الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس الحادي والعشرون بعد المائة
{إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَاّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116) لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لَاّ مَلْجَأَ مِنَ
اللهِ إِلَاّ إِلَيْهِ ثُمَّ
تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) } .
* * *
عن قتادة أنه تلا هذه الآية: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} ، قال: ثامَنهم الله فأغلى لهم الثمن. وعن شمر بن عطية قال: ما من مسلم إلا ولله في عنقه بيعة، وفّى بها أو مات عليها، في قول الله:{إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله: {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} . ثم حلاّهم فقال: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} إلى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} .
وقال ابن عباس: {السَّائِحُونَ} : الصائمون. وقالت عائشة: سياحة هذه الأمة الصيام. وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» .
وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: «يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر، يفرّ بدينه من الفتن» .
عن عمرو بن دينار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي» . فقال أصحابه: لنستغفرنّ لأبائنا كما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعمّه، فأنزل الله:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} إلى قوله: {تَبَرَّأَ مِنْهُ} . وعن ابن عباس قال: لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات لم يستغفر له. وقال عطاء: ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة، ولو كانت خبيثة حبلى من الزنا، لأني لم أسمع بحجب الصلاة إلا عن المشركين.
وقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} . قال ابن مسعود: الأوّاه: الدّعاء، وقال مرة: الرحيم. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الأواه: الخاشع المتضرّع» .
وعن مجاهد: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ} ، قال: بيان الله للمؤمنين أن لا يستغفروا للمشركين خاصة، وفي بيان طاعته ومعصيته عامة، فافعلوا وذروا.
عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل: {فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} قال: خرجوا في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير، وخرجوا في حرٍّ شديد، وأصابهم يومئذٍ عطش شديد، فجعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها ويشربون ماءه، وكان ذلك عسرة من الماء، وعسرة من الطهر، وعسرة من النفقة. قال قتادة: فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوهم. وقال ابن عباس: من تاب الله عليه لم يعذبه أبدًا.
وقوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ} . قال كعب بن مالك في حديثه الطويل: خلّفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم توبتهم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى
قضى الله فيه، فبذلك قال الله:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ} . وعن نافع قال: قيل للثلاثة الذين خلفوا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} محمد وأصحابه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: