الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ]
(السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا حَاجَةٍ) لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فَإِنْ بِحَاجَةٍ كَالشَّهَادَةِ وَالتَّبَايُعِ وَالتَّبْلِيغِ فَيَجُوزُ (حَتَّى لَا يُشَمِّتَ) الْعَاطِسَةَ (وَلَا يُسَلِّمَ عَلَيْهَا وَلَا يَرُدَّ سَلَامَهَا جَهْرًا بَلْ فِي نَفْسِهِ) إذَا سَلَّمَتْ عَلَيْهِ (وَكَذَا الْعَكْسُ) أَيْ لَا تُشَمِّتُهُ الشَّابَّةُ الْأَجْنَبِيَّةُ إذَا عَطَسَ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ أَمَّا الْعُطَاسُ امْرَأَةٌ عَطَسَتْ إنْ كَانَتْ عَجُوزًا يَرُدُّ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً يَرُدُّ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهِ وَهَذَا كَالسَّلَامِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ إذَا سَلَّمَتْ عَلَى الرَّجُلِ إنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَدَّ الرَّجُلُ عليها السلام بِلِسَانِهِ بِصَوْتٍ يُسْمَعُ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً رَدَّ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا سَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ يَكُونُ عَلَى الْعَكْسِ (لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ) أَيْ يُكْتَبُ بِهِ إثْمٌ كَإِثْمِ الزَّانِي كَمَا فِي حَدِيثِ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي وَمَا فِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الضَّرُورَةِ أَوْ أَمْنِ الشَّهْوَةِ أَوْ الْعَجُوزِ الَّتِي يَنْقَطِعُ الْمَيْلُ عَنْهَا (وَسَيَجِيءُ تَمَامُهُ فِي آفَاتِ الْأُذُنِ)
[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ]
(السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ) أَيْ بَدْءُ، وَالْمُسْتَأْمَنُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ» لِأَنَّ السَّلَامَ إعْزَازٌ وَلَا يَجُوزُ إعْزَازُهُمْ بَلْ اللَّائِقُ إعْرَاضُهُمْ وَتَرْكُ الِالْتِفَاتِ إلَيْهِمْ تَصْغِيرًا لَهُمْ وَتَحْقِيرًا لِشَأْنِهِمْ فَيَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهُمْ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَوْجَبُوا الرَّدَّ عَلَيْهِمْ بِعَلَيْكُمْ فَقَطْ وَلَا يُعَارِضُهُ آيَةُ - {سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [مريم: 47]- وَآيَةُ - {وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 89]- لِأَنَّ هَذَا سَلَامُ مُتَارَكَةٍ لَا سَلَامُ تَحِيَّةٍ وَأَمَانٍ كَذَا فِي الْفَيْضِ فَتَأَمَّلْ فِيهِ (بِلَا حَاجَةٍ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ) .
وَعَنْ النَّوَوِيِّ حَرَامٌ (وَمَعَهَا لَا بَأْسَ بِهِ) لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْعُمُومُ فَإِنْ قِيلَ الْحَاجَةُ تَدْعُو إلَى الضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ قُلْنَا لَا يُتْرَكُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَنَّ فِي كَوْنِ كُلِّ حَاجَةٍ دَاعِيَةٍ إلَى الضَّرُورَةِ خَفَاءً إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ لِأَنَّ رَاوِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمُخَرِّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِأَثَرٍ صَرِيحٍ صَحِيحٍ لَعَلَّ الْمَشَايِخَ وَقَفُوا عَلَيْهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ يَرُدُّ السَّلَامَ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ وَيُنْهَى
عَنْ الْبُدَاءَةِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا (وَعَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ)(لَا يُسَلِّمُ عَلَى الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ) أَيْ الْمُظْهِرِ فِسْقَهُ وَاَلَّذِي يُنَاسِبُ الْقَاعِدَةَ الْعَرَبِيَّةَ عَدَمُ السَّلَامِ عِنْدَ كَوْنِهِ عَلَى الْفِسْقِ وَالْإِعْلَانِ لَكِنَّ السَّابِقَ إلَى الْخَاطِرِ هُوَ الْمُطْلَقُ رَدْعًا عَنْهُ وَزَجْرًا لَهُ لَكِنْ لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ. مِنْ الْمُقْتَدِي وَعَنْ التَّوْفِيقِ لَا بَأْسَ بِالسَّلَامِ عَلَى الْفَاسِقِ لِإِسْلَامِهِ (وَلَا عَلَى الَّذِي يَتَغَنَّى) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِالْغِنَاءِ الْمَمْنُوعِ كَمَا مَرَّ.
(وَاَلَّذِي)(يُطَيِّرُ الْحَمَامَ) لَهْوًا «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِمَنْ يُطَيِّرُ الْحَمَامَ شَيْطَانٌ يُطَيِّرُ شَيْطَانًا» (كَذَا فِي التتارخانية نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ) لَا يَخْفَى عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَقْصُرَ عَلَى الذِّمِّيِّ بَلْ يَزِيدُ الْفَاسِقَ وَغَيْرَهُ (وَيَرُدُّ سَلَامَ الذِّمِّيِّ) إذْ سَلَّمَ عَلَيْهِ (بِقَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا) يَنْوِي بِهِ السَّلَامَ لِحَدِيثٍ مَرْفُوعٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَرُدُّوا عَلَيْهِمْ» وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُولُوا وُجُوبًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمْ» فَقَطْ رُوِيَ بِالْوَاوِ وَبِدُونِهَا.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَحَذْفُهَا أَوْضَحُ مَعْنًى وَأَحْسَنُ وَإِثْبَاتُهَا أَصَحُّ رِوَايَةً وَأَشْهَرُ فَمَعْنَاهُ بِدُونِ الْوَاوِ عَلَيْكُمْ مَا تَسْتَحِقُّونَهُ وَبِالْوَاوِ فَإِنْ قَصَدُوا التَّعْرِيضَ عَلَيْنَا فَمَعْنَاهُ نَدْعُو عَلَيْكُمْ بِمَا دَعَوْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا فَدُعَاءٌ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ مَنَاطُ السَّلَامَةِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْكُمْ عَطْفًا عَلَى عَلَيْكُمْ فِي كَلَامِهِمْ أَوَّلًا لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَقْرِيرَ دُعَائِهِمْ عَلَيْنَا وَإِنَّمَا اخْتِيَارُ هَذِهِ الصِّيغَةِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنْ الْإِيحَاشِ وَأَقْرَبَ إلَى الرِّفْقِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَيْضِ
أَقُولُ يُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مِنْ حَدِيثِ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ السَّامُ عَلَيْك فَقُلْ عَلَيْك» بِغَيْرِ وَاوٍ وَرُوِيَ بِالْوَاوِ أَيْضًا وَفِي التتارخانية أَمَّا إذَا ابْتَدَأَ الْكَافِرُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْك وَإِذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك إنْ بِنِيَّةِ تَوْفِيقِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِنِيَّةِ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ ذُلٍّ وَصَغَارٍ فَلَا بَأْسَ فِيهِ وَيُكْرَهُ مُصَافَحَةُ الذِّمِّيِّ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الرَّجُلُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ مُرُورِهِ بِقَوْمٍ فِيهِمْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَأَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَتَبْت إلَى يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فِي حَاجَةٍ فَاكْتُبْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى انْتَهَى مُلَخَّصًا وَعَنْ الشَّيْخِ زَادَهْ عَنْ قَتَادَةَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَعَنْ مَالِكٍ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ رَدَدْت فَقُلْ عَلَيْكُمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ عَلَاك أَيْ ارْتَفَعَ عَنْك وَعَنْ بَعْضٍ يَقُولُ السِّلَامُ عَلَيْكُمْ بِكَسْرِ السِّينِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ وَأَمَّا الدُّعَاءُ لَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ إحْسَانِهِمْ فَجَائِزٌ لِمَا رُوِيَ «أَنْ يَهُودِيًّا حَلَبَ لِلنَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام نَعْجَةً فَقَالَ عليه الصلاة والسلام اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ فَبَقِيَ سَوَادُ شَعْرِهِ إلَى قَرِيبٍ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً» كَذَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَالِكٍ
وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ فَمَفْهُومٌ مِنْ السَّلَامِ عَلَى الْفَاسِقِ وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ حَدِيثِ «سَلِّمُوا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا تُسَلِّمُوا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أُمَّتِي» أَيْ تَارِكِي الصَّلَاةِ فَمَطْعُونٌ فِيهِ كَمَا فُصِّلَ فِي مَوْضُوعَاتِ عَلِيٍّ الْقَارِيّ وَعَنْ الْقُنْيَةِ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْمُمَازِحِ أَوْ الْكَذَّابِ أَوْ اللَّاهِي وَمَنْ