الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِذَا عَمِلَ بِهِ إمَامُنَا وَعُلَمَاؤُنَا انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَذْهَبَ الصَّحَابِيِّ فِيمَا رَوَى الِاتِّفَاقَ عَنْهُمْ حُجَّةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْخَبَرَ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ إنْ فِي احْتِيَاطِ عَمَلٍ كَمَا فِي بَابِ الْفَضَائِلِ مُطْلَقًا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يَدُقُّ بَابَ دَارِ غَرِيمِهِ فَيَرْجِعُ الْقَهْقَرَى إلَى الشَّمْسِ وَلَا يَمْكُثُ فِي ظِلِّهِ وَيَقُولُ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا» وَرُوِيَ أَنَّهُ بَيْنَمَا يَمُرُّ فِي السُّوقِ أَصَابَ مِنْ قَدِمَهُ أَذًى إلَى جِدَارِ كَافِرٍ فَتَفَكَّرَ فِي إزَالَتِهِ فَلَمْ يَجِدْ وَجْهًا مَعْقُولًا لَهَا بِلَا ضَرَرٍ فَدَقَّ الْبَابَ فَخَرَجَ صَاحِبُهُ فَقَالَ صَدَرَ مِنِّي ذَلِكَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ طَرِيقِ خَلَاصِهِ وَتَطْهِيرِهِ فَهَدَاهُ اللَّهُ لَهُ فَأَسْلَمَ وَحُكِيَ أَنَّ أَبَا أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَ وُضُوئِهِ مِنْ نَهْرٍ أَخَذَ تُفَّاحَةً مِنْ النَّهْرِ فَلَمَّا أَكَلَ نِصْفَهَا بِلَا رَوِيَّةٍ خَطَرَ لَهُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ فَتَفَحَّصَ عَنْ صَاحِبِهَا فَاسْتَحَلَّهُ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، فَامْتَنَعَ مِنْ الْحِلِّ امْتِحَانًا، فَقَالَ أُعْطِي قِيمَتَهَا، فَامْتَنَعَ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ لِي بِنْتًا مَفْلُوجَةَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَمْيَاءَ الْعَيْنَيْنِ صَمَّاءَ الْأُذُنَيْنِ سَاكِنَةً فِي بِئْرٍ أَبَدًا فَقَالَ الصَّاحِبُ اقْبَلْهَا وَأَنَا أُحِلُّ التُّفَّاحَةَ فَتَزَوَّجَ هَذِهِ، فَإِذَا هِيَ تَامَّةُ الْأَعْضَاءِ فَسُئِلَ مِنْهَا قَالَتْ يُرِيدُ أَبِي كَأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ عِصْيَانٌ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْبَيْتِ أَصْلًا، ثُمَّ وُلِدَ الْإِمَامُ فَأَرْسَلَ إلَى الْمُعَلِّمِ عِنْدَ بُلُوغِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ فَبَشَّرَ أَبَاهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ بِأَنَّهُ قَرَأَ نِصْفَ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَوْ لَمْ يَكُنْ نِصْفُ تِلْكَ التُّفَّاحَةِ لَخَتَمَ ابْنِي فِي هَذَا الْيَوْمِ الْوَاحِدِ (وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ مَكْتُوبًا) مَفْعُولًا ثَانٍ (لِيُوَصِّلَهُ إلَى رَجُلٍ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَالَ سَوْفَ أَسْتَأْذِنُ الْمُكَارِيَ، فَإِنْ أَذِنَ أَحْمِلُهُ) هَذَا مِنْ قَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ (فَانْظُرْ) وَتَأَمَّلْ وَاعْتَبِرْ أَيُّهَا السَّالِكُ (إلَى دِقَّةِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ) فِي الدِّينِ وَاهْتِمَامِهِمْ فِي الِاجْتِنَابِ عَنْ الْآثَامِ (وَمُسَاهَلَةِ أَكْثَرِ مَشَايِخِ هَذَا الزَّمَانِ) الْأَظْهَرُ مُتَشَيِّخِي هَذَا الزَّمَانِ (حَتَّى لَا تَغْتَرَّ بِزِيِّهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ) .
قَالَ فِي الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ انْقَرَضَ أَكْثَرُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إلَّا أَثَرُهُمْ، أَمَّا الْخِيَامُ فَإِنَّهَا كَخِيَامِهِمْ حَصَلَتْ الْفَتْرَةُ فِي الطَّرِيقِ لَا بَلْ انْدَرَسَتْ الطَّرِيقَةُ فِي الْحَقِيقَةِ. مَضَى الشُّيُوخُ الَّذِينَ لَهُمْ اهْتِدَاءٌ وَقَلَّ الشَّبَابُ الَّذِينَ لَهُمْ بِسِيرَتِهِمْ وَبِسُنَّتِهِمْ اقْتِدَاءٌ. زَالَ الْوَرَعُ وَطَوَى بِسَاطَهُ وَاشْتَدَّ الطَّمَعُ وَقَوِيَ رِبَاطُهُ وَارْتَحَلَ عَنْ الْقُلُوبِ حُرْمَةُ الشَّرِيعَةِ فَعَدُّوا قِلَّةَ الْمُبَالَاةِ بِالدِّينِ أَوْثَقَ ذَرِيعَةٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَ، وَقَالَ فِي الْفَوَائِحِ فِي ذَمِّ مَشَايِخِ الزَّمَانِ إنَّهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى حُبِّ الْجَاهِ وَكَثْرَةِ الْمُرِيدِينَ فَلَا وَاَللَّهِ بَلْ سُنَّةُ اللَّهِ أَنْ تَظْهَرَ آثَارُ الشَّقَاوَةِ عَلَى مُرِيدِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى مُرِيدِهِمْ فِي الْآخِرَةِ
[الْبَابُ الثَّالِثُ خَاتِمَةُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ فِي أُمُورٍ يُظَنُّ أَنَّهَا مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الدِّقَّة فِي أَمَرَ الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة]
[النَّوْع الْأَوَّل مِنْ الدِّقَّةُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّجَاسَة أَنَّهَا بِدْعَة لَمْ تصدر عَنْ النَّبِيّ وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ صِنْفَانِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ)
خَاتِمَةُ أَبْوَابِ الْكِتَابِ (فِي أُمُورٍ يُظَنُّ أَنَّهَا مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ بِسَبَبِ نَوْعِ مُنَاسَبَةٍ وَمُشَابَهَةٍ لَهَا وَإِكْبَابِ بَعْضِ) إصْرَارِ (الزُّهَّادِ فِي زَمَانِنَا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ مِنْهُمَا) مِنْ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ (فِي شَيْءٍ بَلْ هِيَ) أَيْ تِلْكَ الْأُمُورُ (بِدَعٌ حَدَثَتْ بَعْدَ) انْقِرَاضِ (الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَمَعْدُودَةٌ مِنْ الْوَسْوَسَةِ وَالْوَرَعِ الْبَارِدِ) الَّذِي يُعَزَّرُ فَاعِلُهُ (وَتِلْكَ كَثِيرَةٌ وَلَكِنَّ أَعْظَمَهَا ثَلَاثَةٌ نُبَيِّنُ كُلًّا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي الدِّقَّةِ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ -: اعْلَمْ