الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس السادس بعد المائة
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ (177) مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَاّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَاّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَاّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (180) وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ
لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ
هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) } .
* * *
في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديًا به؟ قال فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئًا، فأبيت إلا أن تشرك بي» . وقال ابن عباس: (إن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وتكفّل لهم بالأرزاق، ثم أعادهم في صلبه، فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذٍ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفّى به، نفعه الميثاق الأول، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يف به، لم ينفعه الميثاق الأول، ومن مات صغيرًا قبل أن يدرك الميثاق الآخر، مات على الميثاق الأول على الفطرة) .
قوله عز وجل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ
تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ (177) مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) } .
عن عكرمة قال في: {الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا} ، قال: هو بلعم. وقال ابن مسعود وغيره: هو رجل من مدينة الجبارين وكان يعلم اسم الله الأعظم، وملخص ما ذكره المفسرون: أنه كان مجاب الدعوة، وأن قومه، طلبوه أن يدعو على موسى وقومه فأبى، فلم يزالوا به حتى أجابهم ودعا، فكان يدعو على قومه فقالوا له: ويحك إنك تدعو علينا! فقال: لا أملك إلا ذلك، فاندلع لسانه على صدره فقال: قد ذهبت دنياي وآخرتي ولم يبق إلا المكر والحيلة، فأخرجوا النساء إلى العسكر ومروهن أن لا يمتنعن ممن أرادهن، فإنهم إن زنوا أكفيتموهم، فخرج النساء إلى بني إسرائيل، فزنى رجل من أشرافهم فوقع عليهم الطاعون.
فهلك منهم عشرون ألفًا في ساعة من النهار، وجعل الطاعون يجوس في بني إسرائيل، فأخذ رجل من أشرافهم حربته ثم دخل على الزاني قبته وهما متضاجعان فانتظمهما بحربته، وكانت من حديد كلها، ثم خرج بالرجل والمرأة وجعل يقول: اللهم هكذا يفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون. وعن مجاهد:{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ} ، قال: تطرده، هو
مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به. وعن ابن عباس: قوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ} الحكمة لم يحملها، وإن ترك لم يهتد لخير، هو الكلب إن كان رابضًا لهث وإن طرد لهث.
وقوله تعالى: {سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ} .
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {سَاء مَثَلاً} مثل: {الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} ، أي: ساء مثلهم أن شُبّهوا بالكلاب التي لا همّة لها إلا في تحصيل أكلة، أو شهوة.
عن ابن عباس: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} خلقنا. وقال مجاهد: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَاّ يَفْقَهُونَ بِهَا} شيئًا من أمر الآخرة، {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَاّ يُبْصِرُونَ بِهَا} الهدى {وَلَهُمْ آذَانٌ لَاّ يَسْمَعُونَ بِهَا} الحق، ثم جعلهم كالأنعام، ثم جعلهم أسوأ شرًا من الأنعام فقال:{بَلْ هُمْ أَضَلُّ} ، ثم أخبر أنهم:
…
{هُمُ الْغَافِلُونَ} .
في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر» . زاد الترمذي: «هو الله الذي لا إله إلا هو: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعزّ، المذلّ، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العليّ، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم،
الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحقّ، الوكيل، القويّ، المتين، الوليّ، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيّوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الفرد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدّم، المؤخّر، الأوّل، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البرّ، التوّاب، المنتقم، العفوّ، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغنيّ، المغني، المانع، الضارّ، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور» .
قوله تعالى: {وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} الإِلحاد: هو الميل عن القصد. قال ابن عباس: إلحاد الملحدين أن دعوا اللات في أسماء الله، وقال مجاهد: اشتّقوا اللات من الله، والعزّى من العزيز. وقال قتادة:
…
{يُلْحِدُونَ} يشركون.
قوله عز وجل: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ
قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) } .
عن قتادة: قوله: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأها: «هذه لكم، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها: {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} » .
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} ، قال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعمة وننسيهم الشكر. وقال قتادة: ذكر لنا أن نبي صلى الله عليه وسلم كان على الصفا فدعا قريشًا، فجعل يفخذهم فخذًا فخذًا:«يا بني فلان، يا بني فلان» ، فحذّرهم بأس الله ووقائع الله، فقال قائلهم: إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت إلى الصباح، فأنزل الله تبارك وتعالى:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} . والله أعلم.
* * *