الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما قول الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (1)، فليس معناه خليفة عن الله بل يفسره قول الله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} (2). أي يخلف بعضهم بعضًا. فقد جاء في معاجم اللغة: خلف فلان فلانًا أي جاء بعده. ومنه قول الله: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} (3). كما قال الله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (4). فَهَذَا خَلَفَ هَذَا أَيْ جَاءَ بَعْدَهُ. أما قول الله: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (5). أي أنفقوا من المال الذي أنتم عليه أمناء ويدكم عليه يد عارضة سيخلفكم فيه غيركم من الورثة وسيؤول إليهم.
وختامًا نرجو أن يدرك الجميع أن ما نلقاه وذكرناه ليس جدالاً ولا مراءً (6).
وَقْفَةٌ نِهَائِيَّةٌ مَعَ الدُّكْتُورِ مُحَمَّدْ خَلَفْ اللهْ: النَّبِيُّ وَالدَّوْلَةُ .. وَالاِجْتِهَادُ وَالنَّصُّ:
لقد نشر الدكتور محمد خلف الله كلامًا يتعلق بالحكم الإسلامي والسنة النبوية، تناولته بالحوار لكنه في 17/ 12 / 1982 ادعى أنني في حواري معه نقلت عنه غير الحقيقة بل أوهامًا توهمتها إذ لم أقرأ النصوص قراءة سليمة ولم أفهمها فهمًا دقيقًا، وانتهى إلى أن ما يقوله هو الحق وما قلته هو الباطل وطلب أن أهتدي معه إلى هذا الحق وأترك الجدال.
ولما كان دفاعي لا يتعلق بشخصي بل ينصب حول وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنزلة السنة النبوية مع الدين والتشريع وهذا أمر لا يملك أحد منا أن يبتدع فيه حكمًا كما أن ما قاله كل منا ليس سرًا لم يطلع عليه أحد بل قد نشرته الصحف اليومية ويمكن الاحتكام إليه دون تراشق بالألفاظ أو تحوير الكلمات.
فأضع صاحبي والقراء أمام الحقائق التالية:
•
أَوَّلاً: السُّنَّةُ وَقِيَامُ الدَّوْلَةِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ:
«لا نستطيع أن نسمي ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكومة، فما قام به هو
(1)[البقرة: 30].
(2)
[الأنعام: 165].
(3)
[الأعراف: 142].
(4)
[الفرقان: 62].
(5)
[الحديد: 7].
(6)
نشر بـ " الوطن " يوم 17/ 12 / 1982.
شيء من إدارة الأعمال أكثر منه حكومة».
وفي رده يوم 17 ديسمبر طلب مني:
أ - ألا أخلط بين شؤون الدولة والحكم، وبين شؤون النبوة والرسالة.
ب - أن يكون سندي في كل ما أرغب في الوصول إليه هو القرآن الكريم.
ج - ألا أنكر ولا غيري صحة قوله: «إن ما لم يرد في القرآن يكون غير ما أنزل اللهُ» .
وأضاف أن القارئ قد فطن إلى أن قوله هذا لا يتصل بقريب أو بعيد بعنوان مقالي الثاني «السنة بين المستشرقين وعلماء السلطان» .
والجواب على ذلك هو:
1 -
أن تكرار طلبه أن يكون دليلي هو القرآن لهو أكبر دليل على عدم أخذه بالسنة النبوية.
2 -
أن عبارته التي يدعي أنني لم أفهمها وهي: «أن ما لم يرد في القرآن يكون غير ما أنزل الله» لا تحتاج إلى إعمال نظر في الفهم، فهي صريحة أن كل ما لم يرد في القرآن ليس من عند الله يدخل في ذلك السنة النبوية وهو حتى اليوم لم يصرح باحتكامه إلى هذه السنة.
3 -
إن المسلم لا يملك أن يقول: إن السنة النبوية غير ملزمة بدعوى أنها لم ترد في القرآن أو أن يقول أنه لا يأخذ من السنة إلا ما كان بيانًا لما في القرآن، وهذا هو إجماع المسلمين لما يأتي:
- الأول: لتبين أن القرآن أمرنا بطاعة الرسول فيما أمر به أو نهى عنه {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1).
وقطعًا فهذا أمر آخر غير القرآن، فمن قال: غير القرآن لا يكون من عند الله دون أن يستثني السنة النبوية، يدخل هذه السنة في الفكر البشري الخاضع للاجتهاد وهذا ما يحاوله صاحبنا.
- الثاني: أن قول الله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (2). يخول
(1)[الحشر: 7].
(2)
[النحل: 44].