الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَبِيعَةُ الحُكْمِ الإِسْلَامِيِّ:
الإسلام يجعل التشريع من عند الله وهو تشريع قد اكتمل في القرآن والسنة النبوية فلا يملك حاكم أو محكوم أن يضع تشريعًا يخالفها.
والحاكم يختاره الشعب ومهمته تنفيذ شرع الله، وهو التشريع سالف الذكر، فالحاكم ليست له حقوق وسلطات الحاكم في النظام الديمقراطي، فلا يوجد في النظام الإسلامي ما عرف باسم سلطات رئيس الدولة بل يوجد واجبات الخليفة.
وطاعة الحاكم في الإسلام مقيدة ومشروطة بالتزامه بالقرآن والسنة، للحديث النبوي:«لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» . قال الماوردي: «فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ [فَهِيَ العَدَالَةُ] التِي تَجُوزُ بِهَا شَهَادَتُهُ، وَتَصِحُّ مَعَهَا وِلَايَتُهُ، وَإِنْ انْخَرَمَ مِنْهَا وَصْفٌ مُنِعَ مِنَ الشَّهَادَةِ وَالوِلَايَةِ، فَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ قَوْلٌ وَلَمْ يَنْفُذْ لَهُ حُكْمٌ» .
وقال الإمام ابن حزم الأندلسي: «فَإِذَا زَاغَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا، مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَأقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ وَالحَقُّ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ أَذَاهُ إِلَّا بِخَلْعِهِ، خُلِعَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ» . والحكم الإسلامي من أهم خصائصه أن يكفل الحريات العامة للإنسان، وأهمها الحرية الشخصية وحرية التنقل وحق الأمن وحق السكن وحرمته، وحرية العقيدة والفكر وحرية التملك وحرية العمل.
إن هذه الطاعة للحاكم هي في حقيقتها طاعة للهِ الذي أمرنا باتباع هذا التشريع وطاعة من التزم به: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (1)
…
(2).
حِوَارٌ حَوْلَ المَفْهُومِ الإِسْلَامِيِّ لِحَاكِمِيَّةِ اللَّهِ:
لَيْسَ صَحِيحًا أَنَّ الحَاكِمِيَّةَ حُكُومَةَ كَهَنُوتٍ:
في يوم الجمعة الماضي نشر بالصحيفة شعار الحاكمية لله، أن السلطان السياسي في المجتمع الإسلامي ليس حَقًّا من حقوق الأمة، فالبشر ليسوا هم الحكام في مجتمعاتهم، وإنما الحاكم في هذه
(1)[النساء: 80].
(2)
" الوطن " 3/ 1 / 1986، وفصل ذلك في كتاب " الغزو الفكري للتاريخ والسيرة " للمؤلف.
المجتمعات هو الله سبحانه وتعالى، أي أن الأمة هي مصدر السلطات كما تعارفت على ذلك الدساتير والأنظمة والنظريات التي تسود أغلب أنحاء الدنيا في العصر الذي نعيش فيه.
وللوهلة الأولى تبدو هذه الدعوى ذات سلطان ديني يصادر تفكير الذين يختلفون مع أصحابها حول هذا الموضوع، فمن ذا الذي ينكر حكم الله؟ ومن ذا الذي يجادل ويماري في انتفاء سلطات الأمة أمام سلطان المولى سبحانه وتعالى؟.
هذا النفر من العاملين والمشتغلين بالدراسات الإسلامية السياسية عندما يقررون أن نظرية الإسلام السياسية تختلف جوهريًا مع الديمقراطية السياسية لأن الديمقراطية هي حكم الشعب والأمة والسلطة فيها للشعب، على حين أن السلطة في الإسلام كما يقولون هي لله سبحانه وتعالى إذ هو الحاكم والحاكمية له ولا حاكم إلا الله.
وهم بقولهم هذا يجعلون صاحب السلطة السياسية في النظام الإسلامي الحاكم وكيلاً عن الله سَوَاءً صَرَّحُوا بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يُصَرِّحُوا، لأن الحاكم هو في النهاية منفذ شريعة ومطبق قانون، وهو في عمله هذا إنما ينوب عن صاحب السلطة الأصلي في المجتمع، فإذا قلنا أن السلطة لله كانت دينًا ووحيًا ومن ثم كانت سلطة دينية وكان متوليها حاكمًا بالحق الإلهي ونائبًا عن الله وخليفة له وظلاً.
أما إذا قلنا كما هو الحال في الفكر الديمقراطي، بأن صاحب السلطة الأصلي هو الشعب كان متوليها نائبًا عن الأمة ووكيلاً عنها أو شبه وكيل، وكان مسؤولاً أمام الأمة التي لها الحق في محاسبته ومراقبته وعزله إن هو أخل بشروط عقد البيعة والتفويض والاختيار، «على حين أن السلطة التي يزعم أربابها أن الحاكم في السياسة والاقتصاد هو الله، وتحدد بأنها تحكم باسم الله ونيابة عنه لا عن الناس» .