الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزاد غيره الحسر عن المنكبين، والطواف عن صبي قبل أن يطوف عن نفسه.
الركن الثالث: السعي:
وهو (من الواجبات التي)(1) لا تنجبر بالدم عند مالك - رحمه الله تعالى -.
وصفة الخروج إِلى السعى أن يسلّم من ركعتي الطواف ثم يستلم الحجر الأسود، (ثم يخرج إِلى السعي)(1).
ولم يحدد مالك لمن أراد الخروج إِلى الصفا بابًا يخرج منه، غير أن باب الصفا أقرب إِلى الخروج إِليه (2).
= وهو محمد بن عبد الله بن راشد البكري نسبًا القفصي بلدًا، نزيل تونس، أبو عبد الله المالكي، له رحلة مشرقية وحج سنة 680، وولي قضاء قفصة. من تآليفه الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب، والفائق في الأحكام والوثائق. ت 736 بتونس. وقد حققنا من كتبه "المذهَب في ضبط مسائل المذهب".
(الأعلام: 7/ 111، إِيضاح المكنون: 2/ 399، تاريخ الدولتين: 60، تراجم المؤلفين التونسيين: 2/ 329 رقم 193، درة الحجال: 2/ 112 رقم 558، الديباج: 2/ 328، كحالة: 10/ 213، نيل الابتهاج: 235، وفيات ابن قنفذ: 346).
(1)
ما بين القوسين بياض في (ص).
(2)
انظر (التمهيد: 2/ 79).
وقد استحب الدخول إِلى مكة من كَدَاء الثنية (1) ودخول المسجد من باب بني شيبة (2)، والخروج من مكة من كُدًى (3)؛ لأنه أسمح ولم يقل ذلك في الخروج من باب الصفا للسعي لكونه أسمح.
وله شروط:
الأول: الترتيب، وهو أن يأتي بالسعي بعد الطواف، فلو بدأ بالسعي رجع فطاف وسعى، انظر الموطأ (4).
(1) قال الشيخ الطالب بن الحاج: عبارة الفقهاء ثنية كداء بإِضافة ثنية إِلى كداء وهو الأوجه، والثنية عبارة عن الطريق الضيق بين الجبلين. (ابن الحاج على ميارة: 2/ 87).
(2)
جواهر الإِكليل: 1/ 189.
وهذا الباب كان يعرف أيضًا بباب بني عبد شمس، وهو باب السلام وهو ثلاث طاقات على اصطوانتين، ومنه دخل الرسول صلى الله عليه وسلم.
(جزيرة العرب من كتاب الممالك والمسالك: 65، مناسك الحربي: 477)
(3)
كُدى (بضم الكاف والقصر كهدى): الثنية السفلى. (ابن الحاج على ميارة: 2/ 87).
(4)
عبارة الإِمام مالك في الموطإِ: "من نسي من طوافه شيئًا أو شك فيه فلم يذكر إِلا وهو يسعى بين الصفا والمروة، فإِنه يقطع سعيه، ثم يتم طوافه بالبيت على ما يستيقن، ويركع ركعتي الطواف، ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة.
"قال مالك في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت، =
فلو طاف ولم يخرج للسعي حتى طاف سبعًا أو سُبُعَيْن تطوعًا، فأحبُّ إِلي أن يعيدَ الطواف ثم يَسعى، وإن لم يعد رجوتُ أن يكونَ في سعةٍ.
قال الباجي: ومن طاف فلا ينصرفُ إِلى بيته حتى يسعى إِلا من ضرورة يخاف فواتها، كخوفه على منزله أو كالحقن (1).
ويبدأ بالصفا فيرقى عليه حتى يبدو له البيت، وإن لم يصعد فلا شيء عليه. ولا يجب إِلصاق العَقِبَين بالصفا على المذهب *، بل مبلغه من غير تحديد، وهذا إِذا لم يصعد.
قال ابن المعلى عن بعض أهل المذهب: والاحتياط أن يصعد؛ للخروج من الخلاف.
قال: واشترط بعض العلماء أن يلصق عقبيه بالصفا، ويلصق أصابع رجليه بالمروة (2).
= قال: ليرجع فليطف بالبيت، ثم ليسع بين الصفا والمروة، وإن جهل ذلك حتى يخرج من مكة ويستبعد، فإِنه يرجع إِلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة".
(كتاب الحج، جامع السعي، من الموطإِ)، (تنوير الحوالك: 1/ 268، الزرقاني على الموطإِ: 2/ 318).
(1)
هذا مختصر فرع أورده الباجي في (المنتقى: 2/ 298 - 299).
(2)
قال سند: المذهب أنه لا يجب إِلصاق العقبين بالصفا بل أن يبلغهما من غير تحديد. (مواهب الجليل: 3/ 84).
وقال بعض أصحابنا: يجب أن يرقى بقدر قامةٍ.
والصحيح: أنه لا يجب. وقصدهم استيعاب ما بين الصفا والمروة (1).
تنبيه:
قال الشيخ محب الدين الطبري (2) الشافعي - إِمام المقام بمكة، وكان من الأئمة المقتدى بهم وتصانيفه دالّة على تمكنه في العلم وسعة اطلاعه - في منسكه: والمقصود باشتراط الرقي عند من يشترطه ليس إِلا طلبَ حصول استيعاب ما بين الصفا والمروة، وذلك يحصل بغير رقي، فمن دخل بنفسه أو بدايته تحت العقد المشرف على المروة فقد استوعب ما بينهما، وكذا من وقف بنفسه أو بدابته على الأرض ملاصقًا لسفل ما ظهر من الدرج أو قريبًا
(1) الواجب هو السعي بين الصفا والمروة ولا يجب الصعود عليهما بل هو مستحب (م. ن: 3/ 84).
(2)
أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر محب الدين الطبري المكي الشافعي، أبو جعفر، فقيه حافظ شيخ الحرم أخذ عن شيوخ مكة وسمع بها الحديث عنهم وعن الوافدين إِليها، وأجاز له جماعة من بغداد ومصر والشام، له مصنفات منها الأحكام، والرياض النضرة في مناقب العشرة، والكافي في غريب القرآن، والقرى لقاصد أم القرى، ولد سنة 615. ت 694.
(الأعلام: 1/ 153، شذرات الذهب: 5/ 425، طبقات الشافعية للسبكي: 5/ 8، العقد الثمين: 3/ 61 رقم 571، كحالة: 1/ 298 و 13/ 263، النجوم الزهرة: 8/ 74).
من ذلك يصدق عليه أنه راق على الصفا؛ لأن اليوم بعض درج الصفا، وهي خمس أو ست منها، قد اندفن (1) في التراب وربت عليهن الأرض، فلا حاجة إِلى اشتراط الرقي (2).
قال: ثم إِنه لا خلاف عندنا في جواز السعي راكبًا، والراكب يتعذر عليه الرقي بمركوبه، لا سيما المحايز (3) والمحامل وشبهها، وتكليفه النزول عن مركوبه كلما وصل إِلى الصفا والمروة لأجل الرقي (4) مشقة شديدة، وقد أجمع الناس على خلافها. انتهى.
وهو إِمام عظيم يُرجع إِليه في صحة النقل، وما ذكره من دفن درج الصفا صحيح؛ لأن أصحابنا قالوا: يرقى على الصفا حتى يبدو له البيت، والبيت في زماننا يظهر للواقف على الأرض من غير رقي، وارتفاع الأرض ظاهر فاعلمه.
(1)(ر): دفنت.
(2)
لم نعثر على هذا النص في القرى للمحب الطبري. وإِنما يستدل الطبري على استحباب الرقي بحديث أبي هريرة: إِن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إِلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء الله أن يدعو. أخرجه مسلم. ويقول الطبري: قيل: بوجوب الرقي، والمشهور الاستحباب. (القِرى: 328).
(3)
(ب): المحاير.
(4)
لأجل الرقي: ساقط من (ب).
فإِذا رقى على الصفا قام مستقبل البيت وقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (1) الآية، كما فعل صلى الله عليه وسلم (2).
وفي الموطإِ (3) عن جابر بنُ عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إِذا وقف على الصفا يكبر ثلاثًا ويقول: لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إِله إِلا الله أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده". يفعل ذلك ثلاث مرات ويدعو.
واستحسن بعضُهُم أن يقول: الله أكبر، الله أكبر (4) ولله الحمد، الله أكبر على ما هدَانَا، والحمد لله على ما أولانا، لا إِله إِلا الله وحده لا شريك
(1) البقرة: 158، وتمامها:{ .... فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} .
(2)
من حديث جابر بنُ عبد الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم: "
…
رجع إِلى البيت فاستلم الركن ثم خرج من الباب إِلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ} . فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت
…
".
أخرجه أبو داود (السنن: 2/ 459، كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 1905).
(3)
تنوير الحوالك: 1/ 267، كتاب الحج، البدء بالصفا في السعي. وفيه:"يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو، ويصنع على المروة مثل ذلك".
(4)
التكبير ثلاث في (ص).
له، له الملك، وله الحمد، يُحْيِي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير (1)، لا إِله إِلا الله، ولا نعبد إِلا إِياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (2).
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: اللهم إِنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3) وإِنك لا تخلف الميعاد، وإِني أسألك كما هديتني للإِسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم (4) *.
ثم تدعو بما أحببت، ولا تلبِّي، ولا تدع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حبيب: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، ثم تقول: لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
ثم تدعو بما استطعت، ثم تعيد التكبير والتهليل، ثم تدعو، تفعل ذلك
(1) بعد هذا ورد في (ر)، (ص): لا إِله إِلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
(2)
أورد الطبري طرفًا من حديث جابر في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم على الصفا وعلى المروة بروايات مختلفة مما أخرجه النسائي بطرقه. انظر (القِرَى: 329).
(3)
غافر: 60.
(4)
ساق الطبري هذا الأثر مرويًّا عن نافع أنه سمع ابن عمر وهو على الصفا يدعو به.
وقال: أخرجاه في المتفق عليه وأخرجه مالك. (القِرى: 330).
سبع مرات، فتكون إِحدى وعشرين تكبيرة وسبع تهليلات (1).
وتدعو بين ذلك، ثم تفعل على المروة كما فعلت على الصفا، هكذا تفعل في كل وقفة حتى تتم سبعة أشواط فتصير أربع وقفات على الصفا، وأربع على المروة.
مسألة:
وتقف النساء أيضًا على الصفا إِلا من بها علّة أو ضعف، وليس عليهن أن يصعدن إِلى أعلاه إِلا أن يخلو فيصعدن (2) وذلك أفضل (3) لهن (4).
مسألة:
والسنة: القيامُ على الصَّفَا والمروة، ولا يجلس إِلا من عذر، وإِن جلس في أعلا الصفا فلا شيء عليه.
فرع:
قال ابن حبيب: وإن زوحمت على الارتقاء على الصفا إِلى حيث ترى البيت فلا حرج إِن شاء الله تعالى.
(1) كلام ابن حبيب هذا، ساقه ابن أبي زيد في (النوادر: 1/ 164 أ).
(2)
هبة المالك: 144.
(3)
جواهر الإِكليل: 1/ 178.
(4)
نص هذه المسألة وارد في (ب) بالهامش.