الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي مقال بتاريخ 28/ 4 / 1984 كتب الأستاذ الأديب / عبد الرزاق البصير أن وصف الدكتور أنه ليس صاحب فكر يعد من الشتائم، وأن الأقلام التي ردت عليه لم تلتزم الأصول العلمية للنقاش واتصفت بالتشنج.
ومع خلو مقالاتي من السباب ومن التشنج والتكفير بالرأي ومع التزامي الأصيل بغلق باب الجدل مع هذه الفلسفات، لأنها في الحقيقة تكرر الفكر العلماني الذي نشأ في أوروبا كرد فعل لصكوك الغفران والحرمان، ولمظالم رجال الدين والحكومة الدينية بمفهومها الكهنوتي الأوروبي.
إلا أنني سطرت إيضاحًا هذه تكملته، لأن ادعاء الرد على مقالي بعد شهر من نشره، ثم نقل عبارات منه وفصلها عن سياقها، ثم ترتيب نتائج على هذه العبارة، أمر لا يسيء إِلَيَّ فقط بل إلى المناهج العلمية كلها، وهذا ما فضلت الرد عليه بمقالي السابق، وحتى اليوم لم يحدد أحد ما هي الشتائم عندي وما هو التكفير أو التقول على الدكتور العمر أو غيره.
وفي سبيل غلق هذا الجدل مرة أخرى أحصر الخلاف في هذه القضية في الآتي:
أَوَّلاً: حَقِيقَةُ العِلْمَانِيَّةِ:
العلمانية تعني عدم المبالاة بالدين والاعتبارات الدينية كما جاء في " المورد ": ص 827 لكملة SECULARISM والعلمانية هي قواعد غير مرتبطة بالقواعد والأنظمة الرهبانية، ولا بالقواعد ذات العلاقة بالكنيسة أو الأنظمة الدينية (1).
1 -
فليس صحيحًا أن العلمانية تعني التقدم العلمي الصناعي، أو أن من تعريفاتها الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فالأنظمة التي تتبنى الشيوعية ولا تفصل بين هذه السلطات هي أنظمة علمانية، لأنها تتبنى قواعد غير دينية.
2 -
والذين ينكرون الأخذ بالعلمانية في المجتمع الإسلامي - أي الذي يتكون من أغلبية إسلامية - لا يريدون السعي إلى الاستبداد وعدم الفصل بين السلطات.
ولا ينكرون التقدم الصناعي والعمراني، بل يسعون إلى كل ذلك. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ» ، والله عز وجل يقول: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ
(1)) المرجع " قاموس أويستر ": ص 1044.
فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (1).
3 -
كما أنهم لا يردون أي فكر أو حضارة لا تحل الحرام أو تحرم الحلال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ [أَحَقُّ بِهَا]» .
4 -
لهذا فما زلت أقول إن من خلطوا بين الإسلام والحكومة الدينية، ومن ينادون بالعلمانية في المجتمعات الإسلامية ليسوا أصحاب هذا الفكر فهم مقلدون لأوروبا.
بل إن تقليدهم هو إشهار علني لإفلاس العلمانية العربية، لأن العلمانية الأوروبية كانت رد فعل لصكوك الغفران والحرمان ولمظالم الحكومة الدينية هناك، والذي تبنى حرق العلماء التجريبيين بتهمة ممارسة السحر الأسود، ومخالفة الإرادة الإلهية، وكل هذه الخرافات ليست في الإسلام، ولا يجوز لمسلم أن يقول بها، أو أن يدعي أنه يملك هذه الصكوك، وإلا تم الحجر عليه قانونًا وأودع إحدى المصحات.
5 -
وخير للعلمانيين العرب أن يكونوا مقلدين للعلمانية الأوروبية، لأن نسبة نشأة العلمانية إليهم يخالف الحقائق التاريخية ويجعل مناداتهم بالعلمانية في المجتمع الإسلامي أمر فيه تقول وافتراء على التشريع الإسلامي، وتكذيب للقرآن والسنة.
وخير لهم أن يكونوا مقلدين لآخرين من أن يكونوا مكذبين لله ولرسوله. ولهذا فوصفهم بأنهم ليسوا أصحاب فكر، أي الفكر العلماني كما هو واضح من سياق المقال المنشور في 18/ 4، أمر ليس من الشتائم وهو خير لهم من التكذيب والافتراء على الله ورسوله.
6 -
إن عبارات التكفير والسب والشتم والأوهام والسخط والنقولات، هي من الاتهامات التي ساقها ضدي الدكتور العمر، فكان لزامًا عليه أن يجدد هذه الاتهامات، وأين نشرت، ومن هو صاحبها؟ فمن المسلمات الأخلاقية ألا تنهى عن خلق ثم تأتي بمثله، فضلاً عن ذلك فإن كان الوصف بالتكفير قد ورد عن قول له أو لغيره فإن الفيصل في هذه المسألة لا يكون بأهواء من يكفر الغير، ولا بآراء من ينادي بعدم صلاحية الإسلام، بل برد الأمر المختلف فيه إلى نصوص القرآن والسنة، فهل دلت هذه النصوص على عدم كفر من أنكر أمرًا معلومًا من الدين، أو عدم كفر من أعلن خطأ القرآن والسنة؟ وذلك على الرغم من أن مقالي لم يحدد شخصًا بعينه وينسب إليه الكفر، أو غلى آخرين.
(1)[العنكبوت: 20].