الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر واقعة الطرفية الصغرى
لما كانت ليلة خامس شعبان من هذه السنة جاء رجل من بريدة يسعى فوافا رجال ابن سعود وقواده في منتصف الليل منذرًا يقول أن ابن رشيد قد خرج برجاله يريدون المهاجمة فلم ير القائد الذي بلغه الخبر أن يزعج ابن سعود وهو في تلك الحال لا سيما وقد كان الجيش مستعدًا للدفاع ولكن هنا أمرين أفسدا الاستعداد وهما أن ابن رشيد تأخر فنام الحرس وأيضًا سلك طريقًا غير معروفة إما لأنه ضاع أو كان قصده أن يباغت العدو فلم يشعر السعوديون إلا وهو ورجاله في وسط المعسكر، وكان لما هجم قبحه الله فجأة كانت بادية من جهة وأهل بريده هجموا مع الجهة الأخرى وأرادوا بذلك احتلال القصر فقام الحرس والحامية فصادمتهم وصدتهم عن الدخول ولما هجم ابن رشيد ذلك الهجوم على السعوديين هجومًا هادئًا ليباغتوهم وهم نيام استيقظوا وهبوا إسراعًا للدفاع وجرت مصادمة هائلة واختلط الحابل بالنابل وتضاربوا بكعاب البنادق ثم بالسيوف فسالت الدماء وعلت الأصوات بهذه الكلمة "على المشركين على الخونة" فأطلقت حينئذ البنادق والأسلحة النارية فهب العسكر كله للقتال واستمر الأمر كذلك حتى الفجر، فأصبحت المياه جارية بين النخيل وقد احمرت من دم القتلى، وتقفى حزب الإمام وجنوده الطائفة الرشيدية وأميرها يرددون هذه الكلمة "صبحناكم لا صبحتكم العافية".
فلما أضحى اليوم الخامس من شعبان تجلت هذه الواقعة عن ثلاثمائة وثلاثين قتيلًا منهم ثلاثون من قوم ابن سعود وثلاثمائة من جنود ابن رشيد، وكان الفضل في هذه الواقعة للحضر في الجيش السعودي أما البوادي فشردوا ولم يرجعوا إلا بعد بضعة أيام.
أما سلطان بن رشيد المسلط فإنه فر هاربًا إلى حائل معه باديته وترك أخاه فيصلًا في بريدة ليكون عونًا لأبي الخيل فيها.
ومما قال الأديب حسين بن علي بن نفيسة هذه القصيدة ردًا على أهل المجمعة والحوطة وأهل بريدة فيما جرى من خروجهم على ابن سعود وعن طاعته في ذلك الزمان وقد شنع عليهم بذلك.
أراك لوصل الغانيات تشوق
…
وقلبك للطيف المبهرج يزهق
وتبكي على أطلال ليلي وتشتكي
…
نوى فرقت للحي فالربع مخلق
وتستوقف الركبان تسأل عنهم
…
فيا عجبًا ما خلت مثلك يعشق
فدع عنك تذكار الصبا إن في الصبا
…
غرامًا وبرحًا يقتل المتشوق
إلى ذكر من أحيى المكارم بعدما
…
عفى رسمها والناس عنها تفرقوا
إمام الهدى بحر الندى مثخن العدى
…
بعيد المدى في وجوده فهو معرق
تفرع من جرثومة المجد فاهتدى
…
له قبله والغير صدوا وشرقوا
فشيد تأسيسًا لآبائه الأولى
…
فغنا بعلياه الحمام المطوق
به الله أحيا كل موؤد ذلة
…
فأضحى خفي الأمر بالحق ينطق
وألبس أثواب المعزة أهلها
…
ورقع دست الملك وهو مخوق
فحاصر أمصارًا أبت لا تطيعه
…
ففتح منها كلما كان يغلق
ترى أهلها كانوا أسودًا بزعمهم
…
فلما رأوه تثعلبوا وتخرنقوا
فيا لك من فتح قريب لبلدة
…
طغى أهلها واستمردوا وتنفقوا
على من لهم لا يرحم الله كلهم
…
بأسبابه من ربقة الرق أطلقوا
فقل للبريديين قد خاب سعيكم
…
وأعوانكم في حربكم قد تمزقوا
لعبد العزيز الشيخ كيف تحاربوا
…
فهذا جزا الإحسان منكم تزندقوا
ألا تذكروا حرب المليدا وما جرى
…
هناك وأنتم كالحمير تسوقوا
لآل رشيد ترعوون وتسمعوا
…
فهلا رفوتم كلما كان فتقوا
فما لصديق تحسنون صداقة
…
ولا عن لئيم تأنفون وتفرقوا
ولا لكريم تشكرون صنيعة
…
ولا لعدو بالعداوة تصدقوا
أنيبوا لمن ولاه ربي زمامكم
…
بلا منة منكم ولا مال ينفق
ولا منة أيضًا عليه لغيركم
…
سوى أنه في ربه متعلق
إمام هداه الله للعدل فاهتدى
…
له الناس منهم راغب بل ومشفق
ومن يأب إلا السيف فالسيف مصلت
…
عسى الله أن يهدي به من هو أحمق
فأكرم به في حالة الجود والندى
…
وعند العدى والحرب والخيل تعرق
وأكرم بمن والاه شدا إزاره
…
جناحاه سعد والهمام الموفق
خليف الندا والجود أعني محمدًا
…
وصول الحبل المحتدي المتشقق
ولا تنسى كل المقرنيين أنهم
…
سلالة ناس للمكارم يرتقوا
وما فيهم من سيء غير أنهم
…
إلى كل مأثور من المجد أسبق
ولا سيما عند الوغى حالة اللقا
…
تجدهم لدى الهيجا أشد وأخنق
جريون حين الباس لا يستفزهم
…
قراع الأعادي والأسنة تبرق
مطيعون لا يعصون أمر رئيسهم
…
إذا ما دعا جاءوا سراعًا فأحدقوا
يقودون الأعداء جردًا سويحًا
…
وقومًا تسد الأفق للخضم ترهق
تراهم كأسد الغاب في كل بهيمةٍ
…
عوابس للأقران يردوا ويوثقوا
إذا جئت صبح الكون دار ضديدهم
…
تجد أيما تنعى وهامًا تفلق
فكم ذللوا صعبًا تعدى لطوره
…
وناسًا لما يأبى الإله تلفقوا
حثالة ناس للشقاء تحزبوا
…
خفافيشٌ أعشاها من الحق مشرق
فيا راكبًا أما لقيت ابن عسكر
…
فأولى له بعد النفاق يحقق
وينقاد بالإذعان فالحق قد سمى
…
فإن سبيل البغي والجور ضيق
فتوحٌ من الرحمن تترى ومنةً
…
فليس لمن عادى مفرٌ وفنتق
وقل لتميم نسل آكلةٍ النوى
…
أجيبوا لما قال الإمام وأطبقوا
على طاعة الله ثم لأمره
…
تعيشوا وتهدوا للصواب وترزقوا
سلامي لمن أنبأكمو أن فخركم
…
يعود وبالًا في المآل فيمحق
فلا تبطرون الحق عودوا لطاعةٍ
…
ولا تقبلوا أن جائكم متزندق
فما قلته قد كان منكم آنفًا
…
فتوبوا فباب العفو ليس يغلق