الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما دعا به الحاكم محمد بن رشيد ليجتمع به ويشاهده حينما رويت له أخلاقه وأفعاله فسار إليه في بلدة حائل وعند قدومه إليها جلس في أحد بيوتها فأقبل إلى ساحته الناس يهرولون شيوخًا وكهولًا وشبانًا وامتلأت الشوارع فجعل يدرس في بيته وأصبح ذلك البيت ناديًا عظيمًا للدين والشرف والأكل والشرب حتى كانت الأطعمة وأنواع التمر والألبان يسعى بها إلى بيته، ومن دخل فإنه يجلس وينبسط ويشرب ويأكل ويستمع لكلام الله ورسوله والسلف الصالح ويا حبذا هذه الخصال الجميلة.
ولما درس في حائل ونشر علمه هناك وأتم أيام إقامته بذل له محمد بن رشيد أموالًا طائلة وإبلًا كثيرة وسار منها إلى الرياض فكان ينحر في كل منزل جزورًا ويطعمه رفقته ومن يأوي إليه، حتى لم يصل منها إلى الرياض جزورًا واحدًا، وكان يدرس في بيته فإذا جلسوا فإن أواني القهوة من الشاي والبن والبخور لا تزال تدار على الحاضرين من المتعلمين والمستمعين، وما دام في التدريس فإن النار لا تزال تضطرم والأباريق تحمل كلما فرغ منها شيء، وإذا الأخرى تهيأ فلذلك كان مجلسه عامرًا ينتابه القريب والبعيد وكل من يقصده فإنه يحصل على الدنيا والدين، وقد أمر طاهيه أن يذبح في كل ليلة شاة فلما رأى أنها لا تكفي جعل يذبح ذبيحتين ودائمًا يحثه على الزيادة في المطعم.
ذكر تدريسه وسعة علمه
كان له مجلس في بيته فإذا جلس للتدريس فإن العلماء والجهابذ وطلاب العلم يترددون إليه ويتعلمون منه، وكان لهم كهفًا ووالدًا ورئيسًا وجعل الله في تعليمه بركة حتى أنه ليؤثر نفعه في كل من جالسه ولو مرة واحدة، وجميع الذين تعلموا منه وتخرجوا عليه وفقهم الله للعلم والدين، حتى أنه ليرى على تلامذته ومجالسيه آثار البهاء والإجلال، وهذه بحوثه ومسائله وفوائده تطلعك على ما حواه من العرفان وانطوى عليه ذلك الجنان، فكان علماء نجد ونحاريرها ترجع في العلوم إليه
وتجثوا للتعلم بين يديه، فهو شيخ المشايخ ورئيس القضاة في نجد؛ وضربت إليه آباط الإبل وقصده الطلاب من سائر الأقطار واحتاج إلى تفريغ منطوقه القاصي والداني إذا رأيته فإنك لا تستطيع أن تحد النظر إليه إجلالًا وهيبةً ومحبةً، فمن أجل هذا هابته الملوك وأذعنت له ووقره الصغير والكبير والصديق والعدو وانقلبت إليه الأمة وألفه الخاص والعام، والعالم والجاهل، وكان المتعلمون يسيرون إليه من كل جهة ويذهبون إلى الرياض رجالًا وركبانًا من القصيم وغيره، حتى حدثني بعض إخواننا من أهل القصيم أن منهم من سار على رجليه من القصيم إلى الرياض مرات ليتعلم ويدرس.
فمن تلامذته الشيخ سليمان بن سحمان أخذ عنه وتعلم منه أخوه إبراهيم بين يديه ومنهم الشيخ عمر بن محمد بن سليم، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وعبد اللطيف بن إبراهيم، والشيخ عبد الملك بن إبراهيم، وأخذ عنه اخوته الشيخ محمد بن عبد اللطيف، وعبد الرحمن بن عبد اللطيف، وعمر بن عبد اللطيف.
وأخذ عنه الشيخ سعد بن عتيق، وأخذ عنه الشيخ عمر بن حسن، وأخذ عنه الشيخ عبد الرحمن بن اسحق، وأخذ عنه الشيخ صالح بن سالم بن بنيان، وأخذ عنه الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد، وأخذ عنه أيضًا الشيخ عبد الله بن محمد بن فداء، وأخذ عنه أيضًا ابنه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن فداء، وكل هؤلاء أئمة علماء أقلهم يصلح للقضاء والفتيا، وأخذ عنه أيضًا الشيخ عثمان بن حمد بن مضيان وأخوه محمد بن حمد بن مضيان، وأخذ عنه آل عتيق أنجال الشيخ حمد، وأخذ عنه الشيخ عبد الله بن رشيدان، وأخذ عنه أيضًا الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن عيسى صاحب أشيقر، وأخذ عنه أيضًا الأخ في الله والمحب فيه سليمان بن علي الوهيبي، وأخذ عنه أيضًا الأخ المحب عبد الرحمن بن غيث، وأخذ عنه أيضًا صاحب الأصل والدين سليمان بن عبد الله بن حميد، وأخذ عنه أيضًا الحافظ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عويد، وأخذ عنه أيضًا الشيخ الكبير العالم المحقق عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وأخذ عنه أيضًا رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن بن حسين؛ وناهيك بهما من حبرين جليلين.