الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رئيسا على العشّابين بمصر، وظل يرأسهم فى عهد ابنه السلطان الصالح نجم الدين أيوب إلى أن توفى بدمشق سنة 646 ويقول ابن أبى أصيبعة عنه: أوحد زمنه فى معرفة النبات ومواضعه ونعته وماهيته. وأهم كتبه كتابان ألفهما باسم السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وهما: كتاب «الجامع لمفردات الأغذية والأدوية» المطبوع ببولاق فى أربعة مجلدات وهو معجم أبجدى للأدوية والأغذية يضم أكثر من 2330 مادة جمع منها كل ما ذكره السابقون من اليونان والعرب عن الأدوية وزاد عليهم ثلاثمائة دواء لم يذكرها أحد قبله، ويذكر أسماء الأدوية باليونانية، ويضيف كثيرا أسماءها بالفارسية والبربرية والإسبانية الدارجة. والكتاب الثانى المغنى فى الأدوية، وفيه يتحدث عن الأعشاب من حيث العلاج بها فقط لا من حيث التاريخ الطبيعى. وأخذت كتبه تدرس بعده فى العالم الإسلامى دراسة واسعة، وقد ترجم كتاب الجامع إلى الفرنسية والألمانية، وهو بحق خاتم صيادلة العرب العظام. وربما كان أهم صيدلى فى الأندلس بعده محمد بن (1) السراج الغرناطى المتوفى سنة 729 للهجرة، وقد ترك موطنه إلى مراكش ووضع فى الأدوية والأعشاب كتبا كثيرة، سقطت جميعها من يد الزمن.
(ب) الفلسفة
لم نتحدث حتى الآن عن الفلسفة، وقد تأخرت العناية بها فى الأندلس، وأول شخص تضاف إليه محمد بن (2) عبد الله بن مسرة المولود بقرطبة سنة 269 للهجرة، ويبدو أنه اعتنق مبكرا بعض الآراء الفلسفية والاعتزالية مما جعل بعض الفقهاء يتهمه فى عقيدته، وكأنما خشى على نفسه، فرحل فى سنة 299 إلى بيت الله الحرام، لأداء فريضة الحج، واختلف فى رحلته إلى حلقات المتكلمين ومجالس المتفلسفة والمتصوفة، وعاد إلى موطنه، فاعتزل فى ضيعة له بقرية من قرى قرطبة، واجتذب إليه كثيرين عاشوا معه فى عزلته، وآمنوا بما كان يردده من آراء تتصل بالاعتزال والفلسفة والتصوف، أما الاعتزال فقد كان يردد فيه فكرة أن القرآن مخلوق وفكرة استطاعة الإنسان وحريته فى إرادته ووجوب إنفاذ الوعيد على الله. وأما الفلسفة فكان يردد فيها بعض مبادئ المدرسة
(1) انظر فى ابن السراج بالنثيا ص 482.
(2)
راجع فى ابن مسرة تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضى (طبع القاهرة) رقم 1202 وأخبار الحكماء للقفطى (طبع ليبزج) ص 16 والجزء الخامس من المقتبس لابن حيان ص 20 وما بعدها وكتاب الناصر فى التنديد بمذهبه ص 25 والفصل فى الملل والأهواء والنحل لابن حزم (طبع القاهرة) 4/ 198 وبالنثيا ص 326.
الأفلاطونية الحديثة المنسوبة خطأ إلى إنباذوقليس والقائلة بوجود مادة روحانية تشترك فيها جميع الكائنات ما عدا الذات الإلهية، وأنها أول صورة للعالم العقلى المؤلف من الجواهر الخمسة. وأما التصوف فكان يردد فيه أفكار أمثال ذى النون المصرى الذى كان يتحدث عن الأحوال والمقامات وعلم الصوفية الباطن، وألّف فى ذلك كله كتابين هما التبصرة والحروف. وكان يقدح فى أحاديث الشفاعة ويؤوّل آيات القرآن. وكان يستر دعوته بالتقشف والورع والنسك وكان تلامذته يتناقلون آراءه سرا، ويبدو أن أتباعه أخذوا يتكاثرون بعد وفاته سنة 319 ولا نصل إلى سنة 345 حتى نجد عبد الرحمن الناصر يأمر بأن يتلى على الناس فى قرطبة والبلدان الأندلسية المختلفة كتاب توضّح فيه نحلتهم وأنهم خرجوا على الجماعة بمعتقداتهم وخاصة الاعتزالية وأنهم يستحلون دماء المسلمين مع تحريف التأويل لآى القرآن العظيم وأحاديث الرسول الأمين، وأمر من يتولون الأحكام بتتبعهم واستتابتهم. ويعودون إلى الظهور فى عهد ابنه المستنصر لما شاع لزمنه من التسامح الفكرى حتى إذا توفى وولى ابنه المؤيد وأصبح زمام الحكم بيد المنصور بن أبى عامر حاجبه-وكان يستشعر الحمية للدين-أمر قاضى قرطبة محمد بن يبقى بالقبض على كل من يؤمن بتعاليم ابن مسرة، فأخذ يتعقبهم وتاب على يده كثيرون منهم. وألّف ابن يبقى ضد هذه التعاليم كتابا ينقضها، وحاكاه فى ذلك الزبيدى اللغوى. ويظل لابن مسرة أتباع مستترون. ويذكر ابن حزم فى كتابه الفصل- كما مر بنا-داعيا كبيرا لتلك التعاليم كان يعاصره فى القرن الخامس الهجرى، وكان يرى أن البعث إنما يكون بالأرواح لا بالأجساد وبمجرد الموت تحاسب الروح فإما إلى الجنة وإما إلى النار، واسمه إسماعيل بن عبد الله الرعينى، وكان يقول إن العالم لا يفنى أبدا، إلى غير ذلك من آراء جعلت أتباع المذهب يبرءون منه (1). وظلت تعاليم ابن مسرة حية فى الأندلس طويلا، إذ هيأت-من بعض الوجوه-لاعتناق بعض الأفراد مذهب الاعتزال وعناية أفراد آخرين بالتصوف إلى أن انتهى-فيما بعد-إلى ابن عربى، وأيضا عناية كثيرين بالفلسفة، وإن كانوا لم يستمروا فى اتجاهه أو بعبارة أخرى فى اتجاه المدرسة الأفلاطونية الحديثة، فقد أخذوا يتجهون إلى المدرسة المشائية وفيلسوفها الكبير أرسططاليس.
وكثر هذا الاتجاه فى عهد أمراء الطوائف، وكان قد كثر دخول الكتب الفلسفية إلى
(1) الفصل 4/ 199.
الأندلس، وكثر معها الإقبال على الدراسات المنطقية، ويشير صاعد بن أحمد الطليطلى المتوفى سنة 462 فى كتابه طبقات الأمم مرارا إلى من أكبوا على دراسة المنطق من مثل أبى الوليد الوقشى الطليطلى وابن الجلاب السرقسطى وابن سيده المرسى، وفيه يقول:
«عنى بعلوم المنطق عناية طويلة وألف فيه تأليفا كبيرا مبسوطا» . وعلى الرغم مما يقال من أن عصر المرابطين كان عصر الفقهاء المحافظين نجد الدراسات المنطقية والفلسفية تنشط فيه ويشتهر بها غير منطقى ومتفلسف، ويلقانا ممن عكفوا على دراسة المنطق أبو الصلت أمية (1) بن عبد العزيز الدانى المتوفى سنة 529 وله فى المنطق كتاب تقويم الذهن المنشور بمدريد مع ترجمة إسبانية. ويلقانا من المتفلسفة ابن (2) السيد البطليوسى عبد الله بن محمد المتوفى سنة 521 وهو عالم لغوى وله فى الفلسفة رسالة مطبوعة فى القاهرة بعنوان:«كتاب الحدائق فى المطالب الفلسفية العويصة» وفيه يتحدث عن ترتيب الموجودات عن السبب الأول وأن صفات الله-جل شأنه-لا يصح أن يوصف بها إلا عن طريق السلب وأن نفس الإنسان الناطقة لا تفنى-بل تبقى-بعد موته. ويذكر ابن السيد فى الكتاب بعض أقوال لأرسطو وزينون وأفلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان، وقد أورد فيه لأفلاطون فقرا من محاورة تيماوس ونقل بالنثيا عن آسين بلاسيوس أنها لا تتفق مع النص اليونانى المعروف لتلك المحاورة.
وأهم من ابن السيد معاصره ابن (3) باجة المتوفى سنة 533 للهجرة، وهو أول فيلسوف أندلسى بالمعنى الدقيق لكلمة فيلسوف، وقد انحدر من أسرة فى سرقسطة شمالى الأندلس كانت تحترف الصياغة، ولا تذكر المصادر التى عنيت بالترجمة له شيئا عن نشأته ودراسته، ويبدو أنه أكبّ مبكرا على دراسة الفلسفة وعلوم الأوائل، كما أكبّ على علم الألحان والغناء، وبلغ فيه كما بلغ فى الفلسفة وعلم الأوائل مبلغا عظيما. وكان شاعرا مبدعا كما كان ناثرا بليغا، مما جعل أبا بكر (4) بن تيفلويت حين حكم سرقسطة من قبل
(1) انظر فى مصادر أمية ترجمته فى الفصل الرابع.
(2)
راجع فى ابن السيد الصلة لابن بشكوال (طبع مدريد 1882) رقم 639 والمغرب 1/ 385 وقلائد العقبان لابن خاقان ص 193 وابن خلكان 3/ 96 وأزهار الرياض 1/ 56، 3/ 101 وبالنثيا ص 334.
(3)
انظر فى ابن باجة القفطى ص 406 وابن أبى أصيبعة ص 515 والمغرب 2/ 119 والفتح فى القلائد ص 300 وابن خلكان 4/ 429 ونفح الطيب (تحقيق د. إحسان عباس) 7/ 27 والوافى بالوفيات للصفدى (طبع إستانبول) 2/ 240 والخريدة للعماد الأصبهانى (قسم شعراء المغرب والأندلس) طبع الدار التونسية 2/ 332 وبالنثيا ص 335.
(4)
انظر ترجمته فى الإحاطة 1/ 504.
المرابطين لأواخر سنة 503 للهجرة يتخذه كاتبا له ووزيرا، حتى إذا توفى هذا الحاكم سنة 510 أكثر من مراثيه وتغنى بها فى ألحان مبكية كما يقول ابن سعيد، ولم يطب له فيها المقام بعده، فهاجر منها إلى المرية ثم إلى غرناطة، وظل بها فترة ثم رحل عنها إلى فاس عاصمة المرابطين فى المغرب، وقيل بل إلى جيان وانقطع للدرس والتأليف حتى وفاته سنة 533. وكان من أهم ما انقطع له الفلسفة المشائية وأستاذها أرسطو وتعمقها أدق تعمق حتى ليقول ابن أبى أصيبعة: إذا قارنت أقاويله فيها باقاويل ابن سينا بان لك الرجحان فى أقاويله، وقد عنى عناية واسعة بشرح كثير من أعمال أرسطو، فشرح كتابه السماع الطبيعى أو سمع الكيان، وجزءا من كتابه الكون والفساد، والمقالات الأخيرة من كتابه عن الحيوان، وجزءا من كتابه عن النبات. وشرح المنطق للفارابى والأدوية المفردة لجالينوس وأيضا لابن وافد. وله تصانيف فى الرياضيات والهندسة والفلك فاق فيها المتقدمين. وله فى الفلسفة كتاب فى البرهان وكتاب فى النفس وكتاب فى العقل الفعال إلى غير ذلك من كتب لم يبق منها إلا بعض رسائل وإلا كتابه تدبير المتوحد المنشور بمدريد وفيه يتخيل مدينة فاضلة مثالية لا يحتاج أهلها إلى طوائف الأطباء الثلاث: لا أطباء البدن لأن أهلها لا يرتكبون أى رذيلة تسبب لهم المرض، ولا أطباء العدالة لأن أهلها متحابون لا يقع بينهم ما يحتاجون معه إلى قضاة وقضاء، ولا أطباء النفوس لأن أهلها كاملون. ويفيض فى بيان الصور الروحية والعقلية وأن غاية المتدبر اتحاد عقله بالعقل العلوى الفعال حتى يبلغ مرتبة المعرفة العقلية الحقيقية، وبذلك وصل بين التأمل العقلى وبين عون علوى، محاولا الوصل بذلك بين الفلسفة والدين، وخلفه ابن طفيل وابن رشد (1)، فبلغا بالفلسفة الإسلامية فى موطنهما الغاية التى ليس وراءها غاية.
وابن طفيل (2) هو أبو بكر محمد بن عبد الملك-وقيل ابن عبد الله-القيسى، ولد سنة 506 للهجرة فى برشانة من أعمال المريّة، وقيل فى وادى آش من أعمال غرناطة، وقيل بل فى تاجلة من أعمال جيّان، وقد أكبّ على كتب الفلسفة والطب مبكرا، وخاصة كتب ابن باجة أكبر فيلسوف فى زمنه، وتبعه يشرح بعض كتب أرسطو مثل كتابه الآثار العلوية، كما تبعه يؤلف فى الفلسفة مثل كتاب له فى النفس، واشتغل بالطب فى غرناطة
(1) انظر فى تلمذة ابن طفيل لابن باجة المعجب للمراكشى (طبع القاهرة) ص 311 وفى تلمذه ابن رشد له ابن أبى أصيبعة فى ترجمة ابن باجة ص 516.
(2)
راجع فى ابن طفيل المعجب ص 311 وما بعدها والمغرب 2/ 85 وتحفة القادم (الموجز- عدد أيلول سنة 1947) رقم 43 والإحاطة 2/ 478 وبالنثيا ص 348 والميتافيزيقا فى فلسفة ابن طفيل للدكتور عاطف العراقى. (طبع دار المعارف).
وببعض الأعمال الإدارية فيها وفى سبتة وطنجة، ثم صار طبيبا لسلطان الموحدين يوسف بن عبد المؤمن، واتخذه مستشارا، فجلب إليه العلماء من جميع الأقطار، وممن جلبه إليه صديقه ابن رشد، وما زال يوسف حفيّا به إلى أن توفى قبله بقليل فى مراكش سنة 580، بينما توفى ابن طفيل سنة 581 وكانت له فى الطب والفلك مؤلفات سقطت فى يد الزمن، ويقول البطروحى أكبر علماء الفلك الأندلسيين إنه أخذ عنه قوله فى الدوائر الخارجية والدوائر الداخلية. وقد اشتهر فى عصره إلى اليوم بقصته: حى بن طفيل، وسنخصها بحديث مفرد فى الفصل الأخير.
وابن رشد (1) هو أبو الوليد محمد بن أحمد سليل أسرة فقهية قرطبية، ولد لها فى العقد الثانى من القرن السادس الهجرى، وتولى مثل أبيه وجده القضاء فكان قاضيا فى إشبيلية سنة 565 وفى قرطبة سنة 567، مما يدل على أنه أكبّ على دراسة الفقه فى بواكير حياته، وله فيه كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد وهو منشور بالقاهرة. وكان-ولا يزال- مرجعا مهما فى الفقه وفتاويه. واهتم بعلوم الأوائل، فدرس الفلك وله فيه رسالة عن حركته وأخرى عن النجوم الثابتة، ودرس الطب وله فيه كتاب الكليات المنشور بتطوان، وترجم فى منتصف القرن الثالث عشر الميلادى إلى اللاتينية وطبع فى البندقية سنة 1482 وترجم له أيضا إلى اللاتينية شرح على أرجوزة لابن سينا فى الطب طبع أيضا فى البندقية بعد كتابه الكليات بسنتين. وله تلخيصات لكتب جالينوس الطبية مثل: كتاب المزاج وكتاب القوى الطبيعية وكتاب العلل والأعراض وكتاب الحميات وكتاب الأدوية المفردة.
وشغف بالفلسفة وعرف فيه ذلك صديقه ابن طفيل، وكانت له حظوة عند السلطان يوسف بن عبد المؤمن (557 - 580 هـ) فشكا إليه قلق عبارات أرسطو فى كتبه وحاجتها إلى الشرح والتلخيص، وسأله أن يقوم بذلك، فاعتذر بعلو سنّه، وأشار عليه أن يطلب ذلك من ابن رشد-وكان قاضى إشبيلية حينذاك-فاستدعاه وطلب إليه أن
(1) راجع فى ابن رشد ابن أبى أصيبعة ص 530 والمعجب ص 314 وما بعدها وابن الأبار فى كتابه التكملة رقم 853 والوافى بالوفيات للصفدى (طبع إستانبول) 1/ 114 وابن فرحون فى الديباج المذهب 2/ 257 والمغرب 1/ 104 وابن تغرى بردى فى النجوم الزاهرة 6/ 154 وابن العماد فى الشذرات 4/ 320 وبالنثيا ص 353 وتراث الإسلام (طبع لجنة الترجمة والتأليف والنشر بالقاهرة) ص 305 وما بعدها وكتاب ابن رشد والرشدية لرينان ومقالة كرادى قو عنه فى دائرة المعارف الإسلامية وراجع كتاب مؤلفات ابن رشد للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (طبع الجزائر) وكتابى د. عاطف العراقى عن النزعة العقلية والمنهج النقدى فى فلسفة ابن رشد. (طبع دار المعرف).
ينهض بهذا العمل فنهض به على خير وجه، وظل حاسدون يسعون ضده عند السلطان يعقوب بن يوسف (580 - 595 هـ) حتى إذا انتصر فى موقعة الأرك المشهورة ضد نصارى الإسبان سنة 591 أخذته الحميّة للدين فكلف طائفة من الفقهاء ببحث كتبه وهل فيها ما يخالف الدين، ورأوه يقول بقدم العالم بالقوة موفقا بين الفلسفة والدين وأن البعث سيكون بالأجسام كما قال الدين ولكن لا بعينها ولكن بأجسام تشبهها أكثر كمالا، فاتهموه لذلك بالزندقة. وعرف السلطان خطأه فى سنة 595، فاستدعاه إلى مراكش لإعلان رضاه عنه، واسترضاه ولم يلبث كل منهما أن لبىّ نداء ربه.
وقد وضع ابن رشد شروحا مطولة ومتوسطة وموجزة لكثير من مؤلفات أرسطو، ويقول صاحب المعجب:«رأيت له تلخيص كتب أرسطو فى جزء واحد فى نحو مائة وخمسين ورقة لخّص فيه كتبه: سمع الكيان، والسماء والعالم، والكون والفساد، والآثار العلوية، والحس والمحسوس، ثم لخّصها وشرح أغراضها فى كتاب مبسوط فى أربعة أجزاء» ويقول بالنثيا إنه وضع شروحا مطولة لكتاب البرهان وكتاب السماع الطبيعى وكتاب السماء والعالم، وكتاب النفس وكتاب ما وراء الطبيعة، ووضع شروحا متوسطة لهذه الكتب، وللمنطق وللكون والفساد والآثار العلوية، وللأخلاق وللحس والمحسوس أو الطبيعيات الصغرى، وللأجزاء التسعة الأخيرة من كتاب الحيوان. وكل هذه الشروح ترجمت إلى اللاتينية والعبرية وترجمت إليها أيضا مؤلفاته الأصيلة فى الفلسفة وفى مقدمتها تهافت التهافت الذى يرد فيه على الغزالى فى كتابه تهافت الفلاسفة مدافعا بحرارة عن الفلسفة وأرسططاليس. وله شروح على كتابى الشعر والخطابة لأرسطو، وترجم إلى اللاتينية أيضا كتاباه:«الكشف عن مناهج الأدلة فى عقائد الملة» و «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» ومن قوله فيه: «الحكمة (أى الفلسفة) صاحبة الشريعة وأختها الرضيعة وهما مصطحبتان بالطبع ومتحابتّان بالجوهر والغريزة، ويقرر ما قاله صديقه ابن طفيل فى قصة حى بن يقظان من أن الفلسفة تخاطب الخاصة والدين يخاطب العامة.
وكان يذهب إلى أن عقول الأفلاك تصدر عن الله، وكل فلك أو كل عقل يحدث الحركة فيما دونه إلى أن نصل إلى العقل الفعال، وفى كل إنسان قبس منه، وإذا ازداد اتصاله به سما إلى حالة الكشف الصوفى. وأدّته محاولته فى التوفيق بين الدين والفلسفة إلى التأويل فى النصوص الدينية حتى يتاح للإنسان فهم الحقائق العليا. وحاول أن يوفق بين