الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْأَكْلُ عَلَى السُّفْرَةِ]
(وَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ عَلَى السُّفْرَةِ) هِيَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْجِلْدِ (لَا الْخِوَانِ) كَكِتَابٍ شَيْءٌ مُرْتَفِعٌ يُوضَعُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ كَمَا مَرَّ (خ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَا عَلِمْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ عَلَى سُكْرُجَةٍ» فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مِنْ سَكْرَجَ وَهِيَ إنَاءٌ صَغِيرٌ يُوضَعُ فِيهِ مُشْتَهَيَاتُ الطَّعَامِ وَهِيَ غَالِبًا يُوضَعُ فِيهَا الْحَوَامِضُ حَوْلَ الْأَطْعِمَةِ لِلتَّشَهِّي وَالْهَضْمِ وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْأَعَاجِمِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فَعَلَى هَذَا يَضْعُفُ مَا قِيلَ فِي الْوَجْهِ أَنَّهَا مِنْ عَلَامَاتِ الْبُخْلِ بَلْ ذَلِكَ عَلَى هَذَا عَلَامَةُ السَّرَفِ وَالْحِيلَةُ عَلَى كَثْرَةِ الْأَكْلِ الَّتِي هِيَ ذَمِيمَةٌ وَأَنَّ هَذَا فِعْلُ الْأَعَاجِمِ خِلَافُ السُّنَّةِ فِي الْأَغْلَبِ «قَطُّ» ظَرْفٌ لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ «وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ» أَيْ الْخُبْزُ الرَّقِيقُ الْمَنْزُوعُ مِنْهُ النُّخَالَةُ لِأَنَّ فِيهِ تَكَبُّرًا وَتَنَعُّمًا «وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ قِيلَ لِعُبَادَةَ» أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ «فَعَلَى مَهْ» كُتِبَ بِالْهَاءِ وَلَا يُقْرَأُ بِهَا عَلَى أَيِّ شَيْءٍ «كَانُوا يَأْكُلُونَ» فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ عَلَى السُّفَرِ» وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ) عَمْدًا عِنْدَ الْأَكْلِ (د ت عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ» وَكَذَا الشُّرْبُ بِدَلِيلِ خَبَرِ الدَّيْلَمِيِّ «إذَا أَكَلْت طَعَامًا أَوْ شَرِبْت فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ وَلَمْ يُصِبْك مِنْهُ دَاءٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ سُمٌّ» الْأَمْرُ لِلنَّدْبِ وَلَوْ حَائِضًا أَوْ جُنُبًا «فَإِنْ نَسِيَ فِي الْأَوَّلِ فَلْيَقُلْ فِي الْآخِرِ» لِيَقِيءَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ «بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ» أَيْ فِي أَكْلِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَيْ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ عَمَلٌ وَاحِدٌ وَكُلُّ لُقْمَةٍ أَكْلَةٌ لَا يُقَالُ كَيْفَ تَصْدُقُ الِاسْتِعَانَةُ بِبَسْمِ اللَّهِ فِي الْأَوَّلِ وَقَدْ مَضَى بِلَا تَسْمِيَةٍ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ إنْشَاءَ اسْتِعَانَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَلَيْسَ بِإِخْبَارٍ حَتَّى يَكْذِبَ وَبِهِ يَصِيرُ الْمُتَكَلِّمُ مُسْتَعِينًا فِي أَوَّلِهِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي أَوَّلِهِ وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ بِالنَّاسِي مَا لَوْ تَعَمَّدَ أَوْ جَهِلَ أَوْ أُكْرِهَ
(وَ) يُكْرَهُ (الْأَكْلُ بِالشِّمَالِ) بِلَا عُذْرٍ
(م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا» فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْمُوَافَقَةُ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ إمَّا مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ أَكْلَ الشَّيْطَانِ أَمْرٌ مُمْكِنٌ أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ بِدُونِ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ أَوْ لِأَنَّهُ فِعْلُ أَوْلِيَائِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ قَبَائِحِ الْأَعْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِلسُّنَّةِ وَالِاسْتِهَانَةِ كَمَا قِيلَ (وَكَانَ نَافِعٌ) مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ (يَزِيدُ فِيهَا) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ (وَلَا يَأْخُذُ بِهَا) أَيْ بِالشِّمَالِ (وَلَا يُعْطِي بِهَا) فَيُكْرَهُ ذَلِكَ وَقَيَّدَ بِالْأَشْيَاءِ الشَّرِيفَةِ وَرُوِيَ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ نُخَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَ رَجُلٌ يَأْكُلُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إلَّا لُقْمَةٌ فَلَمَّا رَفَعَهَا إلَى فِيهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُئِلَ عَنْ ضَحِكِهِ فَقَالَ مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى اسْتِقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ» (وَ) يُكْرَهُ (الْأَكْلُ مِنْ وَسَطِ الطَّعَامِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ نُزُولِ الْبَرَكَةِ وَكَذَا أَكْلُ وَجْهِ الْخُبْزِ أَوْ جَوْفُهُ وَرَمْيُ بَاقِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْخُيَلَاءِ وَالسَّرَفِ وَقِيلَ يُورِثُ الْقَحْطَ وَالْقِلَا وَفِي الِاخْتِيَارِ وَمِنْ الْإِسْرَافِ أَنْ يَأْكُلَ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ جَوَانِبِهِ أَوْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ إلَّا أَنْ يَتَنَاوَلَهُ غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ
(وَمِمَّا يَلِي غَيْرَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ الْحِرْصِ وَسُوءِ الْأَدَبِ (إذَا كَانَ) الطَّعَامُ (لَوْنًا وَاحِدًا) وَأَمَّا إذَا كَانَ أَلْوَانًا فَيَجُوزُ الْأَكْلُ حَيْثُ شَاءَ وَعَنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «اُذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَلْيَأْكُلْ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِيهِ» (ت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ حَافَّتِهِ» طَرَفِهِ وَجَانِبِهِ إبْقَاءً لِمَحَلِّ الْبَرَكَةِ «وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ» أَيْ مَحَلِّ نُزُولِ الْبَرَكَةِ «لِئَلَّا تُمْحَى الْبَرَكَةُ» أَيْ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ (خ م عَنْ «عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ» رَبِيبِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) فَأُمُّهُ زَوْجُ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام «أَنَّهُ قَالَ كُنْت غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَيْ كُنْت صَبِيًّا فِي تَرْبِيَتِهِ وَالْحِجْرُ هُوَ الضَّبْطُ وَالْحِفْظُ «وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ» تَضْطَرِبُ «فِي الصَّحْفَةِ» فَيَأْخُذُ الطَّعَامَ مِنْ جَوَانِبِهَا أَيْ مِنْ أَمَاكِنِهَا وَالصَّحْفَةُ إنَاءٌ كَالْقَصْعَةِ «فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهِ تَعَالَى» إرْشَادًا وَتَأْدِيبًا «وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك» بِقُرْبِك لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَالَ عَمْرٌو «فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طُعْمَتِي بَعْدُ» وَاظَبْت عَلَى مَا عَلَّمَنِي - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحَرَكَةَ لَيْسَتْ بِاضْطِرَارِيَّةٍ كَالْمُرْتَعِشِ وَإِلَّا فَالتَّكْلِيفُ
لَا يُنَاسِبُهُ وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ عَمْرًا حِينَئِذٍ بَالَغَ كَمَا يُؤَيِّدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْغُلَامِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ (ت عَنْ عِكْرَاشٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْت» أَمَامِكَ أَوْ غَيْرِهِ «فَإِنَّهُ» أَيْ الطَّعَامَ «غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أُتِيَ بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانُ التَّمْرِ أَوْ الرُّطَبِ» شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي
(وَ) يُكْرَهُ (قَطْعُ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ) كَالْجُبْنِ وَالْخُبْزِ (بِالسِّكِّينِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي غَايَةِ الْيُبْسِ (د عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَقْطَعُوا اللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ فَإِنَّهُ مِنْ صُنْعِ الْأَعَاجِمِ» وَلَا يَنْبَغِي التَّشَبُّهُ بِهِمْ وَلِأَنَّ فِيهِ تَكَبُّرًا «وَانْهَسُوا نَهْسًا» الْأَخْذُ بِالْأَسْنَانِ أَوْ كُلُوا بِمُقَدَّمِ الْأَسْنَانِ (فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ) هُمَا بِمَعْنَى سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، النَّهْيُ تَنْزِيهِيٌّ فَلَا يُنَافِيهِ قَطْعُهُ عليه الصلاة والسلام فِي بَعْضِ الْوَقْتِ إعْلَامًا لِأَصْلِ جَوَازِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ يَجُوزُ صُدُورُ الْكَرَاهَةِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام بَيَانًا لِأَصْلِ الْجَوَازِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لَهُ مَكْرُوهًا وَقَدْ قَالُوا يَجُوزُ جَمْعُ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْجَوَازِ وَلِذَا كَثِيرًا مَا يَقُولُونَ يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ (د عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «كُنْت آكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآخُذُ» عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ أَفُكُّ وَأَسُلُّ «اللَّحْمَ بِيَدِي مِنْ الْعَظْمِ فَقَالَ أَدْنِ اللَّحْمَ مِنْ فِيك» قَرِّبْهُ مِنْ فَمِك كِنَايَةً عَنْ نَزْعِ اللَّحْمِ مِنْ الْعَظْمِ بِالْفَمِ وَالْأَسْنَانِ دُونَ الْيَدِ «فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ» لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَةَ الْحَدِيثِ عَلَى الْمَطْلُوبِ يَعْنِي الْقَطْعَ بِالسِّكِّينِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَحُمِلَ قَوْلُهُ بِيَدِي أَيْ أَقْطَعُ بِالسِّكِّينِ بِيَدِي أَبْعَدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا مُنِعَ النَّزْعُ بِالْأَصَابِعِ فَأَوْلَى بِالسِّكِّينِ فَمِنْ قَبِيلِ الدَّلَالَةِ بِالنَّصِّ وَيُشِيرُ هَذَا الْحَدِيثُ إلَى أَنَّ الْمَنْعَ عَمَّا يَكُونُ مَطْبُوخًا وَمَشْوِيًّا فَقَطْعُ النِّيءِ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَنْعِ
(وَيُكْرَهُ رَمْيُ مَا فِي الْفَمِ وَالْأَنْفِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْبُزَاقِ وَالْمُخَاطِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَفِي الْمَسْجِدِ) لِأَنَّا أُمِرْنَا بِاحْتِرَامِهِمَا وَلِهَذَا حَمَلَ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِيَّةِ وَلَوْ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ فَأَشَدُّ كَرَاهَةً
(وَ) يُكْرَهُ (الشُّرْبُ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ) هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُنْكَسِرُ مِنْ طَرَفِهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الشَّارِبَ بِمَا يَتَقَاطَرُ مِنْهُ الْمَاءُ عَلَى الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْوَسَخِ وَكَذَا قِيلَ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ قَدَحٍ فِيهِ ثُلْمَةٌ لَكِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْمُصَنِّف عَدَمُهَا فَافْهَمْ وَيَلْزَمُ مِنْهُ مُقَايَسَةٌ أَوْ دَلَالَةُ الْمِلْعَقَةِ الْمَشْقُوقَةِ لِتَجْمَعَ الْوَسَخَ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ تَوَقِّيًا عَنْ السَّرَفِ (وَالنَّفْخُ فِيهِ) فِي الْحَاشِيَةِ إذَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ كَأُفٍّ فَقِيلَ لِأَنَّهُ كَلِمَةُ تَضَجُّرٍ وَقِيلَ إذَا انْتَشَرَ الْبُزَاقُ لِتَأَذِّي الْغَيْرِ بِهِ وَفِي الْجَامِعِ نُهِيَ أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ وَفِيهِ أَيْضًا نُهِيَ أَنْ يُنْفَخَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالثَّمَرَةِ وَفِي شَرْحِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّفْخِ فِيهِ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا بَلْ إنْ حَارًّا صَبَرَ حَتَّى يَبْرُدَ
وَإِنْ قَذَارَةً أَزَالَهَا بِنَحْوِ خِلَالٍ أَوْ أَمَالَ الْقَدَحَ لِتَسْقُطَ أَوْ أَبْدَلَ الْمَاءَ (د عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ وَأَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ» وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُنْتِنُهُ وَقِيلَ لِلْمَرَضِ.
(وَإِعْطَاؤُهُ) أَيْ الْقَدَحِ (بَعْدَ الشُّرْبِ) مِنْهُ (إلَى مَنْ فِي) جِهَةِ (يَسَارِهِ بِلَا إذْنِ مَنْ فِي الْيَمِينِ) وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ فَأَعْطَى إلَى مَنْ فِي يَمِينِهِ أَعْرَابِيٍّ وَقَدْ كَانَ فِي يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ» أَيْ ابْدَءُوا بِالْأَيْمَنِ وَقَدِّمُوا الْأَيْمَنَ يَعْنِي مَنْ عِنْدَ الْيَمِينِ فِي نَحْوِ الشُّرْبِ فَمَنْصُوبٌ وَرُوِيَ رَفْعُهُ أَيْ الْأَيْمَنُ أَحَقُّ وَرَجَّحَهُ الْعَيْنِيُّ (لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْأَيْمَنُونَ ثَلَاثًا» أَيْ قَالَهُ ثَلَاثًا وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ إذَا اعْتَنَى بِأَمْرٍ يُكَرِّرُهُ تَأْكِيدًا قِيلَ وَلَوْ مَفْضُولًا وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ حَتَّى قَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا تَجُوزُ مُنَاوَلَةُ غَيْرِ الْأَيْمَنِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَالْأَفْضَلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَنْ يُدَارَ بِالْأَيْمَنِ فَلَيْسَ هَذَا تَرْجِيحًا لِمَنْ فِي الْيَمِينِ بَلْ لِجِهَتِهِ وَلَا يُعَارَضُ هَذَا بِمَا فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقَسَامَةِ كَبِّرْ كَبِّرْ وَلَا بِقَوْلِهِ ابْدَءُوا بِالْكُبْرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ عَامٍّ خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ وَأُخِذَ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكْرِيمِ يُقَدَّمُ فِيهِ الْيَمِينُ كَالصَّدْرِ وَالْبِسَاطِ وَفِيهِ نَدْبُ التَّيَامُنِ وَتَفْضِيلُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ وَأَنَّ مَا يَتَنَاوَلُ مِنْ نَحْوِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ فَالسُّنَّةُ إدَارَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَأَنَّ الْجُلُوسَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَالْعَالِمِ أَفْضَلُ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي مَجْلِسٍ نُدِبَ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ أَهْلَ الْمَجْلِسِ فِيهِ وَأَنَّ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا مُشْتَرَكًا فَهُوَ أَوْلَى بِمَجْلِسِهِ وَلَا يُقَامُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ
(خَرَّجَهُ خ م عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَ) يُكْرَهُ تَنْزِيهًا (الشُّرْبُ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ (وَالتَّنَفُّسُ فِي الْإِنَاءِ) لِاسْتِقْذَارِ الْغَيْرِ وَلِذَا قِيلَ لَا يَنْفُضُ يَدَهُ فِي الْقَصْعَةِ وَلَا يَنْحَنِي عَلَى نَحْوِ الْقَصْعَةِ عِنْدَ الْتِقَامِ اللُّقْمَةِ فِي فِيهِ وَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ الطَّعَامِ عِنْدَ إخْرَاجِ نَحْوَ الْعَظْمِ وَالنَّوَاةِ مِنْ فَمِهِ وَلَا يَغْمِسُ اللُّقْمَةَ الدَّسِمَةَ فِي الْخَلِّ وَلَا يُلْقِي اللُّقْمَةَ الدَّسِمَةَ فِي الْمَرَقَةِ وَلَا يُلْقِي الْمِلْعَقَةَ الدَّسِمَةَ فِي الْأَشْرِبَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَا يُسْتَقْذَرُ بَلْ يَذْكُرُ نَحْوَ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَآدَابِ الْأَكْلِ فَإِنَّ السُّكُوتَ الْمَحْضَ مِنْ سِيَرِ الْأَعَاجِمِ.
(ت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «لَا تَشْرَبُوا» شُرْبًا «وَاحِدًا» بِنَفَسٍ وَاحِدٍ «كَشُرْبِ الْبَعِيرِ» فَإِنَّهُ يُوَالِي شُرْبَهُ «وَلَكِنْ» «اشْرَبُوا مَثْنَى» نَفَسَيْنِ «وَثُلَاثَ» لِأَنَّهُ أَرْيَحُ لِلشَّارِبِ وَأَهْنَأُ لَهُ «وَسَمُّوا اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ» أَيْ إذَا أَرَدْتُمْ الشُّرْبَ «وَاحْمَدُوا اللَّهَ إذَا رَفَعْتُمْ» فَالسُّنَّةُ التَّسْمِيَةُ فِي الْبِدَايَةِ وَالتَّحْمِيدُ فِي النِّهَايَةِ (خ م عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) الْأَنْصَارِيِّ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إذَا شَرِبَ
أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ» عِلَّةُ النَّهْيِ أَنَّ الْأَشْرِبَةَ لَطِيفَةٌ يُسْرِعُ إلَيْهَا التَّغْيِيرُ بِالرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ لَا سِيَّمَا الْمَاءُ فَلَعَلَّ الشَّارِبَ إذَا تَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ نَفَخَ فِيهِ يُؤَثِّرُ فِيهِ خُلُوفُ فَمِهِ فَتُغَيَّرُ رَائِحَتُهُ وَأَنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ بُزَاقِهِ فَيَحْصُلُ لِلنَّاسِ تَنَفُّرٌ وَأَمَّا النَّفْخُ بَعْدَ قِرَاءَةِ بَعْضِ الْأَدْعِيَةِ إلَى نَحْوِ الْمَاءِ وَيَشْرَبُهُ الْمَرِيضُ فَبَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ ثُبُوتِهِ مِنْ قَبِيلِ عَامٍّ خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ وَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الصُّلَحَاءِ وَغَيْرِهِمْ لِعُمُومِ الصِّيغَةِ وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْجِنْسِ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لِبَعْضِ أَفْرَادِهِ فَافْهَمْ.
(وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَمَسُّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ) بِيَدِهِ الْيُمْنَى حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الذَّكَرِ عُمُومُ مَجَازٍ شَامِلٌ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ مُقَايَسَةً أَوْ دَلَالَةً وَكَثُرَ أَنْظَارُهُ (وَإِذَا تَمَسَّحَ) بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ (فَلَا يَتَمَسَّحُ بِيَمِينِهِ) أَيْ لَا يَسْتَنْجِي بِالْيَمِينِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا التَّمَسُّحُ بِهَا بِأَنْ يَجْعَلَهَا مَكَانَ الْحَجَرِ فَيُزِيلُ بِهَا النَّجَاسَةَ فَحَرَامٌ فَإِنْ قُلْت مَا الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ تَعْلِيمِ أَدَبِ الشُّرْبِ وَأَدَبِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ قُلْت إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا شَرِبَ بَالَ مَا شَرِبَهُ فَاحْتَاجَ إلَى مَسِّ الْفَرْجِ حَالَ خُرُوجِهِ فَلَمَّا ذُكِرَ حُكْمُ الْمَدْخَلِ نَاسَبَ ذِكْرَ حُكْمِ الْمَخْرَجِ كَذَا فِي الْفَيْضِ.
(وَيُكْرَهُ وَضْعُ الْمَمْلَحَةِ) ظَرْفُ الْمِلْحِ (عَلَى الْخُبْزِ) لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالْخُبْزِ الَّذِي أُمِرْنَا بِإِكْرَامِهِ وَأَمَّا وَضْعُ نَفْسِ الْمِلْحِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا قِيلَ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ تَقْيِيدِهِمْ بِالْمَمْلَحَةِ وَقَدْ مَرَّ مِرَارًا أَنَّ مَفْهُومَ التَّصْنِيفِ حُجَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ هَذَا لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَئِمَّةِ بُخَارَى لَمْ يَرَوْا فِي وَضْعِ الْمَمْلَحَةِ عَلَى الْخُبْزِ بَأْسًا والمرغيناني كَانَ لَا يُفْتِي بِكَرَاهَتِهِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِلْحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ الْأَكْلَ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمَ بِهِ.
وَفِي الشِّرْعَةِ وَيَبْدَأُ بِالْمِلْحِ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ الْأَمْرَاضِ وَفِي شَرْحِهِ كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا عَلِيُّ ابْدَأْ طَعَامَك بِالْمِلْحِ فَإِنَّ الْمِلْحَ شِفَاءٌ مِنْ سَبْعِينَ دَاءٍ مِنْهَا الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَوَجَعُ الْبَطْنِ وَالضِّرْسِ» كَذَا فِي الْعَوَارِفِ وَقِيلَ كَذَا فِي كَنْزِ الْعِبَادِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ وَيُقَدَّمُ الْمِلْحُ الْمَدْقُوقُ وَيُرْفَعُ بِالْمُسَبِّحَةِ وَالْإِبْهَامِ وَلَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ أَنْ يَسْأَلَ مِنْ رَبِّ الْبَيْتِ إلَّا الْخُبْزَ وَالْمَاءَ وَالْمِلْحَ كَمَا فِي الْبُسْتَانِ انْتَهَى وَفِي رِسَالَةٍ مُسَمَّاةٍ بِطِبِّ النَّبِيِّ مَنْسُوبَةٍ إلَى الْحَبِيبِ النَّيْسَابُورِيِّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَرَّبَ أَحَدُكُمْ الطَّعَامَ فَلْيَبْدَأْ بِالْمِلْحِ» .
لَكِنْ حَكَمَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ بِوَضْعِ حَدِيثِ الْمِلْحِ فِي مَوْضُوعَاتِهِ وَاغْتَرَّ بِظَاهِرِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَمَنَعَ لَكِنْ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ الْوَضْعِ فِي الْبَعْضِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَلَّمَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ كَيْفَ وَالْفُقَهَاءُ لَا يَحْكُمُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ شَيْءٍ لَمْ يَقِفُوا عَلَى صِحَّتِهِ وَقَدْ عَدَّ ابْنُ حَجَرٍ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ مِنْ حُفَّاظِ الْمُحَدِّثِينَ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ عَلِيٌّ الْقَارِيّ وَهُوَ صَاحِبُ شِرْعَةِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ وَهُوَ الْجَصَّاصُ مِنْ كِبَارِ السَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ يَقِينًا وَلَوْ سَلِمَ مَوْضُوعِيَّةُ الْكُلِّ فَلَا يَلْزَمُ انْتِفَاءُ السُّنِّيَّةِ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ فِي الشِّرْعَةِ أَيْضًا السُّنَّةُ هُنَا مَا كَانَ عَلَيْهِ الْقَرْنُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالرَّشَادِ وَهُمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ عَاصَرَ سَيِّدَ الْخَلَائِقِ ثُمَّ التَّابِعُونَ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّف وَمِنْ السُّنَّةِ ابْتِدَاءُ مُرَادِهِ مِنْ السُّنَّةِ سُنَّةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ أَوْ سُنَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَوْ سُنَّةِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ أَوْ سُنَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عَنْ رَوْضَةِ النَّاصِحِينَ السُّنَّةُ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ طَرِيقَةٍ مَسْلُوكَةٍ أُمِرْنَا بِإِحْيَائِهَا وَأَيْضًا يُقَدَّمُ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْحَدِيثِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَبِالْجُمْلَةِ أُمِرْنَا بِتَبَعِيَّةِ فُقَهَائِنَا لِأَنَّ حُجَّتَنَا فِي الْأَحْكَامِ هِيَ أَقْوَالُهُمْ لَا غَيْرُ فَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ الْمِلْحِ عِنْدَ الطَّعَامِ.
(وَ) وَضْعُ (الْخُبْزِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ) لِنَحْوِ التَّسْوِيَةِ لِأَنَّهُ إهَانَةٌ (وَتَعْلِيقُ الْخُبْزِ عَلَى الْخِوَانِ) أَيْ السُّفْرَةِ مَجَازًا وَإِنَّمَا يُوضَعُ (بِحَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ كَرَامَةً) لِلْخُبْزِ لَعَلَّ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ كَالْحِفْظِ مِنْ الْفَأْرَةِ وَعَدَمِ وِجْدَانِ مَحَلٍّ يُوضَعُ لَا يُكْرَهُ وَفِي الْجَامِعِ «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ» لِأَنَّ فِي إكْرَامِهِ
الرِّضَا بِالْمَوْجُودِ مِنْ الرِّزْقِ وَعَدَمَ الِاجْتِهَادِ فِي التَّنَعُّمِ وَطَلَبَ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ مِنْ كَرَامَتِهِ أَنْ لَا يُنْتَظَرَ بِهِ الْأُدُمُ وَرُدَّ بِأَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ بِالْأُدُمِ أَقُولُ ذَلِكَ فِي الْبُرِّ وَذَا فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ وَكَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ وَضْعَ اللَّحْمِ وَالْإِدَامِ فَوْقَ الْخُبْزِ وَأَوْرَدَ بِأَنَّهُ «عليه الصلاة والسلام وَضَعَ تَمْرَةً عَلَى كِسْرَةٍ وَقَالَ هَذَا إدَامُ هَذِهِ» وَقَدْ يُقَالُ الْمَكْرُوهُ مَا يُلَوِّنُهُ وَيُقْذِرُهُ كَالسَّمَكِ وَاللَّحْمِ وَأَمَّا التَّمْرُ فَلَا، وَزِيدَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَخَّرَ لَهُ بَرَكَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْحَدِيدِ وَالْبَقَرِ كَمَا فِي الْفَيْضِ وَفِيهِ أَيْضًا «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ فَمَنْ أَكْرَمَ الْخُبْزَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ» قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِكْرَامُهُ أَنْ لَا يُوطَأَ وَلَا يُهَانَ وَلَا يُلْقَى فِي الْقَاذُورَاتِ وَالْمَزَابِلِ وَلَا يُنْظَرُ بِنَظَرِ الِاحْتِقَارِ قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ عَابِدًا قَرَّبَ إلَى بَعْضِ إخْوَانِهِ رُغْفَانًا فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا لِيَخْتَارَ أَجْوَدَهَا فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ مَهْ أَيُّ شَيْءٍ تَصْنَعُ أَمَا عَلِمْت أَنَّ فِي الرَّغِيفِ الَّذِي رَغِبْت عَنْهُ كَذَا وَكَذَا حِكْمَةً وَعَمِلَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا صَانِعٍ حَتَّى أَتَى، اسْتَدَارَ مِنْ السَّحَابِ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَاءَ، وَالْمَاءِ الَّذِي يَسْقِي الْأَرْضَ، وَالرِّيَاحِ وَبَنِي آدَمَ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى إلَيْك ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُقَلِّبُهُ وَلَا تَرْضَى بِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْخَبَرِ «لَا يَسْتَدِيرُ الرَّغِيفُ وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْك حَتَّى يَعْمَلَ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَانِعًا أَوَّلُهُمْ مِيكَائِيلُ يَكِيلُ الْمَاءَ مِنْ خَزَائِنِ الرَّحْمَةِ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَزْجُرُ السَّحَابَ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْأَفْلَاكُ وَمَلَائِكَةُ الْهَوَاءِ وَدَوَابُّ الْأَرْضِ وَآخَرُ ذَلِكَ الْخَبَّازُ - {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] » - وَفِيهِ أَيْضًا أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ قَالَ شَارِحُهُ لِأَنَّ الْخُبْزَ غِذَاءُ الْبَدَنِ وَالْغِذَاءُ قِوَامُ الْأَرْوَاحِ وَقَدْ شَرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَرْزَاقِ وَأَنْزَلَهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ فَمَنْ رَمَى بِهِ وَأَطْرَحَهُ مَطْرَحَ الْهَوَانِ فَقَدْ سَخِطَ النِّعْمَةَ وَكَفَرَهَا وَفِيهِ أَيْضًا أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَنْ أَكَلَ مَا يَسْقُطُ مِنْ السُّفْرَةِ غُفِرَ لَهُ قَالَ شَارِحُهُ مَحَا اللَّهُ عَنْهُ الصَّغَائِرَ فَلَا يُعَذِّبُهُ عَلَيْهَا أَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا دَخْلَ لَهَا هُنَا
(فَائِدَةٌ) أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ دَخَلَ الْمُتَوَضَّأَ فَأَصَابَ كِسْرَةً فِي مَجْرَى الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَأَخَذَهَا فَأَمَاطَهَا مِنْ الْأَذَى ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا لِغُلَامِهِ، فَقَالَ: ذَكِّرْنِي بِهَا إذَا تَوَضَّأْتُ. فَلَمَّا تَوَضَّأَ قَالَ: نَاوِلْنِيهَا، قَالَ: أَكَلْتهَا، قَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنِّي سَمِعْتُ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أَخَذَ لُقْمَةً أَوْ كِسْرَةً مِنْ مَجْرَى الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَأَمَاطَ عَنْهَا الْأَذَى وَغَسَلَهَا ثُمَّ أَكَلَهَا، لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي بَطْنِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ» ، فَمَا كُنْتُ لِأَسْتَخْدِمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
قَالَ الْهَيْتَمِيُّ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. انْتَهَى.
(وَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مُتَّكِئًا أَوْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَقَبْلَ صَلَاةِ عِيدِ الْأَضْحَى فِي الْمُخْتَارِ) قَيْدٌ لِلْكُلِّ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ يُكْرَهُ، وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ تَرْكُ الْأُولَى.
قَالَ فِي التتارخانية: وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُتَّكِئًا أَوْ وَاضِعًا شِمَالَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مُسْتَنِدًا، وَفِيهِ أَيْضًا: الْأَكْلُ يَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، لَكِنْ عَنْ التتارخانية: رُوِيَ «عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَبَرَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللَّهَ سِتِّينَ أَلْفَ سَنَةٍ» . انْتَهَى.
لَكِنْ يَعُدُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ الْوَاسِعَةَ مِنْ أَمَارَاتِ الضَّعْفِ بَلْ الْوَضْعِ، فَتَأَمَّلْ.
(وَيُكْرَهُ مَسْحُ السِّكِّينِ وَالْيَدِ بِالْخُبْزِ) وَعَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ يُكْرَهُ مَسْحُ الْأَصَابِعِ عَلَى الْمَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْفَرَاعِنَةِ (وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ إنْ أَكَلَ بَعْدَهُ وَإِذَا أَكَلَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ لِيَتَقَيَّأَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ التَّدَاوِي (قَالَ رَأَيْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْكُلُ أَلْوَانًا مِنْ الطَّعَامِ وَيُكْثِرُ ثُمَّ يَتَقَيَّأُ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ فِعْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَسُكُوتِ آخِرِهِمْ وَإِلَّا فَفِي حُجِّيَّةِ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ كَلَامٌ يُعْرَفُ فِي الْأُصُولِ تَأَمَّلْ.
(وَلَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَارًّا
وَلَا يَشُمُّ) لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْحَوَاسِّ، وَفِي الْجَامِعِ نَهْيٌ عَنْ الطَّعَامِ الْحَارِّ حَتَّى يَبْرُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَذْهَبَ بُخَارُهُ لَكِنْ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ لَمْ يُطْعِمْنَا نَارًا» (كُلُّ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فِي الْخُلَاصَةِ) وَغَيْرِهَا.
(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْفَاكِهَةِ وَالثُّفْلِ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ كَنَوَى الْعِنَبِ (فِي طَبَقٍ وَاحِدٍ لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَأَمَّا أَكْلُ طَعَامِ الْفَسَقَةِ وَأَهْلِ الرِّبَا وَالْأُمَرَاءِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مُنْكِرٌ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ) تَبَاعُدًا عَنْهُمْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّهُمْ كَالشَّوْكِ لَا يَنَالُ الْمُؤْمِنُ مِنْ طَعَامِهِمْ حَتَّى يَنَالُوا مِنْ دِينِهِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ تَجُوزُ إجَابَةُ دَعْوَةِ الْفَاسِقِ وَالْأَوْرَعُ لَا يُجِيبُ، وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ أَكْلِ طَعَامِ دَعْوَةِ كُلِّ الْمُزَارِعِينَ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَفِي الْجَامِعِ نَهْيٌ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَفِي شَرْحِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ، وَفِيهِ أَيْضًا نَهْيٌ عَنْ إجَابَةِ طَعَامِ الْفَاسِقِينَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَجَنُّبِهِمْ الْحَرَامَ وَلَا يُنَافِيهِ حُسْنُ الظَّنِّ الْمَأْمُورُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْفَسَقَةُ الْمُعْلِنُونَ زَجْرًا لَهُمْ عَنْ فِسْقِهِمْ، وَفِي الْفَتَاوَى إذَا قَدَّمَ السُّلْطَانُ شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ إنْ اشْتَرَاهُ يَحِلُّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَغْصُوبِيَّتَهُ يُبَاحُ أَكْلُهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، ثُمَّ جَمِيعُ الْمَكْرُوهَاتِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فِي الْأَكْلِ فِي السُّوقِ وَالطَّرِيقِ وَالْقَبْرِ وَالْجِنَازَةِ وَأَكْلِ طَعَامِ الْمَيِّتِ وَمِنْ الْأَوَانِي ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَمِنْ مِلْعَقَتِهِمَا وَعَلَى الْخِوَانِ مِنْهُمَا وَمِنْ ضِيَافَةٍ فِيهَا لَعِبٌ أَوْ لَهْوٌ أَوْ غِنَاءٌ وَمِمَّا اُتُّخِذَ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَمُبَاهَاةً إنْ ظَنَّهُ كَذَلِكَ، وَتَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالشُّرْبِ بِهَا وَمِنْ وَسَطِ الطَّعَامِ وَمِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَالْقَطْعِ بِالسِّكِّينِ وَرَمْيِ مَا فِي الْفَمِ وَالْأَنْفِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَفِي الْمَسْجِدِ وَمِنْ الْقَدَحِ الْمَكْسُورِ وَالنَّفْخِ فِيهِ وَالْإِعْطَاءِ بِالْيَسَارِ وَالشُّرْبِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ وَالتَّنَفُّسِ فِي دَاخِلِ الْإِنَاءِ وَمَسْحِ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَوَضْعِ الْمَمْلَحَةِ عَلَى الْخُبْزِ وَوَضْعِ الْخُبْزِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ وَتَعْلِيقِ الْخُبْزِ بِالسُّفْرَةِ وَمَسْحِ السِّكِّينِ وَالْيَدِ بِالْخُبْزِ وَفِي بَعْضِ الْفِقْهِيَّةِ عُدَّ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الْأَكْلِ أَكْلُ الطِّينِ وَالتُّرَابِ وَالطَّعَامِ الْحَارِّ وَنَفْخُهُ وَشَمِّهِ وَانْتِظَارُ إدَامٍ بَعْدَ حُضُورِ الْخُبْزِ، وَفِي الطَّرِيقِ وَمَمَرِّ النَّاسِ وَقَائِمًا وَمَاشِيًا، وَالشُّرْبُ قِيلَ لَا وَقِيلَ نَعَمْ فِي الْقِيَامِ فِي غَيْرِ زَمْزَمَ وَلَا يَشْرَبُ مِنْ جَانِبِ الْعُرْوَةِ وَلَا مِنْ كُوزٍ لَا يَرَى جَوْفَهُ، وَكُرِهَ أَكْلُ جُنُبٍ وَشُرْبُهُ قَبْلَ غَسْلِ يَدَيْهِ وَفَمِهِ وَاسْتِعَانَةُ الْغَسْلِ مِنْ الْغَيْرِ وَالنَّظَرُ إلَى لُقْمَةِ الْغَيْرِ وَوَجْهِهِ وَذِكْرُ أَمْرٍ هَائِلٍ عَلَى الْمَائِدَةِ وَذِكْرُ أَمْرٍ مُسْتَقْذَرٍ وَالسُّكُوتُ عِنْدَ الْأَكْلِ وَقَطْعُ الطَّعَامِ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ وَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَقُومُ قَبْلَ رَفْعِ الْمَائِدَةِ وَلَا لِأَحَدٍ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَا يَجُوزُ مَسْحُ الْيَدِ عَلَى ثِيَابِهِ وَدِسْتَارِ رَأْسِهِ وَتُكْرَهُ الْخِرْقَةُ لِلْعَرَقِ وَلِلِامْتِخَاطِ وَلِلْوُضُوءِ، إنْ لِلتَّكَبُّرِ وَإِنْ لِلْحَاجَةِ فَلَا، وَعَدَمُ أَخْذِ لُقْمَةٍ سَاقِطَةٍ مِنْ يَدِهِ، وَفِي بَعْضِ الرَّسَائِلِ وَكُرِهَ أَكْلُ وَجْهِ الْخُبْزِ وَرَمْيُ بَاقِيهِ وَالْأَمْرُ بِإِحْضَارِ الطَّعَامِ عِنْدَهُ بَلْ يَذْهَبُ إلَى الطَّعَامِ وَتَغَيُّبُ الطَّعَامِ وَتَخْفِيفُ الطَّعَامِ وَالْأَكْلُ فِي الظُّلْمَةِ وَنَفْضُ يَدَيْهِ فِي الْقَصْعَةِ لِإِكْرَاهِ الْغَيْرِ، وَتَقْدِيمُ الرَّأْسِ إلَى الْقَصْعَةِ عِنْدَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي فِيهِ وَأَكْلُ طَعَامِ الْمَيِّتِ فِي الْأَوَّلِ وَالْأُسْبُوعِ مَثَلًا، وَالْأَكْلُ مِنْ أَوَانِي الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالْأَكْلُ مِنْ أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ وَمَعَ الْكُفَّارِ دَوَامًا وَالطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ لِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ وَالتَّهْلِيلُ وَالْأَكْلُ بِلَا تَسْمِيَةٍ وَالْأَكْلُ مِمَّا فِيهِ شُبْهَةٌ.
اعْلَمْ أَنَّ مِنْ الشُّبْهَةِ الصَّيْدَ بِكَلْبٍ مَغْصُوبٍ وَالِاحْتِطَابَ