الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هائل لا يصدر إلا من جبار لا يخاف سطوة جبار السموات والأرض، وقد طبقت هذه الفعلة على ظلم الحجاج بن يوسف، فإن الحجاج لم يفعلها مع ظلمه، وقد رنّ صدى هذه الفعلة ودوى ذكرها في أقطار الأرض وأنكر العالم هذه الفعلة وصارت بقعة سوداء في تاريخه، هذه ذبحة الحواشيش التي صدرت من ابن متعب وأزعجت جزيرة العرب والله بالمرصاد.
ولما فعلها كان بعد ذلك لا يهنأ بنوم، فكلما غمضت عيناه بدا له ذلك الشيخ الهرم في المنام وخنقه، فيفزع لذلك فزعًا شديدًا ويقوم منتصبًا، وكان إذا خنقه يقول له: والله لا تفلح ولا توفق، فيحرمه لذيذ النوم والراحة، فكان إذا فزع وقام مرعوبًا يقول مالي ولهذا الشايب.
هذا وعبد العزيز بن عبد الرحمن عكسه في الحال يسعى بالأمان ويقابل كل مسيء بالصفح والعفو.
وفيها وفاة
الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم
، وهذه ترجمته، نذكر ما تيسر منها وإن كنت في حال وضعها في غاية عظيمة من كثرة الأشغال فنقول:
هو الشيخ الإمام العالم الحبر الكبير والبحر الغزير والعلم الشهير تاج الفضلاء وبقية النجباء والأصفياء، ومن قد احتاج إلى تفريغ منطوقه جهابذة الفصحاء، هو البارع المصقع والألمعي السميدع، الماهر في العرفان والفائق للأقران، والواثق بالله الملك الديان، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمد بن محمد بن صالح بن حمد بن محمد بن سليم بن محمد بن ميمون، يلتقي هو وابن أخيه محمد بن عمر بالنسب في صالح بن حمد، لأن محمدًا وعبد الله إخوان، وكان عبد الله تزوج من آل عبد ربه مطاوعة الدرعية، وصالح وابنه عبد الله هما اللذان غرسا الرس بالدرعية والخليج، وقاموا مع الشيخ محمد هم وآل سويلم وآل موسى بن سليم آل شقير أسرة أخرى جمعهم الاسم كل هذه الأخبار في زمن عبد الله بن معمر، هذا معرفة نسبه رحمه الله.
وله في سنة 1240 هـ في بريدة، أما مشايخه فإنه أخذ العلم عن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن، وناهيك به وأخذ عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن
عبد الوهاب، وأخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، وأخذ عن الشيخ سليمان بن علي بن مقبل، وأخذ عن الشيخ حمد بن عتيق، ويكفيك شرفًا له أخذه عن هؤلاء الفطاحل السادة الربانيين الذين تحلو المجالس بذكرهم، ويسمو من انتسب بمشيختهم.
ولما نبغ وبرع في العلوم عنَّ لقاضي القصيم سليمان بن علي بن مقبل السفر إلى مكة المشرفة يريد أن يجاور بها، ولأنه انحلت قواه وكل من أعمال القضاء، فأشار على أمير بريدة بجعل المترجم على قضائها، فراوده الأمير واستقر الشيخ قاضيًا ومفتيًا، وإنما أشار بجعله قاضيًا لما كان يعرفه فيه من المؤهلات والكفاءة، واستمر في القضاء اثنتين وعشرين سنة سوى فترة قليلة في أول القرن لسوء تفاهم جرى بينه وبين أمير بريدة، قضى له ذلك بأن يسافر إلى عنيزة ويقيم بها وتزوج فيها وولد له.
ثم إنه دعا به الأمير المذكور واسترضاه واعتذر إليه، وأن الحامل له على سوء معاملته كلام الضد فيه ودعوى أنه مشاغب، فرجع مصحوبًا بالسلامة واستمر على قضائها أواخر ولاية حسن بن مهنا وأيام محمد بن عبد الله بن رشيد، وكان في بداية ولايته لأنه حلف بالطلاق ليبيحن بريدة ويجوس خلالها ويتبرأ ما على تتبيرا، وخافت الأمة من سطوته وماذا يحله من أنواع العقوبات، فخرج إليه الشيخ محمد بن عبد الله وما زال به حتى تنازلت عن فكرته، وجعل القصيم خضرًا مرخى عليها ستارها، وأكرم الشيخ واحترمه وقلبه بخير، ولا يزال يعظمه لعلمه وبأن الناس لا يعدلون به شيئًا ذلك لسعة عقل محمد بن رشيد.
ولما توفاه الله تعالى وتولى بعده ابن أخيه، وكثر المرج والهرج وأصبح أهل الحق أذلّاء لكثرة القيل والقال وتغير الحال، عزله ابن متعب ونفاه إلى النبهانية، وكانت إذ ذاك قرية تضرب الأمثال بجهل أهلها، وبعدهم عن العلم فسار إليها وسكنها امتثالًا لإرادة مولاه وفاطره له، وقدمها فاغتبط به أهل القرية وقاموا في تعظيمه وإكرامه ونفعهم الله به استفادوا من علمه.