الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
502-
الأياز بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الخير الشَّهْرَزُوريّ القضائيّ، مولاهم.
شيخ مُسِنّ، سَمِعَ من: خطيب الموصل أَبِي الفضل عَبْد اللَّه.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وأجاز للعماد ابن البالِسيّ فِي هذا العام، وانقطع خبره.
-
حرف التاء
-
503-
توران شاه بْن أيّوب [1] بْن مُحَمَّد بْن العادل.
السّلطان الملك المعظَّم غياثُ الدّين، وُلِدَ السّلطان الملك الصّالح نجم الدّين.
[1] انظر عن (توران شاه بن أيوب) في: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 2/ 781- 783، وذيل الروضتين لأبي شامة 185، ومذكرات جوانفيل (ترجمة د. حسن حبشي) ص 139، 140، و 163- 165، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 260، وتاريخ الزمان، له 294، 295، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 160، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 ق 2/ 1186 رقم 1671، والحوادث الجامعة المنسوب لابن الفوطي خطأ 246، 247، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3/ 181، والنور اللائح والدرّ الصالح للقيسراني (بتحقيقنا) 56، والدرّ المطلوب لابن أيبك 381- 383، ونهاية الأرب للنويري 29/ 359- 362، وسير أعلام النبلاء 23/ 193- 196 رقم 114، والإعلام بوفيات الأعلام 270، والعبر 5/ 199، 200، ودول الإسلام 2/ 154، والمختار من تاريخ ابن الجزري 224، وتاريخ ابن الوردي 2/ 183، 184، وفوات الوفيات 1/ 163- 165 رقم 91، وعيون التواريخ 20/ 43، ومرآة الجنان 4/ 117، 118، والوافي بالوفيات 10/ 441- 443 رقم 4933، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 134- 136 رقم 1123، والعسجد المسبوك للغسّاني 2/ 576، ومآثر الإنافة للقلقشندي 2/ 93، وتاريخ ابن خلدون 5/ 360، 361، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 2/ 358- 361، والمقفّى الكبير، له 2/ 625 رقم 1037 والنجوم الزاهرة 6/ 364- 372، و 7/ 20، وشفاء القلوب للحنبلي 426- 431 رقم 125، وحسن المحاضرة 2/ 35، 36، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 349، 350، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 283- 285، وتاريخ الأزمنة للدويهي 229، 230، وشذرات الذهب 5/ 241، 242، وسمط النجوم العوالي 4/ 14، 15، وأخبار الدول للقرماني (تحقيق د. أحمد حطيط ود. فهمي سعد) بيروت 1992- ج 2/ 262، 263، 397.
لمّا تُوُفّي الصّالح جمع فخرُ الدّين ابن الشَّيْخ الأمراء وحلفوا لهذا، وكان بحصن كيفا، ونفذوا فِي طلبه الفارس أقطايا، فساقَ عَلَى البريد، وأخذ عَلَى البرّيّة بِهِ أيضا لئلّا يعترضه أحدٌ من ملوك الشّام، فكاد أن يهلك من العَطَش، ودخل دمشق هُوَ ومن معه، وكانوا خمسين فارسا، ساروا أوّلا إلى جهة عانَة وعَدّوا الفُرات، وغرَّبوا عَلَى بَرّ السَّمَاوَة.
ودخل دمشق بأُبَّهَة السَّلطنة فِي أواخر رمضان، ونزل القلعة وأنفق الأموال، وأحبّه النّاس. ثُمَّ سار إلى الدّيار المصريّة بعد عيد الأضحى، فاتّفق كسرةُ الفِرنج، خَذَلَهُم اللَّه، عند قدومه، ففرح النّاس وتيمّنوا بطَلْعته. لكنْ بدت منه أمورٌ نفَّرت منه القلوب، منها أَنَّهُ كَانَ فِيهِ خِفَّةٌ وطَيْش.
قَالَ الشَّيْخ قُطْبُ الدّين: كان الأمير حسام الدّين ابن أَبِي عليّ ينوب للصّالح نجم الدّين فسيِّر القُصّاد عند موته سِرًّا إلى المعظَّم بحصْن كيفا يستحثّه عَلَى الإسراع، فسار مُجِدًّا، ونزل بحصن كيفا ولده الملك الموحّد عَبْد اللَّه وهو ابن عشر سنين، وسار يعسف البادية خوفا من الملوك الّذين فِي طريقه، فدخل قلعة دمشق، ثُمَّ أخذ معه شَرَف الدّين الوزير هبة اللَّه الفائزيّ.
وكان حسامُ الدّين المذكور قد اجتهد فِي إحضاره مَعَ أنّ والده كَانَ يَقْولُ:
ولدي ما يصلُح للمُلْك. وألحَّ عَلَيْهِ الحُسامُ أنْ يُحضِره فَقَالَ: أجيبه إليهم يقتلونه. فكان كما قَالَ.
وقال سعد الدّين بْن حمُّوَيه: قدِم المعظَّم فطال لسان كلّ من كَانَ خاملا فِي أيّام أَبِيهِ، ووجدوه مُخْتَلَّ العقل، سيّئَ التّدبير.
ودُفع خُبْزُ فخرِ الدّين ابن الشَّيْخ بحواصله لجوهر الخادم للالاته [1] .
وانتظر الأمراء أن يُعطيهم كما أعطى أمراءَ دمشق، فلم يَرَوا لذلك أثرا. وكان لا يزال يحرّك كتِفَه الأيمن مَعَ نصف وجهه. وكثيرا ما يولعُ بلحيته، ومتى سكر
[1] هكذا في الأصل، وفي سير أعلام النبلاء 23/ 195 «للالاه» ، وهو المربيّ أو الخادم الخاصّ.
ضرب الشَّمع بالسّيف، فَقَالَ: هكذا أريد أن أفعل بغلمان أَبِي. ويتهدّد الأمراء بالقتل. فتشوّش قلوب الجميع ومقتته الأنْفُس، وصادف ذَلِكَ بُخْلًا.
قلت: لكنّه كَانَ قويّ المشاركة فِي العلوم، حَسَن المَبَاحث، ذكيّا.
قَالَ أَبُو المظفّر الْجَوْزيّ [1] : بلغني أَنَّهُ كَانَ يكون عَلَى السّماط بدمشق، فإذا سَمِعَ فقيها يَقْولُ مسألة قَالَ: لا نسلّم. يصيح بِهَا.
ومنها أَنَّهُ احتجب عن أمور النّاس، وانهمك عَلَى الفساد مَعَ الغلمان عَلَى ما قِيلَ، وما كَانَ أَبُوهُ كذلك، وقيل إنّه تعرّض لحظايا أَبِيهِ.
وكان يشرب، ويجمع الشُّموع، ويضرب رءوسها بالسّيف ويقول: كذا أفعل بالبحريّة، يعني مماليك أَبِيهِ.
ومنها أَنَّهُ قدّم الأراذل وأخّر خواصَّ أَبِيهِ. وكان قد وعد الفارس أقطاي لمّا قدِم إِلَيْهِ إلى حصن كيفا أن يؤمّره فما وفي لَهُ، فغضب.
وكانت أمّ خليل زَوْجَة والده قد ذهبت من المنصورة إِلَى القاهرة، فجاء هُوَ إِلَى المنصورة، وأرسل يتهدّدها ويطالبها بالأموال، فعاملت عليه.
فلمّا كَانَ اليوم السّابع والعشرين من المحرَّم من هذا العام ضربه بعض البحريّة وهو عَلَى السِّماط، فتلقّى الضَّربة بيده، فذهبت بعضُ أصابعه، فقام ودخل البُرج الخشب الَّذِي كَانَ قد عُمِل هناك، وصاح: مَن جرحني؟ فقالوا:
بعض الحشيشيّة. فَقَالَ: لا والله إلّا البحريّة. واللَّهِ لأفنينّهم. وخيّط المزيّن يده وهو يتهدّدهم، فقالوا فيما بينهم: تمّموه [2] وإلّا أبادنا. فدخلوا عَلَيْهِ، فهرب إلى أعلى [3] البُرج، فرموا النّار فِي البُرج ورموا بالنُّشّاب، فرمى بنفسه، وهرب إلى النّيل وهو يصيح: ما أريد ملكا، دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين، أما فيكم من يصطنعُني؟ فما أجابه أحدٌ. وتعلَّق بذيل الفارس أقطاي، فما أجاره،
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 781، 782.
[2]
في سير أعلام النبلاء 23/ 195 «بتّوه» .
[3]
في الأصل: «أعلا» .
فقيل إنّه هرب من النُّشّاب، ونزل فِي الماء إلى حلقه، ثُمَّ قتلوه، وبقي مُلْقًى عَلَى جانب النّيل ثلاثة أيّام منتفخا، حتّى شفّع فِيهِ رسول الخليفة فواروه.
وكان الَّذِي باشر قتْله أربعةٌ، فلمّا قتِل خُطِب عَلَى منابر الشّام ومصر لأمّ خليل شَجَر الدُّرّ معشوقة الملك الصّالح، وكانت ذات عقلٍ وفِطْنة ودهاء.
قَالَ أَبُو شامة [1] : قتلوه وأمّروا عليهم شَجَرَ الدُّرّ، فأخبرني من شاهد قتله أَنَّهُ ضُرِب أوّلا، فتلقّى السَّيفَ بيده فجُرِحت، واختبط النّاس، ثُمَّ قَالُوا:
بعد جَرْح الحيّة لا ينبغي إلّا قتلُها، فلبسوا وأحاطوا بالبُرج الَّذِي صنع له فِي الصّحراء لمغازلة الفرنج، فأمروا زرّاقا بإحراق البرج، فامتنع، فضربوا عُنُقه، وأمروا آخَرَ فرماه بالنِّفْط، فهرب من بابه، وناشَدَهُم اللَّهَ بالكَفّ عَنْهُ، وَأَنَّهُ يُقْلع عمّا نقموا عَلَيْهِ، فما أجابوه، فدخل فِي البحر إلى حلْقه، فضربه البُنْدُقْدَاريُّ بالسّيف، وقيل: ضربه عَلَى عاتقه، فنزل السّيف من تحت إبْطه الأخرى.
وحُدِّثْتُ أَنَّهُ بقي يستغيث برسول الخليفة: يا أبي عزّ الدّين أدرِكْني. فجاء وكلّمهم فِيهِ، فردّوه وخوّفوه من القتل، فرجع، فلمّا قتلوه نودي: لا بأس، النّاس عَلَى ما هم عَلَيْهِ، وإنّما كانت حاجة قضيناها. واستبدّوا بالأمر، وسلطنوا عليهم عِزَّ الدّين أَيْبَكَ التُّرْكُمانيّ، ولقّبوه بالملك المُعِزّ. وساروا إلى القاهرة.
قَالَ ابن واصل: ولمّا دخل المعظَّمُ قلعةَ دمشق قامت الشُّعراء، فابتدأ شاعرٌ بقصيدة قَالَ أوّلها:
قُل لنا كيف جئت من حصن كيفا
…
حين أرغمت للأعادي أُنُوفا
فَقَالَ المعظَّم فِي الوقت:
الطّريقَ الطّريقَ يأَلف نَحْسٍ
…
مرّة أمنا وطَوْرًا مَخُوفا
[1] في ذيل الروضتين 185.
فاستطرفه النّاس واشتهر بذلك.
ثُمَّ إنّه سار فلمّا قطع الرَّمْل ونزل قصر الصّالحيّة وقع من حينئذٍ التّصريح بموت أَبِيهِ. وكان مدّة كتْمان موته ثلاثة أشهر. وكان يخطب لَهُ ثُمَّ بولاية العهد للمعظّم. ثُمَّ قدِم إلى خدمته نائبُ سلطنة مصر حسامُ الدّين بْن أَبِي عَلِيّ الَّذِي كَانَ أستاذ دار أَبِيهِ وأتابَكَ جُنْده فِي حصن كيفا، فخلع عَلَيْهِ خِلْعَةً تامّة وسيفا مُحَلًى وفَرَسًا بِسَرْجٍ مُحَلَّى، وثلاثة آلاف دينار.
قَالَ ابن واصل: وكنتُ يومئذٍ مَعَ حسام الدّين، فذكرني للسّلطان، فأتيت وقبَّلْتُ يده، ثُمَّ حضرت أَنَا وجماعة من علماء المصريّين عنده، فأقبل علينا.
وذكر ابن نُباتَة مُشاكلة للخطيبين عماد الدّين وأصيل الدّين الإسْعِرْديّ، فلم ينطقا لخُلُوِّهما من فضيلة، فقلت: إنّ بعض النّاس ردّ عَلَيْهِ فِي قوله الحمد للَّه الّذي إن وعدني وفى وإنْ أوعد عفا: كأنّه نظر إلى قول الشّاعر:
لمخلف إيعادي
…
ومُنْجز معدي
وهذا مدح لآدميّ، لكنّه لا يكون مدْحًا فِي حقّ الله إذا الحلف فِي كلامه مُحالٌ عقلا.
فأقبل عليّ وقال: أليس اللَّه يعفو بعد الوعيد؟
فقلت: يا خونْد هذا حقّ، لكنّه يكون وعيده مخلفا، فإذا عفى عن شخصٍ من المتواعدين عُلِم أَنَّهُ ما أراده بذلك العموم، أمّا إذا توعْد شخصا بعينه بعُقُوبة، فلو لم يعاقبه لزِم الخُلْف فِي خبره، وهو مُحال.
فأعجبه، وأخذ يحادثني فِي أشياء من عِلْم الكلام وغيره من الأدب، فتكلّم كلاما حَسَنًا. ثُمَّ رجَّح أَبَا تمّام عَلَى المتنبّي، وأشار إلى حسام الدّين وقال:
الأمير حسام الدّين يوافقني عَلَى ترجيحه.
ثُمَّ وصلْنا إلى المنصورة لسبْعٍ بقين من ذي القعدة، فنزل بقصر أَبِيهِ، فلو أحسن إلى مماليك أَبِيهِ لَوَازَرُوه، ولكنّه اطّرحهم وجفاهم ففسدت أحواله، وقدِم