الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما أن اجتمعوا بابن سعود على غدير يدعى الشوكي اتفقوا على أن تكون المصادرة عامة بدون تمييز، وأقسم ضاري يمينًا مغلظة أن شمّر العراق تكون دائمًا أبدًا مخلصة للإنكليز ولابن سعود، ثم أرسل ماجد بن عجل أيضًا رسوله إلى ابن سعود يطلب الصلح فقال له: إني أنذركم يا شمّر فإذا كنتم مخلصين لنا تعالوا أقيموا في كبدي وأما إذا كنتم تفاوضون الإنكليز وتساعدون الترك فأنا عدوكم والله قاهركم إن شاء الله.
ذكر اتفاق فلبي مع ابن سعود
لما خدع فلبي رؤساء شمّر ببذل النقود وضمهم إلى ابن سعود جعل ابن سعود يفاوض فلبي فقال له: يا فلبي أما حائل فإذا تركتم أمرها لي فأنا أعالجه بالسياسة وإذا ألححتم فعليكم بالمدد وليس المقصود بالمدد المال فقط، بل الأسلحة والذخيرة وهي يومئذٍ قليلة عزيزة، ثم قال عبد العزيز أن حائلًا في فكرنا دائمًا، ولكن حائلًا جدار، ونار ترى الصحيح أن ابن رشيد محصن فيها وراء الجدران والمدافع.
ثم إنه عاد المستر فلبي مع ابن سعود إلى الرياض وكانت المفاوضات والمباحثات متواصلة، وكان من جملة ذلك أن ابن سعود يقول: إني قادر أن أمنع ابن رشيد عن محاربة الشريف، وهذا جلّ ما يبغونه الآن لكن عهدًا بيني وبين شمّر يوجب التربص، فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم، فإذا رجع ابن رشيد وكان حليفًا لنا فذلك خير تحقق بدون قتال وإلا فسنحاربه.
أما العهد الذي أشار إليه عبد العزيز فهو أنه بعد سفر فلبي إلى الحجاز، شد على ابن رشيد الذي كان يومئذ على الحجر عند الترك ولكن مشايخ قبائله جاءوا ابن سعود يعاهدونه على الطاعة والولاء ودليل صدقهم كما قالوا هو أن ابن رشيد طلب منهم أن يحاربوا مع الترك الشريف، فأبوا وقد تعاهدوا وابن سعود أنهم ينذرون ابن رشيد فإذا قدم من الحجر وكان معك يدًا واحدة، فنحن عشائره
وعشائرك، وإذا رفض الرجوع فنحن معك عليه، فلبث عبد العزيز ينتظر الجواب من مشايخ شمّر، ولم يرَ أن يبقى المستر فلبي أثناء ذلك عنده في الرياض فصارحه في الأمر فرغب فلبي في رحلة علمية إلى وادي الدواسر، واستأذن ابن سعود بذلك فرحله مصحوبًا برهط من المحافظة، وذلك في شهر رمضان، ثم إنه جاء الجواب من ابن رشيد يرفض مطالب رؤساء شمّر فجمع عبد العزيز جيشه يريد الزحف إلى حائل، وكان فلبي مرافقًا للجيش ولكنه لم يكن كمواطنه الذي سار معه في وقعة جراب شكسبير وشارك في القتال حتى قتل، بل تخلف هذا في القصيم وتقدم عبد العزيز بجيشه إلى حائل وكان قصده أن يشغل ابن رشيد عن مناوشات العرب الذين كانوا يحاربون مع الأحلاف في شرقي الأردن.
ولما وصل إلى ماء ياطب في أطراف حائل رأى جموعًا كبيرة من العربان وقد حالوا دونه وأمنيته، ولكنه هاجمهم فأصاب منهم مغنمًا، وعاد فنزل على ماء قريب من المدينة فخرج ابن رشيد في آخر النهار يريد الهجوم عليه ليلًا، لكنه عدل عن قصده وقفل راجعًا بدون قتال، وسبب ذلك أن الترك استنجدوه، لأن "الجنرال اللنبي" قد بدأ في الهجوم العام على الترك في فلسطين وشرقي الأردن، فعدل ابن رشيد عن محاربة ابن سعود إلى نجدة الأتراك، وقد كان من المألوف في مثل هذه الحال أن ينهض الجيش المهاجم فيتأثر الجيش المتقهقر ويجتز ساقته، ولكن الله تعالى ما أرادها لابن سعود في تلك الساعة بل عاد في اليوم الذي بعد هذا إلى القصيم وقصده أن يجمع قوة أكبر من تلك القوة التي كانت معه فيقسمها إلى قسمين، قسم لمنازلة عربان شمّر، وقسم لمهاجمة حائل، ولكنه مثل خصمه عدل أيضًا عن قصده والسبب في الحالين هو ما أحرزته جيوش الأحلاف والعرب في هذه المدة من النصر المبين في فلسطين وسوريا، وكان ذلك في ذي القعدة، فوصل الخبر كالبرق إلى البلاد العربية، ودخل العرب الشام ظافرين وفر الترك منهزمين، وسلم الألمان وعقد الصلح، فعندها تعظ العرب وتوقف ابن سعود وابن رشيد عن القتال وعقدا فوق ذلك مثل الأحلاف وألمانيا صلحًا صغيرًا.