الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
الحدود والعقوبات:
وبهذه القاعدة البشرية يكون الرجم حكمًا بشريًا، وكذا تحديد مكان قطع اليد في السرقة، وشروط المال المسروق وصفات السارق، كما تكون حكمًا بشريًا سائر العقوبات التي كان مصدر حكمها سنة الآحاد.
•
حُكْمُ القُرْآنِ الكَرِيمِ:
إن الله تعالى قد أمرنا بطاعة ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه، ولم يخص السنة المتواترة بهذا الإلزام وذلك لعموم قول الله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. وقد جعل الله طاعة الرسول في ذلك طاعة لله فقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
ومهما كانت أقوال الفقهاء في تقسيم السنة إلى متواتر وآحاد، فإن ذلك لا يؤثر على لزوم العمل، فالفقهاء مجمعون على أنه إذا صح الحديث ولم يصح ما ينسخه بالفرض على المسلمين الأخذ به، وأن سنة الآحاد يقينية في مجملها.
•
المُحْكَمُ وَغَيْرُهُ فِي القُرْآنِ:
لقد جعل الإلزام بالأحكام الشرعية قاصرًا على آيات القرآن الكريم المحكمة والأحاديث المتواترة إذا كانت هي الأخرى قطعية الدلالة، وقطع أن ما عدا هذا مما يقال أنه من مصادر الشريعة الإسلامية هو من عند البشر.
وهذا المبحث من المباحث اللغوية فمن الألفاظ ما هو واضح في دلالته على المراد منه، مثل ألفاظ الأعداد فلا تحتمل إلا دلالة واحدة. فإذا كان النص لا يحتمل التأويل ولا يقبل حكمه النسخ سمي بالمحكم.
أما إذا كان يحتمل التأويل مثل لفظ «القَرْءِ» ، حيث يطلق على الطهر والحيض، ولفظ العين حيث يطلق على أداة الإبصار والتبر والجاسوس.
فمثل هذا اللفظ لا يدل على المراد منه بنفس الكلمة بل يفهم من دلالة خارجة.
إن هذ النص يدل على أكثر من معنى ولكن هذا لا يعني أن الحكم المستفاد منه قول بشري غير ملزم، حيث توجد قواعد لذلك نعرفها جميعًا ومنها:
1 -
أن الأصل في النص الظاهر أنه يدل على المراد منه بنفس صيغته من غير توقف على
أمر خارجي، ولكن المراد منه ليس هو المقصود من السياق، ومن ثم يحتمل التأويل من هذا الوجه كقول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
…
} (1).
فالظاهر هو إباحة زواج ما حل من النساء، ولكن هذا المعنى غير مقصود أصالة [من] سياق الآية ولكن المقصود أصالة هو الزواج بواحدة وإباحة تعدد الزوجات إلى أربع عند القدرة وتحقيق العدالة.
2 -
وقد يدل اللفظ على ما سيق له مما يزيده وضوحًا على الظاهر، مثل قول الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]. فالنص في اللغة هو توضيح الشيء وتبيينه، لهذا إذا تعارض الظاهر مع النص يقدم النص ويرجح على الظاهر، ومن ثم يرجح الخاص على العام عند التعارض، لأن الخاص هو المقصود أصالة بالحكم.
3 -
وقد يكون اللفظ مفسرًا وهو ما دل بنفسه على معناه المفصل بحيث لا يبقى معه احتمال، كقول الله في عقوبة القذف:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (2)، لهذا إذا تعارض النص مع المفسر يرجح المفسر.
4 -
ويكون اللفظ خفيًا أي تدل صفته على المراد منه بوضوح، ولكن في تطبيقه يوجد خفاء في بعض أفراده ويزول هذا الخفاء عن طريق المباحث اللغوية والقرائن، مثل لفظ «السَّارِقِ» فهو واضح الدلالة ولكن يعرض الخفاء لبعض من يشملهم هذا اللفظ مثل النشال الذي يسرق الجيوب خفية والنباش الذي يسق الكفن من القبر.
فتوصل العلماء بدخول النشال في عداد السارقين في حكم القرآن الكريم، لأن اسمه دل على نوع خاص من السرقة ولا يمنع فهو يسرق في غفلة من الأعين الساهرة، والآخر يسرق في غفلة من الأعين النائمة، أما النباش فلا يدخل في حد السرقة، لأنه يسرق ما ليس له صاحب.
5 -
والمجمل: لفظ لا يدل بصيغته على المراد منه ولا توجد قرائن تبينه، والسنة النبوية جاءت لتبين ذلك فلا يقال: إن الحكم المستخلص من هذا اللفظ من وضع البشر. فقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (3)، لفظ الصدقة فيه مجمل، ولكن دلت القرائن على أنه قد أريد به زكاة المال حسبما فصلتها السنة النبوية، فوجد العمل بذلك، ولا يقال إن هذا التفصيل حكم بشري غير ملزم. وكذلك قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
(1)[النساء: 3].
(2)
[النور: 4].
(3)
[التوبة: 103].