الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجالسهم أضحت رياض وجنة
…
لأهل التقى والفقه أزكى المناعم
فأيدهمو ربي وأصلح قلوبهم
…
ووفقهمو للرشد يا خير قائم
وأصلح إله العالمين إمامنا
…
إمام الهدى نجم التقى والمكارم
ووفقه للإنصاف والعدل والتقى
…
وبوئه في الفردوس أعلى المقائم
وصل إله العالمين مسلمًا
…
على المصطفى المعصوم صفوة آدم
كذا إله مع صحبه ثم من قفى
…
على أثرهم من كل حبر وعالم
إمارة عبد الله بن متعب بن رشيد وقتال أهل حائل بساحة دارهم
لما قتل عمه سعود تولى الإمارة بعده فأركب رسل السلام إلى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن يريد تجديد عهد الصلح والولاء فجعل ابن سعود يشدد في شروطه بأن قال لرسل حائل إني مجيبكم في كل ما تطلبون ولكني ألفت نظركم إلى ما بدا من أمراءكم السابقين فهذه كتبهم إلى الشريف ينكثون العهد بيننا وبينهم ويرموننا بأشنع التهم يقولون إننا خوارج وإننا وإننا فعلى هذا تكون شئون شمر الداخلية إلى أهلها فلا أتدخل فيها وأما الخارجية فيهمني أمرها فقد طالما أضرت سياستها بنجد ومصالحها فلا بد إذن من تنازلكم عن إدارة الشئون الخارجية في شمر واعترافكم لي بذلك ويكون الاعتراف بذلك تحريريًا لينشر بين جميع الناس ويكون معلومًا، فعاد الوفد إلى حائل يحمل شروط ابن سعود إلى أهلها وإلى أولى الأمر فيها فقبل الأهالي وأكثر المقدمين في شمر لهذه الشروط وأجمعوا على القبول لأنهم قد طالما تعبوا وملوا الحروب وأبى أولوا الأمر من آل رشيد وآل سبهان وبعض الزعماء "كعقال بن عجل، وضاري بن طوالة" ناهيك بعبيد القصر وسيدتهم فاطمة بنت سبهان فأعلنوا الحرب ولم يذعنوا لابن سعود ولا لشروطه، فعند ذلك استنفر عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل أهالي نجد وزحف إلى القصيم في شوال بجيش بلغ عدده عشرة آلاف مقاتل فأقام هناك وجعل على قسم من الجيش أخاه محمدًا وأمره أن يهاجم حائلًا وأن يطوقها بالحصار وولى نجله سعودًا على القسم
الآخر وأمره أن يزحف ببقية الجيش إلما شمر فيناوشهم القتال فزحفت الجيوش وأحاطت بحائل فعندها قام الأمير عبد الله وأهل حائل يستأذنون الأمير محمد بن عبد الرحمن بإرسال وفد من قبلهم إلى صاحب الجلالة عبد العزيز فأذن بذلك فجاء الوفد إلى الملك يطلب الصلح على أساس الشروط المفروضة غير أنه وافق وقتًا ليس أمامه إلا الحرب أو التسليم فلم يقبل الملك بما كان قد عرض عليه وأجاب بأن قال اعلموا أن الرئاسة القائمة بين عبد وامرأة لا تدوم وكتب كتابًا إلى أهل حائل وهو هذا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب الكرام عبد الله آل متعب وعثمان آل عبد الكريم وكافة أهل حائل سلمهم الله تعالى آمين سلام على من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته وبعد ذلك الخط وصل الجماعة خدام وخويًا وصلوا وتفاوضنا معهم بحضرة من علماء المسلمين وأكابرهم ولا بد من أن يبلغوكم ما حصل بيننا وبينهم من الكلام شفهيًا ولكن حقيقة الأمر أنا طلبنا منهم كما أنكم قد أمضيتموهم وكلاء أن يخاصمونا عند الحاكم الشرعي وأن اجعل وكيلًا من جهتي وهم وكلاء عنكم ويعملوا ما تحكم به الشريعة، فلما أن سمعوا ما تكلم به علماء المسلمين وأكابرهم من أنه لا يصلح ولا يرتضا أن يكون لآل رشيد إمارة على شيء من أمور المسلمين إلا أن يكون لهم حجة شرعية، فأجابوا أن ليس لنا وكالة مطلقة بموجب عزل آل رشيد عن الإمارة وإنما أتينا لأمر غير هذا وهو مجرد السمع والطاعة وإننا ندخل فيما دخل فيه المسلمون فشهدوا وأفتى الحاضرون من علماء المسلمين بأنه لا يحل ذلك لابن سعود ولا نجيزه فأجاب الجماعة إنا لا نقيد المحاكمة على ذلك بل نراجع ابن رشيد، بقي الآن في الحاضر أنتم تفهمون أن الأمر يومئذ لله، وأن الدنيا دول فأحببنا إخباركم بما يلزم، فإن أجبتم فنرجوا أن الله سبحانه أن يحقن الدماء ويوفق الجميع لاتباع هذه الشريعة، وإن أبيتم فتكون الذمة بريئة، فبموجب فتوى المشايخ ونظرنا في عواقب الأمور ومصالح المسلمين رأينا أنه ما يصلح أمر ولا يكون بيننا اتفاق إلا على شرطين.
الأول: نزع إمارة آل رشيد من الجبل.
والثاني: تسليم شوكة الحرب من جميع آلاتها فإن كان الأمر ثابتًا عندكم معلومًا أنه الحقيقة وأنكم مجيبون للأخذ بما أفتى به علماء المسلمين على عدم إمارتكم وحضوركم تحت أيدينا وتسليم شوكة الحرب فأجيبونا على ذلك واطلبوا لأنفسكم غير هذين الأمرين مما تريدون، فإن كان عندكم إشكال أو أن لكم حجة شرعية تفلجون بها فيجب أن تحضر أنت يا ابن رشيد ومن ترى أنه عارف أو ناصح لكم من أهل الجبل وحكم الشرع باذلونه لكم فأي حاكم شرعي تريدونه ندفعكم إليه وأنا معطيكم وجهي وأمان الله وعهد الله والخائن عليه ألف لعنة من الله إني لأمضين حكم الشريعة بأي حال تكون فلو تحكم الشريعة بنزع إمارتي وإمارتك يا ابن رشيد لأمتثل لذلك، فإن كنتم منقادين لفتوى علماء المسلمين وتدرون أن ليس لكم علينا حجة، وما ثم إلا تسليم الأمر وطلب الراحة فأنا معطيكم وجهي يا ابن رشيد وأمان الله وعهد الله على دمائكم وأموالكم غير شوكة الحرب من أي جنس يكون، إنكم بأنفسكم من سائر أولادي ومحرمكم من سائر محرمي أحامي عليكم وإني ما أرضى فيكم يحميع أمر تكرهونه إلا بما أرضى في ديني وأولادي فاما أنتم يا أهل حائل لكم وجهي وأمان الله على دمائكم وأموالكم وأعراضكم وعلى أنكم ما تباحثون في جميع أمر فائت إلا أن كان معاملة بينكم وبين المسلمين ففيها حكم الشرع، وأما الأمور الفائتة من قتل رجال وأخذ أموال وغير ذلك من الأمور التي بينكم وبين أهل نجد أو فيما بينكم قبل ولايتنا إنه مدفون ولا له باعث وأن جميع ما قلت لكم وأمضيت إنه تام وبنية خالصة، ولا يكون لها نقض إلا أن تنقضوا أنتم إما بخيانة تخل على المسلمين في أمر دينهم أو دنياهم أو غلول في شوكة الحرب أو غير ذلك فآمنوا بالله إن شاء الله؛ فإن كان تريدون زيادة أمان أو شيء غير ذلك فبينوه لنا وإن أبيتم قبول ما ذكرنا فلا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم قال جلالة الملك للوفد شفاهيًا فإذا رفضتم ذلك ولم تعملوا بشروطي
فاعلموا بأني زاحف بنفسي إليكم بعد ثلاثة أشهر، فقام الوفد من عنده قائلين سنعرض الأمر على صاحب الأمر فإذا قبل كان خيرًا وإلا فأنت بريء الذمة.
وبعد أن عاد الوفد بالكتاب رفضت تلك الشروط ولم يعمل بها وخرج ابن طوالة غازيًا بعض قبائل ابن سعود في مكان تريب من حائل على مسافة خمس ساعات منها بمسير الجمال ولكنه لم يعد من تلك الغزوة سالمًا بل أخذه الله فمات ولم يحصل على طائل وحدثت بين المحاصرين والمرابطين مناوشات ومصادمات في جهة حائل، ثم أنه استدعا جلالة الملك باخيه محمد ووحد القيادة تحت إمرة نجله سعود فعاد محمد إلى أخيه الملك واشتد الحصار بحائل وانقطعت السبل عنها لأنه حاصرها سعود شهرين، غير أنه لم يكن النجاح في الأمر زائدًا على من تقدمه، وقد لاح في حائل شبح المجاعة المخيف، هذا والأمير عبد الله بن متعب قد عزم على الدفاع حتى النفس الأخير، ولكنه رمي بطامة كبرى لم تكن في الحسبان وهي أنه قدم محمد بن طلال ابن عم الأمير وأخو قاتل عمه، وكان قدومه من الجوف بالدفاع عن قومه ووطنه فلما قدم محمد بن طلال أوجس في نفسه خيفة الأمير عبد الله لأنه لا يأمنه أن يفعل مثل أخيه توصلًا إلى الإمارة ولو في ذلك الوقت العصيب فوقع عبد الله بن متعب بين نارين نار في الخارج محيطة به ونار كامنة في جوفه لا يعلم متى يمنه لهيبها فتلتهمه، فالمسألة الآن مسألة موت أو حياة ولا يدري أيدافع خصمه عن بلاده، أم يدافع ابن عمه الأدنى عن حياته.
وبما أن الحياة لديه أعز من الأمارة لأن سنه لا يتجاوز عشرين سنة فقد التجأ إلى الخصم لأن وجود السلامة عنده أيسر، ففر إلى سعود بن عبد العزيز وألقى نفسه عليه فرحب به وأخذه إلى الرياض غنيمة باردة ورجع به في شهر ذي الحجة من هذه السنة فرجع سعود بن عبد العزيز بعد حصاره لحائل بأميرها الشاب عبد الله بن متعب آل رشيد وبسمت الرياض لطلائع النصر في الحرب ولبشائر الفوز بالظفر، وكان رجوع القائد سعود بن عبد العزيز من حائل امتثالًا لأوامر والده لأنه عاد من القصيم إلى العاصمة وأمر نجله سعودًا بالرجوع من الجبل لأنه فقد هناك بسبب القيظ وقلة المرعى عددًا كبيرًا من رواحله.