الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر إعلان الثورة
لما أراد الحسين الشريف الثورة على الأتراك زار بعد صلاة الجمعة الدور الرسمية ولاطفهم وحثهم على المواظبة في أعمالهم، وأظهر لهم مودته للحكومة العثمانية حتى إذا سمعوا أنه يريد الثورة لا يصدقون، فلما كان فجر السبت الموافق 9 شعبان سنة 1334 هـ في الساعة التاسعة تزيد اثنتي عشرة دقيقة أعلن الثورة بتنفيذ طلق ناري كان علامة لذلك، فقامت على أثره البدو وبعض الأهالي يطلقون النار من أربع جهات، فأخذ الأتراك التدابير وثبتوا في مراكزهم لكنه ما ظفر الشريف إذ ذاك لا في أسر ولا استيلاء، أما بلدة جدة فقد اتفق الإنكليز على ضربها ذلك اليوم، فضربت بوارج الإنكليز جدة وألقت قنابل مدافعها على الثكنة العسكرية ليلًا في الساعة الثالثة من ليلة 10 شعبان، واستمر الحصار لها من البر والبحر جاءها جند الشريف برًا بقيادة الشريف محسن بن منصور، وجاءها ضرب الإنكليز من البوارج البحرية.
وكان في جدة من جند الأتراك ما يقارب خمسمائة، وقد طال الحصار وما ظن أنها تلبث، زيادة عن يومين، فخابر الإنكليز في إرسال الطائرات فأرسلت له على ظهر إحدى البوارج، فطارت الطائرات وألقت مناشيرها وقنابل على مراكز الجيش تنصح وتحذر، فذعر أهالي جدة وضجت لما رأت المنشورات، فخابر الشريف أعيان البلاد وقال لهم: إن الأنكليز يريدون ضرب جده رأسًا، وأنه ليس له دخل أو مسؤولية إذا لم يسلموا له، فذهب الأهالي إلى قواد الأتراك فيها وأخبروهم أنهم يخشون على الأهالي من الخطر والضرر الذي أحاط بهم فقبلوا ذلك وسلموا جده في ليلة 15 شعبان سنة 1334 هـ.
وإليك نصر المنشور بحروفه: قالت إنكلترا -وما ربك بظلامٍ للعبيد.
إلى سعادة قائد القوات التركية وحضرات ضباطه الكرام بخط الدفاع بجدة
أعلمكم علم اليقين وأخبركم بالحقيقة التي لأمراء فيها أن مكة المكرمة والطائف أصبحتا في يدي دولة أمير مكة المعظم الشريف حسين بن علي وانتصاراته على الجيوش التركية متوالية فقد أصبحت أرض الحجاز خالية بالمرة من دوائر الحكومة الاتحادية مع إعلامكم بأن الحركة لم تكن إلا لتأسيس دولة خلافة عربية إسلامية وأن العرب لا يكرهون الترك من حيث هم لأنهم مسلمون مثلهم، وإنما يريدون التخلص من الحكومة الاتحادية الجائرة التي تلعب بها الألمان، والله على ما أقول شهيد، فبدلًا من وقوفكم في وجه العرب الذين لكثرة عددهم وعدتهم سيحرزون النصر المبين إن شاء الله بعد إزهاق الكثير من الأرواح وبدلًا من المقاومة التي لا نتيجة لها، أنصح لكم أن تسلموا بدلًا من أن تبيدوا عن آخركم ومهلتكم هي مجرد وصول هذا إليكم لأنكم بعد رفضكم لهذا النصح تصب عليكم القنابل من السفن الهوائية، ومن البحر والبر حيث استعد لكم العرب بالمدافع الجبلية السريعة ومدافع الميدان الحديثة والرشاشات السريعة، وعلى كل حال فإنا لا نعد ذلك جبنًا منكم ولا إهانة لشرف رايتكم ولكن الرجل المضطر يركب الصعب من الأمر وهو عالم بركوبه ويتجاوز الأدب وهو كاره لتجاوزه فلا تلقوا بانفسكم إلى التهلكة وحسن رعايتكم بعد التسليم مضمونة والعاقبة للمتقين.
الإمضاء: الحكومة الإنكليزية
إن مكة والطائف وغيرها لم تسلم ولكن لدهاء الإنكليز وتمام سياستهم أقنعوا الأتراك بذلك.
ولما سلمت جده دخلها جيش الحسين بقيادة الشريف محسن وهاج وماج فيها ونهب كل ما يحمله الجندي العثماني من ألبسة خاصة، وسرق حقائب الأسرى، ثم بعد أيام قلائل هجم على دار أحد أعيان جده وهو أحمد الهزاز ونهب جميع ما لديه حتى كان البيت قاعًا صفصفًا، ويظهر أن ذلك بإيعاز من الحسين لعداء بينهما، وقد أصيب برصاصة في يده اليمنى قبل ذلك يذكرون أنها بإيعاز من المذكور.
أما مكة المشرفة فإنه مكث الضرب فيها ليلًا ونهارًا، ثم لما عجز الشريف عن