المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ثناء العلماء عليه وميل الناس إليه - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٢

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة 1320 ه

- ‌ذكر رجوع الإمام عبد الرحمن بن فيصل إلى الرياض بعد إقامته في الكويت

- ‌ثم دخلت سنة 1321 ه

- ‌ذكر تقدم ابن رشيد إلى الرياض

- ‌ذكر الاستيلاء على القصيم

- ‌ذكر ذهاب ابن رشيد إلى الدولة العثمانية يجرّها على المسلمين سنة 1321 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1322 ه

- ‌ذكر واقعة البكيرية والشنانة وما جرى فيهما من الخطب الفادح

- ‌ذكر واقعة الشنانة وما جرى من ابن رشيد

- ‌ذكر واقعة وادي الرمة سنة 1322 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1323 ه

- ‌ذكر ذبحة الحواشيش وما جرى من قساوة ابن رشيد

- ‌ الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم

- ‌ذكر قضائه وسعة علمه وحلمه وكيفيته وصفته

- ‌ذكر كراماته ومكاشفاته وماله من خوارق العادات

- ‌ذكر تلامذته والآخذين عنه

- ‌ذكر ما جرى عليه من الأمور وثقته بالله العزيز الغفور

- ‌ذكر أولاد الشيخ رحمه الله

- ‌ذكر الحركة والتقلبات في القصيم

- ‌ذكر أمر صالح الحسن بن مهنا

- ‌ثم دخلت سنة 1324 ه

- ‌ذكر قتل عبد العزيز بن متعب سنة 1324 ه

- ‌ذكر إمارة متعب بن عبد العزيز بن رشيد وما جرى من الحوادث

- ‌ذكر قتل صالح الحسن بعد إجلائه

- ‌ذكر المفاوضات بين ابن سعود وبين مندوب الدولة

- ‌ذكر رحيل الأتراك عن القصيم سنة 1324 ه

- ‌ذكر إمارة أبي الخيل في بريدة

- ‌ثم دخلت سنة 1325 ه

- ‌ذكر واقعة الطرفية الصغرى

- ‌ذكر واقعة السباخ

- ‌ذكر قتل سلطان بن حمود بن رشيد أمير حائل

- ‌ثم دخلت سنة 1326 ه

- ‌ذكر إمارة الحسين بن علي الشريف

- ‌تعريب الفرمان الذي صدر لحسين بن علي أمير مكة المكرمة

- ‌ذكر استقبال الحسين بن علي لما قدم الحجاز

- ‌ذكر ابن سعود ودخول بريدة في ولايته للمرة الثانية

- ‌ذكر ما جرى من الحوادث

- ‌ذكر قتل داعية الضلال عبد الله بن عمرو آل رشيد

- ‌ثم دخلت سنة 1327 ه

- ‌ذكر إمارة بريدة وقضائها

- ‌ثم دخلت سنة 1328 ه

- ‌ذكر الانقلاب في الدولة العثمانية

- ‌ذكر إمارة سعود بن عبد العزيز بن متعب

- ‌ثم دخلت سنة 1329 ه

- ‌ذكر حرب إيطاليا للدولة العثمانية

- ‌ذكر وفاة الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ

- ‌أخبار زاهد

- ‌ذكر نهاية أمر الشيخ إبراهيم بن جاسر

- ‌ثم دخلت سنة 1330 ه

- ‌ذكر مطلب الوحدة العربية

- ‌ذكر العداء بين الشريف حسين وابن سعود

- ‌ذكر ما جرى من العرائف والهزازنة

- ‌ثم دخلت سنة 1331 ه

- ‌ذكر فتح الإحساء سنة 1331 ه

- ‌الاستيلاء على القطيف سنة 1331 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1332 ه

- ‌ذكر عقد المعاهدة بين ابن سعود وتركيا سنة 1322 ه

- ‌ذكر هادمة العهود ومفرقة الوفود وهي الحرب العظمى سنة 1332 هـ الموافق لسنة 1914 م

- ‌ألمانيا تعلن الحرب على روسيا وفرنسا

- ‌زحف ألمانيا على البلجيك

- ‌قتال روسيا في الجبهة الشرقية

- ‌بلغاريا تعلن الحرب على صربيا

- ‌ذكر الطراد أمدن وما جرى منه وعليه

- ‌ثم دخلت سنة 1333 ه

- ‌ذكر مساعي بريطانيا العظمى وقيامها ضد تركيا

- ‌مفاوضة الفريقين للشريف

- ‌ذكر النهضة العربية واتفاق الشريف مع الإنكليز

- ‌ذكر وقعة جراب سنة 1333 ه

- ‌ذكر التعريف بالعجمان

- ‌ثم دخلت سنة 1334 ه

- ‌وهذه ترجمته:

- ‌ مبارك بن صباح آل صباح

- ‌ذكر اتفاق ابن سعود مع الإنكليز وعقده معهم

- ‌معاهدة العقير سنة 1334 ه

- ‌ذكر الخلافة وعقد الحسين مع بريطانيا

- ‌ذكر إعلان الثورة

- ‌ذكر الحرب في المدينة والسواحل

- ‌ذكر الحرب في دمشق

- ‌ثم دخلت سنة 1335 ه

- ‌ذكر توتر العلاقات بين ابن سعود وبين الشريف

- ‌ثم دخلت سنة 1336 ه

- ‌ذكر اتفاق فلبي مع ابن سعود

- ‌ذكر سكون العرب العظمى

- ‌ذكر البدو والهجر

- ‌أسماء الهجر

- ‌ثم دخلت سنة 1337 ه

- ‌ذكر واقعة تربة

- ‌ذكر الهول في وقعة تربة

- ‌وهذه صفة المعركة بتربة رسمًا

- ‌ذكر صدقه في معاملته لربه وثقته به

- ‌ذكر ما جرى على تركيا من الهوان

- ‌ثم دخلت سنة 1338 ه

- ‌ذكر سوء التفاهم بين صاحب الجلالة عبد العزيز بن سعود وبين سالم بن صباح

- ‌ثم دخلت سنة 1339 ه

- ‌ذكر أنجال الشريف وإمارتهم

- ‌عبد الله بن الحسين

- ‌فيصل بن الحسين

- ‌زيد بن الحسين

- ‌ذكر واقعة الجهراء

- ‌ذكر جوده وكرمه

- ‌ذكر تدريسه وسعة علمه

- ‌ذكر شجاعته ونباهته وصفته ومقاماته في الإسلام

- ‌ذكر ثناء العلماء عليه وميل الناس إليه

- ‌إمارة عبد الله بن متعب بن رشيد وقتال أهل حائل بساحة دارهم

- ‌ذكر إمارة محمد بن طلال

الفصل: ‌ذكر ثناء العلماء عليه وميل الناس إليه

وأخذ عنه الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن بشر؛ وأخذ عنه الشيخ عبد الرحمن بن سالم، وأخذ عنه عبد الله بن فيصل؛ وأخذ عنه الشيخ ناصر بن سعود بن عيسى، وأخذ عنه الشيخ مبارك بن عبد المحسن، وأخذ عنه الشيخ عبد الله بن زاحم؛ وأخذ عنه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله النمر، وأخذ عنه فيصل بن عبد العزيز آل مبارك، وأخذ عنه الشيخ إبراهيم بن سليمان بن راشد وأخذ عنه الشيخ عبد الله بن عتيق، والشيخ عبد اللطيف بن عتيق؛ وأخذ عنه الشيخ سليمان بن حمدان، وأخذ عنه الشيخ محمد بن علي البيز، وأخذ عنه الشيخ فالح بن عثمان بن صغير، وأخذ عنه الشيخ عبد العزيز الشتري، وأخذ عنه الشيخ عبد العزيز بن مرشد، وأخذ عنه إبراهيم وعبد الرحمن ابنا حسين، وأخذ عنه عبد الرحمن بن الشيخ محمد وغيرهم.

‌ذكر ثناء العلماء عليه وميل الناس إليه

اعلم أن الشيخ المترجم كان متسمًا بأخلاق يندر مثلها ذلك بأنه مع علو مرتبته ورفعة مقامه لا يمل جليسه حديثه ويسبق من لقيه بالسلام ويعرض نفسه لقضاء الحاجات قبل أن تعرض عليه فيبادر في قضائها بماله وجاهه؛ وإذا من الله على عبد فليفعل ما شاء من خصال الخير، قال الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى يمتدحه ويثني عليه:

صحا القلب عن ذكر الحمى والأخاشب

وعن ندب أطلال عفت بالذنائب

وأقلعت عن شوق ووجد من ينب

وإن تيمت قلبي بزج الحواجب

وأبدلت من وصف اللواء وضيائه

حسان الوجوه الناعمات الكواعب

بمدح إمام الدين والحق والهدى

إلا ذاك عبد الله فرع الأطائب

هو العالم النحرير والماجد الذي

سما مجده أوج النجوم الثواقب

هو العلم الفرد الذي سار ذكره

بكل القرى من شرقها والمغارب

حليف التقى والعلم والحلم والنها

حميد السجايا الشهم جم المناقب

شقيق الندي عف الأزار أخو الثنا

رحيب الفنا جزل الحبا والمواهب

ص: 296

كريم المحيا باسم متهلل

ثمال لمعتر وكنز لراغب

ضياء علوم إن دجا ليل مشكل

وغيث سماح هاطل بالرغائب

نصيح بليغ متقن متفنن

همام له في الفضل أعلى المراتب

لقد نال من نهج البلاغة رتبةً

يقصر عنها كل ساع وراكب

إذا قام يومًا فوق أعواد منبر

خطيبًا فيا لله من وعظ خاطب

مهيب عليه للوقار سكينة

حباه بها الرحمن أكرم واهب

إليه لأخذ العلم من كل بلدة

يشد رجال القوم نجب الركائب

فيلقون حبرًا في العلوم مهذبًا

يجلي بشمس العلم ليل الغياهب

يحل الذي أعيا ويكشف ما خفى

بفكر كعضب للإصابة صائب

يجيب على الفتيا جوابًا مسددًا

يزيح بها الأشكال عن فكر طالب

فيا لك من شهم إذا قال لم يدع

مقالًا لأرباب العلى والمناصب

هو الندب وضاح الجبين كأنما

أنامله مخلوقة من سحائب

أشم عصامي من النفر الألى

فضائلهم لم يحصها عد حاسب

مقادم من عليا تميم توارثوا

كرام المساعي عن جدود مناجب

وقال الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن عيسى صاحب أشيقر يمتدحه ويثني عليه وعلى آباءه وأجداده:

ألا خلياني من زرود وحاجر

ومن قاعة الوعسا ومن شعب عامر

ومن ندب أطلال العذيب وبارق

ومن غزل في وصف تلك الجادر

وما حب ذات الخال مهضومة الحشا

مدملجة الساقين بدر الدياجر

موردة الخدين معسولة اللما

بديعة حسن مخجل للزواهر

مهفهفة هيفاء يلعب لحظها

بألباب أرباب النها والبصائر

بأفضل عندي من مسامرة العلي

ومدح كريم من كرام أكابر

هو الشهم عبد الله ذو الجود والتقى

شهاب سماء المجد ليث المحاجر

إمام الهدى قالي الخفا شامخ الذرا

بعيد الدى تاج العلى والمفاخر

ص: 297

فصيح بليغ فيصل متبحر

أمير المعالي الغرقسي المنابر

فريد وحيد عالم متفنن

نبيه نبيل ما له من مناظر

أديب أريب ثاقب الرأي مصقع

فوائده تبري كلوم الضمائر

حليم كريم مشفق متعطف

سليم طباع بل سليم سرائر

وريث أثيل الجد ذو البذل والندى

فضائلها لم يحصها حصر حاصر

فيا لك من ندب همام سميدع

حميد المساعي كلها والمآثر

نجيب لبيب لوذعي مهذب

تقي نقي مخلص القلب طاهر

تفرع من قوم صدور أئمة

جهابذة غر كرام العناصر

هم القادة الشهم الأثيل فخارهم

حديث علاهم في صدور الدفاتر

نجوم الهدى أهل المكارم والوفا

هداة الورى من كل باد وحاضر

لقد نصروا دين الإله وحذروا

من الشرك طرا واقتحام الكبائر

فكم هزموا جند الضلال ومزقوا

جموع الأعادي بالنصوص الظواهر

وكم دهموا ضدًا بشهب علومهم

وذادوا عن الإسلام كل مكابر

فيا ابن الرضا عبد اللطيف الذي حوى

علومًا عظامًا كالبحور الزواخر

ويا أيها الحبر الذي كان دأبه

يري نصرة الإسلام أسنى الذخائر

إليك من البحر الطويل قوافيا

أجل وأبهى من عقود الجواهر

أتت من محب للإخاء ملازم

حليف وفاء ليس يومًا بغادر

حباك بها من خالص الود ذا النها

وإن تر تقصيرًا فكن خير ساتر

فلا زلت في خير وعز ورفعة

وعافية من كل بؤس وضائر

وعشت حميدًا في سرور وغبطة

تدوم على رغم الحسود المدابر

ولما أن وردت هذه القصيدة على الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف كان حاضرًا في المجلس حسان السنة في وقته الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله وعفا عنه، فأجابه على لسان الشيخ عبد الله بالجواب الوافي السديد مادحًا للناظم ومثنيًا عليه.

أهاجك رسم بالديار الدواثر

ببرقة فالوعسا فأكناف حاجر

ص: 298

فغور فحليت فسلع فبارق

فوادي الحمى فالمنحنى فالظواهر

ديار فتات كالمهات لحاظها

أحد من البيض المواضي البواتر

معندمة الخدين بدرية السنا

وداجي الدياجي من فروع الغدائر

مخضبة الكفين رحضاوتيهما

مدلجة الساقين دعجا النواظر

برهرهة في حسن قد وقامة

كأنبوب بان مائد بالأزاهر

مهضمة الكشحين غيداء بضة

مهفهفة الأحشاء ملأ المآزر

وتسفر عن در نضيد موشر

كألطف أزهار الأقاح الزواهر

ويومض برقًا ثغرها إن تبسمت

ولا شيء أبهى من ثغور الجآذر

ويشفي إذا تسقي لعمري من الصدى

رضاب ثناياها الحسان لزائر

ويعبق من فيها أريج كأنه

قسيمة مسك فاح من نشر تاجر

ويكلم قلب المستهام كلامها

بلفظ رخيم يستبي ذي البصائر

لئن أصبحت قد حازت الحسن والبها

لقد حاز إبراهيم جمم المآثر

فتى بلتع بل مصقع ليس صلقعا

ولا بلقعا بل لوذعي لسابر

وفاق بترصين القريض الذي نما

وأفصح مذأ بدى مودة خانر

وأبدى بديعًا من عويص غويصه

فشام المعانلي المحكمات لناظر

فـ لله من ندب فصيح ومنطق

فصيح حوى ما لم يهيأ لشاعر

معاني مبانيه الطوامح في العلى

لئالئ أصداف البحور الزواخر

ويحتار فيهما مطاويح ما انطوى

عليه من الترصيع قسر المحاضر

فيا أيها الأخ الأكيد إخاؤه

تمسك بأصل الدين سامى الشعائر

وكن باذلًا للجد في طلب الهدى

من العلم إن العلم خير الذخائر

وبالعلم ينجو المرء من شرك الردي

ويسمق بالتقوى لشأو المفاخر

ويرسب في قعر الخضيض مجانب

لأسبابه اللائى سمت بالأطاهر

وما العلم إلا الاتباع وضده

فذاك ابتداع من عضال الكبائر

وتقديمه شرط وقد قيل أنه

لثالث أركان التوحيد قاهر

ص: 299

وتقديم آراء الرجال وخرصها

عليه ضلال موبق في النهاير

وملة إبراهيم فاسلك سبيلها

فمهيعها المنجي لأهل البصائر

هي العروة الوثقى فكن متمسكًا

يحذر عراها من جهول مقامر

وما الدين إلا الحب والبغض والولا

كذاك البرا من كل طاغ وكافر

ومهما ذكرت الشم ذوي الفضل والندا

أولى العلم والحلم الهداة الأكابر

فانهموا أهل لكل مديحة

تسامى بهم نحو النجوم الزواهر

فكم فتحوا بالعلم والدين والهدى

قلوبًا لعمري مقفلات البصائر

وكم شيدوا ركنًا من الدين قد هوى

وأقوى ففازوا بالهنا والبشائر

وكم هدموا بنيان شرك قد اعتلى

وشادوا من الإسلام كل الشعائر

وكم كشفوا من شبهة وتصدروا

لحل عويص الشكلات البوادر

وكم سنن أحيوا وكم بدع نفوا

وكم أرشدوا نحو الهدى كل حائر

لقد أطدوا الإسلام بالعلم والهدى

وبالسمر والبيض المواضي البواتر

تغمدهم رب العباد بفضله

وإحسانه والله أقدر قادر

وجوزيت من مولاك عنا وعنهم

بأفضل ما يجزي به كل شاكر

ولا زلت مسرورًا بارفة حبرة

معافى من الأسواء ومن كل ضائر

لأن كنت قد أديت حقًا مؤكدا

بمدحة أشياخ كرام العناصر

وحررت درًا من نظامك مبرزا

أجل وأبهى من عقود الجواهر

لقد نلت حمدا يخرس النطق دونه

ويقصر عن تعداده كل حاصر

ولم أر تقصيرًا وأنى وإنما

سموت لشأو يستبين لسابر

ومن أجله كان الجواب مطولًا

ليجبر من نظمي إذا كل قاصر

وصل إلهي كلما ذر شارق

وما انهلت الجون الفوادي بماطر

وما ماض برق أو تنسمت الصبا

سحيرًا على روض زهي الأزاهر

وما لاح نجم في دجا الليل طافح

وما أم بيت الله من كل سائر

وما انبعثت تبكي هديلًا حمائم

على الأيك في آصالها والبواكر

ص: 300

على السيد المعصوم والآل كلهم

وأصحابه الغر الكرام الأطاهر

وكان العلماء والرؤساء من الملوك والأمراء يعظمونه ويقفون عند أوامره ونواهيه، ولا يستطيع أحد من الناس مجاوزتها لأنه قطب رحى الدين في وقته يرجع إليه في مهمات الأمور إذا انسدت أبوابها وحاربها فكر الأنجاب، فيجدون عنده كشفها، وله مؤلفات مفيدة، وأجوبة سديدة عباراتها عذبة المجتنى وفصاحتها قد بلغت الغاية والمنتهى تدل على سبقه ونباهته وكمال غوصه ودرايته، ويلهج بها أهل العلم والدين، ويهجم بها مردة الشياطين من الكفار والمنافقين، ولقد كان في ناحية العارض بل في نجد كلها عظيمًا بموته يصاب الإسلام وأهله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولما أصابه طارق الموت والفنا، ونزل به مبيد الأمم الذي لا يفوته هارب ولا يرده ممتنع، بَكتْهُ محارب العلماء ودروس الفقه والتوحيد، ورزئت به الأمة ورثى بمراثي كثيرة حسنة، فمن ذلك ما رثاه به الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف، وهي:

على عالم الأعلام زاكي المناقب

بكيت طويلًا بالدموع السواكب

وحقٌ لعيني أن بريق دموعها

وللأنس أن يزور عني بجانب

وحقٌ لقلبي أن يرى متصدعًا

لخطبٍ دهانا بالهموم اللوازب

فأعظم به من فادحٍ جلَّ خطبه

ورزءٍ دها من معضلات المصائب

به أظلمت أرجاء نجدٍ جميعها

لما عمها من فادحات النوائب

فوا الله إن العيش عاد منغصًا

لدن غيبوا بالرمس جم الرغائب

وأعني به الشيخ الإمام الذي له

مآثر مجدٍ عاليات المراتب

هو الشيخ عبد الله ذو الجود والتقى

وذو الحلم والإحسان صافي الشارب

إمام لدين الله كان مجددًا

شهابٌ على الأعداء من كل ناكب

إمامٌ لعمري كان بالعلم عاملًا

وكهفًا لأيتامٍ وغيثًا لطالب

إمامٌ همامٌ ماجدٌ ذو تورع

وبذال جودٍ في ليالٍ سواغب

ص: 301

أديبٌ مهيبٌ قانتٌ ذو تبسم

وليس لأرباب الضلال يصاحب

حسامٌ على الكفار من كل مبطلٍ

وليس على أهل الهداء بعائب

حليمٌ عليه للوقار مهابةً

وثابت رأيٍ في اشتداد النوائب

تقيٌ نقيٌ صادقٌ ذو سماحةٍ

وذو خلقٍ زاك وليس بناكب

أبي وفيٌ ما له من مماثل

ولا مشبه في شرقها والمغارب

تفرد في التقوى وفي العلم والحجا

وكان لعمري ما له من مقارب

يرى نصرة الإسلام حقًا وواجبًا

ويحمي حما السمحاء عن ثلب ثالب

مناقبه في الناس أضحت شهيرةً

وليس بمحصيها يراع لكاتب

فوائده ذاعت بشرقٍ ومغربٍ

وسارت بها الركبان فوق النجائب

له مجلسٌ بالعلم يزهر دائمًا

تشد إليه مضمرات الركائب

ترى حوله من مبتغي الخير عصبةً

يحفونه من مستفيدٍ وطالب

إليه أتى الطلاب من كل وجهةٍ

لكي يردوا من صافيات المشارب

ويلقون ما قد أملوه وزائدًا

من العلم والتحقيق خير المكاسب

لقد كان بدرًا في البسيطة ساطعًا

وردمًا على الأعداء أهل المشاغب

له همة تسمو إلى المنتهى العلى

فحل على هاماتها والغوارب

تفرع من قومٍ كرامٍ أعزةٍ

لهم همةً فوق النجوم الثواقب

سعوا جهدهم في نصر سنة أحمد

وحاطوا سياج الدين من كل جانب

جزاهم إله العرش عنا بفضله

وفازوا من المولى بخير العواقب

أقول ودمع العين جارٍ بعبرةٍ

على الخد مني مثل هطالٍ ساكب

إلا ذهب الشيخ التقي أخو الندى

وكشافٍ وهمٍ مد لهم الغياهب

قضاءٌ قضاه الله جل جلاله

وكان قضاء الله أغلب غالب

وإن عاش في الدنيا عزيزًا منعمًا

فنرجوا له الجنات أعلى المطالب

فلا زال رضوان الإله يحفه

وفاز بخيراتٍ حسان كواعب

ويا رب يا مولاي بوأه منزلًا

بأعلى جنان الخلد مع كل صاحب

ص: 302

وأسألك اللهم غفر ذنوبه

وعفوك عنه يا سميعًا لطالب

لأن كان شيخ العلم أضحى مفارقًا

ففينا أخو السمحاء غيظ المحارب

وذاك إمام الدين من شاع ذكره

وفاق الورى من عجمها والأعارب

عنيت به عبد العزيز الذي غدى

يحامي على دين الهدى بالقواضب

فلا زال في حفظٍ وعزٍ ورفعةٍ

من الملك الرحمن مسدي المواهب

وأبقاه ربي في أمان وغبطةٍ

وبلغه ما يبتغي من مأرب

وصل إلهي كل حين وساعة

على خاتم الرسل الكرام الأطايب

وآل وأصحاب ومن كان تابعًا

على نهجهم ما أنهل ودق السحائب

ومما قال الفقير إلى الله تعالى حمد بن مزيد يرثي الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف قدس الله روحه ونور ضريحه وتغمده برحمته إنه أرحم الراحمين:

أيا عين جودي بالدموع السواجم

ونحي الكرى عني فلست بنائم

ويا حزني لا تبرح الدهر نازلًا

ويا شجوتي دومي وللقلب لازم

ويا حر قلبي لا تزل متلهبًا

ويا لوعتي حلي فؤادي وداومي

ويا كبدي ذوبي أسًا وتصدعي

ويا نفس كفي عن لذيذ المطاعم

ويا فرحي مع سلوتي ومسرتي

ويا طيب نفسي فارقيني وصارم

فقد مات شمس الدين قطب رحى الهدي

حليف العلى بحر الندى والمكارم

إمام الهدى بدر الدجى معدن الوفا

ومصباح دين الله بين العوالم

وشيخ الورى بل قدوة الناس كلهم

به يقتدى بل يهتدى للمعالم

وصفوة أهل العصر طرًا وخيرهم

سلالة ساداتٍ هداةٍ أكارم

هموا جددوا دين الهدى بعد أن عفت

مآثره في عربها والأعاجم

وأحيوا رسومًا دائراتٍ وأطدوا

قواعد رشدٍ هدها كل ظالم

جزاهم إله الناس روحًا ورحمةً

وأسكنهم في الخلد أرحم راحم

فسار على مناهجهم وطريقهم

يشدُّ ويرفا ما وهي من دعائم

إلى أن توفاه الإله على الهدى

فلله ربي الحمد أحكم حاكم

ص: 303

فوالهفًا من فادحٍ جل أمره

وهد لركن الدين إحدى القواصم

فمن مثل عبد الله يرجى لمشكل

ويقصد عند المعضلات العظائم

ومن مثله في العلم والحلم والتقى

وزهدٍ وكفٍ عن جميع المآثم

لقد كان ذا صبر وصدقِ وعفةٍ

فليس له في عصره من مقاوم

وقد كان ذا للهداة ومفخرًا

وغيظًا وإرغامًا لكل مراغم

وكان شجى في حلق كل منافقٍ

قذا وأذىً في كل عين مخاصم

وكان له حظٌ من العلم وافرًا

يقصر عن تحصيله كل عالمٍ

وقد كان في الإتقان والضبط آيةً

وتقريره التوحيد بين العوالم

يقضي بتدريس العلوم نهاره

وتوضيحه النهج القويم لرائم

وإن جنه داجي الدجى كان قائمًا

مناجي إله العرش أرحم راحم

وكان تقيًا ناسكًا متورعًا

كريمًا سليم القلب غيظ المصادم

أبيًا وفيًا فاق في الجود والندى

وحل على هام السهى والنعائم

أديبًا أريبًا المعيا مهذبًا

لنيل العلى مستيقظًا غير نائم

محبًا لأهل الدين والصدق والوفا

وذا نفرةٍ في كل خبٍ وظالم

يعز ذوي التقى ويدنيهموا ولا

يداني لأهل الزيغ من كل آثم

وقد كان ذا عقلٍ رزين وفطنةٍ

يقصر عنها كل شهم وحازم

وكان لأهل العلم كهفًا وموئلًا

إذا أعجمتهم معضلات المخاصم

يحل عويص المشكلات بفهمه

ووقاد ذهنٍ ما له من مقاوم

له في فنون العلم باعٌ طويلة

وفي الرأي مع بذل الجدا والمكارم

فلله من حبر إمامٍ موفقٍ

حميد المساعي ذي النهى والعزائم

لقد عاش فينا يأمر الناس بالتقى

وينهى الورى عن موبقات الجرائم

وجاهد في مولاه حق جهاده

وما خاف في الرحمن لومة لائم

ومطلوبه إظهار دين إلهه

وما قصده الدنيا وجمع الدراهم

فأكرم به بحرًا خضمًا وجهبذًا

سأذكره بين الورى في الأقالم

ص: 304

فلست أرى أن يوجد اليوم مثله

بكل الورى من عربها والأعاجم

لقد أظلمت نجدٌ وقلَّ بهائها

وقد أصبح الإسلام واهي القوائم

وقد كسفت شمس الهدى بعد ضوئه

وبدر الدجى غطاه إحدى العمائم

لدن غيبو شمس الهدى داخل الثرى

وواروا لشخص الحبر عالي الدعائم

فما مرَّ دهرٌ للورى من مصيبةٍ

ورزءٍ فظيعٍ قد أتى بالقواصم

بأعظم من خطب أتانا بموته

أعول كل بالبكاء والتلاوة

فضج أولوا الإسلام ضجة واحد

وسالت جفونٌ بالدموع السواجم

وأضحت ربوع العلم ثكلًا بواكيا

لفقد الإمام الحبر زين العوالم

فلو ينفع المرء البكا لوجدتني

أجود بدمعٍ مثل صوب الغمائم

ولو يقبل الموت الفداء لواحدٍ

بخلقٍ كثيرٍ أو كثير الدراهم

لفدَّيته أهلي ونفسي وعصبتي

ومالي وأولادي وخل مصادم

ولكن أسى الإنسان ليس بنافعٍ

ولا مانع مما قضى أو مصادم

فصبرًا بني الإسلام صبرًا لما دهى

من المزعجات الفظعات العظائم

فذا قدرٌ ولا بد كائنًا

وأمرّ قضاه الله أحكم حاكم

وذي سنةً في العالمين جميعهم

قضى بالفنى ربي على كل عالم

ولو قد قضى بالخلد ربي على امرءٍ

لخلّدَ خير الخلق صفوة آدم

عسى ربنا الرحمن جل جلاله

إله الورى ذو الكبريا والمراحم

يقدس روح الشيخ في الفوز والرضى

ويسكنه الفردوس مع كل ناعم

ويجبر صدع المسلمين وشجوهم

بإصلاح آل الشيخ أهل المكارم

ويجعلهم في العلم والخير قادةً

كآبائهم من جددوا للمعالم

ويحفظ نجل الشيخ أعني محمدًا

حليف المعالي ذو الوفاء الملازم

ويرزقه علمًا وفهمًا وحكمةً

يفوق بها الأقران من كل عالم

ويبقي لنا بدر الدجى علم الهدى

حليف التقى سامي الذرا والدعائم

يلم به شعث الهداة وشملهم

ويحميهموا من كيد باغٍ وغاشم

ص: 305

ويجعلهم في الدين والخير إخوةٌ

ويمنعهم من فرقةٍ وتصادم

وأعني بذا عبد العزيز أخا العلى

مبيد العدا بالمرهفات الصوارم

ومن جدد الدين الحنيفي والهدى

وأفنى جموع الزيغ من كل ظالم

فأكرم به من ذي نهى وشهامةٍ

سلالة أمجادٍ هداةٍ ضراغم

إمامٌ تحلى بالشجاعة والندى

وبالبر والتقوى وصدق العزائم

فإقدامه آزا بإقدام عنتر

وفي جوده أربا على جود حاتم

فلا زال محفوظ الجناب مؤيدًا

له النقض والإبرام بين العوالم

وأزكى صلاة الله ثم سلامه

على المصطفى المختار من آل هاشم

كذا الآل والأصحاب مع كل تابعٍ

وتابعهم ما أنهل صوب الغمائم

وما لاح نجمٌ أو تألق بارق

وما أطرب الأسماع نوح الحمائم

وقال الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحالي في نجد يرثي علم الأعلام والهادي إلى سنة سيد الأنام الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن:

على الحبر بحر العلم شمس المعالم

وبدر الدجى فَليبكِ كل العوالم

بكاءً بدمعٍ وكفها مترادف

بعدِّ هتون المدجنات السواجم

فحقٌ لذي لبٍ يبيت مفارقًا

لذيذ الكرى مما به غير سالم

أحق به همٌ وغمٌ وفادحٌ

وخطبٌ جسيمٌ من دواه قواصم

لفقد فريد العصر غوث زمانه

وقطبُ رحى ذا الدين فرع الأكارم

ورب الحجا مرد العدى باذل الندى

بحلٍ عويص المشكلات العظائم

تقيٌ نقيٌ المعى وعالمٌ

بنص رسول الله صفوة آدم

عنيت به شمس الهدى علم التقى

وحامي الحمى عن كل باغ وظالم

هو الشيخ عبد الله حجة دهرنا

أقرت له بالفضل كل العوالم

تفرع من أصلٍ أصيل مؤثلٍ

هم السادة الأنجاب أهل العزائم

أقام لدين الله في الخلق معلنًا

على أنفٍ راضٍ من معادٍ وراغم

ص: 306

ويحمي حمى الإسلام عن جب ساقها

ولم يثنه عن ذا ملامة لائم

يقرر توحيدًا وينشر سنةً

وينهى عن الفحشا وفعل الذمائم

يقرب ذا التوحيد ويبعد ذا الخنا

ويزجر من لا يرعوي عن مآثم

يناضل عن ذا الدين بالعلم والهدى

ويكدح في نحر العدو المخاصم

وذاك بقال الله قال رسوله

فمنهله عذبٌ زلالًا لطاعم

يحف به قومٌ على كل صائحٍ

بمجلسه الأسنى لنيل المكارم

يفيدهموا طورًا وطورًا مؤديًا

بآداب أهل العلم من كل حازم

يغوص بفهمٍ ثاقبٍ متوقد

يبحر خضم زاخر متلاطم

لسل فنونٍ في العلوم غوامضٍ

دلائلها تخفى على غير فاهم

وقد كان للطلاب كهفًا ومعقلًا

وركنًا شديدًا في الأمور الدواهم

جليلًا نبيلًا فاضلًا ذا درايةٍ

به يقتدي بل يهتدي كل عالم

وقد كان ذا عقلٍ رزينٍ مسدد

وليس بسخاب جهولٍ وغاشم

ولكنه حبر تصدى للعلى

وحاذي لعمري للسها والنعائم

فلله من حبر أحوذي ومسقع

أغاض العدى من عربها والأعاجم

أدبٍ أريبٍ أحوذيٍ ومسقع

زهيٌ بهيٌ فاضلٌ بل وقاصم

لظهر مريد الشر من كان قصده

ذميمًا وللنكران والفسق رائم

تراه إذا ما جئته متللًا

رحيبًا رسيبًا ماله من مقاوم

لقد جد في نصر الشريعة جهده

وإعلاء دين الله في ذي الأقالم

لعمري لقد أعطاه ربي فضائلًا

يقصر في تعدادها كل ناظم

قفا آثار آباء حشام أثمةٍ

أولى العلم والسبق الهداة الأكارم

لقد أطدوا الإسلام بالنور والهدى

وقاموا بأصل الدين عالي الدعائم

عليهم من المولى شأبيب رحمةٍ

تسح كومق المعصرات الغمائم

ولم نر في ذا الدهر رزءٍ أصابنا

بمثل وفاة الشيخ محي العوالم

أحل جمال الدين في اللحد ربه

فأظلم من نجدٍ سطيع المعالم

ص: 307

فآه على بدرٍ تبدى بضوئه

فهدَّ صريعًا في الجدوث المظالم

أرى موت هذا ثلمةً لا يسدها

فئامٌ كثيرٌ من فحولِ أعالم

سقى قبره مولاي وابل رحمةٍ

وهتان عفو من مليكٍ وراحم

ويا رب أدخله الجنان برحمةٍ

ومتعه فيها بالحسان النواعم

فصبرًا بني الإسلام صبرًا فإنما

ينال الرضى من ربنا ذي الكرائم

فمن كان ذا صدق وليس بساخطٍ

ويسكن للبلوي بذلٍ ملازم

ومن كان ذا سخطٍ كفورٍ بربنا

فذاك له سخط بذلٍ مداوم

لأن كان رب العرش عنا أماته

ففينا من الأحرار بدر الأقالم

إمامٌ همامٌ بلتعيٌ مهذبٌ

وليثٌ عظيمٌ ما له من مصادم

إمام الهدى عبد العزيز أخو الندى

مذيق العدى كأس الردى في الملاحم

صفيٌ وفيٌ لوذعيٌ وصارمٍ

يحامي على الإسلام عند التزاحم

سريع إلى الهيجاء جرى على العدا

مبيد عداة الدين من كل غاشم

به أمن الله البلاد وأهلها

وأنقذهم من رق باغٍ وظالم

وأظهر هذا الدين من بعدما عفت

معالمه في الأرض بين العوالم

له فتكاتٌ بالعدى شاع ذكرها

على جند عباد القبور الذمائم

يصول على الأعدا بهمةً ضيغمٍ

بفتيان صدق في اللقا والتزاحم

وينهض للعلى إذا الحرب شمرت

فيطفئها قهرًا ببتر صوارم

ويحمي جناب الشرع بالسيف سالكًا

لهدي النبي الأبطحي ابن هشام

هو الشهم وابن الشهم من طاب أصله

حليف العلى بدر النهى والعزائم

ولا غرو من هذا فإن جدوده

ذوو السبق في نصر الهدى والعزائم

فيا رب ثبتنا بفضلٍ ورحمةٍ

على الملة السمحاء ذات الدعائم

وأيد إمام الدين بالعز والتقى

وساعده بالإسعاف يا خير حاكم

وصل إلهي ما تألق بارق

وما سبحت بالغرد جون الحمائم

وما هبت النكباء وما أغسوسق الدجا

وما أنهل ودق من خلال الغمائم

ص: 308

على السيد المعصوم والآل بعده

وأتباعهم أهل النهى والمكارم

وهذه أيضًا مرثية في الشيخ عبد الله قيلت فيه ويظهر أن قائلها سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ:

على الشيخ عبد الله بدر المحافل

نريق كصوب الغاديات الهواطل

دموعًا على الخدمين تجري بعبرةً

ولوعة محزون مهاج البلابل

فقد حق أن العين تهراق مائها

وتسكب دمعًا بالضحى والأصائل

وآن لكبدي أن تذوب وينطوي

فؤادي على حزب به متواصل

وللأنس أن يزور عني جانبًا

به الكل مفجوع مصاب المقاتل

فما مرنا يومٌ فضيعٌ على الورى

كيوم وفاة الشيخ زاكي الشمائل

فأعظم به من فادح جل خطبه

تحنُّ على فقدانه في المنازل

ويا لك من رزءٍ به أنبت حبلنا

وداهيةٍ من قاصمات الكواهل

ويا لك من نقصٍ عظيم وثلمةٍ

وهد بسور الدين صافي المناهل

فهل أحد يرجى لسد انثلامه

وفرجته هيهات ذا غير حاصل

فما أم بكرٍ قد أظلته أمه

فإني مصاب القلب مذكى الغلائل

بأعظم مني لوعةً ومصيبةً

لدن قيل مات الشيخ جم الفضائل

هو العالم النحرير والجهبذ الذي

يبين الهدى في مشكلات المسائل

هو الناصح البذّال في النصح وسعه

وغايته كي ينتهي عن أباطل

إمام لعمري عارفٌ أهل وقته

طبيب زمانٍ ماله من مماثل

تقيٌ نقيٌ حازمٌ ذو رزانةٍ

وثابت جأشٍ في اشتداد النوازل

حليمٌ ذكيٌ ذو دها وسماحةً

وذو خلقٍ زاكٍ وحسن شمائل

فقيه نبيهٌ ناسك متورع

وذو نصفٍ في أمره غير ماثل

مهيبٌ اذا ما جئته ذو تبسم

وذو شبةٍ بالسالفين الأماثل

قفا إثرهم بالصالحات ونصرهم

لدين الهدى العالي على كل طائلٍ

إليه تشد اليعملات وتمتطي

ظهور الفلا من شاسعات المنازل

ص: 309

وصول لأرحام إن قطعت به

صفوح عن الزلات من جهل جاهل

عفو عن الجاني عليه وجارم

وعن نائلٍ من عرضه أي نائل

وقد كان شمسٌ للأنام منيرةٌ

وكفهًا لعمري للهداة الأفاضل

وكان شهابًا محرقًا لذوي الردى

وأجناد ابليس اللعين المخاتل

يرد على ذي الابتداع ابتداعه

ويثنيه مغلولًا على غير حاصل

وسيفًا على الكفار قد سل نصله

يفلق من هاماتهم كل طائل

من الترك والأرفاض أخبث شيعةٍ

وعباد أوثان من اهل الغوائل

وجهميةٍ في غيرهم من طوائفٍ

وأحزاب سوء قد أقاموا لباطل

وقد كان ردمًا دون كل كريهةٍ

تنوب شجًا في حلق كل مماطل

وقد كان قصدًا للعناة ومجتدًا

ووالد أيتامٍ وغيث أرامل

إذا منصفٌ يومًا تأمل حاله

وبهجته للارتياح لنائل

تيقن أن الشيخ قد أحرز العلا

بأجمعها سبحان مولي الفضائل

وما قلته من زاكيات خصاله

فو الله نزر من أقل القلائل

وشهرته تكفي وأخباره التي

يسار بها في الضاعنين ونازل

فيا عين سحي أدمعًا بعد أدمعٍ

على وجناتي واستمري وواصل

سأبكيه جهدي ما حييت بحرقةٍ

ويبكيه غيري من شريف وفاضل

ويبكيه أصل الدين قطب رحا الهدى

ويشجو على تقريره في المحافل

ونشر له من بعد لف يبين ما

أراد به الإعلام من كل فاضل

ويبكيه فروع طال ما كان موضحًا

لمرجوحها من راجحات المسائل

ويبكيه حقًا كل صاحب سنةٍ

من العلماء العاملين الأماثل

ويبكيه طلاب العلوم بلوعةٍ

وأعينهم كالمستهل بوابل

على مجلسٍ ينتابه كل مبتغٍ

لدين الهدى من ذي استماع رسائل

ومن حافظٍ تقريره بفؤاده

وآخر بالأقلام راو وناقل

ومن قارئٍ ما يشتهي من مصنفٍ

ولا سيما الأصل المنافي لباطل

ص: 310

وكتب حديث للبخاري ومسلمٍ

وغيرهما من أمهات الدلائل

فكان لعمري جنَّةً قد تزخرفت

وقد أدنيت منه القطوف لنائل

فهل عوض منها فنقطف مثلما

قطفناه منها عاجل غير آجل

ويا ليت شعري إنني كنت واجدًا

كمجلسه يومًا فأروي غلائلي

فهيهات هيهات انقضى وتصرمت

لياليه بالحسنى وجم الفضائل

جزاه إله الناس عنا بجنةٍ

وأسكنه الفردوس أعلى المنازل

وأخلفه بخيرٍ في عقب وفي

عشيرته والله مولي الفضائل

وأبقاهموا دهرًا يذبون جهدهم

عن الملة السمحا برد الأباطل

ووفقهم للصالحات فإنه

قريب لداعٍ مستجيبٌ لسائل

وأحيالنا أشياخنا أنجم الهدى

لإرشاد غاوٍ بل وتعليم جاهل

ومما قال الشيخ سليما بن سحمان بل الله ثراه بوابل الغفران ونعمه في فرادس الجنان مرثيةً في الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف أتينا بما وجدنا منها:

لقد كسفت شمس العلا والمفاخر

وقد صاب أهل الدين إحدى الفواقر

وقد فتقت في الدين أعظم ثلمةً

لدن غيبوا في الرمس بدر المنابر

عنيت به شيخ الهدى معدن الندى

وجالي الصدا بالقاطعات الظواهر

جمال الورى جزل القرى شامخ الذرا

ومفتي القرى شيخ الشيوخ الأكابر

هو الشيخ عبد الله من عم صيته

لدى كل صقعٍ في بعيد الجزائر

سليل الرضا عبد الله اللطيف الذي له

مآثرٌ تزهو كالنجوم الزواهر

سلالة من أحيوا لدين محمدٍ

نبي الهدى أكرم بهم من أطاهر

لقد أشرقت نجد بنور ضيائهم

وقاموا بنشر الدين بين العشائر

تغمدهم رب العباد بفضله

ورحمته والله أكرم غافرٍ

هموا جددوا دين الهدى بعد ما عفت

بصدقٍ وجدٍ قامع للمكابر

فأصبح أصل الدين يزهو بنوره على رغم أهل الشرك من كل كافر

وآزرهم في نصرة الدين والهدى

عصابة حقٍ من كرام العناصر

ص: 311

ليوثٌ إذا الهيجاء شب ضرامها

بهم تقري غرثى السباع الضوامر

بآل سعود أظهر الله دينه

فقد جردوا في نصره للبواتر

وقد جاهدوا في الله حق جهاده

بحزمٍ وعزمٍ في الوغى والتشاجر

إلى أن أعاد الله دين نبينا

على حالةٍ يرضى لها كل شاكر

فلا زال من أبنائهم نصرةً له

ولا زال حزب الله أهل تناصر

أقول ودمع العين يهمي بعيرةً

على الخد مني مثل تسكاب ماطر

وفي القلب نار الحزن تذكي ضرامها

لواهبها أورت أليم السعائر

أرقت وما لي في الدجا من مسامرٍ

يرى فيض دمعي والنجوم الزواهر

أروم لنفسي في دجى الليل راحةً

وكيف ونومي لا يلم بخاطر

ألا ذهب الحبر المحبب في الورى

مجدد أصل الدين غيظ المناظر

مضيِّفُ من بقصده يلق بشاشةً

وبشرًا وجودًا في الليالي العسائر

به الجود طبعًا لا يفارق كفه

ومن طبعه حسن الوثوق بقادر

له السبق في غايات مجدٍ وسؤدد

وعلم وإنصافٍ وعفة صابر

وحلم عن الجاني وصدق مودة

وإرشاد ذي جهل وقمع مقامر

ورأي سديد يستضاء بنوره

لدى الحادثات المنصعات البوادر

أبى وخذ ما شئت من لين جانب

لدى الصحب والإخوان أو ذي أطامر

ولكنه ليث عليه مهابة

ولاسيما عند الغواة الغوادر

وكم من مزايا لا يطاق عدادها

وليس بمحصيها يراع لحاصر

وليس بمحتاج إلى مدح نادب

شمائله مشهورة في العشائر

ولكن لنا بعض التسلي بذكرها

وحق بأن يرثى له كل شاعر

وما مات إلا بانقضاء لمدة

من الأجل المحدود في علم قاهر

فلا جزع مما قضى الله ربنا

وقد منح المولى مثوبة صابر

ولقد فجع الناس بموته وصلى عليه في جامع الرياض جمع لا يعهد مثله وحملت جنازته وغصت الأسواق بالناس المشيعين له ودفن بمقبرة العود وهذه مرثية قالها فيه بعض المحبين:

ص: 312

على الحبر بحر العلم نسل الأكارم

سلالة أمجاد سموا في العوالم

إمام همام المعي مهذب

أبي وفي ذي علوم عظائم

على الحبر ذي التحقيق لا زلت باكيًا

بدمع غزير ما حييت وساجم

على الشيخ ابكوا ما حييتم وكثروا

فقد غاب نجم الحق حقًا لرائم

لقد أفلت شمس العلوم وأدبرت

فيالهف نفسي من خطوب القواصم

فأضحت ربوع العلم أقفر رسمها

لفقدانه أعظم بها من مصادم

لقد وجد الإسلام يوم فراقه

مصائب لا تحصى وإحدى القواصم

لقد نصر الإسلام جهرًا بعلمه

ولم تثنه في الله لومة لائم

وشاد منار الدين والله فانمحت

دياجي الردى من كل أهل المآثم

يقرر توحيد الإله بجهده

وينشر دين الله بين العوالم

فآها على هذي وآهًا لفقده

وآهًا على بدر القرى والأقالم

لأن مات شمس الدين علامة الورى

مكارمه ليست تموت لرائم

فيا من علا فوق الخلائق واستوى

على عرشه أحصى جميع العوالم

وقام بتدبير الورى جل شأنه

أنله الرضى والعفو يا خير عالم

وبوئه في الجنات أكرم منزل

ونعمه مع حور حسان نواعم

فيا أيها الإخوان قوموا لربكم

جميعًا وضجوا بالدعاء لعالم

وأوصيكموا بالصبر أيضًا مع التقى

كذا الزهد بالدنيا وصدق العزائم

ودرس علوم الدين والفقه والنهى

وتحقيق علم الدين عالي الدعائم

فذي سنة الله الكريم بخلقه

فذو العدل والإنصاف ليس بظالم

فيا حاكمًا بين العباد بعدله

أجب لدعائي يا إله العوالم

وابق حماة الدين وانصر رواته

ولا سيما التوحيد عالي الدعائم

شموس النهى أهل التقى معدن الوفا

بدور الدجا أهل العلى والعزائم

همو جددوا دين الإله بدأ بهم

أقاموا بنشر الحق بين العوالم

فأضحى بذا التوحيد تزهو رياضه

وأمسا ظلام الشرك أبعد شائم

ص: 313