الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها». (نقلاً عن كتاب " معركة المصير " للأستاذ جلال العالم: ص 87 إلى 94).
ب - ومن وسائل تنفيذ هذا التخطيط الأمريكي ما ورد في " مجلة الإرسالية الإنجيلية " التي تصدر في لندن بقلم الدكتور (نيكلوس) حيث يقول: «إن المسيحيين في العالم الغربي ينظرون إلى الدولة العلمانية على أساس أنها ضارة بمصالحهم، إلا أن علمانية الدولة في الشرق الأوسط تعتبر من النعم التي أنعم الله بها على الكنيسة، فالتشريع الحالي في مصر يعتمد أساسًا على قانون (نابليون) الذي يمنع تكوين أي حزب سياسي يقوم على أساس من الدين، إلا أن الضغط يزداد من أجل تغيير الشخصية العلمانية الأساسية للحكومة عن طريق تحكيم الشريعة الإسلامية» .
وينقل (نيكلوس) عن مقال (أريك رولو) في جريدة " اللومند "(*): «أن الموقف بالنسبة للتحدي المتمثل في المحافظة على العلمانية في مصر لا يدعو إلى الاطمئنان حيث حانت ساعة سقوط الدولة العلمانية، فالمتطرفون قد تم انتخابهم في نقابات العمال ورجال [الأعمال] والاتحادات الاجتماعية والثقافية» .
ج - من هذه الأقوال سواء التي وردت في مقال الدكتور (وحيد رأفت) أو (يوجين روسو) أو (نيكلوس) أو (رولو) أو ما كتبه المستشرق الإنجليزي (جب) في كتابه " [إلى أين] يتجه الإسلام " من أن المقصود من حمل العالم الإسلامي على الحضارة الغربية، هو أن تفقد الحضارة الإسلامية طابعها وأن يجري التعليم على الأسلوب الغربي وعلى المبادئ الغربية وهذا هو السبيل ولا سبيل غيره.
إن هذه الأقوال جميعًا تنطوي على مغالطات في بعضها وفقدان الوعي في الجانب الآخر، بحقيقة الإسلام ومبادئه، وهذا ما نشير إليه بإيجاز في البنود التالية:
•
أَوَّلاً: التَّطَرُّفُ وَحُقُوقُ الجَمَاعَاتِ الدِّينِيَّةِ:
إن حق التعبير عن الرأي والمعتقد سواءً الأفراد أو الجماعات الدينية أو غيرها يستند إلى ما سطرته الدساتير المحلية والعالمية نقلاً عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من كفالة الحرية الدينية والسياسية وغيرها، وذلك أمر مجمع عليه في دساتير الدول جميعًا فيما عدا الكتلة الشيوعية، وهو حق طبيعي للإنسان قبل الإعلان وبعده (1) فلماذا تصبح
(1) نقلاً عن مجلة " الإصلاح " بالإمارات العربية، السنة الثامنة، العدد 94 ربيع أول 1406 هـ - نوفمبر 1985 م.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) Eric Rouleau صحفي في جريدة Le Monde الفرنسية.
المطالبة بمساهمة الجماعات الدينية في تصريف الشؤون العامة للبلاد بالقول أو الفعل من خلال الأحزاب أو الصحافة أو النقابات أو غيرها، نوعًا من التطرف أو يمزق الوحدة الوطنية؟ لماذا يحرم المتمسك بدينه من حقوق المواطن؟
إن مثل هذه المقولة والواردة في المقال تصادم حقائق وبديهيات منها:
1 -
أن التطرف حسبما عرفه الدكتور (زكي نجيب محمود) في مقاله بـ " الأهرام " في 11/ 11 / 1985 يكون «باتخاذ الإرهاب وسيلة لإرغام الخصوم، وهذا لا يلجأ إليه إنسان واثق بنفسه وعقيدته وإنما يلجأ إليه من به ضعف في أي صورة من صوره» .
والتطرف في " القاموس المحيط ": «هو تجاوز حد الاعتدال في المسألة» ، فأين الإرهاب هنا يا قومنا. ولماذا تخشون تقديمهم للمحاكم المختصة قانونًا؟.
2 -
إن التطرف قائم في جميع بلاد العالم ولا يقتصر على بعض الجماعات الإسلامية، وعلاج هذا التطرف لا يكون بالحرمان من الحقوق كما هو الشأن في قانون الأحزاب رقم 40 سنة 1977 والذي يستند إليه الدكتور (فهمي هويدي) في صفحة الرأي بـ " الأهرام " بتاريخ 20/ 5 / 1986: «إن القيود الموضوعية على شرعية العمل الإسلامي تصنف جميع الممارسات في مربع اللاشرعية، وتفرض حالة من الظلام والتعتيم وهي البيئة الطبيعية لنمو الأفكار المتطرفة
…
وبالديمقراطية الحقيقية تطرح كل التيارات والأفكار بضاعتها في النور، ويجد كل اتجاه مكانه في المسيرة والشباب في المقدمة».
3 -
إن وجود تيارات إسلامية داخل الأحزاب السياسية القائمة أو من خلال أحزاب إسلامية لا يمكن أن يؤدي إلى نقض عُرَى الوحدة الوطنية، فالتيارات غير الإسلامية لها جماعات وأحزاب وصحف، ولا يعترض الإسلاميون على ذلك ولا ينبغي لهم على الرغم من حرمانهم من هذه الحقوق وهم يشكلون الأغلبية، فلماذا تصبح ممارسة هؤلاء وهم أقليات، أمرًا مشروعًا ولا يناقض الوحدة الوطنية وتكون مطالبة أصحاب الأغلبية بنفس الحقوق نوعًا من اللامشروعية أو تكون هدمًا لعرى الوحدة الوطنية؟ إنها الميكيافيلية بعينها وهي غاية صهيونية.
4 -
إن جوهر الرسالة الإسلامية والذي تطالب به الجماعات الدينية هو احترام الدستور لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا لا يتعارض مع معتقدات المسيحيين الواردة في الإنجيل لأنه لم ينظم أحكام المعاملات والعقوبات، وبالتالي فهم يخضعون لما تخضع له