المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس الثاني والتسعون - توفيق الرحمن في دروس القرآن - جـ ٢

[فيصل آل مبارك]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس التاسع والستون

- ‌الدرس السبعون

- ‌الدرس الحادي والسبعون

- ‌الدرس الثاني والسبعون

- ‌الدرس الثالث والسبعون

- ‌الدرس الرابع والسبعون

- ‌الدرس الخامس والسبعون

- ‌الدرس السادس والسبعون

- ‌الدرس السابع والسبعون

- ‌الدرس الثامن والسبعون

- ‌الدرس التاسع والسبعون

- ‌الدرس الثمانون

- ‌الدرس الحادي والثمانون

- ‌الدرس الثاني والثمانون

- ‌الدرس الثالث والثمانون

- ‌الدرس الرابع والثمانون

- ‌[سورة الأنعام]

- ‌الدرس الخامس والثمانون

- ‌الدرس السادس والثمانون

- ‌الدرس السابع والثمانون

- ‌الدرس الثامن والثمانون

- ‌الدرس التاسع والثمانون

- ‌الدرس التسعون

- ‌الدرس الحادي والتسعون

- ‌الدرس الثاني والتسعون

- ‌الدرس الثالث والتسعون

- ‌الدرس الرابع والتسعون

- ‌الدرس الخامس والتسعون

- ‌[سورة الأعراف]

- ‌الدرس السادس والتسعون

- ‌الدرس السابع والتسعون

- ‌الدرس الثامن والتسعون

- ‌الدرس التاسع والتسعون

- ‌الدرس المائة

- ‌الدرس الواحد بعد المائة

- ‌الدرس الثاني بعد المائة

- ‌الدرس الثالث بعد المائة

- ‌الدرس الرابع بعد المائة

- ‌الدرس الخامس بعد المائة

- ‌الدرس السادس بعد المائة

- ‌الدرس السابع بعد المائة

- ‌الدرس الثامن بعد المائة

- ‌[سورة الأنفال]

- ‌الدرس التاسع بعد المائة

- ‌الدرس العاشر بعد المائة

- ‌الدرس الحادي عشر بعد المائة

- ‌الدرس الثاني عشر بعد المائة

- ‌الدرس الثالث عشر بعد المائة

- ‌[سورة التوبة]

- ‌الدرس الرابع عشر بعد المائة

- ‌الدرس الخامس عشر بعد المائة

- ‌الدرس السادس عشر بعد المائة

- ‌الدرس السابع عشر بعد المائة

- ‌الدرس الثامن عشر بعد المائة

- ‌الدرس التاسع عشر بعد المائة

- ‌الدرس العشرون بعد المائة

- ‌الدرس الحادي والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس الثاني والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس الثالث والعشرون بعد المائة

- ‌[سورة يونس عليه السلام]

- ‌الدرس الرابع والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس الخامس والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس السادس والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس السابع والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس الثامن والعشرون بعد المائة

- ‌الدرس التاسع والعشرون بعد المائة

- ‌[سورة هود]

- ‌الدرس الثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس الواحد والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس الثاني والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس الثالث والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس الرابع والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس الخامس والثلاثون بعد المائة

- ‌[سورة يوسف]

- ‌الدرس السادس والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس السابع والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس الثامن والثلاثون بعد المائة

- ‌الدرس التاسع والثلاثون بعد المائة

- ‌[سورة الرعد]

- ‌الدرس الأربعون بعد المائة

- ‌الدرس الواحد والأربعون بعد المائة

- ‌[سورة إبراهيم عليه السلام]

- ‌الدرس الثاني والأربعون بعد المائة

- ‌الدرس الثالث والأربعون بعد المائة

- ‌(سورة الحجر)

- ‌الدرس الرابع والأربعون بعد المائة

- ‌الدرس الخامس والأربعون بعد المائة

- ‌[سورة النحل]

- ‌الدرس السادس والأربعون بعد المائة

- ‌الدرس السابع والأربعون بعد المائة

- ‌الدرس الثامن والأربعون بعد المائة

- ‌الدرس التاسع والأربعون بعد المائة

- ‌الدرس الخمسون بعد المائة

- ‌الدرس الحادي والخمسون بعد المائة

- ‌[سورة الإسراء]

- ‌الدرس الثاني والخمسون بعد المائة

- ‌الدرس الثالث والخمسون بعد المائة

- ‌الدرس الرابع والخمسون بعد المائة

- ‌الدرس الخامس والخمسون بعد المائة

الفصل: ‌الدرس الثاني والتسعون

‌الدرس الثاني والتسعون

{وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَاّ يَطْعَمُهَا إِلَاّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَاّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلَادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاء عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (140) وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ

ص: 175

مُّبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ

صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) } .

* * *

ص: 176

قوله عز وجل: {وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) } .

قال مجاهد: يسمّون لله جزءًا من الحرث، ولشركائهم وأوثانهم جزءًا، فما ذهبت به الريح مما سمّوا لله إلى جزء أوثانهم تركوه، وما ذهب من جزء أوثانهم إلى جزء الله رموه، وقالوا: الله غنيّ عن هذا؛ والأنعام: السائبة، والبحيرة: التي سمّوا. قال قتادة: وكانوا إذا أصابتهم السِّنة استعانوا

بما جزّءوا لله وأخّروا ما جزّءوا لشركائهم قال الله: {سَاء مَا يَحْكُمُونَ} .

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} عن مجاهد: في قول الله {قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} شياطينهم، يأمرونهم أن يئدوا أولادهم خيفة العيلة.

قوله عز وجل: {وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ

ص: 177

وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَاّ يَطْعَمُهَا إِلَاّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَاّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (138) } .

عن مجاهد: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} ، يقول: حرام. وعن قتادة: قوله: {هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} الآية، تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم وتغليظ وتشديد. وقال ابن زيد في قوله:{هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} نحتجرها على من نريد وعمن نريد، لا نطعمها إلا من شاء بزعمهم، قال: إنما احتجروا ذلك لآلهتهم، وقالوا: نحتجرها ونجعلها للرجال.

وقال السدي: أما: أنعام حرمت ظهورها، فهي: البحيرة والسائبة والحام، وأما الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها إذا ولدوها، ولا إن نحروها. وقال أبو وائل: لا يحجّون عليها. وقال مجاهد: كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها، ولا في شيء من شأنها، لا إن ركبوها، ولا إن حلبوها، ولا إن حملوا، ولا إن منحوا، ولا إن عملوا شيئًا.

قوله عز وجل: {وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ (139) } .

عن مجاهد: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا} السائبة، والبحيرة. وقال السدي: فهذه الأنعام ما ولد منها حيّ فهو خالص للرجال دون النساء وأما ما ولد من ميت فيأكله الرجال والنساء.

وعن مجاهد في قوله: {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ} ، قال: قولهم الكذب في ذلك.

قوله عز وجل: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلَادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاء عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (140) } .

قال السدي: ثم ذكر ما صنعوا في أولادهم وأموالهم فقال: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلَادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللهُ} ، قال قتادة: هذا صنيع أهل

ص: 178

الجاهلية، كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السباء والفاقة، وجعلوا بحيرة وسائبة ووصيلة وحامًا تحكّمًا من الشياطين في أموالهم. وقال ابن عباس: إذا سرّك أن تعلم جهل العرب، فأقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام، {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلَادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاء عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} .

قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142) } .

قال السدي في قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} أما جنات: فالبساتين، وأما المعروشات: فما عرش كهيئة الكرم. وعن ابن جريج: قوله: {مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} ، قال: متشابهًا في المنظر، وغير متشابه في الطعم.

وقوله تعالى: {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قال عطاء: من النخل والعنب والحبّ كله. وقال مجاهد: إذا حضرك المساكين طرحت لهم منه، وإذا أنقيته وأخذت في كيله حثوث لهم منه، وإذا علمت كيله عزلت زكاته.

وقال محمد بن جعفر عن أبيه: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ، قال: شيئًا سوى الحق الواجب.

وعن السدي: {وَلَا تُسْرِفُواْ} لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء. وقال عطاء في قوله: {وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ينهى عن السرف في كل شيء، ثم تلا:{لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} .

وقوله تعالى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ

ص: 179

خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} ، قال ابن عباس: الحمولة: هي الكبار. والفرش: الصغار من الإِبل. وقال السدي: أما الحمولة: فالإِبل، وأما الفرس: فالفصلان، والعجاجيل، والغنم، وما حمل عليه: فهو حمولة.

قوله عز وجل: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) } .

عن الضحاك: {مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} ذكر وأنثى. قال ابن جريج: يقول: من أين حرّمت هذا؟ من قِبَل الذكرين أم من قِبَل الأنثيين، أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ وإنها لا تشتمل إلا على ذكر أو أنثى، فمن أين جاء التحريم؟ فأجابوهم: وجدنا آباءنا كذلك يفعلون. وقال السدي: فما حرمت عليكم ذكرًا ولا أنثى من الثمانية، إنما ذكر هذا من أجل ما حرَّموا من الأنعام. وعن ابن عباس: قوله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} فهذه أربعة أزواج، {وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} . {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ} ، يقول: لم أحرم شيئًا من ذلك، {نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ، يقول: كله حلال.

وقال ابن زيد في قوله: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا} : الذي تقولون؟ وقال السدي: كانوا يقولون يعني: الذين كانوا يتخذون

البحائر والسوائب: إن الله أمر بهذا، فقال الله:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} .

ص: 180

قوله عز وجل: {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) } .

قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُل} يا محمد - لهؤلاء الذين جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا، ولشركائهم من الآلهة والأنداد مثله، والقائلين: هذه أنعام وحَرْث لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم، والمحرّمين من أنعام أُخر ظهورها، والتاركين ذكر اسم الله على أخر منها، والمحرّمين بعض ما في بطون بعض أنعامهم على إناثهم وأزواجهم، ومحلّيه لذكورهم، المحرَّمين ما رزقهم الله افتراءً على الله، وإضافة منهم ما يحرّمون من ذلك، إلى أن الله هو الذي حرّمه عليهم -: أجاءكم من الله رسول بتحريمه ذلك عليكم؟ فأنبئونا به، أم وصّاكم الله بتحريمه، مشاهدة منكم له، فسمعتم منه تحريمه ذلك عليكم، فحرّمتموه؟ فإنكم كذبتم إن ادعيتم ذلك، ولا يمكنكم دعواه، إذا ادّعيتموه، علم الناس كذبكم، فإني لا أجد فيما أوحي إليّ من كتابه وآي تنزيله شيئًا محرّمًا على آكل يأكله مما تذكرون أنه حرمه من هذه الأنعام، التي تضيفون تحريم ما حرّم عليكم منها

إلى الله، {إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً} قد ماتت بغير تذكية {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} وهو: النصُب، أو إلا أن يكون:{لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً} ، يقول: أو إلا أن يكون فسقًا يعني بذلك: أو إلا أن يكون مذبوحًا، ذبحه ذابح من المشركين من عبدة الأوثان لصنمه وآلهته، فذكر عليه اسم وثنه، فإن ذلك الذبح فسق نهى الله عنه وحرّمه، ونهى من آمن به عن أكل ما ذبح كذلك لأنه ميتة. وهذا إعلام من الله جل ثناؤه للمشركين الذين جادلوا نبي الله وأصحابه في تحريم الميتة بما جادلوهم به، إن الذي جادلوهم فيه من ذلك هو الحرام الذي حرمه الله، وإن الذي زعموا أن الله حرّمه حلال قد أحلّه الله، وإنهم كذبة في إضافتهم تحريمه إلى الله.

ص: 181

ثم ساق بسنده عن ابن طاوس عن أبيه في قوله: {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} ، قال: كان أهل الجاهلية يحرّمون أشياء ويحلّون أشياء، فقال الله قل: لا أجد فيما كنتم تحرّمون وتستحلّون إلا هذا: {إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} .

وعن عكرمة: {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} ، قال: لولا هذه الآية لتتّبع المسلمون من العروق ما تتبّعت اليهود. وعن ابن عمر أنه سئل عن القنفذ فقرأ: {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية، فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذُكِر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

«خبيث من الخبائث» . فقال ابن عمر: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو كما قال. رواه أبو داود.

وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ، أي: من اضطر إلى كل ما حرّمه الله {غَيْرَ بَاغٍ} ، أي: في أكله تلذذًا من غير ضرورة {وَلَا عَادٍ} ، أي: غير متجاوز في أكله، فلا حرج عليه. قال مجاهد:{غَيْرَ بَاغٍ} يبتغيه {وَلَا عَادٍ} يتعدى على ما يمسك نفسه. وقوله تعالى: {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .

قال البغوي: أباح الله أكل هذه المحرّمات عند الاضطرار في غير العدوان. والله أعلم.

* * *

ص: 182