الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من يدعي ذلك.
3 -
إنه لو صح ما يريد أن يجعله محل اجتهاد بالنسبة للأحاديث النبوية المنسوب إليها أنها ظنية الثبوت، لتحلل المسلمون جميعًا من أحكام العبادات والمعاملات، وأمكن أن يكون الإسلام ماركسيًا عند من يرغبون ذلك، ورأسماليًا عند الرأسماليين وأصبح الحلال والحرام بين الناس يجتهدون فيه وفق مصالحهم وأهوائهم وهذا لا يقول به أحد من المسلمين، حيث يوجد إجماع على أن أحاديث الآحاد يجب العمل بها ولا يحل مخالفتها.
4 -
إن أحاديث الآحاد قد قال جمع من الفقهاء إنها قطعية الثبوت، أو العلم بها يقيني كابن حزم الظاهري، وأبي يعلى الحنبلي وأبي إسحاق الشيرازي بل أكثرهم قال: إن أحاديث الآحاد إذا تلقتها الأمة بالقبول فقد أجمع المسلمون على تثبيتها، قال ذلك الإمام الشافعي في " الرسالة "، وكذا ابن الصلاح وابن كثير وابن تيمية وقال: هذا مذهب السلف عامة.
5 -
أما النصوص الظنية الدلالة وهي التي يحتمل النص فيها أكثر من معنى واحد، مثل «القَرْءِ» في قول الله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (1). فهذا اللفظ له معنيان، الطهر والحيض وهو وأمثاله مجال للاجتهاد فيه قائم، لأن الله ترك هذه الحرية للمسلمين في مثل هذه النصوص، وهذه لا تعني أبدًا عدم الالتزام بالتشريع في مجال الأحكام أو إخضاعه فالغالبية من أحكامه ليست ظنية الدلالة.
6 -
هذا ما قطع به الشيخ أن الذين يطالبون بحكم الإسلام يريدون الحكم لأنفسهم، أمر يدخل في النيات وهذه لا يعلمها إلا الله بحكم حديث النبي لأسامة:«هَلَاّ شَقَقْتَ عَلَى قَلْبِهِ» ، فضلاً عن أن الأحزاب كلها تتضمن برامجها الوصول للحكم وهي لا تحكم بالإسلام، ولم يعترض عليهم أحد ونبي الله يوسف قال:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55].
ومع هذا فإن المعلوم للجميع أن الجماعات الإسلامية بباكستان انسحبت من الحكم وأن " الإخوان المسلمين " في مصر سنة 1953 رفضوا الحكم لعلمانيته.
ثَالِثًا: حُكْمُ النِّقَابِ:
وقال الشيخ: «اتفق علماء المسلمين على الإطلاق أن المرأة يجب عليها أن تستر جسدها كله إلا وجهها وكفيها. ويوجد أقوال للتابعين أنه يجوز كشف ذراعيها وقد أخذت
(1)[البقرة: 228].
بهذا الرأي وأخذ بهذا الرأي صاحب الاختيار من أئمة المذهب الحنفي». وقال: «إن ذارع المرأة في غير الصلاة ليس بعورة» . ثم قال: «وتغطية الوجه بصورة النقاب فهذا ما لا يعرف له أصلاً في الإسلام .. إن هذا النقاب إذا اصطنعته امرأة على أنه ضرب من حرية الإنسان في اختيار الملابس التي يختارها وليس على أنه حكم شرعي فنحن لا ننازع في ذلك ولا نتدخل في حرية الإنسان في اتخاذ أي ملابس يلبسها» .
والجواب على ذلك هو:
1 -
إن القول بكشف الذراعين ليس منسوبًا للتابعين بل نقل ابن جرير الطبري: 18/ 84 ذلك عن النبي في أسلوب يضعف الحديث ونص الحديث: «" لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُخْرِجَ يَدَهَا إِلَاّ إِلَى هَاهُنَا "وَقَبَضَ نِصْفَ الذِّرَاعِ» . وهذا من رواية قتادة وهي رواية سندها منكر (" حجاب المرأة " للألباني). وبالتالي فلا تعتبر سندًا في الحكم ولا عبرة لنقل هذا عن بعض التابعين أو من جاء بعدهم لبطلان الحكم تبعًا لبطلان السند.
2 -
أما تحديد (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) بنص شرعي فقد ورد قول النبي لعائشة: «" إِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ المُسْلِمَةِ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا إِلَاّ هَذَا وَهَذَا " وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ» .
أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ": 5/ 137 برواية الطبراني في " الكبير " و " الأوسط ".
3 -
قول الشيخ سعد: إن النقاب بدعة ولم يؤثر عن الصحابة وما ارتدته من باب الحرية (الموضة) يكون مقبولاً، أما من باب الحكم الشرعي فلا.
هذا القول يخالف ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسيرهم لقول الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]. منهم من قال: إن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان. قال الطبري: «هُوَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ» . والحديث السابق حجة في هذا.
ولكن من الصحابة عبد الله بن مسعود قال: هي الرداء والثياب على ما كان عند نساء العرب من القناع فما يبدو من أسفل الثياب فلا حرج منه.
ومن الفقهاء من استدل بقول الله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (1). ولكن هذا الحكم خاص بزوجات النبي كما هو ظاهر من الآيات السابقة واللاحقة لهذا النص، وأيضًا لحديث عائشة بالعفو عن الوجه والكفين ومع هذا فإن من قالوا بالنقاب ليسوا مبتدعين، ولا يجوز أن نرميهم بالابتداع في الدين ولا أن يقال إن
(1)[الأحزاب: 53].