الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن مجاهد: قوله: {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ} ، قال: قريظة مالؤوا على محمد يوم الخندق أعداءه. وعن ابن عباس: قوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} يقول: نكّل بهم من وراءهم.
وقال البغوي: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ} معاهدين، {خِيَانَةً} بما يظهر لكم من آثار الغدر، كما ظهر من قريظة والنضير، {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} فاطرح إليهم عهدهم، {عَلَى سَوَاءٍ} ، يقول: أعلمهم قبل حربك إياهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم، حتى تكون أنت وهم في العلم بنقض العهد سواء، فلا يتوهّمون أنك نقضت العهد بنصب الحرب معهم، {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} . وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلّن عقدة ولا يشدّها، حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» . رواه أحمد وغيره.
قوله عز وجل: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ
اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) } .
عن السدي: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون يقول: لا يفوتون.
قال البغوي: {سَبَقُواْ} ، أي: فاتوا، نزلت في الذين انهزموا يوم بدر من المشركين. وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: «قال الله {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} ألا إن القوّة الرمي، ألا إن القوة الرمي» ثلاثًا.
قال ابن كثير: ثم أمر تعالى بإعداد الآت الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة فقال: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} .
وقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} ، قال ابن زيد: هم المنافقون. وعن ابن إسحاق: {وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} ، أي: لا يضيع لكم عند الله أجره في الآخرة، وعاجل خلّفه في الدنيا.
قوله عز وجل: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ
…
الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي
الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) } .
قال ابن كثير: يقول تعالى: إذا خفت من قوم خيانة، فانبذ إليهم عهدهم على سواء، فإن استمرّوا على حربك ومنابذتك فقاتلهم، {وَإِنْ جَنَحُوا} ، أي: مالوا {لِلسَّلْمِ} ، أي: المسالمة، والمصالحة، والمهادنة. {فَاجْنَحْ لَهَا} ، أي: فمل إليها، واقبل منهم ذلك، لهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أجابهم إلى ذلك، مع ما اشترطوا من الشروط الأخر. انتهى.
وعن ابن إسحاق: {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ} هو من وراء ذلك، {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} على الهدى الذي بعثك به إليهم، {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} بدينه الذي جمعهم عليه. يعني: الأوس والخزرج. وقال ابن مسعود: (نزلت هذه الآية في المتحابّين في الله) .
قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَاّ يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن
يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) } .
عن الشعبي في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: حسبك الله وحسب من كان معك. وعن عطاء في قوله: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ، قال: كان الواحد لعشرة، ثم جعل الواحد باثنين، لا ينبغي له أن يفرّ منهما. وعن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ثقلت على المسلمين، وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين، ومائة ألفًا، فخفّف الله عنهم ونسختها الآية الأخرى فقال:{الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ} ، قال: وكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوّهم، لم يبلغ لهم أن يفرّوا منهم، وإن كانوا دون ذلك، لم يحب عليهم أن يقاتلوا، وجاز لهم أن يتحوّزوا عنهم.
قال البغوي: وقرأ عاصم وحمزة: {ضَعْفاً} بفتح الضاد ها هنا، وفي سورة الروم، والباقون: بضمّها. والله أعلم.