَبَرَّأَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ تَعَالَى - خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ - قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيَجْحَدُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إذَا أُخِذَ وَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَسَاحِرٌ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ لِلِامْتِحَانِ وَلَا يَعْتَقِدُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا، وَعَنْ الْخَانِيَّةِ إذَا تَابَ السَّاحِرُ قَبْلَ الْأَخْذِ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَبَعْدَ الْأَخْذِ كَالزِّنْدِيقِ.
وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ كُفْرٌ وَقِيلَ إنْ لِلنَّجَاةِ أَوْ التَّوَقِّي فَلَا، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ إذَا اعْتَرَفَ السَّاحِرُ بِأَنَّهُ قَتَلَ الشَّخْصَ بِسِحْرِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ (س عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ» نَفَخَ «فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ» إنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ «وَمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ» اعْتَقَدَ قَلْبُهُ شَيْئًا دُونَهُ تَعَالَى «وُكِلَ إلَيْهِ» وَلَمْ يُعِنْهُ تَعَالَى وَلَمْ يَنْصُرْهُ، وَأَمَّا مَنْ تَعَلَّقَ بِاَللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ وَيَرْزُقُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (ز عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ» وَهُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ عَلَامَةً لِلشَّرِّ نَحْوَ فِعْلِ طَيْرٍ أَوْ سَمَاعِ كَلَامٍ كَصَوْتِ الْغُرَابِ وَالْعَقْعَقِ وَرُؤْيَةِ الْأَرْنَبِ وَالرَّجُلِ الْفَاسِقِ وَالرَّجُلِ الْعَرِيفِ بِالشُّؤْمِ «أَوْ تَكَهَّنَ» بِنَفْسِهِ وَالْكِهَانَةُ إخْبَارٌ عَنْ الْغَيْبِ «أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ» بِنَفْسِهِ «أَوْ سُحِرَ لَهُ» ، فَإِنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ وَعِلْمَ الْغَيْبِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا لَيْسَ مِنْ أُمَّتِنَا؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ وَإِلَّا فَمَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْ عَامِلِ شَرِيعَتِنَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَرَامٌ لَيْسَ بِكُفْرٍ كَمَا مَرَّ لَكِنْ إنْ أُرِيدَ أَحَدُهُمَا يَبْقَى الْآخَرُ، وَإِنْ أُرِيدَا مَعًا فَيَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَوْ الْحَقِيقَتَيْنِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ عِنْدَنَا فَنَقُولُ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْحُرْمَةِ فِي ضِمْنِ أَيِّهِمَا وُجِدَ وَإِلَّا فَلَا «وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلُ التَّصْدِيقُ بَلْ الشَّكُّ فَالظَّاهِرُ لَيْسَ بِكُفْرٍ
وَعَنْ بَعْضٍ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مَا لَمْ يُصَدِّقْ تَصْدِيقًا يَقِينِيًّا وَكَذَا السُّؤَالُ لِلِاسْتِهْزَاءِ أَوْ التَّكْذِيبِ، وَفِي قَاضِي خَانْ تَصْدِيقُ الْكَاهِنِ كُفْرٌ وَلَوْ قَالَ أَنَا أُخْبِرُ بِأَخْبَارِ الْجِنِّ، وَفِي النِّصَابِ مَا حَاصِلُهُ مَا يُرَادُ بِهِ الْإِصْلَاحُ وَالنَّفْعُ لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ كَحَلِّ الْعُقَدِ فَالْمُبْتَلَى بِذَلِكَ يَأْخُذُ حُزْمَةَ قُضْبَانٍ وَيَطْلُبُ فَأْسًا ذَا فِقَارَيْنِ وَيَضَعُهُ فِي وَسَطِ تِلْكَ الْحُزْمَةِ وَيُؤَجِّجُ نَارًا فِي تِلْكَ الْحُزْمَةِ حَتَّى إذَا حَمِيَ الْفَأْسُ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ النَّارِ وَبَالَ عَلَى حِدَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى. اهـ.
(وَمِنْهَا تَعْلِيقُ التَّمَائِمِ) خَرَزَةٌ تُعَلَّقُ لِدَفْعِ الْآفَاتِ (وَنَحْوِهِ د عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «إنَّ الرُّقَى» مَا تُكْتَبُ لِدَفْعِ الْأَوْجَاعِ وَالْآلَامِ ( «وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ» شَيْءٌ تَصْنَعُهُ النِّسَاءُ لِيَتَحَبَّبْنَ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ «شِرْكٌ» إنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الرُّقَى مَعْلُومَ الْمَعَانِي فَجَائِزٌ وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَالْآخَرَيْنِ فَحِينَئِذٍ الْمُرَادُ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ تَرْهِيبًا وَتَهْدِيدًا، وَعَنْ الْخَانِيَّةِ صَنْعَةُ الْمَرْأَةِ التَّعْوِيذَ لِيُحِبَّهَا زَوْجُهَا الْبَاغِضُ لَهَا حَرَامٌ قَالَ الْعَبْدُ أَصْلَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْعِ النَّاسِ أَنْ يُعَلِّقُوا عَلَى أَوْلَادِهِمْ التَّمَائِمَ وَالْخُيُوطَ وَالْخَرَزَاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا تَخَلَّفَ أَنْوَاعُهُ وَيَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْعَيْنَ وَمَسَّ الشَّيْطَانِ، وَفِيهِ نَوْعٌ مِنْ الشِّرْكِ أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ النَّفْعَ وَالضُّرَّ بِيَدِ اللَّهِ لَا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّتِيمَةِ وَهِيَ الْخَيْطُ الَّذِي يُرْبَطُ بِالْإِصْبَعِ أَوْ الْخَاتَمِ لِلتَّذَكُّرِ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي نِصَابِ الِاحْتِسَابِ انْتَهَى.
أَقُولُ الْأَشْبَهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِنَحْوِ مَا كَانُوا يَرْقُونَ بِمَا فِيهِ أَسْمَاءُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَالْأَصْنَامِ وَيُعَلِّقُونَ التَّمِيمَةَ وَهِيَ الْخَرَزَةَ وَكَذَا التُّوَلَةَ وَهِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْمَحَبَّةِ وَيَعْتَقِدُونَ فِي ذَلِكَ دَفْعَ الْمَضَارِّ وَالتَّأْثِيرَ وَالِاضْطِرَارَ إلَى الْحُبِّ فَأَخْبَرَ عليه الصلاة والسلام أَنَّهَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَكُونُ بِاعْتِقَادِ التَّأْثِيرِ مِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى فَشِرْكٌ (حَدّ يعلى حك عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً» عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ طِفْلِهِ أَوْ دَابَّتِهِ «فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ» ، وَفِي الْجَامِعِ «فَلَا تَمَّمَ اللَّهُ لَهُ» مَا أَرَادَهُ مِنْ الْحِفْظِ «وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً» خَرَزَةً لِدَفْعِ الْعَيْنِ «فَلَا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ» أَيْ لَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَحْصُلَ مُرَادُهُ. دُعَاءٌ أَوْ خَبَرٌ، وَفِي الْجَامِعِ «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ» أَيْ فَعَلَ فِعْلَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَهُمْ يَرَوْنَ بِهِ دَفْعَ الْمَقَادِيرِ الْمَكْتُوبَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إذَا اعْتَقَدَ الَّذِي عَلَّقَهَا أَنَّهَا تَرُدُّ الْعَيْنَ فَقَدْ ظَنَّ أَنَّهَا تَرُدُّ الْقَدْرَ وَاعْتِقَادُ ذَلِكَ شِرْكٌ.
(تَنْبِيهٌ)
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ كَغَيْرِهِ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَمَا قَبْلَهُ فِي تَعْلِيقِ مَا لَيْسَ فِيهِ قُرْآنٌ وَنَحْوُهُ أَمَّا مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ فَلَا نَهْيَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِلتَّبَرُّكِ وَالتَّعَوُّذِ بِأَسْمَائِهِ وَذِكْرِهِ، وَكَذَا لَا نَهْيَ عَمَّا يُعَلَّقُ لِأَجْلِ الزِّينَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْخُيَلَاءَ وَالسَّرَفَ كَذَا فِي الْفَيْضِ وَأَقُولُ أَيْضًا مَحْمَلُ مَا ذُكِرَ عَلَى اعْتِقَادِ التَّأْثِيرِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ (حك عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا