الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمعنى: أن العُصاة لا يُسألون، وَأَكْثَرُ مَا يُطْلِقُ الإجرام عَلَى الْكُفْرِ، قَالَ اللَّهُ تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المطففين: 29]، فلماذا لا يُسألون؟ يقول المُفَسِّرُ رحمه الله:[لِعِلْمِهِ تعالى بِهَا فَيَدْخُلُونَ النَّارَ بِلَا حِسَابٍ]، أي: إنَّهُمْ لَا يُسألون، وإنما يُدخَلُون النار بِدُونِ حساب، ولكنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الحساب؛ لِأَنَّ مَنْ يؤتَى كتابَه فسوف يُحاسَبُ، قَالَ تعالى:{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} [الحاقة: 25 - 26].
فهُم يُحاسَبُون، لكنَّهم لا يُحاسبون محاسبةَ مَن تُوزَنُ حسناتُه وسيئاتُه؛ لِأَنَّهُمْ ليس لَهُمْ حسناتٌ، وإنما يُحاسَبون محاسبةَ تقريعٍ وتوبيخ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بيان بَغْي قارون، حَيْثُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ مِنْ كَسْبِهِ، فهو مُشابه لقارونَ فِي عَدَمِ اعترافِه بنِعْمَة اللَّهِ، فالإنسان الَّذِي يَقُولُ: حصَّلت هذا بيدي، وبمعرفتي بالأمور والمكاسب. نقول له: أنت مُشابه لقارون.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تقريع أولئك الذي يفتخرون بسعيهم، بِأَنَّ اللَّهَ تعالى قَدْ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ القرون مِمَّنْ هُوَ أَشَدُّ منهم قوةً، وأكثر جمعًا.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ المجرمين عند إهلاكهم لا يُسألون فيُرحمون، وإنما يُهلَكُون بِدُونِ سؤال، لِقَوْلِهِ تعالى:{وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} .
* * *