الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«يشاع أن في اليمن الديمقراطية الإلحاد سائد، والقضية ليست إلحادًا بل هي الإجراءات التي تتخذها السلطة لإسعاد الشعب، وإذا كانت القضية إلحادًا فجمال عبد الناصر مثلاً هو الملحد الأول» ، «كل ما في الموضوع أن النظام يحاول علمنة هذه البرامج، وهو يعرف أن هذا الأساس الأيديولوجي العريض والمنغرس في عروق الجماهير لا يمكن إلغاؤه وشطبه بقانون، ولا حتى مواجهته والتصدي له بشكل مباشر» ، لهذا فالوسائل هي «العمل يوميًا على تنوير الشعب، ونسف كل أشكال العلاقات السابقة، ونسف الأساس الأيديولوجي الغيبي» (1) أي نسف الدين بالتدريج.
والوسائل أيضًا هي اتساع دائرة المثقفين الثوريين، وهم الذين فشلوا في الحصول على الإعدادية أو الثانوية، حيث يبعثون إلى موسكو على نفقة الاتحاد السوفياتي، لتتلقفهم جامعة الصداقة، أو جامعة لومومبا، ليعود حاملاً شهادة جامعية أو دكتوراه في الفلسفة، وهم لم يشموا رائحة العلوم الفلسفية بل تشربوا الفلسفة الشيوعية. والمثال الحي لذلك هو عبد الله باذيب، وزير التربية والتعليم في عدن، فقد فشل في المدرسة الثانوية فبعث الرسائل إلى موسكو، ثم انتهى الأمر إلى أن يصبح زعيمًا ثم وزيرًا للتربية والتعليم، وأصبح سمسارًا لهاتين الجامعتين وأصبح من أصحاب الأموال (2).
الطَّلِيعَةُ وَاليَمَنُ الشَّمَالِيُّ:
وفيما يتعلق باليمن الشمالي، نشرت مجلة " الطليعة " المصرية يوم 1/ 1 / 1971، تحليلاً للدكتور (محمد علي الشهاوي) جاء به: أنه ابتداءً من أغسطس 1955 سمح جمال عبد الناصر بإصدار نشرة باسم جريدة " صوت اليمن "، يرأسها الزبيري، ثم بعد ذلك أوقفها كما أوقف الأحاديث الموجهة ضد الإمام أحمد من إذاعة صوت العرب، ودعا كل من الملك سعود والإمام أحمد إلى ميثاق وحدة بينهم، الذي أبرم في 26/ 4 / 1956، ثم في 8/ 3 / 1958 أعلن عبد الناصر عن قيام اتحاد الدول العربية الذي انضمت فيه اليمن إلى الوحدة المصرية السورية، وهي وحدة صورية، فلم يجتمع المجلس الأعلى للاتحاد مرة واحدة.
وبعد قرارات يوليو 1961 هاجم الإمام أحمد هذه الوحدة في قصيدة كانت
(1) تحقيق سميح سمارة، نشر في " السياسة " يوم 4/ 10 / 1972.
(2)
" نداء الجنوب " في 2/ 6 / 1392.
ممنوعة بمصر، مطلعها:
هَيَّا بِنَا إِلَى وَحْدَةٍ مَبْنِيَّهْ
…
عَلَى أُصُولٍ بَيْنَنَا مَرْضِيَّهْ
قَانُونُهَا شَرِيعَةُ الإِسْلَامِ
…
قُدْسِيَّةُ الأَوْصَافِ وَالأَحْكَامِ
لَيْسَ فِيهَا شَائِبَةُ مِنَ البِدَعْ
…
تُجِيزُ مَا الإِسْلَامُ عَنْهُ قَدْ مَنَعْ
مِنْ أَخْذِ مَا لِلْنَّاسِ مِنْ أَمْوَالِ
…
وَمَا كَسَبُوا مِنَ الحَلَالِ
بِحُجَّةِ التَّأْمِيمِ وَالمُعَادَلَهْ
…
بَيْنَ ذَوِي المَالِ وَمَنْ لَا مَالَ لَهْ
لأَنَّ هَذَا مَا لَهُ دَلِيلُ
…
فِي الدِّينِ أَوْ تُجِيزُهُ العُقُولُ
لهذا أعلنت القاهرة في 26/ 12 / 1961 إلغاء الاتحاد مع المملكة المتوكلية اليمنية، بعلة أن شعب اليمن لم يستفد من هذه التجربة حسبما نشرته " الأهرام " يوم 27/ 12 / 1961، ومن هنا فتحت الحرب الكلامية على الإمامية، بإشارة من الأستاذ هيكل في " الأهرام "، يوم 29/ 12 / 1961. والجدير بالذكر أنه بعد هذه القصيدة أعلن عبد الناصر في الإذاعة يوم 16/ 10 / 1961 ما نصه:
ومن هذا التاريخ بدأ عبد الرحمن البيضاني يذيع من صوت العرب ضد الإمام، وينشر في " روز اليوسف "، أما الزبيري والنعمان فأعلنا معارضتهما لتدخل مصر في شؤون اليمن الداخلية، فهذه سُبة في جبين الشعب اليمني إلى الأبد، فاتهمت مصر الزبيري أنه يعكس مصالح الجناح القبلي الإقطاعي المعارض للإمام أحمد، أما النعمان فقالت إنه يعبر عن مصالح الفئة الكومبرادورية (*) الهزيلة.
وعندما قام السلال بانقلابه ضد الإمام أحمد، قال عبد الناصر:«إن هذا الانتصار لكم وللثورة في اليمن، وهذا خطر على الاستعمار وإسرائيل وعلى مصالحهم، وفيه قضاء على مطامعهم، ولكننا سنصمد لكل التحديات» . ويستكمل الدكتور الشهاوي تحليله في " الطليعة "، بقوله: «ثم أعلن عبد الناصر سياسة النفس الطويل في اليمن، أي الانكماش، وهكذا ذهب الجيش المصري إلى اليمن في الربع الثاني من القرن التاسع عشر تحت علم محمد علي باشا الكبير، مما جعل الاستعمار البريطاني يحتل عدن سنة 1839، ثم عاد الجيش المصري إلى اليمن تحت علم الثورة الوطنية، ثم انسحب منها بعد سياسة النفس الطويل.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) كلمة الكومبرادورية، أصلها من اللغة البرتغالية (comprador) ، وكانت تطلق في الأصل على المواطن الصيني الذي يعمل وسيطًا أو وكيلاً في خدمة المستعمر الأوروبي، ثم أصبحت هذه الكلمة تطلق - في بلدان العالم الثالث - على المديرين المحليين والوكلاء التجاريين للشركات الأوروبية. وقد استخدم الحزب الشيوعي الصيني أثناء الثورة وبعدها بقيادة (ماوتسي تونج) مفهوم (الكومبرادوري) لفضح العملاء والوسطاء الصينيين المتعاونين مع الاستعمار.
انظر أيضًا: " موسوعة المصطلحات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية "، هاشم حسين ناصر المحنك.