الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركود، وذلك تمهيدًا لمرحلة الاستهلاك.
• المرحلة الخامسة: مرحلة الاستهلاك الجماهيري: وفيها تتحول القطاعات الاقتصادية الرئيسة إلى إنتاج السلع الاستهلاكية المعمرة، وهذه المرحلة هي أطول المراحل.
وفي هذه المرحلة يصبح في متناول المواطنين جميع السلع الاستهلاكية الضرورية، والعديد من السلع الكمالية، بل يبشر أن يتحقق للمواطن الرفاهية الاجتماعية، حتى تضمن له مستوى عال من التعليم والخدمات الصحية والترفيهية، وتتحول النسبة الكبرى من الأيدي العاملة إلى قطاع الخدمات الحكومية والخاصة (1).
وبتطبيق هذه النظرية على مصر، نجد أن عهد جمال عبد الناصر، قد قام بدور المرحلة الثانية والثالثة، بينما قام السادات بدور المرحلتين الرابعة والخامسة وهما النضوج، ثم الاستهلاك الجماهيري.
دَوْرُ الحِزْبِ الشُّيُوعِيِّ المِصْرِيِّ:
لقد استخدم جمال عبد الناصر، الحزب الشيوعي المصري (حدتو) في هذه المرحلة، وأبرم معهم اتفاقًا وقعه خمسون من قياداتهم. تضمن أن يكفل لهم حرية العمل على نشر مذهبهم، مقابل مساندة النظام واعتبارهم جزءًا منه، وذلك طبقًا للشروط التالية:
1 -
أن يكون جمال عبد الناصر هو رمز الكفاح وليس (لينين).
2 -
أن تكون مصر هي الأم وليس موسكو.
3 -
أن يحل حزب (حدتو) نفسه، ويندمج في الاتحاد الاشتراكي، ويعمل من خلاله بصورة علنية.
4 -
أن يتم القضاء على الخلايا السرية وتصبح جزءًا من أجهزة الاتحاد الاشتراكي.
5 -
أن يتم الإفراج عن المعتقلين والمسجونين من الشيوعيين، وتسند إليهم أدوار هامة في الإعلام وغيره من أجهزة الدولة، وأن يتم تعويضهم ماديًا عن فترة السجن.
والجدير بالذكر أن جريدة " الأهرام " قد نشرت في الصفحة الأولى في آخر مارس 1965، أن الحزب الشيوعي المصري قد حل نفسه، وذلك ليعمل من خلال قنوات الشرعية وهي الاتحاد الاشتراكي، وأنه لأول مرة في العالم يقوم حزب شيوعي بحل نفسه.
(1) المرجع السابق: ص 124.
هذا وقد تخوف بعض قادة هذا الحزب من عدم تمكينهم من صباغة الشعب المصري، في القالب الذي تقبله روسيا، لأن بعض هذه الشروط تعد خيانة لمبادئ (لينين) وهذه المخاوف قد ترجمها الأستاذ (غالي شكري) في كتابه " الأرشيف السري للثقافة المصرية " والذي نشرته دار الطليعة بيروت في مايو 1975.
ويعلق الكاتب على ذلك بقوله: «إن قرار الانفتاح على اليسار علوي، وقنوات التنفيذ مسدودة، حيث كانت مجلة " الرسالة " تنشر مقالات للمحقق اللغوي (محمود شاكر)، يرد فيها على سلسلة مقالات الدكتور (لويس عوض) في " الأهرام ".
فاستخدم (محمود شاكر) معاجم الاتهام بالشعوبية، ومعاداة الإسلام، وتحولت " الرسالة " إلى ما يشبه جريدة " الدعوة " التي كان يصدرها الإخوان المسلمون - قبل حلهم -، إلى ما يشبه المنشورات الداعية إلى قلب نظام الحكم، وراح الشيخ (محمد الغزالي) يخطب في المساجد ضد (صلاح جاهين)(*)، الذي كان متحمسًا لعلمنة الأزهر، وتطوير قانون الأحوال الشخصية، وفي هذا المناخ وبالضبط سنة 1965 قامت المنظمات الشيوعية بحل نفسها. وكان الأمر فيما يبدو فوق السطح مزيدًا من الالتفاف حول قيادة عبد الناصر، لتوحيد الجهد والإسراع في طريق التحول السلمي نحو الاشتراكية، ولكن تحت السطح كان اليمين المتطرف بجمع صفوفه، وينظم تشكيلاته، ويستعد لوثبة مسلحة ضد اليسار والنظام، وحين أسفرت الفتنة عن وجهها المسلح تصدت لها أجهزة الأمن بالسجون والمعتقلات والمشانق واكتفى الرئيس عبد الناصر بإهداء وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى إلى الدكتور (لويس عوض)، واكتفى (شعراوي جمعة) بأن يكون أول عمل له في الداخلية سنة 1966 هو القبض على جيلين من مثقفي اليسار. وحين دخلت معتقل طرة في التاسع من أكتوبر وجدت معي (أحمد فوزي) و (أحمد فرج) و (سيد خميس) و (جمال الغيطاني)، وغيرهم من عشرات الشيوخ والكهول والشباب اليساري، وكانوا قد أفرجوا عن (لطفي الخولي) و (محمد الخفيف) و (إبراهيم سعد الدين) و (أمين عز الدين) بعد يوم أو يومين من اعتقالهم، وبقي بعضنا سبعين يومًا بين طرة والقلعة، وبقي البعض الآخر حتى الهزيمة في
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، المشهور بـ (صلاح جاهين)، (25 ديسمبر 1930 - 21 إبريل 1986 م) شاعر ورسام وكاتب مصري يساري.