الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرَاحِلُ النُّمُوِّ الاِقْتِصَادِيِّ وَحُكَّامِ النُّخْبَةِ:
عرض (وولتر رستو) أستاذ التاريخ الاقتصادي نظريته عن أطوار ومراحل النمو الاقتصادي، وذلك في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وقد لاقت من أجهزة الإعلام ومن الإدارة الأمريكية اهتمامًا دون غيرها من النظريات، حتى عقدت ندوة دولية لمناقشته في هذه النظرية .. التي أعدت للقضاء على الفكر الديني والفكر الشيوعي واستطاعت سحب البساط من تحت أقدام الماركسيين، ذلك أن (كارل ماركس) يقسم العوامل الاقتصادية في التاريخ إلى ست مراحل هي:
1 -
مرحلة البدائية: وهي مرحلة تخلو من التناقض لانعدام الملكية.
2 -
العصر العبودي: وتظهر فيه طبقة الأسياد والعبيد وهي تمثل قمة التناقض.
3 -
العصر الإقطاعي: وفيه تسيطر طبقة الأسياد وهي الطبقة المالكة، لكن يسمح للعبيد بملكيات صغيرة.
4 -
العصر البرجوازي: ويمثل احتكار الطبقة البرجوازية ويمهد إلى الرأسمالية.
5 -
العصر الرأسمالي: ويتمثل في انتصار رأس المال وسيطرته.
6 -
مرحلة الشيوعية العالمية: وفيها تحكم طبقة العمال وتختفي الحكومات، ويتحول العالم في نظر (ماركس) إلى أسرة عالمية واحدة، وتنتهي جميع صور التناقض.
ونظرية (ماركس) هذه تبشر بحتمية ظهور الشيوعية وسيادة الطبقة العاملة، وقد جاء (رستو) بنظرية مضادة: هي مراحل النمو الاقتصادي، وقد قسمها إلى خمس مراحل هي (1):
1 -
مرحلة المجتمع التقليدي.
2 -
مرحلة ما قبل الإقلاع أو الانطلاق.
3 -
مرحلة الانطلاق.
4 -
مرحلة النضوج.
5 -
مرحلة الاستهلاك الجماهيري.
• والمرحلة الأولى عند (رستو) تتسم بانخفاض الإنتاج لهيمنة القطاع الزراعي.
• أما الثانية عند (رستو) فهي تمهيد لتوفير شروط الإقلاع، والانطلاق، حيث تتدخل النشاطات الزراعية والصناعية، وتتحسن مجالات الاستثمار.
ولتوفير شروط الانطلاق، يقسم (رستو) الدول إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى:
(1)" اقتصاديات التخلف والتنمية " د. أنطونيوس كرم: ص 118، طبعة بيروت سنة 1980.
هي مجموعة الدول النامية أو المتخلفة، وفيها تظهر المشكلة السكانية، وتتمثل في انخفاض حاد في الوفيات وزيادة في المواليد، وهي مرحلة طويلة وشاقة، ويرى (رستو) أن أكثر الدول النامية لا تزال في هذه المرحلة.
- المجموعة الثانية: هي مجموعة الدول الغنية بمواردها الطبيعية حيث تنخفض فيها كثافة السكان ويكون معظم السكان من أصل أوروبي.
• والمرحلة الثالثة: هي مرحلة الانطلاق، وفيها يستطيع المجتمع توفير شروط الإقلاع أو الانطلاق، عندما يهيئ المجتمع نفسه لمرحلة الانطلاق نفسها.
ويرى (رستو) أن يلزم ظهور حافز جاد، في هذه المرحلة، والذي يمكن أن يكون ثورة سياسية، تغير ميزان القوى الداخلي، وتحدث تغييرات في القيم الاجتماعية، وفي طبيعة المؤسسات الاقتصادية (1).
وقد لوحظ أنه بهذه الطريقة ظهرت عدة انقلابات عسكرية في الدول النامية، كلها ترفع شعار الاشتراكية المحلية، وتتغنى بمرحلة الانطلاق، حتى سميت في مصر الثروة بمرحلة الانطلاق العظيم. وصدرت في ذلك عدة كتب ونشرات، ولكن (رستو) يحاول أن يخفي هدفه من نظريته، وهو سحب البساط من تحت أرجل الماركسيين، وتحطيم القوى الأخرى في المجتمعات النامية عن طريق تغيير ميزان القوى وإحداث تغييرات في القيم الاجتماعية.
يحاول أن يخفي هذا الهدف بإشراك عوامل أخرى للتغيير في هذه المرحلة بخلاف الثورة السياسية. وذلك في شكل ابتكارات تكنولوجية، أو في شكل إحداث تطورات إيجابية في هذه الدولة، كفتح أسواق جديدة للصادرات، أو تطورات سلبية كالاستيلاء من شروط التبادل التجاري.
ويضيف (رستو) شرطًا ضروريًا آخر لهذه المرحلة، وهو أن تكون هناك صفوة أو فئة يسميهم المنظمين. ويتساءل من أين سيأتي بهؤلاء؟ ثم يجيب بأن ذلك يشمل أكثر الحركات الإصلاحية الدينية أو الثقافية، كدور اليهود في كثير من الدول، وبالطبع تكون الحركات العسكرية هي صاحبة الدور الرئيسي.
• المرحلة الرابعة: مرحلة النضوج: وفيها تضمحل القطاعات التي كانت رائدة في المرحلة السابقة ليحل محلها قطاعات رائدة جديدة، ويستمر النمو الاقتصادي حتى لا يدخل مرحلة
(1)" اقتصاديات التخلف والتنمية " د. أنطونيوس كرم: ص 121. مركز الاتحاد القومي - بيروت، بالتعاون مع جامعة الكويت، الطبعة الأولى: سنة 1980.