الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«إن روح الشريعة الإسلامية تأبى الجمود
…
ولكن المسلمين عندما نسوا هذه القاعدة وأرادوا أحكامًا ثابتة، وقبلوا أن يتقيدوا بها دون تعديل أو تبديل، حتى لو تطورت الأمم والعلوم، كان متحتمًا عليهم الوقوف عن ركب الحضارة».
إن ما كتبه هذا المحامي ودعا إليه تحت أروقة مكتبة الكونغرس وجامعة برنستون، هو نفس ما كتبه ودعا إليه (جيب) و (كرومر) و (جولدتسير).
ثم يأتي (فون جرونباوم)(*) لتنشر له الجامعة المذكورة في نفس الكتاب خطته وقومه فيقول: «فالتردد بل التأخير المتعمد في الأخذ بقيم الغرب، حيلة من حيل العقل الباطن، بالاحتفاظ بالذات الذي لا يصبح نبذة، قبل أن يجري نوع من التوفيق، المقنع بين القيم الجديدة والآمال القديمة» . وقيم الغرب منها إباحة الفواحش والشذوذ.
مَاذَا يُرِيدُ المَارْكْسِيُونَ
؟:
هذا ما يهدف إليه الغرب من تطوير الإسلام، فماذا يريد البلاشفة؟
لقد دعت " الأهرام " المفكر الماركسي (روجيه غارودي) لإلقاء محاضرات بمصر، موضوعها " الإسلام والماركسية "! وكان ذلك خلال المدة من 25 إلى 29 نوفمبر 1969، وفي إحداها قال:«إِنَّ الإِسْلَامَ يَدْعُو إِلَى العَدْلِ وَالمَارْكْسِيَّةِ تُحَقِّقُ العَدْلَ، فَالمُؤْمِنُ عِنْدَمَا [يُطَبِّقُ] المَارْكْسِيَّةَ إِنَّمَا يُطَبِّقُ الإِسْلَامَ» (**).
إن المفهوم الماركسي والتطوير الأحمر للإسلام، حتى لا يظل جامدًا، هو أن الإسلام مجرد دعوة إلى العدل لا يصاحبها أي تطبيق، بينما الماركسية تطبق العدل، فمن طبق الماركسية فهو المسلم الحق!!! (يلاحظ أنه أسلم حديثًا وتاب عن هذا).
تَطْوِيرُ القِيَمِ وَأَثَرُهُ:
لقد ظن المؤتمرون أن ما قاله المستشرقون والمبشرون بشأن تطوير الإسلام، ظنوا أنه العلاج لمشاكل الأمة فقالوا في بيانهم: «وإذا كان أعضاء الندوة يؤكدون على أهمية تطوير القيم وأنماط السلوك الإيجابية والمؤثرة في صنع التقدم المرتكز على التخطيط العلمي ومستلزماته وعلى المصالح الحقيقية للجماهير، فإنهم يشددون في الوقت نفسه على ضرورة الفهم المتعاطف للقيم والمواصفات المحفزة للثقافات الشعبية وعلى التفاعل مع هذه الثقافات
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) غ. فون جرونباوم. G. von Grunebaum من أصل ألماني، يهودي انتدب إلى أمريكا للتدريس بجامعاتها وكان أستاذًا بجامعة شيكاغو، من ألد أعداء الإسلام. في جميع كتاباته تخبط واعتداء على القيم الإسلامية والمسلمين، كثير الكتابة وله معجبون من المستشرقين. ومن كتبه:" إسلام العصور الوسطى " صدر في عام 1946م؛ " الأعياد المحمدية " صدر في عام 1951م؛ " محاولات في شرح الإسلام المعاصر " صدر في عام 1947م؛ " دراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية " صدر في عام 1954م؛ " الإسلام " مجموعة من المقالات المتفرقة، صدر في عام 1957م؛ " الوحدة والتنوع في الحضارة الإسلامية "، صدر عام 1955م.
انظر: " الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم "، الدكتور مصطفى السباعي، ص 42، دار الوراق للنشر والتوزيع - المكتب الإسلامي - بيروت.
(**) انظر قول (غارودي - جارودي) هذا في: ص 18 و 33 من هذا الكتاب.
تأثرًا وتأثيرًا».
ولا شك أن هؤلاء المؤتمرون يعلمون أن اليهود هم الذين دفعوا بعض الفلاسفة من أتباعهم، لينشروا نظرية نسبية القيم وغيرها من النظريات التي تسبب الخلافات وتشتت جهود الأمم، فظهرت نظريات (داروين) و (دوركايم) و (فرويد) واتبعها من اتبعها منا ظَنًّا أنها نظريات علمية، والعلم منها براء.
فالقيم الدينية سواء في الإسلام أو غيره من الأديان السماوية، لا يمكن أن تختلف باختلاف الزمان والمكان، فما كان الكذب رذيلة في عصر نوح ثم أصبح فضيلة في عصر (ميكيافيلي)!.
والسرقة لم تكن ولن تكون فضيلة! والفحش والدنس والانحراف الجنسي لم يكن مذمومًا ثم أضحى محمودًا!.
إن الأديان تضع المناهج للنفس الإنسانية، وهذه النفس لم تتغير منذ الخليقة، فالذي يتغير هو وسائل حياة الإنسان ومعايشه، وهذه تركها الإسلام للناس ينظمونها حسب علومهم وتجربتهم، فروى " مسلم " عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ» .
إن القول بأن القيم تتغير أو تتطور مع الزمن، يؤدي إلى أن يرتبط الدين بسدنة وكبراء كل عصر حتى تكون بقية الشعوب عبيدًا لهم ويتبعونهم ويقلدونهم.
لقد جاءت الأديان لتحطم هذا المعتقد وهذا السلوك وتحرر الناس من هذه التبعية.
وقد وصف الله تبرؤ الجماهير من هؤلاء القادة، فقال تعالى حاكيًا على لسانهم:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (1).
إن المناداة بتطوير القيم الإسلامية هدف من أهداف أعداء الإسلام، لتكون تبعًا لهم في السلوك والأخلاق والتقاليد، كما صرحوا في كتبهم، وهذا من شأنه أن نظل مستضعفين مهزومين في كل شيء. فهل أراد المؤتمرون ذلك؟.
ثم إن القول بتطوير القيم الإسلامية يؤدي إلى أن يكون هناك إسلام ماركسي وإسلام رأسمالي، وأن يكون لدعاة الجنس إسلام، وللمصريين إسلام وللعراق غيره وهكذا. فهل
(1)[الأحزاب: 67، 68].
أراد المؤتمرون ذلك.
لقد أفصح أعداء الإسلام عن أهدافهم في إصرارهم على تطوير الإسلام، ونذكر المؤتمرين بقول (كرومر) البريطاني في مصر:«فإذا أمكن للمبادئ الإسلامية أن تتطور مع الزمن المتطور .. عند ذلك سوف يتحرر ملايين البشر من هذه العقائد» .
فهل يدرك المؤتمرون ذلك؟ ثم ماذا بعد الحق إلا الضلال (1).
(1) نشرت في " الوطن " يوم 12/ 4 / 1974 وهو اليوم التالي للبيان الختامي.