الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صداقها حديقة -.
وقد يحلو للبعض - ممن يحسون إحساسًا عميقًا بالشعور بالنقص - أن ينادى بالمساوة التامة بين الرجل والمرأة، ومن ثم إعطائها حق الطلاق بإرادتها المنفردة من غير أن تلجأ إلى القضاء ودون أن ترد الصداق.
ولم نجد جهلاً أكثر من هذا، ذلك أنه لا مساواة إلا بين متكافئين، ولا تعادل بين الرجل والمرأة فهي أكثر منه عاطفة، ومن هنا اختصت هي بالنسل والرضاعة ولم يختص الرجل بذلك، كما أن عليه وحده النفقة والصداق.
ولا تستطيع أي قوة في عالم الجنسين أن تغير من هذه الطبيعة والخلقة، فقد أودع اللهُ في الرجل خصالاً وطبائع تخالف طبائع المرأة وغرائزها، وجعل لكل منهما وظيفته في المجتمع، ومن ثم جعل قيادة الأسرة بيد الرجل، وجعل له حق فصم هذا الرباط بعد إجراءات هي قيود على هذا الحق، كما هو مبين فيما بعد.
وإعطاء الزوجة حق الطلاق ييسر هدم بيت الزوجية لأقل الأسباب، كما أنه يرتب على الزوج تبعات مالية لا تجوز إلا بموافقته، وحتى لو فوض زوجته في ذلك فهذا تفويض باطل في نظرنا، لأن مبدأ القوامة للرجل من النظام العام في الشريعة الإسلامية ولا يجوز الاتفاق على مخالفته لصريح ألفاظ القرآن الكريم، ولا اجتهاد مع النص - {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34].
وعدم صلاحية إسناد العصمة للمرأة لا ضرر فيه عليها لأن الإسلام كفل لها حق الطلاق عند الضرر كما أوضحناه (" الوعي الإسلامي ": العدد 159/ 1398 هـ).
الطَّلَاقُ وَمَسْؤُولِيَّةِ القُضَاةِ:
كتب فيصل السعد:
«ترددت كثيرًا في مواجهة الأستاذ (سالم البهنساوي) لأنني أعتقد أنه نشر كل ما عنده عن قانون الأحوال الشخصية، إذ نشرت له الصحف عشر مقالات في هذا الموضوع، كما ساهم في بعض برامج التلفزيون شارحًا وجهة نظره، وأجرت بعض المجلات الأسبوعية مقابلات صحفية معه في هذا الشأن، ولكني مع هذا توجهت إليه لا لأنه مارس المحاماة منذ ما يقرب من عشرين عامًا، ولا لأنه خبير اجتماعي أو كان مديرًا
للتأمينات الاجتماعية في محافظات الشرقية والمنوفية والمنصورة ودمياط بجمهورية مصر العربية، وأخيرًا لم أواجهه بصفته المستشار القانوني لإدراة الأيتام ولديه العديد من المشكلات والحلول.
بل واجهته لأنه عارض تقييد الطلاق بالندوة التي ناقشت مشروع قانون الأحوال الشخصية، ورفض أن يكون الطلاق بيد القاضي، ومع هذا اختير عضوًا بلجنة الصياغة.
توجهت إليه بهذه الأسئلة:
س: لقد عارضت جعل الطلاق بيد القاضي وعارضت تقييد الطلاق، فهل غيرت رأيك بعد أن شرعت سيدة في الانتحار إذا لم تطلق؟».
ج: ليس صحيحًا أنني عارضت قيود الطلاق بل عارضت أن توضع أسباب محددة لا يتم الطلاق إلا بمقتضاها، وعارضت أن يكون الطلاق بيد القاضي وحده لأسباب كثيرة أوضحناها في مقالات عديدة، ولكني أوجزها بما لا يعد تكرارًا. فالحياة الزوجية إذا أصبحت جحيمًا فلا يجوز إجبار الزوجين على حياة العداوة والبغضاء. وبالتالي فوضع أسباب محددة، لا يتم الطلاق إلا من خلالها، من شأنه أن يحرض أحد الزوجين أو كلاهما على اختلاق أحد هذه الأسباب إذا أراد الطلاق، كما يفعل الأوروبيون حاليًا، فالطريقة السهلة للحصول على الطلاق عندهم، هو أن يصطحب الزوج امرأة شابة إلى الفندق، ثم تطلب الزوجة الشرطة في وقت متفق عليه، بحيث يمكن ضبط الزوج متلبسًا بحالة معينة يمكن وصفها بأنها خيانة زوجية.
وإذا لم تقبل أخلاق الزوجة أو الزوج لمثل هذه الوسائل للحصول على الطلاق، فالنتيجة أن يظلا يقتتلان بسلاح العداوة والبغضاء إلى أن يموت أحدهما أو تتغير الظروف أو يقتل أحدهما الآخر.
وسبب رئيسي آخر يخص المرأة التي تظن أن جعل الطلاق بيد القاضي من مصلحتها، هذا السبب هو أنه إذا رفض القاضي الطلاق، أو طلق الزوج عن غير طريق المحكمة فالزوجة هي المضارة، لأن الزوج يستطيع أن يهجر البيت ويستعيض عنها بأخرى في صورة زواج لمن التزم بالأخلاق، أو يستعيض عنها بأخريات في صورة خليلات لمن كانت الأخلاق عنده غير ثابتة ونسبية.
أما الزوجة، فتظل هي المجني عليها، فإما أن تصبر على هذا الظلم، أو أن تحاول
الحصول على الطلاق ولو بالتهديد بالانتحار لمن استطاعت ذلك.
ولهذا أو لغيره جعل الله الطلاق حَقًّا لكل من الزوج والزوجة، وليس صحيحًا أن الإسلام يمنع الزوجة من حق الطلاق إلا لأسباب على سبيل الحصر، بل الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم في عدة قضايا بما يعطي الزوجة الحق في فسخ الزواج لغير ما سبب ظاهر، ومن هذا قضية ثابت بن قيس إذ رفعت زوجته أمرها إلى النبي وأفصحت عن عدم حبها له إذ قالت:«مَا [أَعْتِبُ] عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ» .أي لا تحب الزوج ولا تريد أن تكون منافقة وهي مسلمة، أو أن تخل بحقوق الزوجية وهي مسلمة فلم يسألها النبي عن السبب، بل استشارها هل تستطيع أن ترد الصداق لأنها الكارهة فقالت: نعم. فأمر النبي الزوج أن يقبل الصداق ويطلقها والمذهب الذي لا يأخذ بذلك يرد حكمه فلا اجتهاد مع النص.
س: لكن الزوج حاليًا يسيء استخدام الطلاق فلماذا ترفض القيود على حق الزوج في الطلاق؟
ج: إنني لم أرفض البحث عن علاج مشروع لمسألة سوء استخدام حق الطلاق، بل عارضت فقط أن يكون القيد أو العلاج هو جعل الطلاق بيد القاضي للسبب السابق ذكره.
أما قيود الطلاق أو علاج سوء استخدام الرجل لهذا الحق، فقد أورده النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك:
1 -
أنه منع الطلاق عند شدة الغضب.
2 -
ومنع الطلاق خلال مدة الحيض.
3 -
ومنع الطلاق خلال مدة الطهر المصحوب باتصال.
4 -
ومنع الطلاق في حالة التأثر بالمسكرات.
ففي هذه الحالات الغالب أن الطلاق جاء وليد ظروف طارئة ولهذا منعه الإسلام، فإذا أصر الزوج على الطلاق وانتظر حتى زالت الأسباب التي منعها الشرع من الطلاق عند وجودها، فلا جدوى من إكراهه على الحياة الزوجية التي أصيبت بالشلل، بل يضع له الإسلام علاجًا آخر من ذلك:
1 -
أمر بإقامة المطلقة في بيت الزوجية خلال مدة العدة ليفتح الباب لإلغاء أثر
الطلاق.
2 -
جعل المطلقة في حكم الزوجة خلال فترة العدة وأباح معاملتها كزوجة ليسهل إلغاء أثر الطلاق بأي قول أو فعل من أحد الزوجين.
3 -
جعل للمطلقة تعويضًا ورد ذلك في قول الله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (1). وهذا في الحالات التي يكون فيها الطلاق من جهة الزوج. وبهذا وغيره يفتح الباب لإلغاء أثر الطلاق. وإذا لم تستقم الحياة الزوجية، وأصر أحد الزوجين على الفراق، فالمجتمع الإسلامي يكفل المطلقة بل ويضمن لها حياة كريمة. أما إذا لم يراع الزوج هذه القيود وأساء استخدام الطلاق، فالإسلام يخول الحاكم حق وضع عقوبات مالية وبدنية في مثل هذه الحالات.
س: فلماذا إذن لم يطبق القضاة هذه المبادئ السامية ولماذا لجأت هذه السيدة إلى الانتحار وما علاج سوء التطبيق؟
ج: أرجو أن يوجه هذا السؤال إلى القضاة وبعدها أستبيح لنفسي أن أناقشهم وألقي المسؤولية على من التزم بحرفية بعض الأقوال أو النصوص التي للفهم فيها مجال.
وأرجو أن يوجه هذا السؤال إلى كل مختص ومسؤول بأجهزة الإعلام المختلفة، إذ من الواجب أن تعالج هذه الأجهزة المشاكل الاجتماعية علاجًا لا يقتصر على الموعظة العنكبوتية، بل يمتد إلى السينما والمسرح والمدرسة ويدخل البيت من خلال ما يعرض ويذاع، وأرجو أن يوجه السؤال إلى المتصديات لقضية المرأة، إذ يجب أن تحدد المفاهيم أولاً، قبل أن نقلد الغرب أو الشرق، رغم أن الواضح أن النشاط النسائي بالكويت لم يساير غيره في الدول العربية من حيث الطعن السافر على قوانين الأحوال الشخصية. أما مسألة علاج سوء التطبيق فالتربية والتوجيه العام هما الوقاية، ولا يمنع هذا من وضع عقوبات مختلفة لعلاج الحالات الشاذة، أما موقف هذه المرأة فهي تتبع مذهبًا آخر!.
س: لماذا أباح الله للزوج ضرب زوجته إذن؟
ج: لقد فهم البعض هذه المسألة على غير طبيعتها في الإسلام فقول الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} (2).
(1)[البقرة: 241].
(2)
[النساء: 34].