الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
حرف الحاء
-
309-
الْحَسَن بْن عديّ [1] بْن أَبِي البركات بْن صخْر بْن مسافر بْن إِسْمَاعِيل.
الملقَّب بتاج الدّين، العارف شمس الدّين، أَبُو مُحَمَّد شيخ الأكراد.
وجدّه أَبُو البركات هُوَ أخو الشَّيْخ عَدِيّ، رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
وكان الْحَسَن هذا من رجال العالم رأيا ودهاء، وله فضل وأدب وشعر جيّد وتصانيف فِي التّصوُّف. وله أتباعٌ ومُرِيدون يتغالون فِيهِ. وبينه وبين الشَّيْخ عديّ من الفَرْق ما بينَ القَدَم والفَرْق.
وبلغ من تعظيم العدويّة لَهُ فيما حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن أَحْمَد الإربليّ قَالَ: قدِم واعظٌ عَلَى الشَّيْخ حَسَن هذا فوعظ حتّى رقّ حَسَن وبكى وغُشي عَلَيْهِ، فوثب بعض الأكراد عَلَى الواعظ فذبحوه. ثُمَّ أفاق الشَّيْخ حسن فرآه يتخبّط فِي دمه فَقَالَ: ما هذا؟ فقالوا: والا أَيْشٍ هذا من الكلاب حتّى يُبْكِي سيّدي الشَّيْخ؟! فسكت حفظا لدَسْته وحُرْمته.
قلت: وقد خاف منه الملك بدر الدّين لؤلؤ صاحب المَوْصِل، وعمل عَلَيْهِ حتّى قبض عَلَيْهِ وحبسه، ثُمَّ خنقه بوَتَرٍ بقلعة المَوْصِل خوفا من الأكراد، لأنّهم كانوا يشنُّون الغارات عَلَى بلاده، فخشي لا يأمرهم بأذى وإشارة فيخرّبون بلاد المَوْصِل لشدّة طاعتهم لَهُ.
وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أنّ الشَّيْخ حسن لا بدّ أن يرجع،
[1] انظر عن (الحسن بن عديّ) في: تاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 116- 121 رقم 43، والمختار من تاريخ ابن الجزري 206- 208، والعبر 5/ 183 وفيه «الحسن بن علي» وهو تصحيف، وسير أعلام النبلاء 23/ 223، 224 رقم 143، والوافي بالوفيات 12/ 101- 103 رقم 88، وفوات الوفيات 1/ 334- 336 رقم 117، والعسجد المسبوك 2/ 549، وتحفة الأحباب للسخاوي 188، وشذرات الذهب 5/ 229، وإيضاح المكنون 2/ 718، ومعجم المؤلفين 3/ 245.
وقد تجمّعت عندهم زَكَوَاتٌ ونُذُورٌ ينتظرون خروجه، وما يعتقدون أَنَّهُ قُتِل.
ورأيت لَهُ كتابا فِيهِ عشرة أبواب، أحد الأبواب إثبات رؤية اللَّه تعالى عيانا، وأنّ غير واحدٍ من الأولياء رَأَى اللَّه تعالى عيانا واستدلّ عَلَى ذَلِكَ، فنعوذ باللَّه من الخذْلان والضّلال.
ومن تصانيفه: كتاب «مَحَكّ الإيمان» ، وكتاب «الجلوة لأرباب الخَلْوة» ، وكتاب «هداية الأصحاب» . وله ديوان شِعر فِيهِ أشياء من الاتّحاد، فمن ذَلِكَ:
وقد عصيت اللّواحي فِي محبّتها
…
وقلت كفُّوا فهَتْكُ السِّرّ ألْيَقُ بي
فِي عِشْق غانيةٍ فِي طَرْفها حَوَرٌ
…
فِي ثَغْرها شَنَبٌ ويلي [1] من الشَّنَبِ
فُتنْت عنّي بِهَا يا صاحِ إذا بَرَزَتْ
…
وغبت إذا حضرتْ حقّا ولم تَغِبِ
وصرت فَرْدًا بلا ثانٍ أقومُ بِهِ
…
وأصبح الكُلُّ والأكوانُ تَفْخَرُ بي
وكلّ معنايَ معناها وصُورتها
…
كصورتي وهي تُدْعَى ابْنتي وَأَبِي [2]
وله دو بيت:
الحكمة أنْ تشربَ فِي الحانات
…
خمرا قرِنتْ بسائر اللّذّاتِ
من كفّ مُهَفْهَفٍ مَتَى ما تُليت
…
آياتُ صفاته بَدَتْ فِي ذاتي [3]
وللحافظ شمس الدّين الذّهبيّ مؤلّف هذا «التّاريخ» ، فإنّه كتب ولكاتبه كَانَ وكان.
أمرد وقَحْبة وقهوة أوراد أرباب القوى
…
هذي طريق الجنّة أَيْنَ طريق النّار
ولحسن بْن عديّ المُتَرْجَم من أُرْجُوزة:
وشاهدت عينايَ [4] أمرا هائلا
…
جلّ بأنْ ترى [5] له مماثلا
[1] في الوافي بالوفيات 12/ 102 «وجدي» .
[2]
الأبيات في: المختار من تاريخ ابن الجزري، وفوات الوفيات.
[3]
في المختار من تاريخ ابن الجزري 207 «من فوات» . والبيتان في: الوافي بالوفيات 12/ 103.
[4]
في المختار: «عينا لي» .
[5]
في المختار: «بأن تروا» .
فغبتُ عند ذاك عَن وُجُودي
…
لمّا تَجَلَّى الحقُّ فِي شُهودِي
وعايَنَتْ عَيْنايَ [1] ذات البارِي [2]
…
من غير شكٍّ ولا تَماري [3]
فكنت [4] من ربّي لا محالَهْ
…
كقابِ قوسينِ وأَدْنَى حالهْ [5]
كَذَبَ وفَجَرَ قاتَلَهُ اللَّه أَنَّى يُؤْفَك.
وله:
سطا وله فِي مذهب الحبّ أنْ يسطو
…
مليحٌ لَهُ فِي كلّ جارِحة [6] قسط
ومن فوق صحن الخدّ للنّقط عارِية [7]
…
يُدلّ عَلَى ما يفعل الشّكل والنّقط
وأقول: لا يكمل للرّجل إيمانه حتّى يبرأ من الحُلُوليّة والاتّحاديّة الّذين يقولون إنّ اللَّه سبحانه وتعالى حلّ فِي الصُّوَر واتَّحدَت، وَأَنَّهُ بذوات البَشَر.
وعاش الشَّيْخ حسن هذا ثلاثا وخمسين سنة [8] .
[1] في المختار: «عينا لي» .
[2]
في المختار: «البارد» .
[3]
في المختار: «من غير ما شكّ ولا تحامي» .
[4]
في المختار: «فلنت» .
[5]
في الوافي بالوفيات 12/ 102 «جلاله» .
[6]
في المختار لابن الجزري 208 «جارمه» .
[7]
في الوافي 12/ 103 «غاية» .
[8]
وقال ابن المستوفي: أخبرني أنه ولد بقرية تدعى «لالش» بضم اللام والشين المعجمة، من قرى الهكارية من أعمال الموصل، سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. ورد إربل في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وستمائة لحادثة وقعت من أصحابهم، وهي أنهم ذكروا عنهم أنهم أخرجوا عظام الشيخ الصالح أبي أحمد عبد الله بن الحسن بن المثنّى المعروف بابن الحدّاد من قبره وأحرقوها وأخربوا المقبرة التي كانت فيها، وفعلوا أشياء يقبح ذكرها، وكان بينه وبين أصحاب عديّ زمن حياة أبي أحمد شحناء عظيمة، تعدّوا عليه فيها حتى أدّى بهم الأمر إلى أن نزلوا عليه في ولاية أبي منصور قايماز بن عبد الله- رحمه الله وجرحوه جراحا كثيرة، فأخذ منهم جماعة واعتقلهم وأدّبهم. وأخذ العلماء في أقاويلهم ومعتقداتهم فتاوى كتبوها للشيخ الإمام أبي حامد محمد بن يونس، فأفتى في ذلك بما يرد في هذا الموضع، فاستدعاهم أبو الفضائل لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي إلى الموصل، فجاءوا في جمع عظيم وخيل كثيرة، فأخذها منهم، وقال لهم: اعبدوا الله في تلّ التوبة ولا تقربوا زاوية الشيخ عديّ، وسلّمها
310-
حمّاد بْن حامد [1] بْن أَحْمَد.
أَبُو البركات [2] العرضيّ.
رحل وسمع من: المؤيّد الطُّوسيّ، وزينب الشّعريّة.
وحدَّث بسنجار.
وبها تُوُفّي فِي هذه السّنة.
311-
الحسن بن ناصر بن عليّ.
[ () ] وما معها إلى أحمد بن أبي البركات، فهو مقيم بها.
وورد أبو محمد إلى إربل في العشر الوسطى من رمضان، فأقام بها أياما في القبّة التي بناها أبو الفتح أحمد بن المبارك حيالي المسجد العتيق، وأنفذ له أبو سعيد كوكبوري بن علي نفقة وأمره ألّا يقيم، فسافر ليلة السبت الحادي عشر من شهر رمضان سنة سبع وعشرين وستمائة.
وهو شاب جميل الصورة، في حلقه سلعة، كيّس الأخلاق حميد العشرة. أنشدني لنفسه:
وساق يشير بألحاظه
…
فيسكرنا وهو لم يثمل
بفيه المدام ولكنّها
…
تصان وتحجب بالذبل
وكيف اصطباري يا لوّمي
…
عن الشرب أم كيف يا عذّلي
وديني ونصّ اعتقادي المدام
…
وحانه خمّارة منزلي
وقولي إذا متّ لا تحقروا
…
لي القبر إلّا بقطربّل
وأنشدنا لنفسه:
أمسيت لا أخشى الصدور مثلما
…
أصبحت لا أرتاح للوصال
وليس مثلي من يروم سلوة
…
ولا يرى الميل إلى الملال
وحدّثني قال: غنّى مغنّ يوما قوله:
لا تسقني وحدي فما عوّدتني
…
أنّي أشحّ بها على جلّاسي
فقلت:
هات اسقني وحدي فما عوّدتني
…
بالشرب بين تخالف الأجناس
واسق الأنام إذا سكرت بقيّتي
…
وأفض على الآفاق فضلة كاسي
من خمرة تنفي الهموم إذا بدت
…
عنّي ويذهب شربها وسواسي
حمراء صافية توقّد نورها
…
كتوقّد المصباح والمقياس
وأورد ابن المستوفي أبياتا لابن عديّ يرثي فيها والده، كما أورد له نسخة فتوى والجواب عنها.
[1]
انظر عن (حمّاد بن حامد) في: بغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 6/ 506، 507 رقم 899.
[2]
في البغية: «أبو المكارم التاجر» .