الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشيوعية ضدان لا يجتمعان، فالمنهج العلمي ينكر أن يفسر أحد الإسلام من خلال المذاهب اللادينية».
والأستاذ محمد حسنين هيكل في دراسته المنشورة في " الوطن " يوم 3/ 5 / 1983 يقول عن الصحوة الإسلامية: «كانت العودة إلى الدين طلبًا لليقين، حركة طبيعية، وما اصطلح على تسميته بالأصولية الإسلامية، تمثل عودة إلى الأصول الأولى للإسلام، بالنقاء التي كانت عليه حين تنزل بها وحي السماء على النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تكن رسالته قاصرة على مجرد العقائد الدينية، ولكنها أيضًا كانت ترسم منهاجًا لتنظيم المجتمع وسلوك أفراده، إن الإسلام قد حدد علاقات الإنسان بربه، وعلاقته مع غيره من البشر، ولم يكن هذا التنظيم الاجتماعي صالحًا فقط لأجلهم وبلادهم، وإنما كان صالحًا للناس في كل زمان ومكان، ومن هنا أخذت العقيدة الإسلامية طابعها الشامل المتكامل» .
إن أصول البحث العلمي توجب أن تفرق بين الإسلام وبين المسلمين. فإذا أخطأ عالم أو جمع من العلماء فلا ينسب هذا إلى الإسلام، ولكن خليل حيدر يتهم الإسلام أولاً بالقصور ثم ينسب أمورًا إلى سيد قطب والمودودي ليدين بها الإسلام ذاته.
خَلِيلْ حَيْدَرْ وَالتَّطَرُّفُ وَدَعْوَى قَتْلِ المُسْلِمِينَ وَنَهْبِهِمْ:
إن السيد خليل حيدر في دراسته الأخيرة لم يستخدم العبارات التي تصرح بعدم صلاحية القرآن والسنة، ولكنه اختار كل ما كتب على لسان الخصوم، ونشر ما وصل إلى نتيجة ظهرت في مقال الجمعة 25 أكتوبر سنة 1985 وعنوانه " تيار التطرف يكتسح الساحة " ففي هذا المقال يلخص ما سماه النتيجة الحتمية لأفكار التيار الديني العقائدي، وبالذات الجناح الثوري منه في المجتمع العربي. فيذكر أن هذه الأفكار نشأت منذ 1965 م - 1375 هـ، ومضمونها هو:
1 -
المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع كافر، وأن الأفراد والحكومات مرتدون مارقون.
2 -
المساجد مساجد ضرار، لأنها تسير في ركاب الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل اللهُ، والمؤسسات الإسلامية الأهلية والحكومية حكمها حكم المجتمع.
3 -
وجوب الخروج على الحكام وقتالهم بالسلاح، وأما المجتمعات والشعوب فتعامل طبقًا
للبنود الآتية:
أ - يجوز اغتيالهم، ويجوز إظهار النفاق معهم حتى نتمكن من قتلهم، إذ يجوز الخداع معهم.
ب - كل ديار المسلمين حاليًا ديار حرب، يجوز فيها القتل والنهب والغصب والخطف.
ج - أموال هؤلاء يعني المسلمين الذين يعيشون في هذا المجتمع، يجوز سرقتها ونهبها باعتبارها أموال كفار وغنيمة.
د - ليس للنساء والأطفال حرمة ويجوز استرقاق النساء وسبيهم.
هـ - تجب العزلة الشعورية في هذا المجتمع، وبالتالي لا تجوز الصلاة في المساجد التي تنفق عليها الدولة.
وكل هذه الأحكام لا يمكن للناقد الذي عاصر هذه المجتمعات أن يقول إنها تمثل تيارات الصحوة الدينية المعاصرة، وأنها تكتسح الساحة، حتى لو كان قد نقل أكثر هذه الأحكام أو بعضها من كتاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق " فصول من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله " كما يزعم، فهذه المقولات تنسب إلى أفراد حوكموا في قضية قتل وخطف الشيخ الذهبي، وقد أطلقت عليهم وسائل الإعلام اسم (جماعة التكفير والهجرة)، وهم قلة قليلة وقد صدرت ضدهم أحكام بالسجن وأعدم بعضهم ولا يمثلون تيارًا عامًا في الساحة وبالتالي لا يمكن نسبة أفكارهم إلى دعاة الإسلام المعاصر، فضلاً عن أنهم لا يتفقون جميعًا على هذه الأفكار وأكثرها نقل عنهم من غيرهم ومن خصومهم، ولا توجد مطبوعات لهم، ومن باب أولى فالذي انتهى إليه السيد / خليل حيدر في هذا المقال من أن «الكثير من هذه الأفكار هي تطوير لأصول فكرية وضعها القادة المعتدلون لأن الشباب المتطرف لم يخترع فكرة المجتمع الجاهلي وحاكمية الله والطاغوت والعزلة الشعورية والجماعة، فهذه وغيرها وما تحمله من مضامين صدامية وضعها كُتَّابٌ مثل المودودي وسيد قطب، ثم تطورت أكثر فأكثر في التطرف ومحاولة تفسير الإسلام من خلال القرآن والسنة» .
إنه مع هذه البدهيات فإنه ما زالت بعض الصحف تقدم خليل حيدر على أنه مفكر إسلامي، وهو أيضًا يقوم بنقد الحركة الإسلامية من الداخل، مع أنه صرح في كتاباته أنه لا يعتقد بصلاحية الإسلام (مقالة بـ " الوطن " يوم 8/ 8 / 1984 والمقالات المشار إليها من قبل) ثم تقدم هذه الدراسة على أساس أنها دراسة علمية .. فهل هي دراسة علمية؟
إن لينين الذي يؤمن به العلمانيون أكثر من إيمانهم بالإسلام يقول في كتابه " تاريخ
الحزب الشيوعي ": «إنه قبل أن نتحد ولأجل أن نتحد، ينبغي أن نبين الحدود التي تفصل بيننا بحزم وجرأة» .
فهل بَيَّنَ (خليل حيدر) الحدود التي تفصل بينه وبين الإسلام. وإذا كان قد فعل ذلك وأعلن عدم صلاحية الإسلام، فكيف يصبح مفكرًا إسلاميًا، ولماذا يصر هو ومن ينشر له على أن يخدع الناس بأنه مفكر إسلامي، وأنه ناقد من داخل الحركة الإسلامية.
إن الدكتور (زكي نجيب محمود) الذي يعد فيلسوفًا للمذهب الوضعي في العالم العربي يقول في مقاله بـ " الوطن " يوم 12/ 11 / 1985: «إن الإسلام والشيوعية ضدان لا يجتمعان، وبالتالي لا يمكن أن يفسر الإسلام من خلال الفكر الماركسي، أو أي فكر آخر يناهض القرآن والسنة» .
كما يحدد ما هو التطرف فيقول: «أن يأخذ المسلم بفريضة معينة في الفهم، أو قال بمذهب معين، ثم يعلن أنه هو الصحيح وحده» . «أو أن يتخذ الإرهاب وسيلة لإرغام الخصوم، وهذا لا يلجأ إليه إنسان واثق بنفسه وعقيدته» . فهل التزم الناقد العلماني بهذه الأصول العلمية.
وهل يستطيع أن يقول: إن الشيوعية تقضي باعتبار الشيوعي المؤمن بالملكية الجماعية، متطرفًا وخارجًا على المذهب الشيوعي.
وإذا كان ذلك غير مقبول في أي منطق علمي، فكيف يصبح مقبولاً منه أو غيره أن يزعم بتطرف من يتمسك بأحكام وردت في القرآن والسنة؟ إنه الإرهاب الفكري والتضليل الذي لا يجرؤ عالم على أن يكتبه!
إن أساتذتنا محمد بن عبد الوهاب وحسن البنا والمودودي وسيد قطب، لم يبتدعوا حكم كفر الحاكم بغير تشريع الله ولم يبتدعوا وصفه بحكم الجاهلية ولم يبتدعوا حكم تحريم زواج المسلمة من غير المسلم ولكن خليل حيدر يكذب على الأحياء والأموات وينسب هذه الأحكام الشرعية إلى قيادات الصحوة الإسلامية ثم يطعن فيها زاعمًا أنه يدين التطرف.