الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التصديق على ما تقرر في مؤتمر الصبيحية مقرونًا بالشكر لابن سعود بالنيشان العثماني الأول، فعندها حمل السيد طالب تلك البرقية مسارعًا إلى مبارك، وكان في الفيلا، فسلم عليه وقال: أبشر يا شيخ فقد اتفق ولدك مع الحكومة، فاندهش مبارك لذلك وحان له همه وقلقه، وأجاب قائلًا: ومتى كان هذا؟ فأجابه طالب متهانفًا: الأمر قضي بليل، فقال مبارك كلها بمساعيك يا خبيث، فأجابه طالب لهجًا بقوله: تعلم الولد الخباثة من أبيه، فأجابه مبارك وقد اشتد غضبه قائلًا: سلط الله عليك يا خبيث إليك عني، فضحك طالب وهو يعيد قراءة البرقية.
ثم أرسل الشيخ مبارك بعد ذلك رسوله عبد العزيز بن حسن إلى ابن سعود يهنيه ويلومه لأنه لم يخبره بالاتفاق، فكتب إليه السلطان عبد العزيز قائلًا: إني ابنك وقد أهنت نفسي في القدوم من الجبيل إلى الكويت، وما ذاك إلا حبالك وعملًا بإرادتك، ولكن كيف أستطيع أن أرضي والدي وهو يأمرني أن لا أتفق مع الإنكليز، وأن لا أتفق مع الترك، فإذا بين لي حضرة والدي الطريق الثالث أسلكه راضيًا شاكرًا، ولكني أسأل والدي الآن كيف استحسن ذلك الكلام في ولده على مائدة ابن قرطاس؟ فكتب مبارك معتذرًا وقال لا تصدق يا ولدي أكاذيب طالب اللعين، وتأكد يا ولدي أني أريد أن أتظاهر أمام الأتراك بالبعد عنك والجفا لأدرك لك الغاية التي تنشدها، فأجابه عبد العزيز والحمد لله أن الأمور كانت على ما يرام، فليهنأ الوالد بعز ولده والسلام، هذا خلاصة ما جرى بين ابن سعود وبين الدولة.
ذكر هادمة العهود ومفرقة الوفود وهي الحرب العظمى سنة 1332 هـ الموافق لسنة 1914 م
لما شبت الحرب العظمى في هذه السنة قامت ألمانيا على الإنكليز وحلفائها، وانضمت الدولة العثمانية إلى الدول الوسطى إلى ألمانيا والنمسا ضد الإنكليز وحلفائهم، فخاضت الدولة العثمانية غمرات الحرب العمومية وشهرت في تلك
الحرب الضروس السيف على الحلفاء وقررت القيادة في اليمن الزحف على عدن.
فلما علم بذلك الإنكليز أوقفوا ثلاثة طوابير من الجنود في البحر كانوا مسافرين من الهند إلى السويس فضربوا الشيخ سعيد، وهذا الاسم يقع على قرية بل جزيرة صغيرة في باب المندب على مقربة من رأس البر اليمني، وقد كان للدولة العثمانية في اليمن خمسة وثلاثون طابورًا يبلغ قدرها خمسة عشر ألف جندي، وقد اجتمع سعود بن عبد العزيز بن متعب بن رشيد بوالي البصرة سليمان شفيق كمالي بقرب بلدة الزبير، فانضم إلى الدولة العثمانية وتم بينهما التحالف على حرب ابن سعود على أن يكون منه الرجال ومن الدولة العتاد والمال، فأعطته الدولة عشرة آلاف بندقية وذخائرها وأموالًا كثيرة، أما الذي أثار الحرب العالمية الأولى:
إن طالبًا من أبناء البوسنة اسمه "غفر يلوبر نسيب" أطلق الرصاص على "الأرشيدوق فرانتز" وارث عرش الأمبراطورية النمساوية في سرايفو عاصمة البوسنة، بينما كان ولي العهد يقوم بزيارة رسمية، فأرداه هو وزوجته قتيلين، وذهل العالم بهول تلك الجريمة الكبرى المفاجئة، وعرف من التحقيق أن الطالب ينتمي إلى جمعية اليد السوداء الصربية التي ارتكبت من قبل عدة اغتيالات سياسية واتهمت الحكومة النمساوية الحكومة الصربية أنها لأسباب متهمة فيها تعد مسؤولة عن هذه الجريمة الشنيعة، وأمهلتها شهرًا لإجابة مطالها، وأنذرت النمسا للحرب، فردت الحكومة الصربية بأنها مستعدة للموافقة على إجابة بعض هذه المطالب، غير أنها رفضت رفضًا قاطعًا المطالب النمساوية التي تمس مظهر استقلالها.
فأرسلت النمسا في 23 يوليو إنذارًا نهائيًا إلى الحكومة الصربية تطلب منها الموافقة على جميع المطالب خلال ثمان وأربعين ساعة، ومن أهم هذه المطالب: أن تتعهد صربيا بتحقيق نزيه عاجل في الجريمة وأن تنزل بمقترفيها والمتواطئين عليها عقابًا رادعًا، وأن تعمل على كبح الدعاية العنيفة القائمة ضد النمسا والمجر في الصحف ودور العلم الصربية، وحل الجمعيات السرية، وطرد الموظفين الصربيين الذين يناصرون تلك الدعاية.