الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَكُونُ شَهِيدًا مَعَ كَوْنِ جِنْسِهِ شَهِيدًا لِنَوْعِ التَّهْلُكَةِ. .
(وَمِنْهَا اسْتِصْحَابُ الْكَلْبِ وَالْجَرَسِ لِلَّهْوِ فِي السَّفَرِ) وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهْوِ كَأَنْ يَزِيدَ نَشَاطَ الدَّابَّةِ أَوْ لِيَنْفِرَ هَوَامَّ اللَّيْلِ وَالذِّئْبَ أَوْ لِيُوجَدَ إذَا ضَلَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا قِيلَ (خ م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تَقْرَبُ» ، وَفِي أُخْرَى «لَا تَتْبَعُ» وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الصُّحْبَةِ نَفْيُ مُجَرَّدِ اللِّقَاءِ لَا نَفْيُ الْمُلَازَمَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمَلَائِكَةِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ لَا الْحَفَظَةُ وَنَحْوُهُمْ «رُفْقَةً» جَمَاعَةً مُتَرَافِقَةً فِي سَفَرٍ «فِيهَا كَلْبٌ» وَلَوْ لِحِرَاسَةِ الْأَمْتِعَةِ سَفَرًا كَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُهُ ( «أَوْ جَرَسٌ» بِفَتْحِ الرَّاءِ الْجُلْجُلُ وَبِسُكُونِهَا صَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ، وَالْمَلَائِكَةُ ضِدُّهُ، وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّاقُوسَ فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِلْحَرَسِ وَالِاصْطِيَادِ وَلِحِفْظِ الزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ وَلِحِفْظِ مَالِهِ وَلِلْحِفْظِ مِنْ اللُّصُوصِ قَرْيَةٌ فِيهَا كِلَابٌ تَضُرُّ الْمَارِّينَ يُؤْمَرُ أَرْبَابُهَا بِقَتْلِهَا، فَإِنْ أَبَوْا يَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحْتَسِبِ، وَفِي النَّوَازِلِ إنْ كَانَ ضَرَرُ الْكِلَابِ فِي مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ يُمْنَعُ وَكَذَا الْعُجُولُ وَالدَّجَاجَةُ وَكَذَا الْأَسَدُ وَالْفَهْدُ وَالضَّبُعُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا ضَمَانُ عَضِّ الْكَلْبِ فَفِي الْخَانِيَّةِ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَضِّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَيُقْتَلُ الْجَرَادُ وَكَذَا النَّمْلَةُ الْمُؤْذِيَةُ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إلْقَائِهَا فِي الْمَاءِ، وَإِحْرَاقُ الْقَمْلِ وَالْعَقْرَبِ مَكْرُوهٌ وَطَرْحُهَا حَيَّةً مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ الْأَدَبُ، وَإِنْ مُبَاحًا فِي نَفْسِهِ. الْكُلُّ مِنْ التتارخانية، وَعَنْ شَرْحِ الشِّرْعَةِ لِمُحَمَّدٍ الْعَيْشِيِّ رُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا هَبَطَ آدَم عليه الصلاة والسلام إلَى الْأَرْضِ قَالَ إبْلِيسُ لِلسِّبَاعِ إنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكُمْ فَأَهْلِكُوهُ فَاجْتَمَعُوا وَوَلَّوْا أَمْرَهُمْ إلَى الْكَلْبِ وَقَالُوا أَنْتَ أَشْجَعُنَا فَلَمَّا رَأَى آدَم ذَلِكَ تَحَيَّرَ فِيهِ فَجَاءَ جَبْرَائِيلُ عليه الصلاة والسلام فَقَالَ امْسَحْ يَدَك عَلَى رَأْسِ الْكَلْبِ فَأَلِفَهُ فَلَمَّا رَأَى السِّبَاعُ ذَلِكَ تَفَرَّقُوا وَبَقِيَ الْكَلْبُ مَعَ أَوْلَادِهِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ.
[سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ]
(وَمِنْهَا سَفَرُ الْحُرَّةِ بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ) وَلَوْ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ (خ م عَنْ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» أَيْ الْمَبْدَإِ وَالْمَعَادِ وَسَائِرُ الْمُؤْمَنِ بِهِ دَاخِلٌ فِيمَا بَيْنَهُمَا «أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا» فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْقَصْرِ وَالْعِلَّةُ أَيْ خَوْفُ الْفِتْنَةِ جَارِيَةٌ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ «إلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا» فَمُجَرَّدُ الْمَحْرَمِيَّةِ بِلَا رَحِمٍ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ كَأَنْ كَانَ مِنْ الرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ (وَفِي أُخْرَى «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ مِنْ الدَّهْرِ» مِنْ الزَّمَانِ «إلَّا وَمَعَهَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجُهَا» ، وَفِي أُخْرَى) لَهُ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» ، وَفِي أُخْرَى «مَسِيرَةَ يَوْمٍ» ، وَفِي أُخْرَى «مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ» فَفِي مُدَّةِ السَّفَرِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ) ، وَفِي التَّفْرِيعِ نَوْعُ خَفَاءٍ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ الْفَاءُ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ التَّفْرِيعِ، وَفِي الْحَاشِيَةِ قَيَّدَ بِالْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَفَرَ الْحُرَّةِ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِلْحَجِّ وَالزِّيَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ إذَا كَانَتْ مَعَ رُفْقَةٍ فِيهِمْ النِّسَاءُ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ أَوْ كَانَتْ أَمِينَةً عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَعَ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَالْمَحْرَمُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا مُؤَبَّدًا سَوَاءٌ بِالرَّحِمِ أَوْ الصِّهْرِ أَوْ الرَّضَاعِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا عَاقِلًا أَوْ مُرَاهِقًا غَيْرَ مَجُوسِيٍّ وَلَا فَاسِقٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا صَبِيٍّ غَيْرِ عَاقِلٍ، وَأَمَّا الْمُصَاهَرَةُ مِنْ الزِّنَا فَقَالَ بَعْضٌ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ، وَعَنْ السَّرَخْسِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي التتارخانية كَذَا قِيلَ.
لَكِنْ فِي إطْلَاقِ الْمُسَافِرِ فِي الْمَحْرَمِ الَّذِي غَيْرُ ذِي رَحِمٍ لَا سِيَّمَا الرَّضَاعَةُ كَلَامٌ فَلْيُسْتَقْرَ، ثُمَّ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْإِرْكَابِ وَالْإِنْزَالِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الرُّكُوبُ بِنَفْسِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّهَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَيَأْخُذَ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا دُونَ مَا تَحْتَهَا إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ اجْتَنِبْ ذَلِكَ بِجَهْدِهِ، وَفِي تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْحُرَّةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَمَةَ وَالْمُدَبَّرَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقَةَ الْبَعْضِ تُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَمَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَكِنْ فِي قَاضِي خَانْ، وَفِي زَمَانِنَا كُرِهَ لَهَا الْمُسَافَرَةُ أَيْضًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ تَرْكُ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ (وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَهَا) دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ قِيلَ وَالْأَقْوَى دِرَايَةً الْحُرْمَةُ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَقُولُ كَيْفَ تَدُلُّ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ وَقَدْ قَيَّدَ فِي بَعْضِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالْعَدَدُ خَاصٌّ دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ فَلَيْسَ لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى مَا دُونَهَا بَلْ يَدُلُّ عَلَى الْعَدَمِ إشَارَةً بَلْ مَفْهُومًا أَيْضًا وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ حُجَّةٌ عِنْدَ بَعْضٍ مِنَّا كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بَلْ نَقُولُ إنَّ الرِّوَايَاتِ كَالنُّصُوصِ الْمُتَعَارِضَةِ فَلَا يُحْتَجُّ بِلَا تَوْفِيقٍ أَوْ تَرْجِيحٍ فَلْيُتَأَمَّلْ حَتَّى يَظْهَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، ثُمَّ قِيلَ، وَأَمَّا السَّفَرُ فِيمَا دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِلَا زَوْجٍ وَمَحْرَمٍ فَجَائِزٌ إذَا كَانَ مَعَ مِثْلِهَا أَوْ مَعَ رَجُلٍ مُتَدَيِّنٍ مُؤْتَمَنٍ عَلَيْهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْخَلْوَةِ وَكَوْنِ الْخُرُوجِ إلَى مَوَاضِعَ أُذِنَ لِلْخُرُوجِ إلَيْهَا مِثْلِ الزِّيَارَةِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى عَدَمُ الْخُرُوجِ فِي زَمَانِنَا لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَقِلَّةِ الْمُتَدَيِّنِينَ انْتَهَى.
أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ هُوَ الْجَوَازُ الْمُطْلَقُ وَمَا اعْتَبَرَهُ مِنْ الْقُيُودِ إنْ بِالرَّأْيِ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ بِالنَّصِّ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وَعَنْ النَّوَوِيِّ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا يُرِيدُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا تَحْدِيدَ الْمُدَّةِ بَلْ الْمُرَادُ حُرْمَةُ السَّفَرِ لِلْمَرْأَةِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَالِاخْتِلَافُ وَقَعَ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي حَدِيثِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» ، وَفِي أُخْرَى «يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَأُخْرَى «يَوْمٍ» وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهَا التَّحْدِيدَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُسَمَّى سَفَرًا عُرْفًا وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا وَقَعَ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ أَوْ الْمَوَاطِنِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ بَلْ الْعَامُّ الَّذِي ذُكِرَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ وَذَا لَا يُخَصَّصُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَيْضًا فِي الْجَامِعِ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ بَرِيدًا» الْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ كَذَا فِي الْفَيْضِ.
(وَمِنْهَا الرُّكُوبُ) عَلَى الدَّابَّةِ (عِنْدَ الْوُقُوفِ الطَّوِيلِ وَعَدَمُ النُّزُولِ) بِلَا عُذْرٍ إنْ طَالَ الرُّكُوبُ (حَدّ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ كَرَاسِيَّ» لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ فَيَنْزِلُ حِينَئِذٍ إلَّا مَأْثُورًا كَمَا فِي الْوَقْفَةِ كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَاقِفًا» .
وَكَذَا مِنْ الْآفَاتِ تَحْمِيلُ الدَّابَّةِ
فَوْقَ طَاقَتِهَا وَضَرْبٌ فِي وَجْهِهَا وَإِرْدَافُ ثَلَاثٍ إلَّا أَنْ يَكُونُوا صِغَارًا وَتَفْصِيلُهُ فِي الشِّرْعَةِ وَشَرْحِهِ.
(وَمِنْهَا سَفَرُ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ) قِيلَ الرُّفَقَاءُ أَرْبَعَةٌ حَتَّى إذَا اُحْتِيجَ إلَى ذَهَابِ بَعْضٍ لِأَمْرٍ يُوجَدُ مُعَاوِنُ الذَّاهِبِ وَمُؤَانِسُ الْقَاعِدِ وَيَطْلُبُ لِلسَّفَرِ رَفِيقًا صَالِحًا يُعِينُ عَلَى أُمُورِ الدِّينِ كَمَا قِيلَ الرَّفِيقُ ثُمَّ الطَّرِيقُ وَقَدْ «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مُسَافَرَةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ» ، وَفِي الْحَاشِيَةِ يَعْنِي بِلَا عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهُ لِعَدَمِ وِجْدَانِ الرَّفِيقِ أَصْلًا أَوْ وَجَدَ وَاحِدًا وَالسَّفَرُ لَازِمٌ (خ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنْ الْوَحْدَةِ» أَيْ مِنْ ضَرَرِ الْوَحْدَةِ وَآفَاتِهَا مِثْلَ عَدَمِ وِجْدَانِ مَنْ يُقِيمُ حَوَائِجَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَجْأَةً مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالتَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ، وَبِالْجُمْلَةِ الضَّرَرُ إمَّا دُنْيَوِيٌّ كَعَدَمِ مَنْ يُقِيمُ حَوَائِجَهُ وَيُعِينُهُ فِي أُمُورِهِ وَيُؤَانِسُهُ فِي وَحْشَتِهِ أَوْ دِينِيٌّ كَعَدَمِ وِجْدَانِ مَنْ يُصَلِّي بِالْجَمَاعَةِ، وَمَنْ يُقِيمُ حَوَائِجَهُ كَمَا عَرَفْت «مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمَطْلُوبِ هُوَ مُدَّةُ السَّفَرِ وَالْحَدِيثُ فِي اللَّيْلِ فَافْهَمْ (طب عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «الشَّيْطَانُ يَهِمُّ» يَقْصِدُ «بِالْوَاحِدِ وَبِالِاثْنَيْنِ» فِي الْإِضْلَالِ وَالْإِخَافَةِ «وَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً لَمْ يَهِمَّ بِهِمْ» لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالسَّفَرِ بَلْ بِالْحَضَرِ كَمَا فِي بَيْتُوتَةِ مَنْزِلٍ وَاحِدٍ لَكِنْ قَالَ الْمُنَاوِيُّ يَعْنِي فِي السَّفَرِ وَقِيلَ أَرَادَ بِالْوَاحِدِ الْمُنْفَرِدَ فِي الرَّأْيِ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ تَقْلِيدَ الْأَكْثَرِ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ الْأَكْبَرِ.
(فَائِدَةٌ)
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا هَلْ لِلْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ وَلِلشَّيْطَانِ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا يَخْطِرُ بِالْقَلْبِ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ لَهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا يَخْطِرُ بِالْقَلْبِ بِإِطْلَاعِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَمِنْهَا عَدَمُ التَّأْمِيرِ) أَيْ تَرْكُهُ يَعْنِي نَصْبَ أَحَدِ الْمُسَافِرِينَ أَمِيرًا وَهُوَ سُنَّةٌ لِأَجْلِ انْتِظَامِ الْأُمُورِ فِي النُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ وَبَعْدَ النَّصْبِ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ امْتِثَالِ أَمْرِهِ فِيمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ (د عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا» نَدْبًا «أَحَدَهُمْ» وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَتْقَاهُمْ وَأَصْوَبَهُمْ رَأْيًا وَأَكْثَرَهُمْ تَدْبِيرًا وَأَتَمَّهُمْ مُرُوءَةً وَسَخَاوَةً وَأَعْظَمَهُمْ شَفَقَةً وَمَرْحَمَةً، وَعَنْ الْعَوَارِفِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «أَلَا خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ» ، وَفِي الْمُنَاوِيِّ عَنْ الْبَعْضِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ، ثُمَّ لَا بُدَّ لَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوهُ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِرَأْيِهِمْ وَأَدْعَى لِاتِّفَاقِهِمْ وَأَجْمَعُ لِشَمْلِهِمْ، ثُمَّ قَالَ فَالتَّأْمِيرُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حُصُولِ الِانْتِظَامِ بِهِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ إقَامَةُ حُدُودٍ وَتَعْزِيرِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ الِاثْنَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ.
(وَمِنْهَا ذَهَابُ مَنْ أَكَلَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ إلَى الْمَسْجِدِ) وَلَوْ لِغَيْرِ الْجَمَاعَةِ (وَالْجَمَاعَةِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، أَمَّا إنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ عَلَى ظَنِّ زَوَالِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَمْ يُزَلْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْقُعُودُ فِي الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ إثْمُ التَّرْكِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمُحَشِّي (خ م عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا
أَوْ فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا» شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي أَيْ الْأَمَاكِنَ الْمُعَدَّةُ لِلصَّلَاةِ فَالْمُرَادُ جِنْسُ الْمَسَاجِدِ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ «مَسَاجِدَنَا» وَقِيلَ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسَاجِدَ» فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ بِمَعْنَى مَسْجِدِ مِلَّتِنَا كَمَا فِي الْمُبَارِقِ وَغَيْرِهِ أَقُولُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ بَلْ صِيغَةُ نَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ الْغَيْرِ مِنْ الشَّارِعِ شَامِلَةٌ لَهُ وَلِمَنْ اتَّبَعَهُ فِي مِلَّتِهِ سِيَّمَا فِي الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَنْدَفِعُ أَيْضًا مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ، عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ الَّتِي هِيَ إيذَاءُ الْمَلَائِكَةِ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ الْمَسَاجِدِ بَلْ سَائِرِ مَجَامِعِ النَّاسِ كَمَا فِي الْمُبَارِقِ وَكَذَا مَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَا فِي رِيحِهِ أَذًى كَالْكُرَّاثِ بَلْ كُلُّ مَا فِيهِ أَذًى كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَبَخَرٍ أَوْ جِرَاحَةٍ وَكَذَا رِيحُ سَمَكٍ وَزَبَّالٌ وَقَصَّابٌ يُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَمِنْهَا يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ دَأْبُهُ أَذَى النَّاسِ بِلِسَانِهِ يُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ مَنْعِ الْأَجْذَمِ وَمَا مَعَهُ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ آكِلَ الثُّومِ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَانِعَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ أُولَئِكَ وَأَشَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إلَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ تَوَسُّعٌ غَيْرُ مَرَضِيٍّ انْتَهَى، ثُمَّ قِيلَ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْوَاقِعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَإِنْ خَالِيًا عَنْ الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ «وَلَا يُؤْذِنَا بِرِيحِ الثُّومِ» فَالْعِلَّةُ تَأَذِّي بَنِي آدَمَ فَيَجُوزُ دُخُولُهُ إذَا كَانَ خَالِيًا أَقُولُ حَدِيثُ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» يَجْعَلُ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً وَقِيلَ تَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ لِتَأَذِّي بَنِي آدَمَ وَأَشْكَلَ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُجَرَّدَاتٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيهِمْ التَّأَذِّي؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَأَذِّيهُمْ مِنْ تَأَذِّي بَنِي آدَمَ لَا مِنْ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ السُّؤَالَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى قَاعِدَةِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْمُجَرَّدَاتِ لَا عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِي قَالُوا إنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ فَيَجُوزُ شَمُّهُمْ الرَّوَائِحَ الْكَرِيهَةَ أَقُولُ إنَّ مَا أَثْبَتُوا مِنْ الْمُجَرَّدَاتِ هُوَ نَحْوُ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ الْمُجَرَّدَاتِ فَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ، نَعَمْ إنَّ بَعْضَ الْمُتَشَرِّعِينَ كَالْغَزَالِيِّ وَالْقَاضِي وَالْأَصْفَهَانِيِّ أَثْبَتُوهَا وِفَاقًا لِلْحُكَمَاءِ لَكِنْ كَثُرَ تَشْنِيعُ الطَّوَائِفِ عَلَيْهِمْ «وَلْيَقْعُدَنَّ فِي بَيْتِهِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ الْفَتْحِ حُكْمُ رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا حُكْمُهُ وَأَشْكَلَ عَلَى هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْعِلَّةَ وَهُوَ تَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ شَامِلٌ لِلْمُنْفَرِدِ فَيَلْزَمُ تَأْخِيرُهُ إلَى زَوَالِ الرَّائِحَةِ وَهُوَ قَدْ يُفْضِي إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُ إمَّا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ حُرْمَةُ أَكْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يُفْضِي إلَى الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ فَرْضٌ وَالْفَرْضُ لَا يُتْرَكُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِ بِمُحَرَّمٍ قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُتَوَاتِرٌ انْتَهَى (وَزَادَ فِي رِوَايَةِ " م " وَالْكُرَّاثَ وَزَادَ " ططص " وَالْفُجْلَ) ، وَفِي الْجَامِعِ «نَهَى عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَالثُّومِ سَوَاءٌ أَكَلَهُ مِنْ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ» كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ كَالْأَكْلِ لِلتَّشَهِّي وَالتَّأَدُّمِ بِالْخُبْزِ كَذَا فِي الْفَيْضِ وَقَالَ فِي الْفَيْضِ فِي قَوْلِ الْجَامِعِ نَهَى عَنْ أَكْلِ الثُّومِ. النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُرِيدِ حُضُورِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَزَادَ «إلَّا مَطْبُوخًا» يَعْنِي مَشْوِيًّا، وَأَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ أَيْ النَّيْيءِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُهُ مَطْبُوخًا» ، وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ أَنَّ أَكْلَهُ غَيْرُ حَرَامٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وَعَنْ أَبَوَيْهَا «إنَّ آخِرَ طَعَامٍ أَكَلَهُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام طَعَامٌ فِيهِ بَصَلٌ» زَادَ الْبَيْهَقِيُّ «كَانَ مَشْوِيًّا فِي قِدْرٍ» ، وَأَمَّا مَا فِي الْجَامِعِ «كُلْ الثُّومَ نِيئًا فَلَوْلَا أَنِّي أُنَاجِي رَبِّي لَأَكَلْته» وَمَا فِي شَرْحِهِ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ لِأَبِي نُعَيْمٍ «كُلُوا الثُّومَ وَتَدَاوَوْا بِهِ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعِينَ دَاءً وَلَوْلَا أَنَّ الْمَلَكَ يَأْتِينِي لَأَكَلْته» فَقَدْ قَالَ فِيهِ أَيْضًا إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عُورِضَ بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ وَلَا يُقَاوِمُ