الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
إن هذه الأسباب وغيرها جعلت دعاة اليسار في مصر وبعض البلاد العربية يغيرون في مناهجهم العلمانية، ويجعلون الشريعة الإسلامية مصدرًا للتشريع (1)، كما أن مجلس التعاون الخليجي أصدر قرارًا بتعديل التشريعات، لتتفق مع الشريعة الإسلامية.
كل ذلك إشهار لإفلاس العلمانية العربية.
وأما تمسك الدكتور العمر بعبارة مصدر رئيسي، ورفضه عبارة المصدر الرئيسي، فإن كان الهدف منها إدخال مصادر أخرى تحلل الحرام وتخالف الإسلام، فذلك من التحاكم إلى الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به، أما إن كان الهدف الأخذ بتجارب الغير فيما لا يحرم أو يحلل من دون الله فذلك قد أمرنا اللهُ به.
وإن كان الهدف تجنب تسلط أنظمة لا يطمئن إليها وعدم تبصيره بحكم يحترم شعبه ودينه فذلك يحتاج إلى صياغة أوردتها في مقالي الأول.
ثَانِيًا: العَقْلُ بَيْنَ الخِلَافِ وَالاِحْتِكَامِ إِلَى السَّيْفِ:
يحاول الدكتور العمر أن يرد على قولي أنه جاء بشيء لم يجرؤ عليه أحد بين المسلمين، حيث يبتدع مقولة لم يقل بها مسلم، وهي أن أبناء المسلمين لا يسلمون برد الأمر إلى القرآن والسنة فيقول:
1 -
هل هناك اتفاق بين المسلمين على مرتكب الكبيرة، هل يظل مسلمًا أم يخرج من ملة الإسلام؟
2 -
هل تجوز الثورة على الحاكم، أو يصير المسلم على جور الحاكم وظلمه؟
3 -
هل حدثت الفتنة الكبرى منذ القدم أو اختلفت آراء المسلمين فظهرت فرق الخوارج والشيعة والمرجئة؟ لولا تباين في وجهة نظرهم حول الكتاب والسنة.
4 -
لماذا لا يلجأ المسلمون إلى الكتاب والسنة ليضعوا حدًا للنزاعات كمصيبة الحرب بين العراق وإيران؟
أَسْبَابُ الخِلَافِ:
ولعل الدكتور لا ينكر أن الخلاف بين المسلمين لم يكن حول الاحتكام إلى القرآن
(1) انظر قول زكي نجيب محمود في نهاية هذا المقال.
والسنة الثابتة عند كل منهم فهذا لا يقول به مسلم. بل كان الاختلاف حول دلالات الألفاظ في القرآن والسنة، وأيضًا كان بعضه بسبب ثبوت الحديث النبوي في الموضوع المختلف فيه، فمن ثبت عنده الحديث أخذ به ومن شك في رواته عمل بالقياس على الثابت في السنة، وعلى القرآن الكريم، والعمل بالقياس لا يعني الاختلاف حول القرآن والسنة.
وإذا كان الدكتور يظن أنه توصل إلى نظرية تحسم الخلاف وتؤدي إلى المحبة والوئام، وهي كما كرر في مقالات سابقة وفي مقالة بتاريخ 24/ 5 / 1984 اتخاذ العقل حَكَمًا فِي المُنَازَعَاتِ، وإبعاد الدين والفصل بين الدين والدولة. فإن أكثر أسباب الخلاف ترجع إلى العقل سواءً كان التشريع علمانيًا أم دينيًا، وذلك لاختلاف العقول في قوة الاستنباط، أو ضعفه، وإدراك دلالات الألفاظ أو الجهل بها، أو الغوص في أعماق المعاني.
فالتشريع الذي يحتكم إليه الناس سواءً كان لا دينيًا أو شرعيًا، ما هو إلا نصوص يفسرها العقل الذي يختلف حكمه للأسباب السابقة، وأيضًا لاختلاف البيئات والمؤثرات والمصالح، ولهذا اختلف فقهاء القانون في كل مجتمع.
وإذا كان الناس قد اختلفوا ويختلفون عند تفسير التشريع الذي يحتكمون إليه، فما بالنا لو طبقت نظرية العلمانيين وأبعدنا حكم الله واحتكم كل منا إلى ما يريد بعقله، إذًا لكثرت النظريات والتشريعات ولتقاتل أصحابها. إنها الطامة الكبرى والصراع الدائم والحروب التي لا نهاية لها، وما أمر المعسكر الشرقي بأجنحته، والمعسكر الغربي بأجنحته ببعيد عن أحد لهذا كانت رحمة الله بالناس، وتمثلت في قواعد تشريعية أهمها:
1 -
أن يكون التشريع من عند الله، لأن الاحتكام إلى عقول الناس يزيد من الخلافات، ولأن مجال عمل العقول فيما يخضع للتجارب، وعلاج الغرائز أمر لا يخضع للتجارب.