الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (1). وسورة عبس تعاتب النبي صلى الله عليه وسلم لتقديم المشركين عن الأعمى لعلهم يسلمون.
ولهذا عندما عرض بعض أغنياء قريش أن يسلموا على أن يكون لهم مجلس غير مجلس العبيد والفقراء كان جواب الله لنبيه: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا، وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا، وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا
…
} (2).
ولكن يوسف إدريس ابتدع أن الجنة كانت لمن يعبدون الله ولو ظلموا، واليوم يكفي العدل في مفهوم الناس وبه يدخلون جنة الله ولو أنكروا وجوده.
المُقَدِّمَاتُ الخَاطِئَةُ وَجَنَّةُ الطُّغَاةِ:
إن حيثيات فكر هؤلاء «أن الجنة ليست لمن يعبدون الله ويظلمون الخلق، ويقتلون روح الشرف» .
وهذه مغالطة على الإسلام فهو لم يجعل الجنة لهؤلاء بل قال: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29].
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ،
…
وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
…
».
والنصوص في هذا من القرآن والسنة لا يحصيها العد. فمن أين كانت هذه المقدمة؟ إنها للوصول إلى نتائج خاطئة وللزعم بأن من أطاع وصلى وصام فقد نافق الله، وهذا تعبير يدل على الجهل بالدين وبمفهوم النفاق مَعًا.
الإِسْلَامُ الرَّأْسْمَالِيُّ وَالمَارْكْسِيُّ:
لقد حدد الإسلام أركانه وشروط الانتساب له وأسباب الثواب والعقاب:
1 -
من شروط الدخول في الإسلام: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ويوم الحساب. فمن أنكر شيئًا من هذا أو شك في رسالة أحد الأنبياء فليس بمسلم، فإن كان
(1)[الأنعام: 162، 163].
(2)
[الكهف: 27 - 29].
له نفع للناس عجل الله له الثواب في الدنيا، وأيضًا وضعه في الطبقة العليا من النار وليس في الدرك الأسفل، كما هو حكم النبي في عمه (أبو طالب).
فهل أخطأت الرسالة ونزل وحي جديد على الصحافة ومحترف الصحافة والتصحيف، فنسخ هذه الشروط والقواعد المعلومة للمسلم ولغير المسلم.
أم أن هؤلاء أصبحوا شركاء مع الله فلهم حق النسخ والتبديل {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (1).
2 -
ومن شروط الإسلام أنه لا تفرقة بين الصلاة والزكاة، فمن ادعى الإسلام وأنكر أداء حق الفقير واكتفى بالعبادة الروحية والشعائر التعبدية حوسب وقوتل حتي يفيء إلى أمر الله، ولهذا قال أبو بكر:«وَاللهِ لأُحَارِبَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ» .
فهل تبدل هذا حتى نحكم لمن أنكر الصلاة بالإسلام إن زكى؟
3 -
ومن شروط الإسلام أن كُلاًّ من العبادة والمعاملات الاقتصادية والتشريعات القانونية من عند الله ولا يد فيها للبشر، وبالتالي فالمناهج الاقتصادية يجب أن تكون تلك التي وصفها اللهُ في كتابه وسنة نبيه فلا نصلي للهِ ونزكي على مذهب (مَاوْ)، ونقيم الاقتصاد على مذهب (ماركس)، ولهذا عندما جاء عدي بن حاتم ليسلم وكان يحمل صليبًا من ذهب قال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أَلْقِ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ» وَقَرَأَ عَلَيْهِ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، فَقَالَ عَدِيٌّ:«مَا عَبَدْنَاهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ» . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَمْ يُحِلُّوا لَكُمْ الحَرَامَ فَتَتَّبِعُوهُمْ، وَيَحَرِّمُوا عَلَيْكُمْ الحَلالَ فَتَتَّبِعُوهُمْ؟» . قَالَ عَدِّيٌّ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ» ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَتِلْكَ عِبَادَتَهُمْ مِنْ دُونَ اللهِ تَعَالَى» (*).
- فليس مسلمًا من قال: «أصلي على نظام الإسلام وأتخذ منهجًا سياسيًا على نظام (ميكيافيلي) - الغاية تبرر الوسيلة - أو مذهبًا اقتصاديًا ماركسيًا لعدم صلاحية الإسلام»
- وليس مسلمًا من ادعى الإسلام واختار منهجًا اقتصاديًا رأسماليًا فأحل الربا والاحتكار وأحل أكل حقوق العمال والأجراء بالباطل وأنكر حكم الإسلام.
- وليس مسلمًا من صلى واختار المادية الجدلية مذهبًا أو فضل النظام الاقتصادي
(1)[الأحقاف: 4].
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) الحديث كما ورد في " سنن الترمذي " كالآتي:
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ: «يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ» ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، قَالَ:«أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ» .
الترمذي، " السنن "، تحقيق الشيخ أحمد شاكر وآخرون (الشيخ إبراهيم عطوة عوض):(48) كتاب تفسير القرآن (10) باب «ومن سورة التوبة» ، حديث رقم 3095، الطبعة الثانية: 1395 هـ / 1975 م، 5/ 278، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.
قارن بما في صفحة: 14، 50، 248، 251، 255 من هذا الكتاب.