المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القعود وسط الحلقة] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٤

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ رَدُّ التَّابِعِ كَلَامَ مَتْبُوعِهِ وَمُقَابَلَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السُّؤَالُ عَنْ حِلِّ شَيْءٍ وَحُرْمَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ لِصَاحِبِهِ وَمَالِكِهِ تَوَرُّعًا]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ تَنَاجِي الْمُكَالَمَةِ بِالسِّرِّ اثْنَيْنِ عِنْدَ ثَالِثٍ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ التَّكَلُّمُ مَعَ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ السَّلَامُ عَلَى مَنْ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الدَّلَالَةُ بِاللِّسَانِ عَلَى الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ يُرِيدُ الْمَعْصِيَةَ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ آفَاتِ اللِّسَانِ الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ] [

- ‌الْأَوَّلُ الْمِزَاحُ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ السِّتَّةِ الْمَدْحُ]

- ‌[الثَّالِثُ الشِّعْرُ]

- ‌[الرَّابِعُ السَّجْعُ]

- ‌[الْخَامِسُ الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي]

- ‌[السَّادِسُ آخِرُ الْمَبَاحِثِ فُضُولُ الْكَلَامِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعَادَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا النِّظَامُ لِلْعَالِمِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ الْغَيْرِ الْمُنْقَطِعَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِيمَا الْأَصْلُ فِيهِ الْإِذْنُ الْإِبَاحَةُ مِنْ الْعِبَادَاتِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ اللِّسَانِ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ كَتَرْكِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تَرْكُ التَّشَهُّدِ مِنْ آفَاتِ]

- ‌[تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌[تَرْكِ النُّصْحِ]

- ‌[تَرْكِ التَّعْلِيمِ]

- ‌[تَرْكِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْقَاضِي بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى]

- ‌[تَرْكِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ مُبَادَرَةُ الْعَاطِسِ بِالْحَمْدِ]

- ‌[تَرْكُ الِاسْتِئْذَانِ فِي دُخُولِ دَارِ الْغَيْرِ]

- ‌[تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[تَرْكُ إنْقَاذِ تَخْلِيصِ الْمَظْلُومِ]

- ‌[تَرْكُ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ سُبْحَانَ أَوْ تَبَارَكَ اللَّهُ]

- ‌[تَرْكُ السُّؤَالِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّالِثُ فِي آفَاتِ الْأُذُنِ اسْتِمَاعُ كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[إجَابَةِ دَعْوَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ بِلَا اضْطِرَارٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ بِالِاخْتِيَارِ]

- ‌[رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْجِنَازَةِ وَالزَّحْفِ وَالتَّذْكِيرِ]

- ‌[اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ مِمَّنْ يَقْرَأُ بِلَحْنٍ وَخَطَإٍ بِلَا تَجْوِيدٍ]

- ‌[اسْتِمَاعُ حَدِيثِ قَوْمٍ يَكْرَهُونَهُ]

- ‌[مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الرَّابِعُ فِي آفَاتِ الْعَيْنِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْخَامِسُ فِي آفَاتِ الْيَدِ]

- ‌[إحْرَاقُ كُلِّ حَيٍّ بِالنَّارِ أَوْ بِالْمَاءِ الْحَارِّ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ تَصْوِيرُ صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌[مِنْ آفَاتِ الْيَدِ إهْلَاكُ الْمَالِ أَوْ نَقْصُهُ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ الْبَطْنِ]

- ‌[الْقَهْوَةُ حُكْمُ شُرْبِهَا]

- ‌[بَعْضَ مَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الشِّبَعِ وَكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالتَّنَعُّمِ]

- ‌[الْأَكْلُ عَلَى السُّفْرَةِ]

- ‌[آدَابُ الْأَكْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ السَّابِعُ فِي آفَاتِ الْفَرْجِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّامِنُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الرِّجْلِ]

- ‌[الصِّنْفُ التَّاسِعُ مِنْ التِّسْعَةِ فِي آفَاتِ الْبَدَنِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِعُضْوٍ]

- ‌[الْآفَاتِ الْغَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌[قَطْعُ الرَّحِمِ]

- ‌[تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مُجَالَسَةُ جَلِيسِ السُّوءِ]

- ‌[فَتْحُ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ وَعَدَمُ دَفْعِهِ]

- ‌[الْقُعُودُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ]

- ‌[الِانْحِنَاءُ فِي السَّلَامِ]

- ‌[حُكْم الْوَشْمُ]

- ‌[تَرْكُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ]

- ‌[تَرْكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا]

- ‌[تَرْكُ الزَّكَاةِ]

- ‌[تَرْكُ الْحَجِّ الْفَرْضِ]

- ‌[الْعِينَةُ]

- ‌[نِسْيَانُ الْقُرْآنِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ]

- ‌[الرِّبَا]

- ‌[الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[إيقَادُ الشُّمُوعِ فِي الْقُبُورِ]

- ‌[إمْسَاكُ الْمَعَازِفِ]

- ‌[رُكُوبُ الْبَحْرِ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْغَرَقِ بِلَا ضَرُورَةٍ]

- ‌[قِيَامُ الْقَارِئِ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَعَالِمٍ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ خَاتِمَةُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ فِي أُمُورٍ يُظَنُّ أَنَّهَا مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الدِّقَّة فِي أَمَرَ الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل مِنْ الدِّقَّةُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة أَنَّهَا بِدْعَة لَمْ تصدر عَنْ النَّبِيّ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ صِنْفَانِ]

- ‌[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي مَا ورد عَنْ أَئِمَّتنَا الْحَنَفِيَّة فِي عَدَمِ الدِّقَّةِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي فِي ذَمِّ الْوَسْوَسَةِ وَآفَاتِهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي عِلَاجِ الْوَسْوَسَةِ]

- ‌[مَرَاتِب الْوَسْوَسَة]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّوَرُّع التَّكَلُّفِ فِي تَحْصِيلِ الْوَرَعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أُمُورٍ مُبْتَدَعَةٍ بَاطِلَةٍ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[القعود وسط الحلقة]

«فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَبَيْتُمْ إلَّا الْمَجْلِسَ» بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ امْتَنَعْتُمْ عَنْ الْجَمِيعِ إلَّا عَنْ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ كَأَنْ دَعَتْ حَاجَةٌ «فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» فَلَا يَضُرُّ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِيهِ إيمَاءٌ إلَى الْمَنْعِ مَا أَمْكَنَ وَأَنَّ الْأَوْلَى عِنْدَ إعْطَاءِ حَقِّهِ عَدَمُ الْجُلُوسِ «قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ» كَفُّهُ عَنْ نَظَرِ الْمُحَرَّمِ «وَكَفُّ الْأَذَى» أَعْنِي الِامْتِنَاعَ عَمَّا يُؤْذِي الْمَارِّينَ مِنْ نَحْوِ ازْدِرَاءٍ وَغِيبَةٍ وَتَضْيِيقِ طَرِيقٍ «وَرَدُّ السَّلَامِ» مِنْ الْمَارَّةِ إكْرَامًا لَهُمْ «وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ» ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَإِفْشَاءِ سَلَامٍ مِنْ كُلِّ مَا يُنْدَبُ مِنْ الْمُحَسَّنَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ مُسْتَقْبَحَاتِهَا (وَزَادَ د) يَعْنِي أَبُو دَاوُد (فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «وَإِرْشَادُ السَّبِيلِ» وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ لِئَلَّا يَضْعُفَ الْجَالِسُ عَنْ أَدَاءِ هَذِهِ الْحُقُوقِ وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إنَّ سَدَّ الذَّرَائِعِ أَوْلَوِيٌّ لَا لُزُومِيٌّ؛ لِأَنَّهُ نَهَى أَوَّلًا عَنْ الْجُلُوسِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ فَلَمَّا قَالُوا لَا بُدَّ لَنَا مِنْهُ فَسَحَ لَهُمْ فِيهِ بِشَرْطِ إعْطَاءِ الْحَقِّ (وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «وَتُعِينُوا» بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ «الْمَلْهُوفَ» الْعَاجِزَ أَوْ الْمَظْلُومَ «وَتَهْدُوا الضَّالَّ» إلَى الطَّرِيقِ.

(وَمِنْهَا الْجُلُوسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ) بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُ جَسَدِهِ فِي الظِّلِّ وَبَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ (حَدّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلَا يَضُرُّ جَهَالَةُ الرَّاوِي الصَّحَابِيِّ لِشَهَادَةِ نَبِيِّهِمْ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَلِذَا قُبِلَ مُرْسَلُهُمْ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ (أَنَّ «النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام نَهَى» عَنْ «أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ» وَكَذَا الْمَرْأَةُ مُقَايَسَةً أَوْ مِنْ قَبِيلِ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] ( «بَيْنَ الضِّحِّ» ضَوْءِ الشَّمْسِ «وَالظِّلِّ، فَإِنَّهُ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ» لِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِالْبَدَنِ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ لَا مِنْ جِهَةِ أَمْرِ الدِّينِ فَيَكُونُ لِلتَّنْزِيهِ وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إلَى الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ الْبَاعِثُ لَهُ وَالْآمِرُ بِهِ لِيُصِيبَهُ السُّوءُ؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِالْمِزَاجِ لِاخْتِلَافِ حَالِ الْبَدَنِ بِمَا يَحِلُّ بِهِ مِنْ مُؤَثِّرِ الْمُتَضَادَّيْنِ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمَصَابِيحِ أَقُولُ وَكَذَا الْجُلُوسُ فِي الشَّمْسِ فَقَطْ لِمَا فِي الْجَامِعِ «إيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تُبْلِي الثَّوْبَ وَتُنْتِنُ الرِّيحَ وَتُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِينَ» قَالَ شَارِحُهُ أَيْ الْمَدْفُونَ فِي الْبَدَنِ فَالْقُعُودُ فِيهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ إرْشَادًا لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَطِبَّاءُ بِهِ. لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ وَقَفَ عَلَى طَعْنِ الذَّهَبِيِّ بِأَنَّهُ مِنْ وَضْعِ الطَّحَّانِ وَلِذَا قَالَ شَارِحُهُ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُهُ.

[الْقُعُودُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ]

(وَمِنْهَا الْقُعُودُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ) كَحَلْقَةِ الذِّكْرِ وَحَلْقَةِ الْعِلْمِ أَوْ الطَّعَامِ الْوَسْطِ بِالسُّكُونِ ظَرْفُ مَكَان مُبْهَمٌ (د عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ» ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ لِتَأَذِّيهمْ وَقِيلَ مُخْتَصٌّ بِمِنْ يَجْلِسُ اسْتِهْزَاءً كَالْمُضْحِكِ وَبِمَنْ يَجْلِسُ لِأَخْذِ الْعِلْمِ نِفَاقًا، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِمَنْ يَتَخَطَّى الرِّقَابَ وَيَقْعُدُ وَسْطَ الْحَلْقَةِ وَيَحْجُبُ الْبَعْضَ عَنْ بَعْضٍ فَقَالَ الْمُنَاوِيُّ لَيْسَ

ص: 166

بِتَقْوِيمٍ إلَّا إنْ قِيلَ بِقَصْدِ الضَّرَرِ أَوْ أُوِّلَ اللَّعْنُ بِالْأَذَى. وَجْهُ اللَّعْنِ أَنَّهُمْ يَلْعَنُونَهُ وَيَذُمُّونَهُ.

(وَمِنْهَا الْجُلُوسُ مَكَانَ غَيْرِهِ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ) الْأَوْفَقُ جَعْلُهُمَا آفَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ (خ م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ رَجُلًا مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ» لِسَبْقِ حَقِّهِ وَلِلْأَذَى وَالتَّحْقِيرِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْجَبَابِرَةِ وَلِمُنَافَاةِ التَّوَاضُعِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي رَجُلٍ أَقَامَهُ مِنْ مَكَانِهِ ثُمَّ جَلَسَ مَكَانَهُ وَالْمَطْلُوبُ هُوَ الْمُطْلَقُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ مَجْمُوعِهِمَا حُرْمَةُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِجَوَازِ كَوْنِ التَّأْثِيرِ فِي الْمَجْمُوعِ فَيَنْدَفِعُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ وَلَوْ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ «وَلَكِنْ» عِنْدَ مَجِيءِ أَحَدٍ «تَوَسَّعُوا» يَا أَهْلَ الْمَجْلِسِ «وَتَفَسَّحُوا» يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِلْجَائِي رَفْعُ وَاحِدٍ وَالْجُلُوسُ مَكَانَهُ بَلْ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْمَجْلِسِ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ مَكَانًا بِلَا قِيَامِ أَحَدٍ (د عَنْهُ) أَيْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ مَجْلِسِهِ فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ فِيهِ فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» هَذَا النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِ قِيَامِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَجْلِ خَوْفِهِ أَوْ لِتَرْكِهِ مَجْلِسَ الْعِلْمِ أَوْ الْحِكْمَةِ، وَأَمَّا الْقِيَامُ لِلْغَيْرِ لِلتَّعْظِيمِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاء فَيَجُوز وزُ إلَّا إنْ أَمْرَ بِالْقِيَامِ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ وَالْمَحَلِّ فَعَلَى الْجَالِسِ حِينَئِذٍ الْقِيَامُ قِيلَ وَأَمَّا مَا جَاءَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا فَقُمْنَا لَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقُومُوا كَمَا يَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَكْرَهُ الْقِيَامَ» فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَتَمَكَّنَ فِي النُّفُوسِ حُبُّ الْجَاهِ وَالْمُفَاخَرَةِ وَأُيِّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِ زَيْنِ الْعَرَبِ فِي حَدِيثٍ «لَا تَقُومُوا كَمَا يَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» إنْ كَانَ تَعْظِيمُهُمْ لِلدُّنْيَا كَالْمَالِ وَالْجَاهِ، وَإِنْ لِلْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَحَسَنٌ وَبِقَوْلِ الْمُبَارِقِ فِي حَدِيثِ «قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» فَيَدُلُّ أَنَّ الْقِيَامَ جَائِزٌ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَامَ لِعِكْرِمَةَ وَلِعَدِيٍّ» ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَلَى تَأْلِيفِهِمَا عَلَى الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِمَا سَيِّدَيْ الْقَبِيلَتَيْنِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْقِيَامُ إنْ لِلْإِعْظَامِ فَمَكْرُوهٌ، وَإِنْ لِلْإِكْرَامِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ انْتَهَى.

لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ هُوَ عَلَى طَرِيقِ الْجَوَابِ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى الْحَدِيثِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَنْشَأَ لَهُ فِيهِ وَفِي الْمُنَاوِيِّ عِنْدَ حَدِيثِ " قُومُوا " وَفِيهِ نَدْبُ إكْرَامِ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ بِالْقِيَامِ لَهُمْ إذَا أَقْبَلُوا وَالتَّنْبِيهُ عَلَى شَرَفِ ذَوِي الشَّرَفِ وَالتَّعْرِيفُ بِأَقْدَارِهِمْ وَتَنْزِيلُهُمْ مَنَازِلَهُمْ وَقَدْ قَامَ الْمُصْطَفَى لِعِكْرِمَةَ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ وَلِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ بَنِي طيئ يَتَأَلَّفُهُمَا بِهِ وَمَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقِيَامِ لِلْإِعْظَامِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْأَعَاجِمِ لَا لِلْإِكْرَامِ كَمَا كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ انْتَهَى.

وَاخْتَارَ الْجَوَازَ أَيْضًا الشُّرُنْبُلَالِيُّ رحمه الله فِي رِسَالَتِهِ الْخَاصَّةِ (م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ» لِيَعُودَ «ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فَإِذَا وَجَدَ فِيهِ قَاعِدًا فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْطِلْ اخْتِصَاصَهُ، وَعَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ تَخْصِيصُهُ بِالْمَسْجِدِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْ النَّوَوِيِّ رحمه الله هُوَ التَّعْمِيمُ لِلْمَسْجِدِ وَلِغَيْرِهِ لَكِنْ خُصّ بِمَا جَلَسَ لِلصَّلَاةِ، وَشَرَطَ كَوْنَ الْمُعَاوَدَةِ غَيْرَ طَوِيلَةٍ فِي زَمَانٍ يَسِيرٍ وَعَلَى الْقَاعِدِ إطَاعَتُهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا أَوَّلُهُمَا أَصَحُّهُمَا، وَمَنْ أَلِفَ مِنْ مَسْجِدٍ مَحَلًّا لِيُفْتِيَ فِيهِ أَوْ يَقْرَأَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ قَعَدَ فِيهِ وَمِثْلُهُ مَنْ سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الشَّارِعِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ لِمُعَامَلَةٍ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْفَيْضِ.

أَقُولُ وَكَذَا الْمُنَاوَبَةُ فِي الْمِيَاهِ وَالرَّحَى وَالْفُلْكِ وَالرِّبَاطَاتِ وَنَحْوِهَا (د «عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ كُنَّا إذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي»

ص: 167

وَلَا يَذْهَبُ إلَى مَا فَوْقَهُ فَسُنَّ بِسُكُوتِهِ وَتَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ مِنْ السُّنَّةِ التَّقْرِيرِيَّةِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام لَكِنْ يَشْكُلُ بِحَدِيثِ الْجَامِعِ «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» وَفَسَّرَ شَارِحُهُ أَيْ احْفَظُوا حُرْمَةَ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى قَدْرِهِ وَعَامِلُوهُ بِمَا يُلَائِمُ فِي دِينٍ وَعِلْمٍ وَشَرَفٍ فَلَا تُسَوُّوا بَيْنَ الْخَادِمِ وَالْمَخْدُومِ وَالرَّئِيسِ وَالْمَرْءُوسِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ عَدَاوَةً وَحِقْدًا فِي النُّفُوسِ وَهَذَا مِنْ تَأْدِيبِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ وَتَعْلِيمِهِمْ إيفَاءَ النَّاسِ حُقُوقَهُمْ مِنْ تَعْظِيمِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَإِكْرَامِ ذِي الشَّيْبَةِ وَإِجْلَالِ الْكَبِيرِ، وَبِحَدِيثِهِ أَيْضًا «أَنْزِلْ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ مِنْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» قَالَ شَارِحُهُ، فَإِنَّ الْإِكْرَامَ غِذَاءُ الْآدَمِيِّ وَالتَّارِكُ لِتَدْبِيرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ لَا يَسْتَقِيمُ حَالُهُ وَقَدْ دَبَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَحْوَالَ عِبَادِهِ غِنًى وَفَقْرًا وَعِزًّا وَذُلًّا وَرِفْعَةً وَضِعَةً لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ شُكْرًا، فَإِذَا لَمْ يُنْزِلْهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يُخَالِقْهُ بِخُلُقٍ حَسَنٍ فَقَدْ اسْتَهَانَ بِهِ وَجَفَاهُ وَتَرَكَ مُوَافَقَةَ اللَّهِ فِي تَدْبِيرِهِ، فَإِذَا سَوَّيْت بَيْنَ شَرِيفٍ وَوَضِيعٍ أَوْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ عَطِيَّةٍ كَانَ مَا أَفْسَدْت أَكْثَرَ مِمَّا أَصْلَحْت فَالْغَنِيُّ إذَا أَقْصَيْت مَجْلِسَهُ أَوْ احْتَقَرْت هَدِيَّتَهُ يَحْقِدُ عَلَيْك وَإِذَا عَامَلَتْ الْوُلَاةَ مُعَامَلَةَ الرَّعِيَّةِ فَقَدْ عَرَّضْت نَفْسَك لِلْبَلَاءِ أَقُولُ التَّوْفِيقُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِي حُضُورِهِ عليه الصلاة والسلام وَبَيْنَ مَا فِي غِيَابِهِ أَوْ يَجْعَلُ الْأَخِيرِينَ قَيْدًا لِلْأَوَّلِ بِمَعْنَى جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي إنْ كَانَ هُوَ مَنْزِلَهُ، وَأَمَّا تَرْجِيحُ الْقَوْلِيِّ عَلَى السُّكُوتِيِّ وَالصَّرِيحِ عَلَى الْكِنَايَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ احْتِجَاجًا، فَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ عَدَمِ التَّوْفِيقِ وَأَيْضًا إنَّ قَوْلَهُ أَحَدُنَا لَيْسَ نَصًّا فِي الِاسْتِغْرَاقِ فَافْهَمْ (د عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَجْلِسْ» أَنْتَ «بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْحِقْدَ وَإِيذَاءً بِاحْتِقَارِهِمَا (وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ» لِإِنْسَانٍ «أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَحَبَّةٌ وَجَرَيَانُ سِرٍّ وَكَلَامٍ فَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا التَّفَرُّقَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ فِي الصَّفِّ فُرْجَةٌ وَفِي الْجَامِعِ رِوَايَةٌ عَلَى هَذَا الْمَخْرَجِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

(وَمِنْهَا الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُصِيبَةِ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ) لِأَجْلِ التَّعْزِيَةِ وَفِي قَاضِي خَانْ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُصِيبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ وَفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ رُخِّصَ لِلرِّجَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالتَّرْكُ أَوْلَى وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَقْتُ تَعْزِيَةِ مَنْ يَمُوتُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيُكْرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُجَدِّدُ الْحُزْنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِهَا (وَكَذَا لِلتِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ) وَيَجُوزُ لِلْقَيِّمِ لِضَرُورَةِ حِفْظِ الْمَسْجِدِ (حَتَّى الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ) وَأَمَّا الْكِتَابَةُ لِنَفْسِهِ لِلِانْتِفَاعِ فَجَائِزٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ فَتْوَى الْمُفْتِي بِأُجْرَةٍ كَمَا سَبَقَ لَكِنْ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ تَجْوِيزِ الْقَيِّمِ لِلضَّرُورَةِ تَجْوِيزُهُ لِلْمُعْتَكِفِ لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا (وَفِي الْخُلَاصَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلسَّقَّاءِ) الَّذِي يُسْبِلُ الْمَاءَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْأُجْرَةِ (هَذَا الْحُكْمُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْكَسْبِ فَيُكْرَهُ وَمَا قِيلَ فِي السَّقَّاءِ فِي الْمَسْجِدِ نَفْعٌ وَإِعَانَةٌ عَلَى الْخَيْرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَرِهَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَمْ أَعْلَمْ مُرَادَهُ فَمِنْ قَبِيلِ

ص: 168